[طائر الاشجان]

وأنا أقرأ هذه الديباجة لا أدري كيف خطر ببالي بيت الشعر :
وعين الرضى عن كل عيبٍ كليلةٍ .. ولكن عين السخط تُبدي المساوئَ

ربما لأن غياب الإنصاف فيما بين أيدينا يفعل فعله في النفس ، فماذا سيقول الكاتب لو أنه ينتمي إلى شباب التغيير ناهيك عن طاقم الشبكة الإعلامية الأحمرية ! حتماً كنا سنسمع إشادة بالدور الداعم الذي يقوم به المليونير - الذي يطيب لخصومه تلقيبه بالملياردير - وسواء أكان هذا أو ذاك فإن المسألة تتوقف على حجم أرصدته وأصوله الثابتة والمتداولة وهي في المحصلة أرزاق ليس لأحد أن يعترض عليها إلا من باب التشنيع ، ولأن هذا ليس محور حديثنا فإنني أقول :

ما أجمل أن يتنفس الكاتب أجواء بيئته ، ويتحدث عنها بعفوية لا تنطوي على إغواء للمتلقي ، لأن الكاتب بطبيعة الحال يخاطب أناساً يستنشقون ذات الأجواء ، ويُزكمون لها كما يُزكم هو ، فلا مجال لنظم قصائد المديح في وجه قبيح والعكس صحيح .
حميد هو شيخٌ من نسل شيخ ، والشيوخ في اليمن السعيد يمتلكون بجانب الأموال أفواجاً من البشر يأتمرون بأمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، تلك هي حقيقة المشهد المجتمعي في اليمن سواءاً في عهد الإمامة أو في العهد الجمهوري ، وكل ما يشغل تفكير شيوخ اليمن - بما فيهم الشيخ علي عبدالله صالح - هو كيفية الإستحواذ على دوائر نفوذ جغرافية أو بشرية ، أو عائدات نقدية مهما كانت مصادرها مشبوهة ، ذلك هو واقع الحال ، وربما كان ذلك أهم عوامل ثورة شباب التغيير ، فهل ننكر على حميد كونه يتنفس أكسجين هذه البيئة ، التي لم يكن له يد في تشكيل زواياها ، وليس من الحكمة أن يتعاطى معها بمنطق الحمل الوديع ، ويتجاهل وصية السلف " إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب " إذاً ما يقعله حميد هو الفعل الطبيعي ، وهو لا يتجنى على الحقيقة عندما يدعي بأنه يدعم ثورة الشباب مادياً وأن شبكته الإعلامية مسخرة لخدمة مشروع التغيير ، وأن قناة الجزيرة لا تدخر وسعاً في التنكر لمهنيتها ما دام ذلك يخدم مشروع إسقاط النظام ، وأن قيادات اللقاء المشترك على تنسيق ومشورة مع سعادته شخصياً . كل هذا مباح .. الرجل بهذا يكسب احترام من حوله ، وليت أن الآخرين لديهم نفس القدر من الصراحة ، وهو يطمع إلى أن يكون رئيساً لأن كل المعطيات تشير إلى أن الصراع في اليمن هو صراع مراكز القوى ، والتركيبة المجتمعية مطوّعة لهذا المنحى سواءاً من الناحية النفسية ( سايكولوجيا ) أو من الناحية التجهيزية - التسلح - مضافاً إلى ذلك عقلية الفرد المنطوية على ثقافتها التقليدية ، والقابلة للتشكل حسب الظروف الآنية ، والتوجه الفطري كالقطعان يقودها " مسحل " ( قد انتظمت من خلف مسحلها نظما ) .

وعلى ضور ما تقدم لا نرى مسوغاً للتحامل على شخص حميد الأحمر ، لكننا كجنوبيين ننظر إلى هذا المشهد الهزلي بما يحويه من تناقضات ، ونترقب الخلاص من براثن الإحتلال بحكمة إلهية تقضي بتطاحن هذه القوى بين شقي الرحى ، وتتأتى فرص سانحة لأخذ زمام المبادرة لاستقلال الجنوب ، والوصول به إلى برّ الأمان .

تحياتي
طائر الاشجان