عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-08, 07:31 AM   #1
أحمد الربيزي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2008-04-28
المشاركات: 764
افتراضي هذا هو حميد لمن يجهله ( الوقاحة كنز لا يفـنى (1) مقالة هامة للصحفي اليمني نبيل سبيع


هذا هو حميد لمن لا زال يجهله والاستاذ نبيل سبيع لم يتبدع بقدر ما استتد الى ما جاء على لسان حميد

من المهم تقرأوا هذه المقالة لتأخذوا صورة على الوضع القادم وصورته الحضاريه في دولة القطر اليمني الشمال الشقيق




الوقاحة كنز لا يفـنى (1)

نبيل سبيع

قال حميد الأحمر لصحيفة الواشنطن بوست الأميركية هذا الأسبوع إنه سيوافق على الترشح لرئاسة اليمن "إذا ما قاموا بترشيحي معتقدين أنني الرجل المناسب"، لكن أخاه الأكبر الشيخ صادق قال لنفس الصحيفة إنه لا ينصحه "أن يتولى الرئاسة". ويبدو، أنه وبينما يواصل الشعب اليمني ثورته السلمية في ظل ظروف قاسية وأزمات طاحنة، ينشغل أبناء الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر بتقاسم "غَـلَّـــة" ثورة الشباب السلمية وكأن هذه الأخيرة مجرد "جِــرْبَــة" في العصيمــات.

"لا ينتمي حميد الأحمر إلى الحزب الحاكم داخل اليمن أو إلى الجيش. ولا يحوز منصبا رسميا في الحركة المعارضة اليمنية، ولا يمكنه الزعم بأن لديه مكانة كزعيم ديني"، هكذا قدم سودارسان راغافان الشيخ الأحمر في تقريره الذي نشرته الصحيفة الأميركية الشهيرة في الثالث من الشهر الجاري وترجمته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية وأعاد نشر ترجمته عدد من المواقع الإلكترونية، وأستدرك الصحفي قائلا إنه ينتمي "إلى العائلة القبلية الأقوى داخل اليمن". لكن كل ما قاله الشيخ الشاب البالغ 43 عاما في مقابلته كشف أنه ينتمي أكثر إلى جهة أخرى: الوقاحة.

لايبدو انشغال حميد الأحمر وأخوته في تقاسم "غَـلَّـة" الثورة أمرا عابرا عكسته تصريحات طائشة على لسانه ولسان أخيه الأكبر، بل يبدو آتيا في سياق متكامل من الاستعدادات والتحضير لهذا الإستحقاق. وهذا بالضبط ما بدا واضحا في مقدمة التقرير الذي أكد أن أبناء الأحمر مجهزين فاتورة عما قدموه للثورة من أجل اقتطاع حصة كبيرة من دولة ما بعد الثورة. فسواء من خلال التصريحات التي أوردها التقرير على لسانه كما تلك التي نقلها للصحفية وأوردتها باعتبارها حقيقة ساطعة، تعمد الأحمر إظهار أن الثورة السلمية في اليمن ليست ثورة الشعب اليمني بل ثورته هو فيما يبدو بمثابة استثمار تجاري. يقول التقرير: "وقد قام الملياردير بتمويل مسيرات احتجاجية في 10 محافظات، ووفر كل شيء لهذه المسيرات بدءا من الميكروفونات وانتهاء بوسائل المواصلات".

هذه سرقة واضحة لتضحيات ملايين اليمنيين الذين تدفقوا الى ساحات الثورة وساهموا في استمرارها حتى الآن بجهودهم الذاتية ناهيك عن كونها سرقة لمليارات الريالات التي تبرع بها الشعب اليمني وما يزال لصناديق التبرعات التي يسيطر عليها حزب الإصلاح الذي ينتمي إليه حميد. وفي سياق عملية سرقة الثورة التي يقوم بها، وجه إهانة بالغة لشباب ورجال ونساء الثورة السلمية في اليمن، إذ يظهرهم في صورة المرتزقة والمناضلين المأجورين الذين يتقاضون أجرا لقاء مشاركتهم في الثورة من قبل الملياردير حميد، ولم تكن تلك هي الإهانة الوحيدة التي وجهها لثوار وثائرات اليمن!

مطلوب من الأحمر اعتذار صريح ومعلن في الحال لكل شباب ورجال ونساء الثورة السلمية ولشهدائها وجرحاها ومعتقليها بوجه خاص، وللشعب اليمني قاطبة الذي لم يتوقف يوما عن تقديم التضحيات على مذبح نظام صنعاء طيلة العقود الماضية. فمن يقرأ التقرير من مقدمته التي أوردت أكذوبة تمويله الشامل للثورة في 10 محافظات الى خاتمته، لن يجد خيطا واحدا يقول له إن هناك ثورة عظيمة يقوم بها ملايين الأحرار والشرفاء من أبناء وبنات هذا البلد قدرما سيخلص إلى أن كل ما هنالك هو ثورة تشارك فيها حشود من المرتزقة أو في أحسن الأحوال الثوار العالة على خزائن الملياردير! لن تجدوا في هذا التقرير اليمن وناسه أبدا، بل حميد الذي أظهر هذا الشعب وكأنه "عالة" عليه وبلاكرامة وأنه لم يخرج في ثورة إلا حين ثار هو.

لم تكن تلك مجرد هفوة أفلتت من لسانه دون قصد، بل كانت بداية سياق كامل من المساعي الحثيثة التي بذلها الرجل لإيصال صورة مغلوطة عن الثورة الشعبية في اليمن الى الولايات المتحدة والغرب على أنها ثورته. فحتى في التغطية الإعلامية للثورة، يغيب الصحفيون والإعلاميون ويحضر حميد. فقد قال إنه مشترك شخصيا في «توجيه تغطية الأحداث» في شبكته التلفزيونية، وقد حرصت الصحفية على تقويس عبارة "توجيه تغطية الأحداث" التي تعطي المتابع الغربي صورة سلبية ومدمرة عن ما يوصف بـ"إعلام الثورة اليمنية" من قبل هذا الإعلام نفسه. ففي الغرب، يشكل التدخل السياسي أو الإداري من قبل ملاك القنوات الإعلامية والصحف إلغاء لمصداقية هذه القنوات والصحف وإهانة للعاملين فيها. وقد تصورت الصحفي يبتسم مستغربا وهو يقوم بتقويس العبارة، ولابد أنه بذلك لم يقوس فقط اعترافا خطيرا من حميد بأنه يتدخل مباشرة في "شبكته الإعلامية" وإنما كان يقوس غباء الرجل أيضا.

يبدو حميد في هذا التقرير في صورة يرثى لها. فهو لم يوفر جهدا لإظهار أن الثورة ثورته حتى وإن مثل ذلك إحراقا لكل شيء، وكلما بذل جهودا مضنية لإثبات وبدا أنه اقترب من هدفه صبت جهوده هذه في مكان آخر: تأكيد غباءه. وهذا ما حدث بالتالي في الفضيحة التالية التي ألحقها بالأولى والتي ستكون لها انعكاسات خطيرة على قناة شهيرة كقناة "الجزيرة" لم تنج هي الأخرى من اعترافه الخطير. فقد قال "إنه عمل بشكل وثيق مع قناة «الجزيرة» باللغة العربية من خلال «تحضير العديد من الأخبار التي حدثت على أرض الواقع» حتى بعد أن قامت الحكومة اليمنية بحظر الشبكة". وقد قوس الصحفي هذه العبارة أيضا ولابد أنه ابتسم لهذه الجائزة الكبيرة التي ستدخل تاريخ القناة القطرية كوصمة ولابد أنها ستشكل ضربة قاسية لطاقمها الرئيسي في الدوحة وبالطبع لزملائنا في مكتب اليمن.

"الفَـشْـر" قاتل والاشتراك مع أخرق في عمل ما مخالف للقيم يودي الى المهالك، هذا هو عنوان العلاقة المظلمة بين قناة "الجزيرة" وحميد الأحمر. فالقناة التي تورطت ومنحته حق التدخل في تحضير العديد من أخبارها الصحفية، وهو أمر مشين، لم تضع بالتأكيد في إعتبارها حاجة الرجل الى "الفَـشْـر". ولكم يبدو "فَـشْـر" حميد الأحمر مكلفا وكارثيا: إنه فضيحة إعلامية كبيرة ستخصم من سمعة القناة ومصداقيتها وستساهم في تقويضهما تماما.

الإنسان العظيم هو من يسمو بمن حوله وتشعر في حضرته بالعظمة. لكن حميد الأحمر، كما يبدو في هذا التقرير على الأقل، ينتمي إلى مكان آخر غير العظمة. فحضوره يأتي على حساب الجميع وكل شيء. من حضوره في ثورة الشباب السلمية الذي غيب الثوار والشعب اليمني قاطبة وأظهرهم كشعب من المرتزقة أو العالة على خزائنه في أحسن الأحوال الى حضوره في التغطية الإعلامية الخبرية لـ"شبكته الإعلامية" الذي غيب طاقمها ومحرريها ومراسليها وأظهرهم في صورة مهينة ومشينة كصحفيين غير محترمين إلى حضوره في التغطية الخبرية لقناة الجزيرة الذي غيب دور مراسليها في اليمن وطاقمها في الدوحة وأظهرهم بصورة مهينة ومشينة بشكل أشد، لا يبدو حضور حميد إلا كتغييب وإهانة لكل شيء. وقد نال قادة اللقاء المشترك قسطهم من هذا التغييب والإهانة في ظل حضور حميد.

لم ينس التقرير التطرق الى المواجهات المسلحة التي شهدتها منطقة الحصبة في صنعاء بين مسلحي بيت الأحمر والإصلاح من ناحية وقوات علي صالح من ناحية أخرى في مايو الماضي، ولكنه ركز خلال تطرقه إليها على نقطة رئيسية ألا وهي صورة ووضع قادة المعارضة خلال تلك الأحداث. يقول: "وخلال الاضطرابات التي سادت البلاد، كان المنزل بمثابة ملجأ لقادة المعارضة السياسيين الذين كانوا يتوجهون طالبين النصح من الأحمر، على الرغم من أنه يصغر الكثير منهم في السن". لا يبدو قادة المعارضة السياسية في اليمن في صورة قادة ثورة ولا حتى في صورة ثوار عاديين على الإطلاق قدرما يبدون في صورة مجموعة من السياسيين الهواة والجبناء المرتجفين، وهي صورة تمنح بيت الأحمر صورة ووضع المعارضين والثوار الحقيقيين والوحيدين في البلاد طالما أن بيتهم كان خلال حرب هم طرف فيها ملجأ لقادة المعارضة.

وقد تعززت هذه الصورة لتي ترسمها هذه المعلومة عن قادة المعارضة لدى الصحفية وقارئ تقريرها الغربي بالتالي بتزامن وقت إجراء المقابلة مع وجود هؤلاء القادة في مكان إجرائها، وهو حدث يتوجب على أولئك القادة التعساء التفكير جديا بمدى احتمال أن يكون حميد وليس الصدفة من خطط لحدوثه. فالتقرير أشار الى وجودهم أثناء المقابلة وقد بدوا في عين الصحفية على هذا النحو: "وكان القادة، الذين يعرفون باسم أحزاب اللقاء المشترك، يقومون بمناقشة الاستراتيجية ومضغ القات". هذه هي الإشارة الوحيدة التي تضمنها التقرير الى وجود قادة المشترك كما بدا في عين الصحفية وحديث حميد الذي لم يتطرق لأي دور لهم سوى في مناسبة وحيدة كان بحاجة ماسة فيها الى الهروب الى صف القادة والالتحام بهم. فقد تابعت الصحفية بعد إشارتها سالفة الذكر لوجود قادة المعارضة مباشرة: "وقد انزعج الأحمر، الذي يرتدي ثوبا تقليديا أبيض ويضع خنجرا كبيرا داخل حزامه، لدى سؤاله عما إذا كان قد تلوث هو وشخصيات معارضة أخرى نظرا لعلاقتهم الوثيقة بصالح في الماضي. وقال الأحمر: لكي أكون عادلا، علي أن أذكر أنه من دون أحزاب اللقاء المشترك ومن دون بعض هذه الشخصيات، لم تكن الثورة لتصل إلى ما وصلت إليه. وإذا لم يقدر بعض الناس دور بعض القادة، فلن يقدروا حقوق الآخرين".

لكن اعترافه وحديثه عن دور المعارضة كان اعترافا وحديثا عن دور هامشي لا تبدو حصة الحقيقة منه حاضرة بقدر حصة المجاملة. فقد بدا اعترافه بـ"لكي أكون عادلا، علي أن أذكر أنه من دون أحزاب اللقاء المشترك.." واستكثر الاعتراف لكل القادة الحاضرين بهذا الدور فخصص بقوله "ومن دون بعض هذه الشخصيات" (ربما يقصد الإصلاحيين!). وفي كافة الأحوال، فإن اعترافه هذا بالدور الهامشي للمعارضة في الثورة قد عزز من محورية دوره أكثر مما خصم منه، لأنه أكد أن دور أحزاب المعارضة جميعا في البلاد يحضر على هامش دوره الذي يحتل متن المشهد.

لاحظوا أنه لم يعترف بدور المعارضة في الثورة إلا حين واجه سؤالا محرجا عما إذا كان قد تلوث مع معارضين آخرين خلال علاقتهم "الوثيقة" بصالح في الماضي، ومع هذا، فقد كان اعترافه شحيحا للغاية. ويكشف هروبه في هذه الإجابه عن نفسية وذهنية الرجل: فحين يتعلق الأمر بـ"المغنم" يقصي شركاءه من أي دور، وحين يتعلق بـ"المغرم" فأنه يلتفت إليهم ويلحقهم به وليس يلتحق بهم طبعا.

حميد الأحمر هو علي عبدالله صالح، ولكن في الـ43 من العمر. وهذا لا يشكل سوى الخبر السيء فقط. الخبر الأسوأ: أنه بدأ من حيث انتهى صالح. فالأخير لم يصل إلى هذه الدرجة من التنطع والغرور وإقصاء وإحتقار الشعب اليمني وشركائه السياسيين إلا بعد أن قطع شوطا طويلا في الحكم وتوريثه، في حين أن الأحمر الشاب باشر في هذا السلوك قبل وصوله الى الرئاسة التي أفصح أخيرا عن أطماعه بها. لكن الغالب أن إقصاءه وإهانته وإحتقاره للشعب اليمني لن يوصلوه إلى رئاسة البلاد على ظهر ثورة شعبية قامت أساسا ضد الإقصاء والإهانة والتحقير، بل سيوصلوه إلى نهاية صالح دون المرور بالرئاسة.

- تتبع حلقة ثانية.

+ نقلا عن يومية "الأولى" الأهلية، 7 سبتمبر 2011.
أحمد الربيزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس