عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-05-24, 09:37 PM   #5
سفيان
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-12-01
المشاركات: 2,297
افتراضي

اليمن.. الصَّيْفُ الْأَكْثَرُ سُخُونَةً!

كتب نبيل البكيري : بتاريخ 3 - 5 - 2009 على غير عادته "يَمَنِيًّا" أتى صيفُ هذا العام أكثرَ سخونة سياسيًّا عن سابقيه، مُثْقَلًا بِحَمْلِ الكثير من المفاجآت غيرِ السَّارَّةِ للجميع، ساسةً وكُتَّابًا وصحفيين وسلطةً ومعارضةً، وقبلهم جميعا هوالنظام الحاكم، الذي بدا أكثر ارتباكًا وقَلَقًا من شدة سخونة هذا الصيف السياسي، الذي لم يكن يخطر على باله أن تصل الأمور إلى هذا الحد من السخونة السياسية، و الإثارة، والغرابة، والذهول، والتعقيد معا.

فسخونة صيف هذا العام جنوبيةٌ بامتيازٍ، بعد أن كانت سخونة صيف الأعوام الخمسة الماضية شماليَّةً حَصْرًا، جرَّاءَ تَمَرُّدِ ما عُرِفَ بالحوثيين (الشيعة) ضد السلطة في محافظة "صعدة"؛ المعقل والعاصمة التاريخية للمذهب الزيدي في شمال الشمال، على بعد 250 كيلومتر من العاصمة صنعاء.

وبسخونة هذا الصيف الجنوبي يكون النظام اليمني الحاكم قد وصَلَ إلى وَضْعٍ، هو أكثر الأشياء شبهًا بالبيت الشعري القائل :

تكاثَرَتِ الظباءُ على خراش فما يدري خِرَاشٌ ما تصير

أزماتٌ مُتَفَاقِمَةٌ، بل ومتوالدة من رَحِمِ بعضها البعض، جعلت النظام يبدو فاقِدًا للسيطرة تمامًا، بعد أن ظل يُجِيدُ إدارة البلاد وَفْقًا لنظرية باتت حَصْرًا عليه، وهي الإدارة بالأزمات والكوارث، والتي يطلق عليها الرئيس صالح "الرَّقْصُ على رءُوسِ الثعابين".

بينما يرى المراقبون للوضع اليمني الراهن أنه غدا أشبه ببرميلٍ من البارود القابل للانفجارِ في أية لحظة، فما أن أوقف الرئيس صالح حرب صعدة الخامسة حتى لاحت سادستها فِي الأفق، وانفجر الجنوب اليمني كله غَضَبًا وكُرْهًا لسياسة النظام الذي قالوا: إنه عاملهم بشيء في الاستحقار والغرور والدونية والإقصاء طَوَالَ فترة ما بعد حرب صيف 1994م، التي انتصر فيها حزب الرئيس صالح الحاكم( المؤتمر الشعبي العام) على شريكه في تَحْقِيقِ الوحدة اليمنية في مايو 1990م (الحزب الاشتراكي اليمني) الذي أُقْصِيَ بعدها من السلطة، وشُرِّدَ قادته بين المنافي الاختيارية والإجبارية في مسقط والرياض والقاهرة وغيرها من عواصم الدنيا الواسعة.

شبح الأزمة السياسة الراهنة غدا أكْثَرَ وضوحًا، وخاصةً مع التوسع الكبير الذي بات يحققه ما بات يُعْرَفُ بالحِرَاكِ الجنوبي السِّلْمِيّ - الذي بدا احتجاجًا حقوقيًّا بحتًا؛ ليتطَوَّرَ إلى سياسِيٍّ، مطالبا باستقلال الجنوب، وذلك من خلال انضمامِ شخصياتٍ جنوبِيَّةٍ كانت محسوبةً على هذا النظام، بل وكانت سببا رئيسيًّا في انتصاره على الحزب الاشتراكي في حرب صيف 1994م.

فقد كان أهم وأخطر الْمُنْضَوِين مؤخرا تحت لافتة هذا الحراك، هو الزعيم القبلي الشيخ طارق الفضلي؛ أحد أحفاد السلطان الفضلي، الذي أَسَّسَ السلطنة الفضلية، التي انتهت بانسحاب البريطانيين من عدن عام 1967م، وضَمِّهَا من قِبَلِ الجبهة القوميةِ، إلى ما بات يُعْرَفُ حينَهَا بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

ويُعَدُّ الفضلي شخصيةً قَبَلِيَّةً وجهادِيَّةً شهيرةً، وتربطه علاقاتٌ اجتماعِيَّةٌ بأحد أركان النظام الحاكم، فضلًا عن مشاركته فيما عُرِفَ حينها بالجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي خلال ثمانينيّات القَرْنِ المنصرم.

وهو لا شك- أي الشيخ الفضلي- بحسب المراقبين لِلْوَضْع- مَنْ أربك النظام بانضمامه للحِرَاك ، مما دفع الرئيس صالح إلى التقاءِ مسئولي الدولة من الجنوبين خلال الأسبوع الماضي؛ حيث ألقى عليهم خطابًا، بدأ وكأنه إيذانٌ بحالة حرب، كالذي ألقاه صالح عَشِيَّةَ اندلاع حرب صيف 1994م.

إذ يرى المراقبون أنّ حِدَّةَ الخطاب الرئاسي مَثَّلَتْ دلالةً واضحةً على المنحى الخطير الذي وصلت إليه الأمور على الساحة الجنوبية، وخاصةً بعد الأنباء التي تَحَدَّثَتْ عن دخول بعض الأطراف الإقليمِيّة في اللعبة من خلال بعض المنابر الإعلامية الْمُؤَثِّرة التي سعَتْ لاستضافَةِ شَخْصِيَّاتٍ جنوبية كانت تُمَثِّلُ مواقِعَ كبيرةً في إطار دولة الوحدة، وهو ما تَمَثَّلَ ببرنامج "زيارة خاصة"، الذي يعده ويقدمه المذيع والصحفي المتألق سامي كليب على قناة الجزيرة، وكان ضيفه في هذا البرنامج رئيس وزراء دولة الوحدة السابق، المهندس حيدر أبو بكر العطاس.

وهو ما حدا بالسلطات اليمنية- بحسب موقع سبتمبر نت الإخباري الْمُقَرَّب من القصر والحرس الجمهوري اليمني معًا- من نَشْرِ أخبارٍ تَتَعَلَّقُ بطلب يمني حكومي من كُلٍّ من حكومَتَيْ مسقط والرياض، بتسليمها عناصرَ يُعْتَقَدُ أنها تقوم بتمويل فعاليات الحراك الجنوبي، وهو ما يرى المراقبون أنه طلبٌ مقصودٌ منه إسكاتُ كُلٍّ من العطاس ونائب الرئيس السابق على سالم البيض، الذي يقال إنه اتَّصَل بالشيخ طارق الفضلي، مُهَنِّئًا له انضمامه للحراك الجنوبي، وهذا الاتصال يُعَدُّ أول اتصالٍ وتَحَرُّكٍ سياسِيٍّ منه يقوم به البيض منذ مغادرته مدينة المكلا بعد سقوطها في يد قوات الحزب الحاكم في صيف 1994م، وهو ما عرف حينها بالقوات الشرعية.

لَكِنْ يبقى الوضع الْمُتَأَزِّمُ حالِيًا مُرَشَّحًا للمزيد من التصعيد في ظل الحراك المتفاقم، والذي ينضم اليه كُلَّ يوم المزيد من شيوخ وزعماء المناطق الجنوبية، الذين كان لانضمام الشيخ الفضلي تأثيرٌ قويٌّ عليهم؛ لما يتمتع به الفضلي من كاريزما قبليةٍ في هذا الجانب، مما أربك السلطاتِ كثيرًا، وخاصةً مع قرار أصحاب الْحَرَاكِ بإقامة مهرجانٍ جماهِيرِيٍّ يتزامَنُ مع ما بات يعرف بيوم الديقراطية الموافق 27 أبريل، الذي رأى فيه أصحاب الحراك أنه بمثابةِ يوم إعلان الحرب على مناطِقِ الجنوب في صيف 1994م، وهو ما أدى –بحسبهم- إلى إجهاض وحدة 22 مايو الحقيقة .

وإلى اليوم يكون الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية قد دخل عامه الثالث، انطلاقًا من 2006م، والذي انْطَلَقَ على شكل اعتصاماتٍ حُقُوقِيَّة بحتة، نفَّذَهَا عددٌ من ضباط وعَسْكَرِيِّي هذه المحافظات الْمُسَرَّحين عقب حرب 1994م، مطالبين بإعادة حقوقهم، فضلًا عن اعتصاماتٍ تُطَالِبُ باستعادَةِ الأراضي المنهوبة -بحسبهم- من قِبَلِ مسئولين شماليين نافذين، بل ومُقَرَّبين من الأسرة الحاكمة، وهم الذين كان قد شملهم تقرير حكومِيٌّ بالاسم، أعَدَّهُ كُلٌّ من الوزيرَيْنِ؛ صالح با صرة، وعبد القادر هلال، الذي دَفَع ثمنًا لهذا التقرير بتقديم استقالته من وزارة الإدارة المحلية قَبْلَ أكثر من ثلاثة أشهر.

وكانت قد شهدت عددٌ من مدن المحافظات الجنوبية سلسلةً من المسيرات والمظاهرات والمهرجانات في كُلٍّ من الضالع، وأبين، والمكلا، التي صاحب بعضَها بعضُ أعمال العنف ضد مصالح وعقارات تعودٍ لمواطنين من المحافظات الشمالية، وتم في هذه المسيرات إحراقُ أعلامِ دَوْلَةِ الوَحْدَةِ وصور الرئيس صالح، فضلًا عن رَفْعِ أعلام ما عُرِفَ سابقًا بجمهورية اليمن الديمقرطية الشعبية.

المصدر: الاسلام اليوم
سفيان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس