عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-05-21, 08:54 AM   #3
مهداف
قلـــــم جديــد
 
تاريخ التسجيل: 2013-04-20
المشاركات: 8
افتراضي لأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 3


آفات عدّ العلاقة بين الزوجين عشقا

أول آفة ونتيجة هي أن ننتظر ونتوقع من العلاقة بين المرأة والرجل أن تولد لنا أرفع صور العواطف وأشدّها، وهذا ما يُشتبه به كثيرا في مقام إقامة العلاقات بين الإثنين. فنرى كثيرا من الناس قد أبدل العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل إلى مجال لا يُنتظر منه إلا إرضاء نقصهم العاطفي. فمن الموارد التي تُلاحظ كثيرا في الخلافات الزوجية والتي تطرح في بعض المراكز الاستشارية للأسرة هي التوقعات العاطفية التي في غير محلها لكلا الزوجين من الزوج الآخر. تلك التوقعات الناجمة عن نقص عاطفي قد تكون متبقية من رواسب الطفولة والعيش في ظلّ الوالدين، ويتوقع الآن إزالتها وملأ فراغها من الطرف الآخر، وهذا ما يؤدي بهم إلى أزمات كثيرة هم في غنىً عنها. ففي مقام الاختيار، يُبتلى باختيار عجول متسرّع، ثم وبعد حصول الارتباط يتحول هذا الحب إلى نفور من الطرف المقابل بأول شرارة على ما لایرام و بأول مايرى من الطرف الآخر ما لا يرضيه.
إذن، فثاني آفة للتصور الخاطئ عن العلاقة العاطفية بين الزوجين، وبسبب توقعاتهم وانتظاراتهم المتزايدة من بعضهم الآخر، هو حصول النفور السريع و الملل فيما بينهما حتى من غير خصام و عراك، فتغدو علاقتهما عادّية باردة ويصبح كل منهما مانعا من حصول اللذة بدلا من كونه مسببا له.
قد تنقطع العلاقة الاولى في كثير من الدول التي تحكمها الثقافة الغربية. لأن نساءهم و على أمل الحصول على علاقة عشق قوية تخضع وتستسلم لأول ارتباط ثم بعد ذلك تُطرد من قبل الرجل بعد أن يتبين لها أنها كانت مخطئة، لا أنهما سينفصلان بظروف منطقية و معقولة. ثم تبدأ المرأة بعدها بالانتقام من الجنس المخالف. وهذا الانتقام يشكل اليوم أسلوبا رائجا وأزمة عامّة وشاملة في الغرب لايمكن الدخول في تفاصيلها وجزئياتها لأن أدبنا الإسلامي لا يسمح بذلك.
لنتساءل لماذا تصل العلاقة الزوجية في الأسر المتدينة في الدول الإسلامية إلى البرود؟ ولماذا تصل إلى الطلاق أيضا وبنسبة عالية في بعض الدول؟ كلّ هذا لأنّ کلّا من الزوجين يتوقع من الطرف الآخر القدر المتزايد من المحبة والتي نسميها عشقا. ماذا تعرفون عن العشق؟ صحيح أن الزوجين لابد و أن تبقى العلاقة بينهما حادّة، وصحيح أن قلبيهما لابد أن يبقى ينبض بالمحبّة، وتزداد المحبة فيما بينهما، ويفي أحدهما للآخر، بيد أنّ كل هذا شيء والعشق شيء آخر. فلا تتوقعوا العشق من هذه العلاقة. فإن كان العشق هو أشد وأرفع محبّة يمكنها أن تحيط بقلب الإنسان، فلا يمكن اعتبار العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل عشقا.
أتعلمون متى يمكن أن تتهيأ وتتّسق أرفع علاقة بين الزوجين؟ عندما يتحد وجودهما في عشق مشترك، أي عندما یحب الاثنين شيئا واحدا ويعشقونه إلى حدّ العبادة. عندئذ ستستتبّ وتستقرّ بينهما أرفع علاقة يمكن حصولها بين شخصين. وعندها يعمى كل واحد منهما عن عيوب الآخر؛ ولن تنجرّ هذه العلاقة إلى الطلاق بتاتا.
يا حبذا لو يتمّ الإعداد لرواية أو فيلم يصوّر علاقة عاطفية متعادلة بين شخصين لا يشعر أحدهما بضائقة ونقص عاطفي ولايخلط بين العلاقة والعشق ولايتوقع أحدهما من الطرف الآخر توقعات عاطفية زائدة عن اللزوم، ونرى في هذا الفيلم أو القصة جمال المحبة التي تربطهما، ومقدار اللذة التي يحصلون عليها من هذه المحبّة، وكم يشكل أحدهما سببا لسكينة الآخر وراحته واطمئنانه. فهل قرأتم في حياتكم مثل هذه القصة؟ وهل رأيتم مثل هذا الفيلم؟

العشق في الغرب

لنرى هل تبقّى في الغرب شيء باسم العشق؟ نشاهد اليوم في الثقافة الغربية المنحطّة وقوع أكثر الحوادث إجراما في أجواء العلاقة بين المرأة والرجل. لماذا شاعت المثلية اليوم في الغرب؟ ولماذا أصبحت الحياة هناك باردة مصحوبة بالوحدة؟ ولماذا نجد نظرة الغرب إلی الزواج قد تنزّل وانجرّ إلى حد الحاجة المادية لاغير؟ لماذا حصل كل هذا؟ فهؤلاء أكثر من غيرهم يدقّون على وتر العشق؟ وهؤلاء أكثر من غيرهم يغنون أناشيد الغرام؟ وهؤلاء أكثر من غيرهم يعدّون العلاقة الزوجية علاقة عشق وغرام؟ فلماذا إذن لم يتفشّ العشق بينهم و ينتشر؟

النقص العاطفي بلاء العلاقة الزوجية وآفتها

يجب على الشخص المقبل على الزواج أو حتى قبل أن يقرّر على الزواج أن يعالج نقصه العاطفي؛ وإلا سينفعل ويرتبك لأقل محبة من الطرف الآخر؛ ويرى الذرّة منها بحرا فتذهب حرارة المحبة الأولى عند هؤلاء الأشخاص بعد عدة أيام، وتتحول إلى برود مقيت يورّث عنده أزمه نفسية، كما أن الحرارة الأولى أيضا تورّث عنده نفس هذه الأزمة.
ما يجدر ذكره الآن هو إن النساء غالبا ما يكنّ أكثر سيطرة من الرجال في هذا المجال؛ لأن البنت أكثر من الولد يحصل عندها الإشباع من المحبة في بيت أبيها، وهذا هو المفروض. لذلك تجعل هذه السيطرة في البنت القدرة على الاختيار أكثر من الولد. راجعني طالب جامعي في يوم من الأيام وقال لي: أنا مشرف علی الزواج وعندي خطيبة، والأهل على اطلاع بهذا الأمر وقد تمّ بينهما المحادثات الأوليه لكنها لم توافق لحد الآن، وتقول لا يمكنني العيش معك. وبما أنها تكّن لك الاحترام وتسمع كلامك، فأرجو أن تكلمها و تُقنعها.
وبعد أن جاءت خطيبته عرضت عليّ مشكلتها بقولها: هذا الرجل يقول لي أنا أعشقك وأهِيم بك ولا أستطيع أن أعيش لحظة واحدة من دون أن أراك وإلى غير ذلك من الكلمات، وأنا لا أرى في نفسي شيئا يستحقّ هذا الاهتمام وأعلم بأنه يتصرف هذا التصرف بسبب النقص العاطفي المبتلى به؛ فهو الآن منفعل جدّا وأنا أعلم بأنه سيفتر بعد فترة قليلة؛ لأنه سيحمل كلّ ما عنده من نقص عاطفي إلى حياتنا المشتركة، فأنا على علم بأني وبعد الزواج لا أقدر حتى على القيام بتصرّف عادي.
كانت تقول: أنت تعلم بأنّ منقذ الغريق يلزمه الحذر الشديد لكي لا يجرّه الغريق إلى داخل الماء. فهذا الخطيب يجرّ منقذه إلى داخل الماء من شدّة خوفه وارتباكه؛ إذ إن تصرفاته معي هكذا. قالت: أنا أحبّه ويحبّني، ولكن ماذا تعني كلمة أنني لا أستطيع التنفس بدونك؟ فكأنه لم ير إمرأة في حياته؛ فكم هو ضيّق القلب بحيث يغيب عن الوعي ويرتبك لأقل محبّة. على كل حال، لابدّ وأن ننظر للعلاقة العاطفية بين الزوجين، بشكل معقول و النساء أقدر على ذلك من الرجال.
لابدّ وأن لا نجعل هذه العلاقة هي المحور بشكل إغراقي؛ فلا نحملها أكثر من طاقتها ولا نتوقع منها أكثر مما تحتمل؛ وإلا تذهب بسرعة و تطرحنا أرضا.


مهداف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس