فوضى الأمن تهدد «انتقال السلطة» في اليمن
صنعاء- أ. ف. ب- يهدد العنف المستمر وانتشار المسلحين الموالين والمعارضين في ظل الانقسام والولاء المتعدد في الأجهزة الأمنية والعسكرية التي يسيطر أقرباء الرئيس اليمني على معظمها، بإحباط اتفاق انتقال السلطة بالرغم من خطوات إيجابية على المستوى السياسي.
وقال نائب وزير الإعلام اليمني عبدو الجندي لوكالة فرانس برس بعد تصاعد كبير للعنف في تعز حيث قتل 20 شخصاً،: «من دون تهدئة، لا قيمة للاتفاقيات».
من جهته هدد رئيس الوزراء المكلف والقيادي المعارض محمد سالم باسندوة «بإعادة النظر في الموقف» ما لم تتوقف «المجازر» في تعز التي أصبحت النقطة الساخنة في اليمن.
إلا أن خطوات إيجابية تسجل في الإطار السياسي كالدعوة فعلاً لانتخابات مبكرة والاتفاق الخميس على تقاسم حقائب حكومة الوفاق الوطني، وذلك في ظل ضغط إقليمي ودولي قوي لتطبيق المبادرة الخليجية التي وقع عليها الرئيس والمعارضة ويرفضها الشباب المستمرون في «ثورتهم السلمية».
ولايزال اليمن بانتظار تشكيل اللجنة العسكرية التي تنص على تشكيلها الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية لإزالة المظاهر المسلحة وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية، خصوصاً أن البلاد تشهد إراقة دماء جديدة كل يوم فيما لم يتغير شيء على الأرض عسكرياً.
وقال المتحدث باسم اللقاء المشترك «المعارضة البرلمانية» محمد قحطان لوكالة فرانس برس إن «الطرف الآخر يؤخر تشكيل اللجنة ربما رغبة منه في استكمال الانتقام كما يحصل في تعز ومناطق أخرى، أو للتملص مع موجبات الاتفاق»، أي المبادرة الخليجية.
وأشار إلى أن نائب الرئيس عبدربه منصور هادي بات بحسب الاتفاق يمسك بالصلاحيات التنفيذية للرئيس، قبل أيام، لكن «في كل الأحوال نعرف انه إذا كان هناك تأخير فليس بسببه».
وأكد قحطان أن من يعرقل تشكيل اللجنة قد يكونون أبناء وأقارب الرئيس علي عبدالله صالح الذين يمسكون بالمناصب الحساسة في الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وأشار المتحدث إلى أن المبادرة الخليجية لا تنص على أن يتم إقصاء هؤلاء.
وتتألف صنعاء من مربعات أمنية متداخلة تسيطر عليها القوات الموالية للرئيس صالح والقوات التابعة للواء المنشق علي محسن الأحمر التي تحمي منطقة ساحة الحرية ومازال المحتجون يعتصمون فيها إضافة إلى المسلحين المدنيين الموالين والمعارضين.
أما تعز، وهي من المدن الأقل قبلية في اليمن، فلا تسيطر القوات الموالية إلا على أحياء محدودة فيها بينما يسيطر المسلحون المؤيدون «للثورة الشبابية» على أجزاء واسعة منها.
كما يسيطر مسلحو تنظيم القاعدة على قطاعات من محافظتي ابين وشبوة الجنوبيتين.
واعتبر قحطان أن «تشكيل اللجنة العسكرية الآن هو أهم شيء» رافضاً أي محاولة من قبل معسكر الرئيس للتعامل مع المشاكل الأمنية خارج إطار هذه اللجنة.
وعن الضمانات لتنفيذ اتفاق انتقال السلطة، أشار قحطان خصوصاً إلى «التزام كامل» من قبل الدول الخليجية والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لمتابعة تنفيذ الاتفاق، وقد تكون هذه الدول أنشأت بحسب قحطان «غرفتي عمليات في السفارة السعودية والروسية» للمتابعة.
من جهته، اعتبر نائب وزير الإعلام عبدو الجندي أن الاتفاق على تقاسم الحقائب في حكومة الوحدة «مؤشر إيجابي لكن يجب أن يرافقه تهدئة في تعز وفي كل مكان».
وأكد الجندي بدوره أن «الأمن هو المشكلة الكبرى»، إلا انه اتهم المعارضة بأنها «لا تمارس العمل السلمي بل تمارس العمل الحربي، خصوصاً في تعز» التي قال إن هناك محاولات لإسقاطها من قبل المسلحين الموالين للمعارضة.
وقال في هذا السياق: «لا ادري لماذا هذا التصعيد. نحتاج إلى إجراءات صارمة للتهدئة وإلا فلا قيمة للاتفاقات من دون هذه التهدئة».
بدوره قال الجندي إن الجميع ينتظرون تشكيل اللجنة العسكرية، مؤكداً أن «لا شيء من جانب الرئيس يعرقل تشكيلها» و«أبناء الرئيس ليس لهم دخل في ذلك، والرئيس حريص على إنجاح المبادرة الخليجية».
وبموازاة هذا الوضع الأمني السياسي المعقد، يبقى عشرات الآلاف من الشباب في ساحة التغيير في صنعاء وساحة الحرية في تعز لاستكمال «الثورة السلمية» و«إسقاط رموز النظام»، ورفض الحصانة التي يمنحها اتفاق نقل السلطة إلى الرئيس، وذلك في تباعد واضح مع المعارضة.
إلا أن الجندي يتهم المعارضة بشقيها السياسي والقبلي «بتحريض الشباب عبر القول إن الثورة يجب أن تستمر». كما أكد أن مطالبة الشباب «بإسقاط رموز النظام» يعني «الحرب الأهلية» في اليمن.
وأكد القيادي في «ثورة الشباب» وليد العماري لوكالة فرانس برس أن المحتجين غير معنيين بالاتفاقات بين الحزب الحاكم والمعارضة، بما في ذلك حول حكومة الوفاق التي سيكون من ابرز مهامها الحوار مع الشباب.
وقال العماري: «نحن أصلاً لم ندخل في الثورة من اجل تقاسم المعارضة والسلطة الحقائب الوزارية. لا نشعر بالإحباط، ونحن مستمرون في ساحة التغيير حتى إسقاط كامل رموز الفساد والتأسيس لدولة مدنية حديثة».
لكن خروج الرئيس اليمني من الصورة بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة التي يفترض أن تنظم في فبراير المقبل قد يسهم في خروج الشباب من الساحات، بحسب قحطان والعماري.
وقال العماري: «إذا خرج علي عبدالله صالح وتمت إعادة هيكلة الجيش مع خروج أقرباء الرئيس الذين وصلوا إلى مناصبهم العسكرية ليحموا سلطة العائلة وبدأ التأسيس لدولة مدنية، فلا شيء يمنع أن نخرج من الساحات دون أن نوقف ثورتنا».
إلى ذلك أصيب مسؤول اللجان القبلية التي تحارب القاعدة في مدينة لودر بمحافظة ابين امس في انفجار عبوة ناسفة زرعها عناصر التنظيم المتطرف ما اسفر أيضاً عن مقتل احد المرافقين بحسب مصادر محلية، وذلك في ظل توتر شديد بين القبائل والقاعدة.
وقال مصدر محلي لوكالة فرانس برس إن «عبوة ناسفة استهدفت توفيق حوس مسؤول اللجان الشعبية التي تخوض صراعا مسلحا مع القاعدة في لودر ما أسفر عن إصابته واستشهاد احد مرافقيه».
وقالت مصادر قبلية لفرانس برس في منطقة العين الواقعة جنوب لودر إن عشرات المسلحين من القاعدة وصلوا على متن عشرين مركبة وهم يستعدون لاقتحام مدينة لودر والسيطرة عليها.
وذكر أحد هذه المصادر أن «توتراً شديداً تشهده المنطقة بين القاعدة والقبائل» مشيراً إلى أن «العشرات من أبناء القبائل توافدوا من الأرياف إلى وسط المدينة للدفاع عنها».
http://www.arab2.com/akhbar/f/f.html....al-watan.com/