عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-26, 12:21 AM   #1
الصهاريج
قلـــــم جديــد
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-14
المشاركات: 15
افتراضي ياعالم أصحوا/ أو انكم متوقعين تلاقوا وطن بمكرمة.....

القتال بالملح / يوسف أبو لوز

لم يطلب المهاتما غاندي لا دولة ولا استقلالاً من الاستبداد البريطاني الذي كان يربض على صدر الهند في النصف الأول من القرن العشرين، قرن وحيد القرن، أو قرن الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس .
كان “الروح العظيمة” يقاوم بالملح والصيام وحتى الصيام عن الكلام، لكن حكايته النضالية ظلت بيضاء مثل لون الملح ولون إزاره الخفيف على بدنه النحيل .

لم يذهب إلى هيئة أمم أو عصبة أمم أو مجلس أمن . ذهب فقط إلى طعامه النباتي ومغزله منتمياً إلى الفقراء والمضطهدين والمظلومين إلى أن جعل التاج البريطاني يتآكل بثقافة المقاومة . الثقافة الأخلاقية أولاً وأخيراً، بل كانت ثقافة غاندي تنهض على عمود فقري فلسفي لو جازت العبارة، وقد تكون ثقافة مستقاة من خلفيته التربوية والعائلية، هو الذي ترك رأس المال يتدحرج من بيت العائلة أو يسقط من صورة العائلة .

لم يضع يده في يد مجرم أو قاتل أو محتل .
كانت الهند تمنعه من ذلك . ضميره وقلبه وأخلاقه كانت رادعاً لأي انكسار أو سقوط قد يفضي به إلى هاوية .

لم يتنازل ولم يتراجع ولم ينم في فندق من خمسة نجوم . نجمته الوحيدة كانت الحرية .
كانت السلطة بالنسبة إليه هي سلطة الثقافة التي يؤمن بها إلى حد الموت، وبالفعل، مات غاندي وهو بطل وأيقونة ورمز .

طريق الحرية التي مشى عليها لم تكن مرصوفة بالأوسمة والسجاد الأحمر . كان يدخل السجن ليخرج منه أكثر صلابة، وأكثر ثقة بقضيته وأشد إيماناً بعدالة ما يفعل .
ذلك هو مربط الفرس كما يقولون، القضية .

كان غاندي يحمل قضية ولم تكن قضيته تحمله .
قضيته لم تجعل منه زعيماً إلا في حدود الإيمان والثقة بما يفعله، هذه الثقة التي اعطاها له الفقراء والمنبوذون والمستعبدون، أولئك الذين قاتل من أجلهم . قاتل بهم وأصر على قتاله “اللاعنفي” إلى أن ذوَّب حديد التاج .

هل يمكن اعتبار المهاتما غاندي أمثولة أو نموذجاً أو خلاصة إيمانية إنسانية حرة يمكن أن يستفيد منها كل من يركض وراء سراب؟
رجال الملح وحدهم يعرفون الجواب .


جريدة الخليج 25/9/2011
http://www.alkhaleej.ae/portal/5798e...bad26b131.aspx
الصهاريج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس