[عبدالله البلعسي]

صنعاء تتحول لمدينة أشباح وصالح يقرر الحسم العسكري

تسارعت التطورات في اليمن واتجهت نحو مزيد من التصعيد، وسط تحذيرات من اندلاع حرب أهلية شاملة، خاصة بعد موجة من أعمال العنف لم تشهدها صنعاء منذ اندلاع التظاهرات ضد النظام قبل تسعة أشهر والتي حوّلت العاصمة إلى مدينة أشباح، وقتل وجرح العشرات في قصف للقوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح بعد ساعات قليلة من لقاء عقده مع كبار قادته العسكريين والأمنيين أول أمس وأعطى توجيهاته لهم بـ(تطهير) منطقة الحصبة من (الخارجين عن القانون)، فيما أكدت فرنسا أن مجلس الأمن يتجه إلى إصدار قرار اليوم يطالب الرئيس صالح بالتخلي عن السلطة بموجب المبادرة الخليجية وملاحقة المتسببين في ارتكاب جرائم قتل ضد المتظاهرين السلميين .
وعاشت صنعاء ليلة مجنونة، أمس، بعد استهداف مكثف لأحياء صوفان والحصبة والتلفزيون وجولة عمران وشوارع الزراعة وهايل والزبيري، والستين وسمعت أصوات الصواريخ وقذائف المدفعيات والتي أحالت العاصمة صنعاء إلى مدينة أشباح، حيث قتل ثمانية أشخاص، بينهم خمسة في قصف على المستشفى الميداني في ساحة التغيير .
وأكد قائد الفرقة الأولى مدرع، اللواء علي محسن الأحمر أن الرئيس صالح سوف يعلن اليوم الثلاثاء في اجتماع للجنة الدائمة (لجنة مركزية) لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم حرباً أهلية شاملة على اليمنيين.
وقال الأحمر في رسالة وجهها إلى أحرار اليمن والعالم، إن (صالح الذي رأس –الأحد- مجلس حربه من المقرر أن يترأس الثلاثاء اللجنة المركزية لحزبه ليضع الخطط العريضة والخطة البربرية النهائية التي ينوي أن يواجه بها أبناء شعبنا الصابر وثورته السلمية).
وأضاف قائلاً إنه (من منطلق المسؤولية التاريخية ندعو أحرار اليمن والمؤتمر والقوات المسلحة والأمن والحرس الجمهوري القوات الخاصة والأمن المركزي إلى تحمل مسؤولياتهم الدينية أمام شعبهم والاصطفاف مع مطالبه الشرعية وعدم توجيه أسلحتهم إلى صدور آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم أبناء الشعب).
وناشد الأحمر دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والأوروبيين التحرك لـ(ردع وكبح جماح هذا الغارق في هوس التسلط ونزعة الانتقام وتصرفاته اللامسؤولة التي يبيت من خلالها إشعال حرب أهلية طاحنة وإدخال المنطقة في موجة جديدة من العنف).
وخرجت يوم أمس تظاهرة لآلاف النساء اليمنيات احتجاجاً على مقتل إمرأة في مدينة تعز أول من أمس، استقرت أمام مبنى وزارة الخارجية، فيما أعلنت اللجنة التنظيمية لشباب الثورة عن تنظيم مسيرتين سلميتين اليوم الثلاثاء في نفس المواقع التي خرج فيها آلاف المتظاهرين خلال الأيام القليلة الماضية وأسفرت عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح.


* * * الحسم العسكري * * *

من جانبه، قال مسئول يمني أمس الاثنين إنّ الرئيس علي عبد الله صالح قرّر اللجوء إلى الحسم العسكري ضد خصومه المطالبين بتنحيه عن الحكم، قبل صدور قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن الوضع في اليمن.
ونقل موقع (عدن الغد) المستقل، عن مسئول وصفه بأنّه قيادي جنوبي بارز في الحكومة، قوله: إنّ صالح قرر خلال اجتماع الأحد مع قيادات عسكرية، اللجوء إلى الحسم العسكري ضد خصومه المطالبين بتنحيه عن الحكم، وذلك قبل صدور قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن الوضع في اليمن.
وأوضح أنّ: (صالح عرض على معاونيه خطة عسكرية تتمثل فصولها في تقدم القوات المواليّة له، والعمل على استعادة السيطرة على الشوارع التي يسيطر عليها مسلحون قبليون تابعون للشيخ صادق الأحمر).
وأشار إلى أنّ (الخطة تستدعي السيطرة على قوات موالية للواء المنشق علي محسن الأحمر، قبل أن يتم تنفيذ خطة هجوم كاسحة على مقر الفرقة، وحسم الوضع عسكريًا داخل العاصمة صنعاء).
ولفت المسئول اليمني إلى أنّ الرئيس صالح أبلغ معاونيه أن الحسم ميدانيًا، هو أفضل تحرك قبل أي تحرك دولي يمكن له أن يصدر بحق نظامه خلال الأيام القليلة القادمة.
وقال المسئول: إنّ صالح ذكّر معاونيه بحرب صيف 1994، وكيف أن مجلس الأمن الدولي أصدر عددًا من القرارات التي طالبت بوقف الحرب وعدم فرض الوحدة بالقوة، إلا أن تمكن القوات الموالية لصالح من حسم الأمور على الأرض جعل من هذه القرارات حبرًا على ورق.
وأضاف أن لقاء صالح بالقيادات العسكريّة شهد نقاشات حادة، وأن صالح أبلغ الجميع أن أي تحرك دولي لن يفضي إلا إلى التوقيع على المبادرة الخليجية.
وأشار المسئول اليمني إلى أنّ صالح وصف المبادرة الخليجية بأنها (لا تعني رحيله فقط عن الحكم ولكن رحيل كل معاونيه)، مطالبًا إياهم بـ(الوقوف صفًا واحدًا إلى جانب خيار الحسم العسكري).
وتشهد العاصمة اليمنية صنعاء وبعض المدن اليمنية مواجهات بين قوات موالية لصالح وأخرى تتبع اللواء المنشق علي محسن الأحمر، خلفت العشرات من القتلى والجرحى.