تيه الجنوبيين السياسي
بقلم : أنيس صالح القاضي (مستشار قانوني)
الإثنين, 16 نيسان/أبريل 2012 13:11
جدة – لندن " عدن برس " خاص -
((بعد الحرب العالمية الثانية كتب فرانسوا فوريه مقالا بعنوان "تيه المثقفين بعد الحرب العالمية الثانية". وبعد الثورة الجزائرية ضد الاستعمار كتب مالك بن نبي : "تيه المثقفين الجزائريين بعد الثورة ".
الآن ونحن نعيش ربيع الثورات العربية يبدو أن ثم حالة يمكن أن نسميها "تيه المثقفين بعد الثورة العربية".
تيه في البحث عن المخرج ..
تيه في إعادة بناء المفاهيم ..
تيه في تصور واقع الثورة ..
تيه في إعادة ترتيب العلاقات، الحلفاء، الأصدقاء والأعداء ..
في زمن التيه لا تستغرب من كثرت الحلول والأفكار والأطروحات . وفي زمن التيه يشعر التائه أن حله هو الحل المقدس، ويستمسك الكثير لحلولهم الخاصة. وفي زمن التيه جميع الحلول مسكونة بالخوف والتردد ... )).
ما سقته أعلاه ليس كلامي بل هو نقل من كتاب أسئلة الثورة للدكتور/ سلمان بن فهد العودة المفكر الإسلامي المعروف .
وإذا كان هذا التيه من سمات عهد ما بعد الثورات، ونلمسه على أرض الواقع في دول الربيع العربي الأخرى، التي تتميز فيها الفصول الأربعة، ونلمسه نسبيا في اليمن التي لم تكتمل ثورته بعد، بحكم كونها من المناطق المدارية مناخيا وسياسيا، فلا تتمايز فيها الفصول الأربعة، مثلما لا تتمايز فيها الفصول السياسية.
إلا أن المستغرب والمستنكر هو التيه السياسي الجنوبي، في مرحلة الثورة، فكيف سيكون حالهم وتيههم فيما بعدها؟، فقد تمزقوا مجالس ولجان وهيئات ثورية، وكلا يدعي وصلا بليلى، وكلا يدعي صوابية موقفه، وليس ذلك فحسب، ولكن ما يندى له الجبين أن كل منهم لا يخطئ الآخر فحسب بل وصلوا إلى أبعد من ذلك، بتبادل تهم التخوين والعمال والأرتزاق.
وما يهمنا هنا ـ وهذا بيت القصيد ـ هو أن الجنوبيين لم يجتمعوا على هدف محدد لهم يمضون إلى تحقيقه، وبالتالي فقد كان من النتائج الطبيعية لهذه المقدمة، ألا يجتمعوا على سبيل واحد يسلكونها لتحقيق أهداف الثورة الجنوبية السلمية، وذلك لأنهم كما أسلفنا لم يجمعوا على هدف واحد، فمنهم من يريد الإنفصال ومنهم من يريد فك الأرتباط، ومنهم من يريد الفيدرالية، ومنهم من يريد الحكم المحلي كامل الصلاحيات، وكل له هدفه ووسائله للوصول إليه ويرى ذلك عين الصواب، ولا يقبل نقاشا فيها.
فتاهوا كما تاه بني أسرائل عن بيت المقدس، إلا أن بني إسرائل كانوا أثناء التيه مظللين بالغمام ومعهم المن والسلوى، أما الجنوبيون في تيههم فمضللين بطائرات بدون طيار، ومعهم القاعدة والقراصنة وتجار المخدارات .. الخ جرائم المخلوع بحق الجنوب.
فمتى يفيق الجنوبيون من تيههم؟ ويلتفتون إلى قضيتهم العادلة بواقعية بيعد عن المزايدات، والإرتهان للخارج وللذات، ونبذ الماضي والإلتفات نحو المستقبل.
((عسى أن يكون قريبا))
http://adenpress.co.uk/index.php?opt...5-24&Itemid=55