الأحمر) من البث التجريبي إلى (الميادين)
السبت, 07 يوليو 2012 17:05
اسكندر شاهر
بعض الشخصيات التي تقتحم عالم السياسة من بوابات غير سياسية تنجح في خوض هذا الغمار بالتعلم والاستفادة من التجارب ، على أن البعض الآخر ، يكشف عن أقنعته وعوراته وعيوبه وهو في مرحلة (البث التجريبي) فيتعذر تقبله على أي نحو ، ولعل استخدام مصطلح البث ناتج عن تأثيرات طفرة الفضائيات وتسابقها وخاصة ما تُنسب لليمن أو تلحق به من قريب أو بعيد ..
في مرحلة البث التجريبي الأول -قبل الثورة- ظهر لنا"حميد الأحمر" على أنه السياسي الماهر والاقتصادي المحنك ورجل الأعمال الناجح والمتدين المعتدل، ولشدة نجاحه وفرطاعتداله فإنه يتحدث الانكليزية بطلاقة ، وكأنها امتياز وعلامة فارقة في التاريخ ، وفوق هذا(من شاهدك ياعُسيق؟ .. قال: سُبلتي!) فالذي وصفه بمتحدث الانكليزية بطلاقة هو نفسه لا يتحدث الإنكليزية بطلاقة ..!!
وأما في مرحلة البث التجريبي الثاني -أي بعد الثورة- فلم يظهر لنا حميد الأحمر ثائراً ، بلقال وهو في قصره الباذخ ( أنا الثورة !! ) ، وكانت صناديق التبرع تمتليء بالأموال الوافدة من الداخل والخارج ومصانع الصين تصنع الخيم والمظلات والقبعات والأعلام بأرخص الأثمان ،والصفقات التجارية الثورية تسجل أرباحاً هائلة . كانت الثروة الأحمرية تتضخم فيما الثورة اليمنية تتفحم ..ويتساقط الشهداء على مذبح الحرية والكرامة .. وتقصف الحصبة على أنه لا يُصاب "أحمري واحد" ..وتستهدف الفرقة المدرعة ويموت مواطن من ريمة أو من شرعب أو من العدين .. لا بل إنه على الضفة الأخرى تفحّم علي عبد الله صالح الأحمر في حادث النهدين ، وبمشيئة الله هو الآخر لم يمُت بل خرج من تحت الرماد لتخبو الأحلام البيضاء في عباءات الجنود الحمر ..
وأما في مرحلة البث التجريبي الثالث ( المبادرة السعودية والثورة المضادة) فقد ظهر لنا حميد الأحمر فارساً في(الميادين) ، والأخيرة قناة فضائية جديدة وصاعدة محسوبة على خط( المقاومة ) يبدو أنهالم تستطع مقاومة الأشعة فوق الحمراء وتحت البنفسجية ..
ظهر الأحمر في الميادين متعجرفاً ونزقاً ومراوغاً ومكشوفاً في آن معاً ، لديه فائض "خٌبرة" بضم الخاء ولا يحتاج إلى "خبرة" بكسرها ، وهو في هذه الحال أحوج ما يكون لأن ننصحه جميعاً بعدم الظهور في أية قناة فضائية مرة أخرى .. لأجله وليس لأجلنا ..
ففي ما ادعى أن ثروته نقصت بسبب تبرعه للثورة تبرع من جيبه أيضاً بهجوم مبطن على الحوثيين ومن دون مناسبة ليؤكد الحرب الميدانية والسياسية والإعلامية عليهم حتى وهم يتحدثون عن الحوار ،تلك (هدية للداخل) ، و أما (هدية للخارج) فقد تبرع الأحمر بمغازلة مكشوفة للأمريكان بالتهرب من إدانة الأعمال الحربية بطائراتهم والأعمال السياسية عبر سفيرهم ، بل ذهب الأحمر إلى إظهارالانبطاح بالتلويح بأنه من المؤمنين بدور أمريكا(التي ستنصبه رئيساً حسب ما يدور في ذهنه ويجول في مخياله) إلى درجة جعلت منه أكذب من علي عبد الله صالح لأن الأخير الذي قال –حسب ويكليكس- اقتلوا المواطنين اليمنيين وسأقول بأني من فعلها ، لم يكن أمام الإعلام يقول ذلك أو مادونه، بل يظهر على الأقل من قبيل المزايدة والتجميل بأنه يرفض التدخل الأمريكي ، وأما الأحمر حميد فلايبدو حميداً البتة.
إن مثل هذا الخبث المكشوف لا يدفعني كمواطن يمني للاطمئنان بل للخشية على مستقبل بلادي فيما لو حدثت غلطة تاريخية وتولى الرجل المنصب الأول أو التالي كما يحلم أو حتى أي منصب .
في البث التجريبي الثالث نفسه ومن على قناة الميادين ذاتها يتبرع الثائر رقم واحد ودون مناسبة أيضاً -أي دون سؤال المذيع له وبطريقة الإقحام في الموضوع- وبما يعزز الغزل الاخوانجي الامريكي بالهجوم على ما أسماه الدور الإيراني (المُتوهّم)في اليمن – او لنقل (المستور)مستشهداً بدور إيران في العراق ، فإيران تخرب في العراق وستفعل الشيء ذاته في اليمن والسعودية ذات الدور ( المفضوح والتاريخي ) تصلح الحال في اليمن .. كل هذا في محاولة منه لرفع منسوب الانبطاح لأمريكا إلى أعلى مستوى منتهزاً استضافته في منبر يُحسب على المقاومة للمشاريع الصهيوأمريكية ..
كان واضحاً أن الرجل يعيش حالة زهو لا تستند على داعم حقيقي بل وهمي ، ومن فرط الحالة تبرع أيضاً بإبداء حسن النية وإعادة منزل الرئيس الجنوبي السابق علي البيض فيما لو اتصل الأخير به طالباً ذلك ، وهذه المرة لم يتبرع الأحمر بالبيت كاملا بل بحصته فقط ، فهنا تحضر شريعة الأخوان العشرة (عيال الأحمر) والأخوان المسلمين ، والبيت مملوك للدولة أصلاً ولكن ماذا نعمل ؟ علي عبد الله صالح كان يبيع الدولة لـ (الديولة) .. والجديد / القديم في الأمر هو فعل (الاختزال والتسطيح) فالقضية الجنوبية كانت مختزلة في البث التجريبي الأول لدى حميد الأحمر بأن يكون الرئيس جنوبي ، وفي البث التجريبي الثالث اختزل القضية بأن يعيد حصته من بيت البيض لو طلب منه ذلك .
وعلى ذكر ( الدولة ) هل تذكرون الدولة المدنية التي ينادي بها حميد وأخوه حسين ؟!
.. هذه الدولة المدنية غابت عن فارس الميادين ، حينما نسي بأنه أسهم في منح الحصانة لصالح ونظامه مقابل نصف حكومة ، معتبراً اختطاف العوبلي ( اختطفه رئيس مكتب تنفيذي حزب الإصلاح في خولان) ينتظم مع العدالة وسيادة القانون في محاولة لشرعنة الاختطاف وقانون الغاب ، فإذا كان هذا المجرم يستحق الاختطاف فماذا يستحق من سرقوا الثورة والثروة والسلطة والمعارضة؟! ، وهل سيكون في قوانين الدولة المدنية المنشودة .. (اختطاف المجرمين في بني خطفان جائز ومحاكمتهم في صنعاء ساقط بالحصانة ) .
إيماءة ..
من الواضح أنّ حكومة الوفاق صدّقت حميد الأحمر حينما قال بأن ثروته نقصت بسبب الثورة ، ولأجل ذلك أقرت الحكومة الموقرة قانوناً لإعمار المنكوبة ( أبين ) ، وبما أنها حكومة محاصصة فقد تقاسم الأحمران (علي عبد الله)و(حميد عبد الله) جعار وزنجبار ، لتعوض شركاتهما التي ستتولى إعادة الإعمار ما نقص من ثروتيهما وهما يصرفانها ويبعزقانها على ثورتنا الجائعة المائعة ..
إيماءة أخرى ..
لو قرأ أي مواطن مصري تصريح عبد الوهاب الآنسي لصحيفة "اليوم السابع" المصرية مؤخراً ونصيحته للإخوان المسلمين في مصر على أن يثبتوا للجميع أنهم جادون في إرساء شراكة حقيقية تسهم فيها كل القوى الموجودة على الساحة المصرية .
سيقول : بأنه عقمت نساء مصر أن تلدن مثل هذا السياسي اليمني ، ولكنه لو رأى فعل الشراكة عندنا والتي يُرسيهاالآنسي وحزبه فسوف يقول وبلا ريب :
لاتنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيمُ