عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-03-18, 02:24 PM   #27
صقر الجزيرة
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-05-25
المشاركات: 17,893
افتراضي

اليمن من (الوحدة أو الموت) إلى ( الأقاليم الستة) !







عبد الكريم سالم السعدي

الثلاثاء 18 مارس 2014 08:37 صباحاً



يستطيع المتابع العادي للشأن اليمني أن يلمس وبوضوح قوة الرغبة العارمة لدى متنفذي عصابات صنعاء في الاحتفاظ بالجنوب تحت سيطرة الشمال وبالتالي تحت سطوتهم , كما يستطيع ذلك المتابع أن يتبين الأسباب الحقيقية خلف هذه الرغبة وهذا الإصرار بعيدا عن عبارات (لم الشمل اليمني) و(الوحدة العربية) وغيرها من العبارات والشعارات التي يحاولون من خلال توظيفها دغدغة مشاعر المستغفلين في الداخل واستدرار تعاطف الخارج !!



(الوحدة) كلمة باتت تشكل المفتاح السحري لنافذي نظام الجمهورية العربية اليمنية وسماسرة وتجار الحروب فيها استطاعوا أن يوظفوها على أكمل وجه ويجتازوا على متنها كل الموانع المحلية والإقليمية والدولية ويبلغوا ضفة مطامعهم ويخرجون (ألسنتهم) للكل في حركة استهزاء وتقليل بقدرات الجميع , ساعدهم في بلوغ ذلك عوامل عدة تبدأ بصراع المصالح الإقليمية والدولية ولا تنتهي ب (غباء) الخصم السياسي الجنوبي صاحب الحق والمفرط فيه في ذات الوقت !!



لم تعد آفة النسيان حكرا على العرب وحدهم فقد انتقلت العدوى لتصيب أيضا العالم المتحضر ومؤسساته الإنسانية والحقوقية والسياسية , فقد تناسى الجميع أن أبناء الجنوب هم من حقق تلك الوحدة , وهم من تنازل عن الكثير من المميزات والانجازات لتحقيقها , فالجنوب الذي يحتكم على مساحة جغرافية تقارب أل (360) ألف كم2, وشريط ساحلي يقارب أل(2000)كم , وثروات طبيعية هائلة , وتعداد سكاني لا يزيد عن 15% من تعداد سكان الجمهورية العربية اليمنية , هذا الجنوب بات اليوم في نظر ضحايا النسيان وغياب الحكمة هو الانفصالي وهو الداعي إلى الفرقة والتشرذم , وباتت صنعاء بلد العصابات القبلية وقطاع الطرق والمؤسسات الغائبة والعقلية السجينة في غياهب عصور ما قبل الحداثة , صنعاء التي قال عنها المؤرخ (إسحاق بن يحي الطبري الصنعاني) المتوفي سنة450 هجرية ما قاله في وصف صراعات أهلها في كتابه (تاريخ صنعاء), ذلك الوصف الذي يظهر طبيعة العلاقة السائدة بين قبائل صنعاء والسلوك والثقافة التي تأصلت لدى أفراد هذا المجتمع والتي تتسم بالعنف الذي يتخذ من الحرابة وسبي النساء وهدم الدور ونهب الممتلكات واكل لحوم البشر والفتك بكل مظاهر الحياة وسائل لتقوية النفوذ والتملك والاستحواذ هي حاملة راية الوحدة وهي الداعية من (جب) التخلف الإنساني لمشروع التوحد الذي تضرب أطنابه في عمق الرقي الإنساني !!!!



من سخرية الأقدار وضعف الذاكرة العربية والدولية أن يصير دعاة هذه الثقافة العدوانية التي توارثتها أجيالهم والتي مازلنا نراها في صراعاتهم إلى اليوم والتي مازالت تطل برأسها كلما استجدت أزمة كان هؤلاء طرفا فيها حملة لراية التطور والرقي ويصير أبناء الجنوب هم الانفصاليون والدعاة إلى ظلمات التشرذم , فمن منا لا يتذكر غزوة عدن في العام 1994م وبالتحديد في يوليو من ذلك العام عندما استباحت قبائل صنعاء ومليشياتها حرمة عدن وأهلها فهدمت الدور وقتلت الأطفال والرجال والنساء والشيوخ وسلبت الأملاك والأموال وأبادت كل مظاهر الحياة وحولت عدن من حاضرة إلى قرية , ومن منا لا يتذكر صراع هؤلاء فيما بينهم في صعدة ومأرب وعمران والجوف والمناطق الوسطى تعز وأب وغيرها , تلك الأحداث التي تؤكد وحشية هؤلاء القوم مثلما تؤكد حجم الخلل الذي أصاب الذاكرة العربية والإقليمية والدولية !!!



لقد جاءت مخرجات حوار صنعاء الوطني لتؤكد حقيقة أن الجنوب كان ضحية لقيادة جنوبية متصابية تنقصها الكثير من المقومات التي تؤهلها لقيادة شعب , تسببت صبيانية تلك القيادات في الزج بهذا الشعب في أحضان غول لا يرحم ولا يرى في الأفق إلا مصالحه, كما جاءت أيضا تلك المخرجات لتؤكد حقيقة أخرى هي أن الجنوب لم يتوحد في يوما من الأيام مع دولة بمعنى الدولة ولكن العملية برمتها كانت عبارة عن حالة (تقطع )سياسية واقتصادية تعرض لها هذا الجنوب وانتهت بالظفر به واستلابه , وما شعارات الوحدة والتغني بأمجادها التي تلت حالة التقطع تلك إلا حالة من حالات حلقات الزار التي أقامتها عصابات صنعاء لتخلق حالة من الضوضاء استطاعت بها أن تشوش على العقل العربي والإقليمي والدولي وتسوق لنفسها كراعية لحلم من أحلام الأمة, وآخر ما أكدته تلك المخرجات كذب ادعاء عصابات صنعاء برفع شعرات الوحدة والتغني بها فقد جاءت نتائج أو مخرجات الحوار بخيار تمزيق اليمن إلى ستة أقاليم في لحظة تناست فيها عصابات صنعاء شعار الوحدة أو الموت وهو الشعار الذي استمرت في ترديده ورفعه حتى خلال أيام الحوار الوطني الصنعاني ومازالت بعض فرق تلك العصابات ترفعه حتى اللحظة في حركة يعجز المتابع معها في إيجاد مبرر للسقوط المدوي لتلك العصابات من قمة الوحدة أو الموت إلى حضيض الستة أقاليم !!



انها الاستماتة في الاحتفاظ بالجنوب من قبل تلك العصابات ليس حبا في الجنوب ولا في أبناءه ولا حبا في تحقيق الأحلام العربية ولكن لحاجة في نفس عتاولة تلك العصابات وفي مشاريعها العائلية والقبلية المتخلفة التي تقيمها بهدف خلق الاستمرارية لها على حساب شعب الجنوب وتطلعاته في العيش بحرية وكرامة وحلمه في استعادة سيادته على أرضه وتنقية ارثه الثقافي والتاريخي والاجتماعي مما أصابه من أدران علقت به أثناء وجوده أسيرا في سلاسل تلك العصابات التي مازالت تتبع وسائل قطع الطرقات واللصوصية في إدارة خلافاتها مع الآخرين !
صقر الجزيرة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس