عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-22, 09:29 AM   #22
حيد كريتر
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-05-20
المشاركات: 1,325
افتراضي

شبكة الطيف تنشر نص الورقة المقدمة من قبل الشيخ فضل محمد عيدروس العفيفي في لقاء الرياض مع الامين العام لمجلس التعاون الخليجي

الرياض- نجيب الكلدي
يتحدث البعض عن ان القضيه الجنوبيه كانت بداياتها مع حرب صيف 1994 م ، وان
ظهورها الواضح كان بمناسبة الذكرى الثامنه لانتهاء تلك الحرب اي عام 2007 م ، والحقيقه ان حرب 94 لم تكن الا نتيجه لخطأ ارتكب في عام 90 وليست سببا ، ولانني اعتقد ان القراءة الصحيحه لحيثيات التاريخ هي كالتشخيص الصحيح للمرض وبالتالي يترتب عليه العلاج الصحيح ، وان القراءة الخطأ كالتشخيص الخاطئ ويترتب عليه العلاج الخاطئ ، لذلك فانني هنا اُسطر قراءتي التي اعتقد بانها صحيحه .
نحن نعتقد ان بذرة تلك القضيه قد حدثت مع استقلال عدن والمحميات عن بريطانيا عام 1967 م ، وكان ذلك الاستقلال الاول حيث رفض من كان يدعي انه الممثل الشرعي والوحيد حينها من قبول الفكرة التي كان ينادي بها البعض بان يكون الاستقلال تحت اشراف الامم المتحده ، والعمل بالتعدديه السياسيه ، والاستفتاء على الدستور ، وعلى نوعية نظام الحكم ، وقضية الوحده مع الشمال ، وبذلك فُرضت الوصايه المطلقه على الجنوب والجنوبيين .
سرعان مادخلت الجنوب تحت استعمار اخر وغير مباشر وهو اسوأ من الاستعمار الاول حيث انه بالاضافه الى مايتصف به الاستعمار التقليدي قد عمل وبمساعدة مريديه حينها على تغيير العقيده الاسلاميه والهويه والثقافه العربيه ، ونشأ على قاعدة العقيده والثقافه القادمه مع الاستعمار الثاني نظام وجيل من ممارسي السياسه رفض العديد من شرائح المجتمع ومنهم التجار ، وتأصلت لدى ذلك النظام ثقافة الرفض والالقاء والعنف ضد من يختلف معهم ، وانقلبت تلك الثقافه لترمي بحرابها البعيد والقريب والعدو والذي كان حليف ، وتآكل النظام من داخله بسبب كونه كان مبنياً على ثقافه وفكر خاطئ ومشوه . . بعد إضمحلال الاستعمار الثاني توجه النظام الحاكم حينها في عدن نحو الوحده التي كان يربي الاجيال والمنتسبين له على القسم بتحقيقها ، وحُجبت مساوئ الاقدام عليها تحت نوايا الطرفين المبيته ، وغير الملامسه اصلا للطموحات والامال الشعبيه من وراء تحقيقها ، ولم تدرس بنود الوحده دراسه متفحصه ، ولم يؤخذ بالمحاذير والسلبيات ، ولم يُشرك اخرون خارج إطار الحزب الحاكم حينها في اي تفاهمات قبل التوقيع ، ولم يعمل الحزب الحاكم على ترميم البيت الجنوبي بالوحده من الداخل اولاً ، ولم يُستفتى شعب الجنوب عليها والذي كان يُشحن ليل نهار على الاصرار عليها والنضال من اجل تحقيقها ، وبهذه السياسات خرج الجنوب من استعمار الى استعمار الى استعمار .
هذه قراءتي لتاريخ نشوء القضيه الجنوبيه وللبعض الآخر قراءآتهم المختلفه ، وهذا أمر من حتميات الاختلاف الفكري بين البشر ، ولاضير في هذا الاختلاف اذا كان المختلفون بمستوى الفهم الايجابي لهذه البديهيه .
بعد التجربه التي مر بها الجنوبيين منذ 22 مايو عام 1990 م توصل معظمهم الى القناعه بان هذه الوحده ماكان يجب ان تتم ، وانها تمت وبُنيت على خطأ من جرهم اليها ، وان هذا القرار لم يُعمد بالشرعيه الشعبيه ، وفوق هذا وذاك فإن النتائج الايجابيه التي كانت متوخاه من وراء تحقيق الوحده لم تتم ، وان المساوئ والسلبيات هي التي طغت ، وان هناك دويلات ومراكز قوى تُدير الامور تحت غطاء الدوله الشكليه وان المصالح والتطوير والتنميه والخدمات والنظام والعدل والامن والاستقرار كلها امور مرتهنه بيد مراكز قوى طغى على اعمالها الفساد والافساد ولاتسمح لايٍ من تلك الاساسيات للانظمه والشعوب بان يتم الا بالمقدار الذي لايُعيق مصالحها وبالمقدار الذي لايوقف فسادها .
توصل معظم الجنوبيين ايضاً الى ان شراكه من هذا النوع لايمكن الاستمرار بالقبول بها ، لان الطموح كان بان تُخرجهم الوحده من مراوحه دامت 23 عاما ، لا ان تمتد بهم الى 45 او الى مالا نهاية له مع دوله توصف بالفاشلة ، وتوصلوا الى الاقتناع بعدم امكانية قيام دوله رشيده للبلدين المتحدين ، وعدم إمكانية إزاحة مراكز القوى التي لايمكن ايجاد عدل ونظام ومساواه وسيادة دوله مع استمرار بقائها .
كما توصلوا ايضا الى القناعة بوجوب إعادة النظر في موضوع الوحده التي لم تُعمد بالشرعيه الشعبيه حينها ، بالرغم من إختلافهم في قراءة الحيثيات المسببه لهذا التراجع ، وهناك اختلافات حول موضوع آليات المعالجه والاهداف المرسومه ، وتنحصر الخلافات بين قيادات بعض المكونات السياسيه وتنعكس جزئيا على نسبه بسيطه من المواطنين ، وتمثل هذه الخلافات بين المكونات والشخصيات السياسيه محاذير قد تقود بالاتجاه الخاطئ نحو دخول المربع الخاطئ الرابع للجنوب والجنوبيين في المستقبل .
وبما ان موضوع انعقاد الجلسة هذه يدور حول مؤتمر الحوار الوطني ، واليمن قد تعرض لهزه كبيره خلقت تشققات جعلت من غير السهل إعادة الامور الى ماكانت عليه ، ولابد من النظر الى الامور من زاويه مغايره باعتبار المستجدات والمعطيات التي برزت والتي برهنت على ان الدوله كانت مبنيه على اسس غير سليمه ولم تكن لتنبئ عن دلائل انها قابله للتطور في الاتجاه السليم ، حيث كثُرت فيها التصدعات واستشرت فيها مراكز القوى واهلك الفساد والفاسدون اي امال في التطور والتنميه الموازيه لما يحدث في البلدان الاخرى ، وتضخم الجيش بحجم يوازي الثقافه والفهم الذي يقود البلد ، ويوازي التهديد الذي تمثله مراكز القوى ، ولايوازي الحاجة الحقيقيه ولا قدرات البلد التنمويه والاقتصاديه .
لقد تمت الوحده في بيئه غير مهيئه وغير سليمه لقيامها ، من ظروف غير متكافئه وحسابات غير صحيحه ونوايا مبيته ، بالرغم من انها كانت حينها ملبيه لرغبة الاراداه الشعبيه في الجنوب والشمال المتأتيه عن التعبئه السياسيه والعاطفيه المفرطه ، وباعتبارها ستجسد امال وطموحات عريضه للبلدين والشعبين ، الا انها وعلى مدى حوالي اثنين وعشرون عاما لم تلبي الا طموحات مراكز القوى والفاسدين , ولم ينل الشعب الا ماجادت به نفوس هؤلاء الذين جنو على الوحده وعلى الشعب ، ولم يُلحظ على مدى تلك الفتره اي مؤشرات تدل على ان هناك تقدم باتجاه ارساء القانون والعدل والامن والعمل المؤسسي الحقيقي ، وهي كلها عوامل مهمه لقياس التقدم والتطور في اي مجتمع وتخلق بيئه صالحه للاستثمار وجلب الاستثمارات وخلق قاعدة تنميه واقتصاد وتخطيط واداره حقيقيه ومهنيه وبالتالي عداله وسلم اجتماعي .
إن المساوئ التي برزت او تضخمت بدلا من الامال في الحسنات المرجوه قد جعلت المجتمع الجنوبي يتململ وتصل به الامور الى حد الانتفاضه ، ولم يعد بامكان من كانوا يدافعون عن الوحده ان يستمروا في دفاعهم عنها لان الخرق اتسع على الراقع ، واكثر الناس تمسكا بالوحده في المحافظات الشماليه اليوم هم من كانت لهم هذه الوحده بمثابة الدجاجه التي تبيض ذهبا ، مع علمنا باخرين يتمسكون بها بنوايا نظيفه وصادقه ، ويعلمون ان من بينهم من اساء للوحده واصابها بمقتل ، والجنوبيين قد وصل معظمهم الى القناعه بان لا أمل في اصلاح مسار الوحده ، لانه لا أمل يُرجى في القدره على إزالة الاسباب التي كانت خلف مبعث شكواهم ، فالوحده في نظرهم لم تتم لذاتها ولا لسواد عيون البعض ، اذا انتفت المصالح التكامليه للشعبين والبلدين المتحدين .
وارى في الازمه القائمه في صنعاء بانها في الاساس قائمه على صراع ارادات حزبيه ومراكز قوى , لذلك فالحل ربما يكمن في الحوار بين تلك الجهات ، والامر كذلك بالنسبه لقضية صعده ، اما القضيه الجنوبيه فانها منطلقه في الاساس من اراده شعبيه لذلك لايجرؤ احدا من المكونات السياسيه الجنوبيه على الحوار او البت في اي أمر ، وربما تكون وسيلة بعض المكونات السياسيه هو رفض الحوار بالمطلق ، وعلى ذلك فالحوار يجب ان يتم مع الشعب في الجنوب مباشرةً من خلال الاستفتاء الشعبي على عدة خيارات مطروحه على الساحه السياسيه ، اما مهمة القيادات السياسيه فتنحصر في هذه المرحله على الوصول الى تلك المحطه .
ختاما لطرحي هذا اضع بعض النقاط التي اعتقد انها قد تسهم ايجابا فيما يعني الاختلافات الجنوبيه البينيه ، وفيما يخص حل القضيه الجنوبيه كقضيه مصيريه عامه للشعب في الجنوب .
التعامل مع القضيه الجنوبيه يجب ان يتم من خلال التعامل مع كل الجنوبيين بمن فيهم من هم في السلطه وفي قمتها كحق يُتعامل معه على ارض الواقع ولا يُقال للاستهلاك والتكتيك السياسي فقط ، وذلك كخطوه صحيحه ومغايره لاخطاء الماضي التي كانت تقصي وتنهي من نختلف معهم وبالتالي تُخلق بؤر الصراع والاختلاف . والتوافق الجنوبي شرط مهم للوصول الى اهداف القضيه السياسيه ، وعامل اهم للتوجه الصحيح نحو مرحله جديده آمنه ومأموله ، مع تفهم ان لكلٍ فكره السياسي الذي يؤسس به للتعدديه القادمه ، على ان يكون هناك برنامج سياسي ووثيقة شرف توحدان العمل السياسي للمرحله الحاضره وتضمنان الخروج الآمن بالقضيه الجنوبيه ، ولاتُختزل القضيه بمكون او مكونات دون اخرى . وبهذا الصدد فانني أطرح هنا مشروع وثيقة شرف تتعامل مع كل الجنوبيين كاصحاب حق في تقرير مصيرهم القادم وجعل الاراده
الشعبيه الكليه مقدمه على الارادات المجزئه للمكونات السياسيه ، وذلك مرتكز مهم جدا لقتل الذاتيه في نفوس الجميع ، وتحييد الاثر السلبي لفرض الارادات الجزئيه ، وتحل اهم نقاط الخلاف بين القيادات السياسيه الجنوبيه . اُرفق نسخه من هذا المشروع المكون من عشر نقاط للاطلاع . ومن خلال هذا اللقاء ادعو جميع المكونات والشخصيات السياسيه الجنوبيه الى دراستها والاتجاه نحو إعتمادها والتوقيع عليها بعد عمل الديباجه اللازمه لها .
نحن نطالب دول الاقليم بدعم القضيه الجنوبيه ذات المسار السلمي ، ومع المجتمع الدولي ندعوهم متضامنين لحل هذه القضيه وبما يتوافق مع إرادة الغالبيه من ابناء الجنوب ، مع الرعايه المصاحبه والرعايه اللاحقه للحل .
حيد كريتر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس