[أبو عامر اليافعي]

الهوية ..... جوهرالقضية الجنوبيةبقلم / أبو محمد الدرجاجي - المكلا برس التاريخ: 22/2/2009بعد استقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي وفي احد المهرجانات الاحتفالية تقدم احد قادة حرب التحرير لالقاء كلمة في الحاضرين ولكنه لم يستطع التحدث باللغة العربية بشكل جيد فذرفت عيناه الدموع ، وكان هذا الموقف الذي مر به القائد الجزائري نتيجة طبيعية للممارسات التي قام بها الاحتلال الفرنسي تجاه الشعب الجزائري وهدفه سحق وانهاء هويته العربية وفصله عن جذوره القومية وربطه والحاقه بالقومية الفرنسية .
وعند وصول المهاجرين الاوربيين الى العالم الجديد والأرض المكتشفة حديثا ( امريكا واستراليا ) كان من أولويات المستعمرين الاوربيين الغاء ثقافة السكان الاصليين وطمس هويتهم من أجل السيطرة على الأرض ونهب الثروات .. اما النموذج الثالث – والذي مازال ماثلا امامنا حتى اليوم – هي محاولات العصابات الصهيونية لطمس والغاء الهوية الفلسطينية من خلال التهجير والتشريد والقتل من أجل السيطرة على الأرض .
ان الاساليب التي تم استخدامها في الامثلة السابقة تهدف الى محو والغاء ثقافة شعب وسحقه وانهاء هويتة من اجل تذويبه والسيطرة على ارضة ومقدراته و ثرواته .
وتأ سيسا على ما سبق ، أستطيع القول ان الاساليب التي تم اتباعها تجاه الجنوب وشعبه منذ 22 مايو 1990م وخصوصا بعد حرب صيف 1994م ،كان الهدف الرئيس هو ضرب الهوية الجنوبية وانهاء شىء أسمه الجنوب وشعب الجنوب لتسهل من خلال ذلك السيطرة على الارض والانسان .
ان العامل الحاسم وجوهرالقضية الجنوبية هو (( الهوية )) والحفاظ عليها والدفاع عنها احد أهم شروط الانتصار ، ويشكل ذلك عاملا مهما يضع القضية الجنوبية في مسارها الصحيح من اجل الوصول الى الهدف الذي يحلم به ابناء الجنوب في تحقيق كيانهم ارضا وشعبا .
ان موضوع الهوية ليس ((بطاقة )) بل هو تراكم ثقافي وحضاري يكون الشخصية وشعورها بالانتماء الى الكيان السياسي ـ دولة ـ ، والاجتماعي ـ أسرة وقبيلة وجماعة ـ . وتدافع الشخصية عن هذا الانتماء والهوية حين تبرز أمامها تحديات لفصلها وطمسها ، وهذا ماحصل في الجنوب ، والا بماذا نفسر خروج آلاف الشباب الذين تمت ولادتهم بعد عام 1990م او قبل ذلك بقليل وكانوا حينها رضع وقد أطلق عليهم البعض ((جيل الوحدة )) كونهم لم يعيشوا عهد(( التشطير )) ونشأوا وكبروا في ظل دولة (( الوحدة )) .
ان هذا الجيل هو الاكثر خروجا الى الشارع لمواجهة ترسانة القمع العسكرية للمحتل مجردا من السلاح الا من سلاح ايمانه بعدالة قضيتة ودفاعه عن هويتة . ان الاجيال التي عاشت وعاصرت ماقبل عام 1990م ومابعده وعانت من تصرفات الاقصاء والتهميش تجاه الجنوب وابنائه خصوصا بعد حرب 1994م واستحضرت الماضي وحنت اليه وكان خروجها الى الشارع لكونها عاصرت الفترتين وقارنت بينهما لتكون الكفة الراجحة لصالح (( ماقبل )) .
ولكن ما الذي يدفع بجيل شاب لم يعش ماقبل عام 1990م للاحتجاج على ما يحدث بعده ؟ انه الشعور بالظلم وعدم الانتماء لهذا الكيان السياسي والثقافي والاجتماعي ، ودفاعا عن هويته الخاصة التي هي نتيجة لتراكم عبر اجيال كونته نفسيا وثقافيا واجتماعيا وحضاريا وتبرز من خلالها الهوية الجنوبية ، ولعل في اندفاع هذا الجيل الشاب هو دليل قاطع على ان المسألة ليست حنين الى النظام السابق لأن هذا الجيل الشاب لم يعاصر هذا النظام ولم يعش في ظله ، بل المسأله هي دفاع عن هويه وثقافه وكيان وارض.
وبناءا على ذلك استطيع القول ان (الهوية) هى جوهر القضيه الجنوبيه ـ وان لم يتم الاعلان عن ذلك في الصراع القائم – وتشكل الهوية جوهر الصراع والمحرك له، والانتصار لها او عليها هو العامل الحاسم في هذا الصراع .