عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-11-30, 12:24 PM   #1
حسين بن طاهر السعدي
قلـــــم ذهبـــــي
 
تاريخ التسجيل: 2011-07-31
المشاركات: 3,801
افتراضي حول المؤتمر الجنوبي الأول / د.عيدروس النقيب

د.عيدروس النقيب

الأربعاء 30 نوفمبر 2011 10:37 صباحاً


كثر اللقط وردود الأفعال ـ بين الجنوبيين أكثر من غيرهم ـ حول مبررات وأعمال ونتائج مؤتمر القاهرة الجنوبي الأول، المنعقد خلال الفترة 19ـ22/ نوفمبر 2011م والذي حضره زهاء 600 ناشط سياسي معنيون بالقضية الجنوبية من ناشطي الحراك وأعضاء في أحزاب سياسية لها حضورها في الجنوب ونازحين سياسيين جنوبيين، قسرا أو طوعا، ممن لهم إسهامهم السياسي في الماضي والحاضر واهتماماتهم بالشأن الجنوبي ومستقبله.

المؤتمر الجنوبي الأول لم ينعقد من باب الترفيه والتسلية أو من باب العبث السياسي، أو حتى المماحكة السياسية فالكل يعلم ممن يتابع الشأن اليمني، بأن النتائج المدمرة لحرب 1994م قد حولت الجنوب من شريك في كل شيء من السلطة والثروة إلى الهوية والتاريخ، ومن الجغرافيا والديمغرافيا إلى الثقافة وصناعة المستقبل، حولته إلى مجرد ملحق رقمي لا يساوي إلا ذلك العدد السكاني الذي ينظر إليه البعض على إنه عبء إضافي تحمله أشقاؤه الحكام في الشمال، وتلك المساحة التي في الغالب لا ينظر إليها إلا من باب ما تحققه من إضافات إلى أرصدة الناهبين والفاسدين الذين استكملوا نهب الشمال فراحوا يتقاسمون الجنوب المليء بما لذ وطاب من الثروات.

ولم يكتف هؤلاء بما فعلوا بل لقد استكملوا تدمير الجنوب عندما اشتد حول رقابهم حبل الثورة فراحوا يسلمون الجنوب لجماعات مسلحة لا يربطها بالجنوب إلا محاولة مواصلة تدميره نيابة عن الحاكم الذي شعر بقرب نهايته فراح يواصل سياسة الانتقام من الجنوب بوسائل أخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كان على الجنوبيين أن يلبسوا ثياب القساوسة وهم يرون أرضهم تنهب وهويتهم تمسخ وتاريخهم يزور وثروتهم يعبث بها ودماء أبنائهم تراق وأرواحهم تزهق؟ أم كان عليهم أن يصمتوا طويلا حتى يستكمل تزوير تاريخهم أملا في وحدة قد تم القضاء عليها منذ 7/ 7/ 1994م؟ هل كان عليهم أن يكونوا شركاء في مشروع النهب والفيد والاستئثار؟ أم هل كان عليهم أن ينتظروا حتى يأذن لهم سيد القصر الأول بالصراخ تعبيرا عن ألمهم الذي أذاقهم إياه لأكثر من عقد ونصف؟ أم كان عليهم التحرك للإدلاء بدلوهم في إنقاذ مستقبل أبناءهم الذي يذبح بسكين الادعاء بالحفاظ على الوحدة من قبل قاتلي هذه الوحدة؟

إن المؤتمر الجنوبي الأول قد جاء امتدادا للحركة الاحتجاجية التي بلغت عامها الخامس منذ الانطلاق بعد لقاء التصالح والتسامح في يناير من العام 2007م، وهو إذ اقر بأن المشروع الوحدوي قد تم القضاء عليه في حرب الاستباحة في العام 1994م فقد أكد بأن على اليمنيين الذين يرغبون في بقاء المشروع الشراكة بين طرفي المشروع الوحدوي عليهم الاقتناع بأن ذلك لن يتم إلا من خلال إعادة صياغة الدولة اليمنية على أساس الدولة المركبة التي تعيد الجنوب إلى المعادلة السياسية الوطنية على قدم المساواة مع شقيقه الشريك الشمالي، من خلال دولة اتحادية يقتنع بها الطرفان عن طريق الاستفتاء الشعبي، وإن هذا الخيار ينبغي أن يكون خيار الشعب لا خيار النخب السياسية التي وإن كانت جزءا من الشعب إلا إنها لا يمكن أن تصادر حق الشعب في التعبير عن نفسه.

ويبقى على جميع المتمسكين بالمشروع الوحدوي الديمقراطي أن يعلموا أن ما نطمح إليه لا بد من أن يأتي من خلال تقدم النموذج للمواطن الجنوبي ـ النموذج الذي يعيد إليه الثقة بأن الوحدة ليست مجرد ضم الأرض إلأى الأرض ولكنها بل إنهال لن تتأتى إلا من خلال شعور المواطن الجنوبي بأنه جزء من هذا المشروع وزإن مصالحه مصانه وأن يجني المزيد من الحرية والكرامة والتنمية والتقدم من خلال هذا المشروع، لأن ما قدمته حرب 1994م هو نموذج للإقصاء والتهميش والسلب والنهب والاستباحة وهتك الأعراض ومصادرة الحقوق ولذلك نقول أن حرب 1994م قد قضت على وحدة التراضي وأن احتفظت بوحدة الحرب.

برقيات:

* من أهم ما خرج به مؤتمر القاهرة اختيار قيادة مؤقتة تتولى متابعة اختيار ممثلي المحافظات في المجلس التنسيق، والتشاور مع بقية الأطراف الجنوبية، وتقديم القضية الجنوبية للعالم الخارجي الذي مايزال يجهل مضمونها وخلفياتها.

* ما سربته بعض المواقع الإلكترونية عن تعرض مقر المؤتمر للاقتحام من قبل محتجين جنوبيين رافضين لمشروع الفيدرالية لم يكن له أساس من الصحة، والصحيح أن بعض هؤلاء حضروا إلى عند بوابة المؤتمر وما إن سمعوا النقاشات والأفكار الدائرة حتى انضموا إلى تأييد الفكرة المطروحة.

* تعرض كاتب هذه السطور لانخفاض في السكر أفقده التركيز لبعض الوقت، وسرب ما سرب من الأقاويل حول هذا الحادث البسيط لكن ما أنا بصدده هنا هو الشكر والتقدير لكل الذين اتصلوا للاطمئنان عن الصحة من مندوبي المؤتمر ومن داخل الوطن ومن مختلف الأقطار فشكرا لهم ولا أراكم الله مكروه، أما الحالة فقد تم التغلب عليها بتناول ملعقتين من السكر فقط.

خاطرة شعرية

عوامل الصـفو قد غابت وإن حضرت أطيافهُ فهي كالأشلاء تنشــــــطرُ
لكنَّ ما زال في الآتي لـــــــــنا أملاً لعلَّ تصدق رؤيانا فنـــــــــــقتدرُ
فالأرض لـــمَّا تزل حبلى مواسمها والشـــــــعب مازال للآمال يدّخرُ
سينجلي الغيم حتماً عن بــــــيادرنا وفي الذرى والروابي يهطل المطرُ
حسين بن طاهر السعدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس