عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-18, 06:45 AM   #1
علي شايف الحريري
نائب مدير الموقع
 
تاريخ التسجيل: 2007-12-01
الدولة: الجنوب العربي المحتل
المشاركات: 3,514
افتراضي الجنوب العربي وخيار الاستقلال/ بقلم عبده النقيب



*عبده النقيب
لم يأتنا الصحفي اليمني منير الماوري بجديد في مقالاته "اليمن وخيار الفيدرالية" فقد قرأنا نفس الأفكار ونفس المبررات في فتوى الديلمي وفي كتابات عبدالله الفقيه وفي ادعاءات الأئمة وخزعبلات عبدالفتاح اسماعيل وجار الله عمر التي يرددها ببغاوات حركة القوميين العرب من الجنوبيين فكلها تصب في قالب واحد وتؤصل للمطامع الزيدية القديمة الجديدة في الاستحواذ على مقدرات الجنوب واستعباد اهله وتعكس مدى تغلغل الثقافة القبلية في تكوينهم النفسي والفكري حتى وإن درسوا في واشنطن . لم يعد هذا مجرد استنتاج اجتهدت في الوصول إليه بل أنه الواقع الذي نعيشه اليوم ويدركه كل الجنوبيون حتى اولئك الذين مازالوا يراهنون على اصلاح الوحدة وهم قلة لا يعتد بها.
كم انا سعيد وانا اقرأ مقال الماوري ( اليمن وخيار الفيدرالية) الذي لم يستطع فيه هذه المرة ان يخفي وجهه الحقيقي وأن يستمر في الخداع والتضليل الذي عهدناه منه وهي سمه اصيلة يتمتع بها مثقفي وسياسي اليمن الا ما ندر عند تعاملهم مع الجنوب واهله. لقد دأب منير الماوري على التظاهر في كتاباته السابقة بأنه كاتب ليبرالي مشبّع بالقيم المدنية يتفهم مطالب وتطلعات شعب الجنوب وحقه في الاختيار الطوعي لشكل ومستقبل دولته. هذه المرة كشف عن قناعاته الحقيقية التي حشى بها مقاله وانظم لطابور الوحدة أو الموت الزؤام والذي لا يعني بالنسبة لنا سوى الموت وحده ولمن ينشده فقط.
لست معني بما تظاهر به منير من استعلاء في كتاباته وانه الوحيد الذي يعرف ويجيد التحليل والاستنتاج فقد ركبه شيطان الغرور وقاده فعلا إلى مربع السقوط دون ان يعلم انه يصارع طواحين الهواء بتكفيره كل من يخالفه الراي أو ينتقده, وهذا خياره لا شأن لي به لكنني معني بتلك المغالطات والمبررات التي يسوقها في محاولة منه للهروب من الحقيقة واللجوء للنفخ في النار التي اكتوى بها الجنوب دون ان يدرك انه كمن يؤذن في مالطا فقد شب الجنوبي عن الطوق وحسم امره ولم يعد الاشتراكي اليمني القائد والموجه.
اولى المغالطات هي عند حديثة عن الثروة الطبيعية التي تختزنها شبوه وحضرموت وان المحافظات الأخرى ليس لها حق في ذلك وكأن المشكلة سوى في الثروة التي تنهبها قبائل اليمن الزيدية. ليست تلك هي الحقيقة بل ان الكرامة اولا هي التي ألّبت كل ابناء الجنوب من اقصاه إلى اقصاه ضد كل ما هو يمني بسبب المعاملة الدونية والتعصب القبلي الطائفي وكذا الحقد الذي يتدفق من اقلام المثقفين اليمنيين الذين اجادوا الصمت على جرائم قبيلتهم حيال الجنوب ولم يتورعوا في التصدي والتكفير لكل من يرفع انينه او نواحه من الجنوبيين. لقد كان الجنوب كله يتطلع للوحدة وجاؤوها طوعا رغم تحفظات الكثير منا على الطريقة التي حاول البعض اقامتها بها ولم تكن الثروة هي العائق وليست هي المشكلة الاساسية اليوم فلا داعي للهروب والمغالطة فتلك فقط جزء من المشكلة اليوم.
الجنوب كل الجنوب يمتلك من الثروات الهائلة التي ينام عليها مثل بحيرة النفط الضخمة العالي الجودة والتي تمتد من صحراء الربع الخالي وحتى عمق بحر العرب وخليج عدن بالإضافة إلى الثروة السمكية والمعادن الثمينة التي تتوزع في كل ارجاء الجنوب. ليس هذا المهم بل ان الأهم هو الثروة الغير القابلة للنضوب وهي الموقع الاستراتيجي لميناء عدن والجنوب بشكل عام اضف إلى ذلك الرأسمال الجنوبي الضخم والمهاجر في كل اصقاع الارض كل هذا يجعل من الجنوب مؤهلة لأن تسابق سنغافورة وهونج كونج وهي كانت متقدمة عنهما قبل تغلغل وباء القوميين اليمنيين في الجنوب. لا اظن ان احدا يجهل المقومات السياحية الفريدة التي يتمتع بها الجنوب جغرافيا ومناخيا وثقافيا والتي يتفوق بها الجنوب على غيره وهي اهم من أي ثروة معدنية وما تشكله من عامل جاذب للاستثمار يمكنه ان يستقطب الرأسمال الجنوبي والأجنبي وما سيحدث ذلك من نقلة نوعية في التنمية الاقتصادية المستدامة وفي حياة الناس ولنا في تونس نموذجا, لكن يبدو ان الحقد الدفين يسيطر عليكم يا منير فأعمى بصيرتكم.
الوحدة القسرية التي تتحدث عنها والتي عرفها الجنوب لا ادري ما الذي يجعلك تخوض في شيء ليس لك به شان ومأساة الجنوب وحضرموت بشكل خاص هم القوميين اليمنيين, فلم يكن اختيار عبدالله الأشطل الذي ظل يخدم قبيلته اليمنية طوال فترة تربعه مراتب عليا في دولة الجنوب بما فيها سفيرها المؤبد لدى الأمم المتحدة, لم يكن اختياره كمشرف على تنظيم الجبهة القومية في حضرموت بعيد الاستقلال بمحض الصدفة وما احدث من فتن وجرائم هناك كان يسير وفقا لمخطط المطبخ اليمني وطابوره الخامس في الجنوب من الذين ارتدوا ثوب الوطنية والقومية بالأمس ويرتدون الإسلام اليوم.
ليس لدى الجنوب مشكلة مع الوحدة نفسها سواءا في الجنوب ذاته او مع اليمن. ليس خافيا ان ليس لدى الجنوب أي مطامع في اليمن على العكس كانت الجنوب عرضة للغزوات القبلية الزيدية لقرون طويلة ولسنا غائبين عن تاريخنا كما تحاول ان تدعي فالمقابر الجماعية للغزاة الزيود مازالت معالمها لم تندثر في الشعيب ودثينة وحضرموت وغيرها, واليمن ليس فيها ما يدفع الآخرون على غزوها فهي الوحيدة التي خرجت منها الإمبراطورية العثمانية خالية الوفاض. اليمن الأعلى بلد جبلية وعرة تكتظ بالقبائل المتخلفة والتي امتهنت الحروب والإغارة على المناطق الزراعية والساحلية في اليمن الاسفل ) شوافع اليمن( وتعيش على نهبها واستعبادها مذ زمن طويل بل وامتد نهمها احيانا إلى مشيخات وسلطنات جنوب الجزيرة العربية كما هو اليوم.
تنطلق قناعاتنا اليوم في رفض الوحدة مع اليمن ليس سبب الثروة او للثأر لماضينا وتاريخنا ووطننا ولكن لأننا ندرك استحالة تحقيقها وقد جربناها بما يكفي ووثيقة العهد والاتفاق التي تتباكون عليها هي آخر محاولة كان يمكن ان تحقق ولو الشيء اليسير لكنها اليمن بلدكم ايها الأشقاء غير مؤهلة للتعايش مع كل هذه الأحلام لمدى لا يعرف كنهه إلا الله. اليمن بلد يعيش خارج الزمن لأكثر من ألف عام فلا تدع القلق يداهمك من فيدرالية العطاس التي ليس لها وجود لا في القلوب ولا على الأرض ودعك من المراهنة على بقايا الحزب المقبور فهؤلاء ليس لهم حظوة او احترام فهم بعد ان مزقوا الجنوب وباعوه في سوق النخاسة بالأمس اليوم مبلغ همهم لا يتعدى البحث عن مكافأة نهاية الخدمة لذا دعكم من محاولة ذر الرماد على العيون والتطبيل للعطاس والتفت إلى الشارع الجنوبي صاحب الحق والقول الفصل فقد ولى زمن الجهابذة الذين يقررون نيابة عن شعوبهم وعار عليك وعلى كل المثقفين اليمنيين الذين يتجاهلوا ثورة بحجم الثورة الجنوبية ويتحالفوا مع العطاس وصحبة المرفوضين من قبل كل الشارع الجنوبي .
الوحدة الجنوبية ليس لدينا إشكال فيها كما تحاول ان تصورها بل مشكلتنا جميعا كجنوبيين هي مع اولئك الذين ارتهنوا للمطبخ اليمني وعبثوا ليس بحضرموت فقط بل وبالجنوب كله. لا تزعجنا الاصوات القليلة التي نسمعها مثل الكاتب الذي اشرت له )باحاج( او غيره فنحن نحترمها ونرفض اي وحدة قائمة على الضم والقوة. الوحدة التي لا تحقق الخير والرضاء لأهلها لا تستحق البقاء اينما كانت, فكل الندوب والخدوش التي اعترت جسد المجتمع الجنوب المدني المتحضر هي بفعل المطبخ اليمني والموالين له الذي لفظهم الجنوب اليوم ولن يسمح لهم بالعودة تحت أي مبرر. ومع هذا وذاك فما حصل في الجنوب لا يجب مقارنته مع ما تفعلوه انتم كطائفة زيدية باهل تهامة وتعز من اهل الطائفة الشافعية التي تقطن اليمن الأسفل. ولا تقارن ايضا بما ترتكبون من جرائم بحق الجنوب وتاريخه التي لن ننساها مدى الدهر. الجنوب في عهد الدولة الشمولية مهما كانت اخطائها لم يعرف سياسية الفيد والنهب او الإقصاء بل كانت حضرموت التي تتباكى عليها حاضرة بقوة في المشهد السياسي الجنوبي والتنموي على قلته ايضا. لم يكن لدينا شيء اسمه رئيس او زير "مركوز" فكل من كان يتبوأ منصبه كان يمارس صلاحياته على أكمل وجه بغض النظر عن انتمائه الجهوي. فمن حضرموت كان رئيس الدولة وامين عام الحزب الحاكم ووزير الداخلية في وقت واحد فلم يعتلوا المناصب هذه على ظهر الدبابة او عبر التجييش القبلي فقد كانوا جميعهم يحضون بتقدير واحترم لا يقارن من قبل الجنوبيين دون استثناء وحظيت حضرموت بأعلى مستوى من مخصصات التنمية الاقتصادية والبشرية رغم الكوارث الفادحة التي خلفتها سياسة حزبكم اليمني في الجنوب بشكل عام.
الشيء الذي تجهله او تتجاهله وترمينا بجهله هو تاريخ الجنوب وهو تطاول غير لائق لا يفعله إلا المغرورين ضيقي الأفق. يبدو انك تجهل تاريخ حضرموت وما تعنيه بالنسبة للجنوب. مدرسة تريم الحضرمية هي المرجعية الدينية الوسطية للجنوب كله دون منازع. فكانت حضرموت بإرثها الحضاري واعتدالها الديني دائما ومازالت تتطلع لدور يتعدى حجم الجنوب, ارجو ان لا يذهب خيالك فيما اقول باني اقصد الفيد والطمع والنهب المتأصل في ثقافتكم قبل أن اوضح الفكرة. دعاة الفكر الديني المتسامح من مدرسة تريم كانوا ينتشرون ويقيمون في كل قرية جنوبية وسأدعوك لزيارة اقصى نقطة حدودية جنوبية في الضالع لتعرف الحقيقة التي تجهلها او تخاف منها. ليس هذا غريبا وقد كان ومازال مدعاة للفخر بالنسبة لنا جميعا فقد استقبلت شعوب شرق اسيا وغرب ووسط افريقيا الدعاة الحضارم ودانت بالإسلام الذي يعد مفخرة لكل مسلم في الأرض كلها. فما فعله دعاة الإسلام المتحضرين من الحضارم يفوق اضعاف مضاعفة كل ما فعلته الفتوحات الإسلامية بمختلف دولها وعصورها.
يبدو انكم تجهلون ان اول انتفاضة مقاومة للاحتلال القبلي اليمني انطلقت من حضرموت وان حضرموت هي التي تعزف سيمفونية المقاومة اليوم . حضرموت هل التي ستحتاج للجنوب اكثر من حاجة الجنوب لها بل اني لن اخطئ إذا قلت ان حضرموت هي الجنوب. فحضرموت تختزن ثروات ورأسمال هائل يتعدى دوره وطموحه حدود الجزيرة العربية وهي إلى جانب كثافتها البشرية وارثتها الحضاري بأمس الحاجة لمناطق الاستثمار والاسواق الجنوبية والبشر ايضا وهي لن تتخلى عن المزايا الجمة والمهمة التي لا غنى لها عنها تلك التي يتمتع بها الجنوب ككل ولا شك انها ستفرض حضورها في كل شيء بما يوازي حجمها الكبير ومكانتها اللائقة فما الذي يجعلها ترفضها. ومع هذا وذاك لن نقبل بفرض أي وحدة لن يحالفها أي نجاح وخاصة تلك التي لا تدعمها المصلحة الكبيرة والرغبة الصادقة لأهلها فدعك عنها يا منير. ناهيك عن اننا نتطلع للوحدة مع كل دول المنطقة ولنبدأ بالتعاون والتكامل الاقتصادي وليس النهب والفيد على الطريقة اليمنية.
اتمنى ان تتعظوا وتستوعبوا الحقيقة القائمة التي تجري اليوم فذلك مفيدا لكم ولنا ولمستقبلكم فنحن جيران وتربطنا ببعض وشائج تاريخية واجتماعية ودينية ولا مجال للتعايش فيما بيننا سوى ان نتعاون ونتكامل اقتصاديا وهو المفهوم العصري للوحدة بعيدا عن التسلط والشعارات الشوفينية والحماس القبلي المحشو بثقافة الفيد والتخلف التي تنضخ بها مقالاتك. والجنوب بالنسبة لكم فرصة ثمينة لتتعلموا منه وتستفيدوا من إمكانياته التي اتاحها لكم كي تغيروا واقعكم وتبنوا وطنكم ودولتكم عبر التنمية والتعمير والكدح لا عبر النهب والسلب والغزو والسحت والتسول.
ربما انك لا تدرك تلك المتغيرات النفسية والاجتماعية العميقة التي سرت في المجتمع الجنوبي ومازلت تتحدث بمنطق سبعينيات القرن الماضي تتخبط في ارائك وتكشف عوراتك دون ان تعي. الجنوبيون لا يخشون من أي دعاوي ومن أي اصوات سوءا كانت عفوية او من تلك التي تحمل اجندات معادية لثورة الجنوب فهم لا يمثلون أي شيء يذكر .. لن نجهد انفسنا في البحث في جينات الناس ولن نوزع صكوك الوطنية والمواطنة فالجنوبي هو من ينتمي إلى الجنوب ويلتصق بمعاناته وهو من يختار مكانه بنفسه, والدكتور القباطي الذي تحدثت عنه هو نموذج لمن يحاول استخدام علاقته بالجنوب لخدمة أجندات اخرى مكشوفة وسلوكه يؤكد شعوره بالانتماء لغير الجنوب في كل شيء وهذا أمر يخصه وحده وليس لنا أي اعتراض عليه. لا خوف من الأصوات النشاز ومن المتكسبين فهؤلاء ظاهرة ملازمة للاستعمار في كل زمان ومكان والشعب لن يمنحهم اوسمة البطولة بل صفة الخيانة وهو أمر تعرفه كل الشعوب فمن يتهاون في أداء واجبه الوطني ومن يتخلى عن وطنه وقت الشدة فلا يستحق صفة المواطنة والشعوب تمهل ولا تهمل ولك في القذافي وبن علي ومبارك والمحروق الطائح عبرة.
اكثر ما لفت انتباهي في مقال الماوري هو الحديث عن تجربة فشل "التشطير " وهو مصطلح القوميين اليمنيين المأزومين فكريا وثقافيا. حشوت مقالك بمصطلحات تفوح منها روائح كريهة. لن اناقش معك مصطلح "الشطرين" فاكتفي بسؤالك فقط عن تاريخ حدوث التشطير لا سمح الله؟!! ايعقل ان تردد مصطلحات سياسية عفى عليها الزمن تغني بها دعاة شعار "تخفيض الرواتب واجب" ودعاة شعار "تحرير الجزيرة والخليج" قبل نصف قرن.. لما كل هذه المغالطات!! و متى كانت اليمن دولة واحدة ومتى كان اليمن شعب واحد !! لما الخلط بين اليمن الجغرافي وبين التكوين السياسي والاجتماعي والثقافي للشعوب التي قطنت الرقعة المعروفة باليمن.. الم تتعظوا مما يجري اليوم ومما اوصلنا زيفكم إليه!! مازال اليمن الذي تقطنوه يرزح تحت وطأة اقدام المجوس مذ ان جلبهم سيف بن ذويزن ومازالوا اليوم يجولون في فكركم ويهيمنون على خيالكم فما يقوله الماوري لا يختلف عما يقوله الديملي ف"قم" مسكونة فيكم ولن تتحرروا منها ولن تستطيعوا بناء دولة على المدى المنظور فلا داعي لحضوركم مؤتمر الفيدرالية التي لا تعنيكم ولن تنفعكم ولن تنفعنا ايضا فهي طموح غير واقعي ولهذا خيارنا هو الاستقلال.
دعك من التفاؤل الزائد بالفيدرالية فهي غير موجودة والتفت إلى فشل انتخابات 2009م وإلى فضيحة انتخابات فبراير 2012م عسى ان تحدث المعجزة وتفطنوا الدرس.
*ناشط سياسي من الجنوب العربي
قيادي في حزب "تاج"
بريطانيا
[email protected]

علي شايف الحريري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس