اولا: بريطانيا اعترفت بالسلطنة القعيطية بعد ثلاثون سنة منذ تأسيسها
ثانيا: بعد التطاول على السطان القعيطي اقول بإن السلطان القيعيطي اقام سلطنته بعد ان كسر كم من خشم وقف امامه
الشفافية في المعاملات المالية و الشراكة في الحكم المحلي صفحات مشرقة من تاريخ السلطنة القعيطية «الحلقة الأولى» 1/6/2012 المكلا اليوم / المهندس: سالم احمد باحكيم خلال مراجعتي لأرشيف الوالد المرحوم احمد بن سالم باحكيم، و قد كان احد أعضاء مجلس الدولة بالسلطنة القعيطية خلال الخمسينات و حتى عام 1962م عندما انتقل إلى رحمة الله، فقد وجدت في أرشيفه محاضر لجلسات مجلس الدولة و لفتت انتباهي منها ثلاث وثائق تاريخية تعتبر مثالا للحس الوطني و للشفافية في المعاملات المالية و الحكم المحلي لتلك الفترة مقارنة بما آل إليه حالنا في هذه الأيام.
و كم يعجب المرء أن هذه الآليات قد كانت تطبق في تلك الأيام بجدية حقيقية يلتزم بها الحاكم و المحكوم بينما الشعب في الدولة اليمنية عامة و الجنوب خاصة لا زال يناضل بعد مضي أكثر من ستة عقود منذ ذلك الحين لاستعادة حقوقه المسلوبة و تحقيق المواطنة المتساوية و القضاء على الفساد و الاستبداد.
بعد حرب 94م بنحو سنتين و بعد أن اتضحت الأبعاد الحقيقية لتلك الحرب حملت صورا من تلك الوثائق إلى الأخ هشام باشراحيل رئيس صحيفة "الأيام"طالبا منه الإطلاع عليها و نشرها لإطلاع الناس كيف كنا و كيف أصبحنا تحت ضل الحكم القروأوسطي. و اتصل بي بعد أيام معتذرا بعدم إمكانية النشر قائلا إننا تحت مجهر رقابه السلطة، و نشر مثل هذه الوثائق ستزيد الضغوط على صحيفتنا و دعنا نعمل في نطاق ما هو متاح لعلنا نتمكن من الدفاع عن المظالم اليومية الجارية. لقد كان باشراحيل محقا في إحساسه ذلك، فقد تعرض بعد عدة سنوات من ذلك التاريخ و أسرته و صحيفته إلى إجراءات انتقامية تعسفية لازال يعاني منها حتى يومنا هذا.
و دارت الأيام و قامت الثورة الشبابية المباركة التي كشفت الغطاء عن أمور لا يتصورها أكثر العقول تشاؤما، ليكتشف الناس أن البلد كانت تدار من قبل عصابة مافيا محترفة قضت على كل مقومات الدولة المدنية المؤسساتية بالرغم من التبجح المبتذل بالشرعية الدستورية.
و قبل أيام طالعتنا صحيفة “الأولى” في عددها رقم 306 الصادر يوم الاثنين الموافق 3 يناير 2012م عن نتائج ندوة حول ( الشفافية في الصناعة الإستخراجية ( فكتبت مقالة عاجلة تحت عنوان (و أني و أن كنت الأخير زمانه لأتي بما لا تستطعه الأوائل) ليعلم الجميع في اليمن كيف أن رجال حضرموت قبل 60 عاما قد حققوا ما يسعى الجيل الحالي إلى تحقيقه من شفافية من خلال ثورته المباركة.
و عليه لقد وجدت أن الأمانة التاريخية تقتضي إتاحة الإطلاع لكل الخيرين في حضرموت خاصة و في بقية أنحاء الدولة اليمنية الحالية عامة على تلك الوثائق كونها ملكا للجميع. إنني على ثقة أن هناك الكثير و الكثير من تلك الوثائق التي يقف الإنسان أمامها بكل إجلال و يجب على من لديه بها علما أن يظهرها لتكون تراثا تعتز به الأجيال الصاعدة. كما أن مضى عقودا من عمر الأمة التي ذهبت أدراج الرياح نتيجة المراهقة السياسية إبان الحكم الاشتراكي الذي لم يكتف بسحق إي إبداع أو حرية أو كرامة للمواطنين من خلال المجازر الدموية و السحل للعلماء و الوجهاء و من خلال ما كان يعرف بزوار الفجر فحسب بل اختتم عهده الأسود بتسليم البلاد و العباد إلى حكومة تنتمي إلى ما قبل القرون الوسطى في طريقة إدارتها للدولة ليؤكد مدى إسفاف ذلك الحزب و القائمين عليه، آنذاك ، سياسيا و أخلاقيا حين ظهر و حين حكم و حين جرجرت قياداته أذيالها هربا. و صدق تنبؤ الشاعر الشعبي إبن حريز بنهاية قيادة الحزب قبل نحو عشرين سنة متنبئا بتسللهم هربا على سفن بحرية بمقولته المشهورة لفيصل العطاس أثناء مساجلة شعرية مشهورة :
( سبولة خير من مقلع و نخله ما تعشي الضيف قعرها لا تخليها
و بتجيكم سفينة نوح و طلع من معك فيها
و نحن زهرة الدنيا لأولها و تاليها.)
إن حضرموت لن تستفيق و تنهض من نكستها إلا برجالها و أبنائها الذين لم تتلوث أيديهم إبان الحكم الاشتراكي أو الحكم القروأوسطي. و من اجل ذلك يجب بناء جيل جديد متحررا من عقدة الخنوع التي سكنت أفئدة الجيل الذي عاشر تلك الفترة إلا من رحم ربي و متسلحا بكل الأسباب العلمية و المادية و السياسية للوصول إلى تلك الغاية النبيلة..... و لنعلم علم اليقين أن "من قلت رجاله ذل"!! و المثل لا يتحدث عن الكم و إنما عن الكيف فلا خير في كثرة كغثاء السيل. و الله يدعو إلى الإعداد بالمال و الأنفس و برباط الخيل لتحقيق مقاصد رسالته التي تدعو إلى"أخارج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؛ ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة؛ ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام.." و هي رسالة حضرموت على مر العصور حمل الرواد الأوائل من اجلها علم نشر الدعوة الإسلامية في أنحاء العالم.
نعود بعد هذه المقدمة إلى الوثائق الأنف ذكرها و نحددها على التوالي كالتالي:
1. مذكرة تفسيرية لملاحظات اللجنة و آراءها حول مسودة اتفاقية الزيت المقدمة من شركة "امتيازات الزيت المحدودة" للسلطانين القعيطي و الكثيري
2. ميزانية الدولة القعيطية لعام 1961 – 1962م
3. قانون المجالس المحلية (قانون نمرة (1) لسنة 1953)
و قد قمنا باستعراض الوثيقة الأولى (مذكرة تفسيرية لملاحظات اللجنة و آراءها حول مسودة اتفاقية الزيت المقدمة من شركة "امتيازات الزيت المحدودة" للسلطانين القعيطي و الكثيري) لتبيان تفكير ذلك الجيل الرائد. كما سيجد القارئ صورة طبق الأصل من و الوثيقة مصحوبة بالمقال للعودة إليها عند الحاجة و ليتمكن الباحثون استنباط منها الدروس و العبر. و نلخص الوثيقة فيما يلي:
عنوان الوثيقة:
مذكرة تفسيرية لملاحظات اللجنة و آراءها حول مسودة اتفاقية الزيت المقدمة من شركة "امتيازات الزيت المحدودة" للسلطانين القعيطي و الكثيري
تاريخ الوثيقة:
28 ربيع الأول سنة 1379هـ الموافق 30 أكتوبر 1959م
مقدمه إلى: حضرة صاحب المعالي وزير السلطنة القعيطية
مقدمة من: اللجنة المكلفة بمكتوب مؤرخ 1 ربيع الأول سنة 79هـ الموافق 3 أكتوبر 59م. و اللجنة المذكورة برياسة
• المرحوم الأستاذ الأديب محمد عبد القادر بامطرف (انظر الرابط أدناه) و عضوية كل من :
• احمد سالم باحكيم، رحمه الله، احد تجار و وجهاء مدينة المكلا ( انظر الرابط أدناه)
• عبد الرحمن عبد الله بكير، اطال الله عمره في طاعته و رضاه، قاضي شرعي بمدينة المكلا آنذاك. (انظر الرابط أدناه. )
• احمد سعيد الحضرمي، رحمه الله خريج من جامعة بغداد في مجال الاقتصاد و موظف حكومي
• سالم عبد الله بامطرف ، رحمه الله خريج من جامعة بغداد في مجال القانون و موظف حكومي.
و استعانت اللجنة بالسيد/ سمير شماء خبير عربي في مجال النفط
محتويات المذكرة التفسيرية:
تتكون المذكرة من 20 صفحة و تحتوي على 36 مادة كالتالي:
1. مقدمة
2. خلاصة في 22 نقطة لمسودة الاتفاقية، التي تتكون من35 صفحة تحتوي على 39 مادة،
3. خلاصة لما لم تتضمنه من نقاط هامة، في نظر اللجنة، وهي حسبما وردت في المذكرة بالنص:
i. خضوع الشركة للقوانين المحلية و عدم تدخلها في شئون الدولتين السياسية،
ii. مراقبة نفقات الشركة و الرقابة على صحة عملياتها من قبل الحكومة
iii. حق سيادة الدولتين في منطقة الامتياز
iv. تصفية الزيت في المنطقة عند بلوغ الإنتاج قدرا مبررا لذلك
v. حصول الحكومة على حصة عينية من الزيت و مساهمتها في رأس مال الشركة و تمثيلها في مجلس إدارتها
vi. التسهيلات اللازمة لمفتشي الحكومة و عمالها المناط بهم أعمال تخص الشركة
vii. أمور أخرى تقتضي إشراف الكومة على بعض تصرفات الحكومة تحول دون تصادم الشركة مع الأهالي.
4. في ثلاث فقرات (3و5و6) أبدت اللجنة تقييمها المجمل لمسودة الاتفاقية كالتالي:
i. أن بعض مواد الاتفاقية مشابه لما جاء في اتفاقية الكويت التي أبرمتها مع شركة BP
ii. أن مسودة الاتفاقية لا تنص على حق المراقبة التي ينبغي أن تكون للحكومة على عمليات الشركة الخاصة بالإنتاج
iii. أن ما يتبادر إلى ذهن الفاحص لهذه الاتفاقية أن الغبن على الحكومة فيها واضح!!!!!!
5. فيما تبقى من نقاط أوضحت اللجنة رأيها بكل تفصيل لكل موضوع أثير في المذكرة.
6. اختتمت اللجنة مذكرتها بذكر 14 مرجعا اعتمدتها اللجنة في دراستها و مقارنتها لمسودة الاتفاقية.
إن ما يثير الإعجاب في هذه المذكرة هو وضوح الرؤية لدى اللجنة على تواضعها عددا و عدة و شجاعة الطرح لمواضيع حساسة سياسيا في فترة كانت السلطنتين مكبلتين باتفاقية الحماية السياسية مع بريطانيا العظمى. و أورد فيما يلي بعض القضايا على سبيل المثال فقط و ليس على سبيل الحصر و على القارئ العودة إلى النص الأصلي المرفق ليرى و يستنبط الكثير من الاستنتاجات.
أ. قضايا تمس السيادية الوطنية:
1. الملاحظة رقم (24): التحكيم:
"تطلب الشركة أن يكون لحاكم المحمية سلطة تعيين أحد الحكمين.......الخ. غير أن اللجنة ترى أن من الخير استبعاد حاكم المحمية من هذه الناحية الهامة حتى لا يتطرق إلى موقفه شك في التأثير على السلطانين بقبول حكم غير مرضي عنه، بما لحاكم المحمية في الوقت الراهن من حق الإشارة عليهما: تلك الإشارة التي تلزمهما اتفاقيتهما مع الحكومة البريطانية الرضوخ لها. إن علاقة حاكم المحمية بالسلطانين علاقة سياسية و علاقة السلطانين بالشركة سوف تكون حتما علاقة تجارية بحته. و المزج بين طبيعة العلاقتين يحمل على غير محمله في الأوساط الخارجية و يكون مثارا لحرج شديد، السلطانان و حاكم المحمية في غنى عنه."
2. الملاحظة رقم (25) : الاتفاقية و القانون الانجليزي:
"بما أن هذه الاتفاقية ستبرم بين طرفين لا يخضعان لقانون واحد فاللجنة ترى من الحيف تفسير موادها طبقا لمبادئ القانون الانجليزي الذي يخضع له أحد طرفيها فقط...... و اللجنة على أية حال ترى من العدل عدم تقييد هيئة التحكيم بأسس قانونية معينة."
3. الملاحظة رقم (26) : النص المغلب للاتفاقية:
تطالب الشركة أن يكون النص الانجليزي هو النص المغلب في حالة الاختلاف في التفسير بينه و بين النص العربي. و ترى اللجنة أن تكون للنصين العربي و الانجليزي فعالية متعادلة ، و تبني أسبابها .....الخ....ذلك إذا ما أسقطنا من اعتبارنا اعتزاز الطرفين المتعاقدين كل بلغته لاسيما و أن في لغتيهما متسعا لاستيعاب التفاسير على اختلافها استيعابا محكما لا يقبل التأويل."
ب. قضايا تمس الشفافية و الرقابة المالية:
الملاحظة رقم (19) "الرقابة المالية على نفقات الشركة"
"ترى اللجنة وجوب تكوين هيئة ذات صلاحية دولية للإشراف على حسابات الشركة خارج المنطقة و داخلها حتى تطمئن الدولتان على صحة الحسابات التي تقدم إليهما. ... الخ.
الملاحظة رقم (29)" الرقابة الفنية"
" ترى اللجنة أن يكون للحكومة حق الرقابة الفنية على شتى عمليات الشركة.."
الملاحظة رقم (31) "الدفع بالإسترليني"
"مسودة الاتفاقية تشترط دفع ما للحكومة على الشركة بالإسترليني و في بنك داخل منطقة الإسترليني و ترى اللجنة آن تحتفظ الحكومة لنفسها بحرية اختيار البنك أو البنوك التي يتعين على الشركة أن تدفع فيها الدفعات المستحقة عليها للحكومة" و..... "أن اللجنة تتوقع أن تحصل الشركة من مبيعاتها على عملات مختلفة و هذه ينبغي آن تدخل الحكومة في مقاسمتها. و توصي اللجنة اخذ مشورة الخبير الاقتصادي في هذه الناحية المالية الهامة "
ج. قضايا تمس حقوق الشعب الحضرمي:
الملاحظة رقم (16) "العمال المحليون"
" تقترح اللجنة أن يفتح الباب أمام رعايا الدولتين و رعايا البلدان العربية الأخرى المجال للعمل و الترقي في فنون هذه الصناعة العملية على مر الأيام و يحول دون طغيان العناصر الأجنبية.... الخ"
الملاحظة رقم (17) "المقاولون الحضارم"
"ترى اللجنة إعطاء الأفضلية في تقديم أنواع معينة من الخدمات و حاجيات الشركة للمقاولين الحضارمة......الخ.... و ترى اللجنة إن نشاط هؤلاء المقاولين ينبغي أن يمتد ليس إلى المقاولات الداخلية فحسب بل يجب أن يشمل العمليات الخارجية كالملاحة مثلا إذا استطاع المقاولون المحليون توفير الوسائل الآن أو في المستقبل....."
حتى ملكية الغاز، الذي غفلت عنه الاتفاقيات الحديثة باليمن مما اضطرتنا الظروف إلى الدخول في تحكيم مع شركة هنت حول ملكية الغاز، لم تغفله ملاحظات اللجنة. ففي الملاحظة رقم (11) تحت عنوان " عائدات الزيت" أشارت اللجنة ما يلي: " أما الغاز الطبيعي فينبغي أن يؤول كله إلى الدولتين لتتصرفان فيه بالطريقة التي تريانها مناسبة إذا عجزت الشركة عن استغلاله استغلالا مفيدا للدولتين و لها " و للعلم لايزال الغاز في حضرموت في بلك رقم(14) و رقم (10)غير مستغلا استغلالا فعالا و ترفض شركة توتال تطوير ذلك ما لم يتم تمديد امتيازها بالرغم من ان الكمية من الغاز المصاحب منذ عدة سنوات و التي تحرق هدرا كفيلة بتوفير الطاقة الكهربائية لحضرموت كافة في الساحل و الوادي لعدة سنوات قادمة.
ليس ذلك فحسب بل أن حقوق الأجيال القادمة من هذه الثروة لم تغفل اللجنة عن الإشارة إليه ، فقد أوصت اللجنة بعدم التفريط و استنزاف هذه الثروة، مبررة ذلك بأن" الاحتياطي من الزيت الموجود تحت الأرض أكثر ثباتا و ضمانا لنا من الاحتياطي النقدي الذي سوف تودعه الحكومة في البنوك" (ملاحظة رقم (19)) بينما دولة الوحدة استنزفت هذه الثروة خلال اقصر فترة لتتمكن من تغطية ما لا يقل عن 80% من نفقاتها خلال السنوات الماضية من هذه الثروة.
لقد أرفقت صورة طبق الأصل من هذه الوثيقة المرفقة في شكل ملف Pdf)) لتعميم الفائدة، و ربما وجد المطالبون بوضع شركة نفط المسيلة تحت إشراف السلطة المحلية بمحافظة حضرموت ما يفيد لاستنباط العديد من الأفكار. و أود لفت الانتباه إلى فقرة وردت في تلك الوثيقة حول "العمالة المحلية" فقد كان ذلك الجيل معتدا و واثقا بنفسه و جعل الكفاءة هي المعيار للاختيار للعمالة الحضرمية و/أو العربية و بالتالي فقد فتح المجال للمواطنين المحليين و العرب. فلا تجعلوا لمطالباتكم بعدا مناطقيا أو مذهبيا أو عنصريا يحول دون إتاحة الفرصة لجميع إخوتكم من بقية البلدان العربية !!! "إن أفضلكم عند الله أتقاكم" و الكفاءة هي المقياس.
ليتنا نتمكن من بلوغ ما بلغه ألائك الرجال من درجة عالية من الشفافية و الحرص على حقوق و ثروة حضرموت قبل ستة عقود.
و الله من وراء القصد
معلومات إضافية وجدتها عند بحثي عن بعض أعضاء اللجنة:
محمد عبد القادر بامطرف
احمد سالم باحكيم
عبد الرحمن عبد الله بكير