عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-06-23, 09:03 PM   #43
علي المفلحي
عضو مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: 2008-08-22
الدولة: جمهورية الجنوب العربي
المشاركات: 41,857
افتراضي

هل تضخ "داعش" العراق الدماء في عروق قاعدة اليمن؟

زاد هذا من المخاوف بشأن تكرار تجربة "داعش" أو الانجرار إلى حرب مذهبية طائفية في اليمن، خاصةً في ظل وجود تقارير عن وصول مقاتلين من "داعش" إلى منطقة "تمنون" الساحلية بمحافظة حضرموت، جنوبي البلاد، والتي سيطر عليها تنظيم القاعدة قبل أسابيع، واستخدمها لاستقبال مقاتلي القاعدة القادمين من خارج البلاد.

ويرى مراقبون أن النشاط المفاجئ لقاعدة اليمن، رغم الحملة العسكرية التي يشنها ضده الجيش اليمني، جاء بتأثير من الأحداث الجارية في سوريا، وخصوصاً بعد دخول ما يعرف بتنظيم دولة العراق الإسلامية على المشهد السوري، وإعلانه دولة العراق والشام الإسلامية "داعش".

واعتبروا أن نفوذ "داعش" كان له تأثير كبير في ضخ الدماء في عروق قاعدة اليمن، مما زاد في نشاطاتها ونوعية عملياتها.

ويمكن قياس قوة القاعدة في اليمن خلال الشهور الاخيرة استناداً إلى الأعمال التي قام ويقوم بتنفيذها، حيث تمكن الفرع من تنفيذ أكثر من 100 هجوم داخل اليمن عام 2013م.

ومثّلت حادثة اقتحام مجمع وزارة الدفاع في قلب العاصمة اليمنية صنعاء، مؤشراً على مدى قوة التنظيم، وقدرته على اختراق الحواجز الأمنية التي تحيط بواحدة من أكثر الوزارات اليمنية تحصيناً.

واستطاعت كاميرا المراقبة في مستشفى العرضي الذي يقع داخل مجمع وزارة الدفاع اليمنية، تسجيل تفاصيل اقتحام المستشفى في الـ 5 من ديسمبر/كانون الأول 2013، الذي راح ضحيته 52 قتيلاً وأكثر من 167 جريحاً، وكانت تلك بمثابة صدمة شديدة لليمنيين ولكل من شاهد الحادثة.

الهجوم الوحشي على المرضى والأطباء وعمليات التصفية التي قام بها مسلحو تنظيم القاعدة لكل ما اعترض طريقهم، مستخدمين آليات رشاشة وقنابل يدوية، أعادت إلى الاذهان الصور التي كانت تتناقلها وسائل الإعلام عن "داعش" في سوريا، وأخيراً في العراق.

وبات هاجس الخوف من تكرار نموذج "داعش" يسيطر على اليمنيين ويفاقم من توجسهم من خطر الجماعات المسلحة، أو فتح جبهة جديدة يكون طرفاها القاعدة والحوثيين، الجماعتان الأكثر تشدداً ومذهبيةً في اليمن.

وحسب أبجديات أعضاء القاعدة المستندة إلى خلفية دينية، فإن إعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام هو مؤشر على قرب إقامة الخلافة الإسلامية، وأن "جند اليمن" سيكون لهم دور مهم في إنشائها، وفقاً لبعض النصوص.

ولا يُخفي قادة تنظيم القاعدة في اليمن انحيازهم لـ"داعش" في مواجهة "جبهة النصرة"، رغم أن الأخيرة أقرب له تنظيمياً.

إن بروز تياري القاعدة (سنة) والحوثيين (شيعة) وسيطرتهما على بعض المناطق في جنوب وشمال اليمن، واكتفاء الدولة بالقيام بدور الوسيط في كل الأحداث، يفتح شهية هذه الجماعات لالتهام المزيد من المناطق، وإحكام سيطرتها، مستغلين رخاوة الأجهزة الأمنية وضعف سيطرتها، وهذا ما يزيد من حدة المخاوف من نشوب حرب طائفية على غرار ما يجري في العراق، حسبما يرى مراقبون.

صحيح أن القاعدة والحوثيين لا يمتلكان أرضية شعبية قوية حتى يفرضا وجودهما باعتبارهما يمثلان سُنّة وشيعة اليمن، إلا أن شعور مواطني المناطق التي تسيطر عليها هاتان الجماعتان بغياب دور الدولة في حمايتهم، سيضطرهم إلى الاصطفاف الطائفي، على الأقل لحماية حياتهم من التهديد القادم بفعل غياب سلطة الدولة.

وحقيقة أن "القاعدة" الشق المتشدد من السنة، والحوثيون (الشيعة المتشددون) لا يمثلان المجتمع اليمني، وقاعدتهما الشعبية تكاد تكون ضعيفة، حتى في المناطق التي يهيمنون عليها، لا يمنع من التنبؤ بتغيير قواعد الصراع أو اللجوء إلى التكتلات الطائفية مستقبلاً.

لكن في المقابل هناك شبه ضمانات شعبية لمنع الانزلاق إلى الحرب الطائفية من بينها أن المواطن اليمني، سُنيّاً كان أم شيعياً، لا ينظر إلى القاعدة والحوثيين إلا باعتبارهما جماعتين خارجتين عن النظام والقانون، ولا يمثلان السنة أو الشيعة إطلاقاً.

وكما ظهر مؤخرا رجال اللجان الشعبية (متطوعون مدنيون يقاتلون إلى جانب القوات المسلحة اليمنية) تقاتل القاعدة في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين؛ وهذا أحد الأدلة على الرفض الشعبي للقاعدة، وأنها لا تعبر عن السّنة في اليمن إطلاقاً، وفق المراقبين.

كما أن الغالبية العظمى من "الزيدية" أو "الهاشميين" الذين ينتمون إلى المذهب الشيعي، هم في الأصل على قطيعة تامة مع الحوثي، ويرون فيه مشروعاً لتدمير مذهب الزيدية الوسطي، بإيعازات من دول أخرى، وقد صدرت مواقف صريحة ضد الحوثي ومنهجه وشعاره من عدد من فقهاء "آل البيت" و"الزيدية" و"الهاشميين".

إن أيّ تقدم تحرزه "داعش" يعتبر حافزاً كبيراً لفرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أو "أنصار الشريعة" في اليمن، لاقتفاء أثر "داعش" والاستفادة من خبراتها وتجاربها في خوض الصراعات وتكتيكات المعارك.

ويرى الباحث اليمني في الجماعات الإسلامية، عبدالرزاق الجمل، أن "هناك انسجاماً بين ما تقوم به داعش، وما تسعى إليه القاعدة في اليمن، كما أن موقعي البلدين الجغرافي يُشجع على ذلك".

ويضيف الجمل، في حديثه لوكالة الأناضول أنه: من المهم، بالنسبة لقاعدة اليمن، أن تنجح الدولة الإسلامية في العراق والشام في حربها على نظام المالكي الذي تعتبره طائفيا، وتدخل أمريكا لعرقلة هذا النجاح أو للحد منه، قد يدفع قاعدة اليمن إلى القيام بعمليات نوعية، من قبيل سيطرتها على محافظات مثلا، لتشتيت الجهد والتركيز الأمريكي، كون أمريكا قلقة جدا من قاعدة اليمن لتواجدها في منطقة جغرافية حساسة".

واستطرد بالقول إن "البيئة الطائفية في العراق بدأت تتبلور في اليمن، وتمكن الحوثي في الشمال، وممارساته الطائفية ضد خصومه السنة، يعني تكرار المشهد العراقي بحذافيره، وقاعدة اليمن تعتبر نموذج الدولة الإسلامية في العراق والشام نموذجا ناجحا وستطبقه بحذافيره".
علي المفلحي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس