عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-03-05, 12:34 AM   #22
أبو عامر اليافعي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-14
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 18,528
افتراضي

إن التحضيرات الجارية لانعقاد الدورة الانتخابية الكاملة لمنظمات الحزب وصولاً إلى عقد مؤتمرات المندوبين إلى المؤتمر العام السادس الذي سينعقد صيف هذا العام..وسنتناول في هذه الدورة مستوى التحضير إنجاز هذه المهمة..و لا بد بهذا الصدد أن تتحمل منظمات الحزب مسؤوليتها في إنجاز الدورة الانتخابية والإحصاء الحزبي..وفي سياق متسق مع ذلك، أرى أن من الضرورة بمكان البدء بحوار داخلي حول التوجهات السياسية للحزب خلال المرحلة القادمة، الحوار مع المنقطعين في الداخل والخارج، الإجابة على الأسئلة التي أفرزتها المتغيرات المحلية والدولية فيما يمكن اعتباره إعادة صياغة الهوية الفكرية والسياسية للحزب.
إن المؤتمر القادم لا بد أن يشكل محطة هامة في حياة حزبنا، ولدى حزبنا اليوم من التجارب ما يجعله قادراً على الصمود أمام اختبارات الزمن والتحديات التي يقذف بها في طريقه. ونعول كثيراً على الحوار الداخلي ومع المنقطعين، ولا بد أن تكون عقولنا وقلوبنا مفتوحة لاستيعاب الاختلاف والتنوع، فحزب بهذا التاريخ وبهذا الحجم وبهذه التجارب وبهذه المسؤولية لا يمكن أن يستسلم لقرارات الشطب العشوائية التي يطلقها البعض هنا أو هناك..علينا أن نعود بهدوء وبعمق إلى ذاكرة حزبنا وسنكتشف أننا أمام فكرة عملاقة تكمن قيمتها في أنها قادرة على التجدد من داخلها وبقدرتها على استيعاب المتغيرات والتطورات المحيطة بها لأنها لم تكن فكرة ترفيه أو متعالية على حاجة المجتمع الذي ترعرعت ونشأت فيه بل وخرجت من داخله.

إن ما أضر بهذا الحزب ونضاله خلال المراحل المختلفة لم يكن سوى تلك الأمراض التي كان البعض يصر على ممارستها في حياته الداخلية وأكثرها خطورة هي التكتلات الضيقة والتعبئة الخاطئة التي تواصل تفريخ الانقسامات والتي يمكن إرجاعها في الجزء الأكبر منها إلى اعتقاد البعض من أن الآخرين لن يرضوا عنهم إلا إذا انخرطوا في لعبة التشويه والإدانة التي يتعرض لها الحزب الاشتراكي وتجربته وفكرته.
والهدف من هذه اللعبة التي تشترك فيها بعض القوى والسلطة على السواء لا تقف عند حدود الإدانة والتشويه للحزب فقط وإنما تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بهدف توفير مناخات التسوية على نفس القاعدة التي قبلت بها القوى التقليدية التسوية مع نظام صنعاء في السبعينيات والتي جاءت على حساب مضامين وجوهر النظام الجمهوري.
ولذلك لا غرابة أن نراها تتجه اليوم بخفة إلى المفاصل التاريخية لتجربة الجنوب بدءاً من الاستقلال وشرعية توحيد الجنوب في مشهد عبثي لا يخلو من تحريض مغامر لقلب الوقائع التاريخية ومعها كل ما رتبته هذه الوقائع من حقائق سياسية ووطنية، يصعب تجاهل أن التحريض عليها سيقلب المعادلة على الجميع رأساً على عقب.
ولقد نبه الحزب أكثر من مرة إلى مخاطر هذه اللعبة واليوم يعيد التنبيه إلى أن النضال من أجل القضية الجنوبية لن يكون من مصلحته توظيف هذه اللعبة والانخراط فيها. ليكن لأي قوة سياسية برنامجها وأهدافها لكن من الخطر أن تسعى إلى تسويق أهدافها بواسطة هذه اللعبة بما يكتنفها من أهداف لا تبدو غامضة حينما تقف على قاعدة واحدة مع السلطة في السباق إلى التسوية.
وفي هذا السياق نجد البعض لا شغل له سوى شن الحملات على الحزب الاشتراكي والتشكيك في أي خطوة سياسية يخطوها سواء بمفرده أو مع غيره من أحزاب اللقاء المشترك دون أن يبرهن على هذا التشكيك بأي وقائع تجعل حملته على الأقل مجردة من تفاهة الخصومة والتحامل وآخر مثل على ذلك واقعة تأجيل الانتخابات النيابية التي ذرف عليها هؤلاء دموع التماسيح والحديث عن أنها احتواء للقضية الجنوبية والحراك السياسي. هل بعد هذا شيء يمكن أن نفسر به هذا الموقف وأمثاله أكثر من أنه تحامل يصب في نفس مجرى اللعبة التي تديرها السلطة وبعض القوى السياسية الأخرى ذد الحزب الاشتراكي.
نحن نعرف أن الذين يتباكون على تلك الانتخابات هم ممن كانوا على موعد بالترشيح والوصول إلى البرلمان كبديل لأحزاب اللقاء المشترك في صفقة مشبوهة مع السلطة..وهم أيضاً من بعض الأحزاب والجماعات التي لم تتوزع في عقد صفقات لتحل محل أحزاب اللقاء المشترك بغض النظر عن طبيعة الانتخابات التي قبلت المشاركة فيها رامية عرض الحائط بما يدعيه أعضاؤها ممن ينتسبون إلى الحراك عن أن الانتخابات لا تعني الحراك. ولم تفشل هذه الصفقات إلا عندما تضخمت مطالبها خارج وزنها الحقيقي ورفضت من قبل الحزب الحاكم وعاد أعضاؤها بعد ذلك يتحدثون عن أن التأجيل يحتوي الحراك في الجنوب..هل الحراك في الجنوب في نظر هؤلاء مجرد حالة عارضة مرهونة بالموقف السياسي لأي طرف أو أطراف في العملية السياسية؟!
من المؤسف حقاً أن يذهب تفكير هؤلاء إلى المستوى الذي يجعل معارضتهم للحزب الاشتراكي حالة مرضية. وإلا كيف يمكن أن يكون تأجيل الانتخابات احتواء للحراك الجنوبي كما يزعمون..أليس هؤلاء الذين ينظرون لمسألة تأجيل الانتخابات بأنها لا تعنيهم فكيف توصلوا إلى أن تأجيلها يضر بالحراك..إن العمل السياسي عندما ينحدر إلى هذا المستوى عند البعض فلا بد أن نبحث عن الدوافع الحقيقية وراء ذلك، والواقع الحقيقية يجب البحث عنها في أسباب رفض الحوار والاكتفاء بإظهار الخصومة كحالة متجسدة في رفض كل ما يأتي من الآخر.
إن تأجيل الانتخابات هو تحصيل حاصل لا يحتمل أي تفسير سوى أن أطراف الحياة السياسية لم يكونوا جاهزين لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن إرادة الشعب وتصبح خطوة لا غنى عنها باتجاه حل الأزمة الوطنية. وإن إصرار طرف معين على إجرائها كان يعني أحد أمرين: إما إدخال البلد في مواجهات لا أحد يستطيع أن يتنبأ بنتائجها، أو أنها تتم وتفرض شروطاً أكثر سوءاً للعمل السياسي والنضال السلمي الديمقراطي...وتأجيلها يعني توفير مزيد من فرص الحوار لكل أطراف الحياة السياسية وهذا ما نصت عليه بنود الاتفاق بشأن تطوير النظام السياسي وغيره من عناصر الإصلاح الأخرى.ليس فيها صفقات أخرى، كل ما ورد في بنوده الثلاثة والخاضعة كلها للحوار اللاحق هي إطار عام لهذا الحوار.
هؤلاء الذين يتحدثون عن صفقات هم يعرفون من هم أصحاب الصفقات، ولو أن الحزب الاشتراكي من أصحاب الصفقات لما وصل حاله إلى ما وصل إليه، لا زال في نظرهم متهماً حتى وهو يكابد المطاردة والحصار ويستنكفون من الحديث عن عودة مقراته وممتلكاته، مع العلم أن المطالبة باستعادة حقه واجب وليس فيها ما يعيب، وهو رفض وما زال يرفض أن تكون جزءاً في أي تسوية سياسية..فلماذا كل هذا التضليل الذي يمارسه البعض في حين أنهم يعرفون من هم أصحاب الصفقات الذين لم يتورعوا أن يستعيدوا ممتلكاتهم في صلب التسويات السياسية التي أقاموها مع السلطة سواء كأحزاب أو كأفراد.
نقول لهؤلاء الذين يريدون أن يضعوا من أنفسهم أوصياء على الحزب الاشتراكي وعلى نضاله السياسي أن يكفوا عن هذه اللعبة، فقد مارستها قبلهم السلطة الحاكمة وفشلت، وإذا كان البعض منهم اليوم يقوم بدور الوكيل ولكن تحت عناوين مختلفة فنقول لهم إلعبوا بعيداً عن ساحة الاشتراكي. والحزب الاشتراكي ليس حزب نخبة ولا هو حزب عائلة..لا أحد فيه يتمسك بموقفه لأي سبب، ولا يأتي إلى قيادته إلا من لديه الاستعداد للتضحية، وهي أي القيادة مفتوحة أمام كل من لديه هذا الاستعداد، ولذلك لم ولن تكون القيادة محط ابتزاز من أحد، فلا يخضع للابتزاز إلا اؤلئك الذين يخافون على مصالح استثنائية.
إن المفارقة التي تبعث على الحيرة هي أن يستفز بعض هؤلاء من الحضور المكثف لمناضلي الحزب الاشتراكي في الحراك السياسي على الرغم من أن هؤلاء المناضلين هم الذين يطاردون ويقتلون ويسجنون ويحاكمون، لماذا كل هذا البؤس في التفكير والممارسة. سنترك ذلك للأيام القادمة أن ترد عليه، وسنكتفي الآن بالدعوة إلى إعادة الحيوية إلى جوهر فكرة التصالح والتسامح التي كانت إحدى العلامات البارزة في هذا الحراك السلمي والديمقراطي الذي أحيا الأمل في النفوس المطحونة والمقهورة بإمكانية مقاومة التهميش لهذا الجنوب ليستعيد شخصيته ومكانته في المعادل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي كشريك كامل الشراكة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعيد المضمون الثوري لفكرة الشراكة الوطنية بروح ثورتي سبتمبر وأكتوبر ووحدة 22 مايو السلمية على صعيد اليمن كله.
إن مسؤولية الحراك هي إيصال القضية الجنوبية إلى الوضع الذي تصبح فيه مشروعاً سياسياً نهضوياً لكل اليمن كما كانت عدن وكان الجنوب ذلك المشروع السياسي التحديثي لليمن فيما لو أن القوى الحاملة لهذا المشروع يومذاك أصغت لبعضها البعض وتناغمت وأدركت جوهر وظيفتها التاريخية في إنتاج الفكرة وتحقيقها في الواقع العملي. اليوم لا نريد التاريخ أن يكرر نفسه مرة أخرى، على القوى التي تضعها الحياة في صدارة الموقف أن تعي درس التاريخ جيداً وسيكون لزاماً عليها ترتيب أوراقها بحكمة من استفاد من تجربة التاريخ، وعلى الرغم من أن البعض لا زالوا يفكرون بعقلية المنتقم من التاريخ ويتحركون على الأرض بدوافع وأدوات المنتقم، إلا أن التاريخ في الحقيقة لا يلقي بالاً لمثل هؤلاء في كل التجارب الإنسانية، ينظر إليهم بأنهم مجرد حمقى يتحركون مثل الهوام على هامشه ولا يسمح لهم أن يلجوا إلى داخله..إن التاريخ هو ذلك الكائن الحي الذي لا يتفاعل ولا يلقي بالاً إلا لمن يملك إرادة تغيير مجراه. وهؤلاء لا يغرقون في إنتاج أدوات الانتقام من التاريخ وإنما يتفرغون لإنتاج أدوات التغيير .. وفارق كبير بين من يمارس نضاله بأدوات الانتقام من التاريخ ومن يمارس نضاله بأدوات تغيير مجرى التاريخ.
ما نريده اليوم هو إنتاج أدوات التغيير وما يرتبط بها من سلوك وثقافة وأساليب كفاحية وعلاقات لإنسانية.
القراءة الواقعية لما نحن عليه، أي لكل من يعمل في ساحة العمل السياسي، تبدأ من هذه النقطة والإجابة عليها بعيداً عن المراوغة لنكتشف طبيعة الأدوات التي نتسلح بها في نضالنا السياسي ونحدد موقفنا في التاريخ وموقفنا منه.
الأخوات..الإخوة أعضاء اللجنة المركزية..الحاضرون:
لقد حقق حزبنا في نضاله السياسي خلال الفترة الماضية بين الدورتين نجاحات لا يستهان بها على الرغم من ظروف الحصار والصعوبات بسبب ما يمارسه الكثيرون من عبث داخل الحزب بتوظيف معاناة أعضاء الحزب وأنصاره كنتاج للاضطهاد والظلم الذي تعرضوا له منذ حرب 1994 حيث وجد هؤلاء العابثون فرصة لجر الحزب إلى خارج مشروعه الوطني ليسهل بعد ذلك إدانته وتصفيته..لقد تنبه أعضاء حزبنا إلى هذه اللعبة وواصلوا نضالهم السياسي بروح أكدت على التمسك بخطه السياسي الذي أقره المؤتمر الخامس وهو ما جعل حزبنا يتفوق على ظروف الحصار ويهزم تلك الصعوبات، وجاء تأجيل الانتخابات كنتيجة للموقف الحاسم لحزبنا واللقاء المشترك وغيرهما من القوى السياسية والاجتماعية على أن الانتخابات هي طريقة للتغيير ولابد أن تعاد صياغتها على هذا الأساس. وفي هذه الأجواء يجب أن نتجه إلى التحضير للمؤتمر السادس للحزب كمحطة هامة على طريق مواصلة بناء حزبنا ليتمكن من مواصلة النضال لإنجاز مهماته الوطنية، ولن يلتفت إلى من يضعون العصي في الدولاب لإعاقة حركته.سنسير نحو المؤتمر وعلى هذه الدورة أن تنجز الترتيبات الخاصة بما في ذلك تشكيل اللجنة التحضيرية وغيرها من الترتيبات المتعلقة بالحوار.
وفي نشاطه هذا، سيواصل حزبنا دعم الحريات والنضال من أجلها مع كل القوى الداعمة لانتصار الحرية والديمقراطية وسيقف إلى جانب نضال أصحاب الرأي وحرية الصحافة. وفي هذا الصدد يعلن تضامنه مع صحيفة الأيام التي تتعرض للمحاكمات بسبب تبنيها قضايا الناس والوطن وكذا مع بقية الصحف إعلاء للحرية والمسؤولية.
__________________
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا * * وَمَن يَخْطَبُ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ
أبو عامر اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس