مقال رائع للشيخ أبو يعلى محمود الجمل
ارجو قراءته مأخوذاً من صفحتة في الفيس بك :
*********
من الذي يستهدفنا؟!
لايقتصر الأمر على استهداف أخلاقنا دينيا، وإن كان هو الأبرز، بعد أن كان الخطاب الديني مملوءا بالأدب ومشحونًا بمعالي الأخلاق، وكان أوثق العرى للوصل بين الأهل والأقارب والجيران والدول، فأصبح نقيض ذلك تماما، ولا شك أنه استهداف ملموس للجميع فلا عين إلا وقد رأت من آثاره السيئة ما أحزنها، وهذا ما جعل الإعلام يركز عليه تركيزا أنسى أصحابه الحفاظ على أهداف رسالة المسجد، فأصبحت أيضا محاربة بالمجاورة.
لكن لا نرى الناس يلاحظون الاستهدافات الأعمق تأثيرا على سلوكيات المجتمع، ولعل رسالة المسجد كان له دورا بارزا في غض الطرف عن ذلك، لإغلاقها باب النقاش الإيجابي في كثير منها، لموانع فقهية.
ولكن لنا أن نتساءل خارج عن إطار "الفقه" من الذي يستهدفنا فنيًا؟!
بعد ان كانت الأغنية العربية متنفسا للشباب في كلماتها وموسيقاها، وكانت للمغني أهداف يراها نبيلة، أصبحت مجرد صراخ وطبول وأصوات وهيشات، ارتبطت بالدعاية والإعلان، بل أصبح كثير منها شعارا وعلامة على تمرد الشباب عن واقعهم ومجتمعاتهم فأين هي الرسالة الفنية؟ ومن استهدفنا فيها؟
ومن استهدفنا سينمائيا؟!
وقد كانت السينما العربية مصدرا لتنمية الثقافة، ومنفذا يتلقى منه حسن التعامل، وبغض المجرمين وحب النظام والقانون، ففي ساعة زمان يختزل فيلما دراميا قصة حياة كاملة تزرع في نفوس المشاهدين إيجابيات وأحاسيس مرهفة، وتنمي أخلاقيات عظيمة، فأصبحت تروج للمجرمين كأبطال، وتتفنن في التشويق للسرقات والاغتيالات والتحايلات وظلم الآخرين وحب الذات، فمن الذي استهدفنا؟!
من استهدفنا رياضيا؟!
كانت الرياضة رابطا روحيا بين المجتمعات، وبين اللاعبين، وتصعد أسماء عاليا دون أي رصيد من المال غير تلك اللمسات الإبداعية، المراح والمزاح، والتزاور والهدايا بين الجماهير، فأين ذهبت؟ كيف اصبحت الرياضة تجارة؟ كيف زرعت التباغض بين الجماهير لمجرد المخالفة في التشجيع؟ إلا من رحم الله؟
فمن الذي استهدفنا؟!
ولعل السؤال سيرافقنا في كل نواحي المعيشة، حتى في طعامنا، تلك الوجبات الشعبية، والاجتماعات العائلية عليها، أين ذهبت؟ ومن استهدفنا فيها؟
سؤال يبقى عالقا، بل يبقى وسيلة لاتهام بعضنا البعض بعد ان استهدفت فينا حسن الظنون.
فمن يستهدفنا؟
اخوكم/ عبدالعزيز المنصوري
|