عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-02-05, 12:45 AM   #3
أبو عامر اليافعي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-14
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 18,528
افتراضي

> كيف ترى أو يجب أن يكون نموذج دولة الوحدة؟
- أقول لا بد أن يشعر المتحدون أن هناك حاجة إلى وحدتهم في دولة واحدة. أولاً، يعرفوا أن هناك حاجة. ثانياً، يعرفوا أنه بتجمعهم وتعاونهم سيخلقون بلاداً أفضل (أي) لكي تكون اليمن بعد الوحدة أفضل منها قبل الوحدة. ثالثاً أن يكون هناك حس أننا كلنا شركاء في خلق بلاد أكثر رخاءَ وأكثر علماً وأكثر ثقافة، ويكون هذا شعور في النفس يحسه كل واحد أنه حاجته الخاصة، إذا تحققت هذه الأحاسيس فكل واحد سيحمي هذه الوحدة بحيث أنه لا ينتوي أحد أن يلغي الآخر. فالوحدة كان ينبغي أن تكون أُخوة مطلقة، وأن ينتقلوا مما كانوا عليه إلى ما هو أفضل (بحيث) ينسى أنه هذا كان حاكما في عدن وهذا حاكما بصنعاء، الآن هم حاكمون لليمن كله، وأن عليهم مسؤوليات وأن لهم حقوقا وواجبات، فإذا اتحدوا بنية خلق يمن أفضل وسياسة أحسن فهذا هو الذي كان ينبغي. لكن ما أحد كان عنده هذا التصور؛ أن الوحدة اشتراك في الأمر والاشتراك معناه التعاون والتضافر على كل شيء. لو سادت التعاونية والتضافر كان ممكناً أن يخلقوا وحدة أفضل تخلقها وتوجبها المصالح المشتركة والمكاسب التي يشاهدها الشعب رأي العين. لكن عندما توحدوا تضخم الجهاز تضخم، تضخم حتى أصبحت الدولة رأساً كبيرا على عنق نحيل (ضاحكاً).
الحقيقة أن الوحدة كانت مأساة، وأن المرء يلاحظها من اليوم الثاني، ما أحد مثلاَ شعر حساسية الصنعائي نحو الريف، حتى الريف في الشمال. الصنعائي عنده حساسية أن صنعاء صنعاء وأن كل الوافدين عليها طرأوا (عليها)، وأنهم تلقوهم قهراً وأنهم اختلطوا بهم قهراً، ويعتبروا نفوسهم أنهم أحق بالأمر. وطبعاً إلى جانب صنعاء ما حول صنعاء شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. فهذه الحاسة ما يميتها إلا ثقافة كبرى وتعلم أكبر ومفهوم للسياسة أجود وحس بالمسؤولية: كيف يخدم بلده؟ وكيف يطور أوضاعه؟ وكيف يومه أحسن من أمسه وغده أحسن من يومه؟ وهكذا يعني هناك زعامة حقيقة. الزعامة الحقيقية ما تجسدت في أي شخص ولا في أي حزب.
> من خلال تجربة النظامين الشطريين السابقين ما أبرز إيجابياتهما وسلبياتهما؟ وما هي الأفضليات التي يجب أن تسود وتعمم في دولة الوحدة بدلاً من إشاعة الفوضى والفساد؟
- أنا في الحقيقة قد أومأت إلى هذا، وهو الشعور بالتعاون، وأنهم مسؤولون أن يخلقوا مجتمعاً أفضل. هذا لم يوجد. فكيف يمكن أن يوجد؟ وجوده يضمن بقاء دولة واحدة، عدمه يفصل الدولة إذا ظل كل واحد كما كان عند أمه وفي السلطة يستغلها كبستان أو كمزرعة أو كمتجر. لا. هذا في الحقيقة ما يجب أن يكون له من الوحدة إلا نصيب مثل أحد المواطنين، له امتياز الحكم، له امتياز أنه رئيس، له امتياز أنه نائب رئيس، له مميزات أنه مدير، له مميزات أنه رئيس وزراء، هذه حقوق له من حقه؛ لكن من واجبه أن يجعل هذه الثقة في محلها، وأن يكون عاملا في كل تحركه وسكناته من أجل الكل.
> لكن أريد أن أقول لك ما هي أفضل الإيجابيات التي كانت في النظام السابق في المحافظات الشمالية أو الجنوبية؟
- كل ما كان كان سيئا. ما في ولا مزية أبداً. من يوم ما توحدوا إلى أن انفصلوا.
> من قيام الثورة حتى يوم الوحدة ما أفضل الإيجابيات التي كانت موجودة في الشمال أو في الجنوب والتي يفترض أن تعمم في دولة الوحدة؟
- الذي كان موجودا قبل الوحدة هو الذي ساد بعد الوحدة. ليس هناك تغيير أبداً. كل واحد دخل الوحدة بشعور الفردية وبشعور الإقليم.
> هل ترى أن الثورة اليمنية، بشقيها: سبتمبر وأكتوبر، وما رفعته من أهداف تحررية عظيمة وما ناضلت وضحّت من أجله الحركة الوطنية اليمنية... هل ترى أن الثورة اليمنية حققت تلك الأهداف والغايات النبيلة؟
- لا، أبداً. ما حققت أي غاية نبيلة ولا حققت أي هدف، لأنها كانت تنقل مشاكل العهد البائد إلى العهد الحاضر إلى جانب ما تجدده وتستجد من مشاكل وأزمات. كانت الدولة تركم المشكلة فوق المشكلة والمأساة فوق المأساة والأزمة فوق الأزمة، وما كان عندها شعور (بأهمية) الحل من أول أزمة، فإذا جاءت الأزمة الثانية تكون وسائل حلها موجودة. ظلت المشاكل تتصل بالمشاكل. عندنا في صنعاء مثلا مجاري المياه لها تقريباً ست سنوات وهي تسد طريق المطار وتنشر للناس الروائح والذباب والأوبئة، وما أحد قال إنه في رئيس دولة. الحقيقة ما نقول إن الحكم عندنا حكومي، الحكم عندنا رئاسي مثل ما هو ملكي في السعودية وكما هو أميري في الإمارات، مثل ما هو رئاسي في مصر. الحكم عندنا ما هو حكومي أبداً. مثلاً يقولون فلان رئيس وزراء، رئيس الوزراء مجرد كاتب عند الرئيس، الحكومة كلها رئاسية، وليست الرئاسة مجرد رمز يسود والحكومة قوة تنفذ. لا، القوة التنفيذية والقوة السيادية هي للرئاسة.
> لكن في نظام الجنوب...؟
- في نظام الجنوب كانت هناك حزبية تكاد تكون مغطية. بدل الذاتية التي كانت قائمة على أسوأ حال في صنعاء كانت هناك الحزبية بلا تدبر، بلا تأمل.
> رغم تعقد البنية الاجتماعية في الواقع اليمني وموروثات الماضي السلبية وبروز النزعات القبلية والمناطقية وغيرها، هل يمكن الانتصار لقضية الديمقراطية في الواقع اليمني وما ترفعه الدولة من شعار منذ قيام دولة الوحدة؟
- ممكن، لأن المناطقية أو النزوع القبلي لا أحد يخلو منه في أي مكان من أمكنة العالم حتى في باريس بلاد الحرية. ما احد يمنع إنسانا (من أن) يكون ديمقراطيا ويكون عدنيا، يكون ديمقراطيا وصنعانيا، لأن كل واحد نشأ في منطقة، وكل واحد حوله جهات جنوبية وشمالية وشرقية وغربية. لا بد من أن يحس الواحد بأنه قريب من صنعاء أقرب إلى عدن مثلاً. ذاك من عدن أقرب إلى عدن أو أقرب إلى صنعاء، في مسألة قريب وأقرب. فما أظن أن هذه حكاية. لكن الخطأ أن تحكم اليمن الواحد وتعني بالمنطقة أو تعني بالأصدقاء والأتباع من القبيلة أو من الحزب.
> التعددية السياسية والحزبية تعتبر كما هو معروف ركيزة أساسية من ركائز النظام الديمقراطي؟
- (مقاطعاً) أبداً ما ثبت أنها كانت موجودة إلا شكلاً.
> عفواً أقول أستاذ عبد الله التعددية السياسية والحزبية ركيزة أساسية للنظام الديمقراطي بمعناها الشامل ولم أقصد على المستوى اليمني؟
- نعم، نعم، هذه كلها خالقة ومخلوقة ومتطورة. التعددية مهمة جداً بحيث أن لكل واحد حقا، وبحيث أنه يمكن تداول السلطة، مرة هذا الحزب ومرة ذلك...
> كيف ترصد نشاط وحضور الأحزاب في الساحة أو الشارع السياسي اليمني منذ قيام دولة الوحدة وحتى الآن؟ وكيف تفسر ظاهرة تفريخ وانشقاقات الأحزاب، هل هذه الظاهرة الجديدة التي أتت بعد الحرب تعبر عن رؤى وتوجهات سياسية وفكرية جديدة؟
- في العالم كله لا بد أن يكون هناك حزبان أغلب من الأحزاب كلها، مثل الجمهوري والديمقراطي في أمريكا، مثل العمال والمحافظين في بريطانيا. هناك أحزاب متعددة، لكن الذي يحكم حزبان. في اليمن (وجد) المؤتمر والاشتراكي، كان الاشتراكي حزبا بالمعنى الحقيقي، وكان المؤتمر مجرد لملمة ومجرد جمع ناس إلى ناس، أصوات وأغان ومظاهرات، لكن لا ينفعون في سياسة خلاقة. ينفعون للمظاهرات وينفعون للزامل، لكن لا ينفعون للسياسة الكبرى، لأنه (المؤتمر) ليس له رؤية سياسية يستميت لأجلها.الأحزاب التي تعددت ما بَدت كذلك عندما أعلن علي عبد الله صالح الحرب. لا يمكن أن تكون الحرب رأي كل الأحزاب، ولا يمكن(تصور) أن كل الأحزاب قبلت الحرب، ولا يمكن أن ترضى بالحرب أية أحزاب وطنية. كيف يمكن أن تقبل أن يتقاتل الرئيس ونائبه، والبلد ونصفه، والدولة ونصفها. هذه الأحزاب ما لها وزن لكي يستشيرها الرئيس، ولا لها قيمة فرضتها على الرئيس. لا بد أن يكون للحزب قوة سياسية حتى الصغير من الأحزاب.إذا كان هناك أحزاب فإنها بلا قوة سياسية. الأحزاب كان يمكن أن تقوم على الأقل بمظاهرة ضد الحرب، لكن مَن جرؤ أن يقول لا؟ طبعاً السلطة استخدمت الشدة غير المشروعة وتجاوزت الحدود في الشدة، لكن هؤلاء تجاوزوا الحدود في البلاهة وفي السلبية.
> يعني نستطيع أن نقول إن دور المعارضة كان مشلولاً أو سلبياً؟
- كان مشلولاً، أما السلبي لا. السلبي الذي يقترن بالإيجابي.
> لكن كيف ترى حرية الصحافة كثمرة من...؟
- ما أحد زاولها مزاولة حقيقية (...) ما لها وجود أبداً، لأنه إذا ما في رقابة علنية في رقابة سرية.
> قلت إن الحزب الاشتراكي هو حزب حقيقي، هل نعتبر الأستاذ عبد الله البردوني اشتراكياً؟
- لا. أنا أقول لك إذا تأملت مواصفاته وأطواره فهو حزب حقيقي.
> ما الدليل؟
- بدليل أن الحزبية فيه درجات والتنظيمات فيه على مراتب وهرمية، والذي يرقى هو بفضل قواعده في الحزب. وكذلك قواعده في الحزب كانت حزبية. لكن كان الحزب هذا كفرد واحد. يعني يمكن أن واحدا من الاشتراكي يقتل واحدا بسيارة، فالحزب يتعصب معه. لا أحد يسجنه، لا أحد يأخذ منه غرامة. لا، من واجب الحزب أن يجازي هذا العضو الذي أساء، وإذا ساءت سمعته ينبغي أن تفصله، ماذا تعمل بفرد وهو عضو فاسد يضر ببقية الأعضاء؟! عندنا الحزب، لكن ما فيه ما تسمى بت الحزب، رؤية الحزب، ثقافة الحزب، حزبية الحزب أيضاً. مثلاً الشاعر قد يكون أحسن طبل في الدنيا، لكنه عندهم نابه ونابغة. لأن الشرط في الحزبي أن يكون إنساناً أولاً.
> لو ننتقل إلى الأغنية اليمنية، بحكم موسوعيتكم، يرى البعض أن هناك نكهات في الغناء اليمني ومن يصفها بأنها ألوان، كالصنعاني واللحجي والعدني وغيرها، هل أنت مع هذه التسميات التي تعارفنا عليها؟ وما هي المقاييس والخصائص التي تميزها عن بعضها البعض من وجهة نظرك؟
- لا بأس أن تكون هناك تقريبات، نقول هذا الفن صنعاني وهذا الفن لحجي وهذا الفن حضرمي وهذا الفن صعدي، لا بأس، للتقريب. لكن لو أخذنا نتاجنا الغنائي الصنعاني واللحجي والعدني والحضرمي، سنجد في آخر الأمر أنها أصوات متقاربة جدا مثلما تتقارب أغنيات المغني الواحد. ما أجد أن هذا لون متميز أو مختلف حتى. مثلاً عندما تشوف الأغنية السودانية تجدها مختلفة عن الأغنية المصرية عن الأغنية السورية. كذلك مثلاً الأغنية في المغرب الآن بدأت تختلف وتتميز عن أغنيات المشرق التي تتلمذ الفنان المغربي عليها. فأظن لا يمكننا أن نقول سوداني مصري جميل، فهناك اختلاف وهناك فنّانِ اثنان. لكن عندما أقول لحجي صنعاني تعزي يريمي يافعي... فأنا أكاد أن أقول إن الصوت اليمني متشابه، الأغاني كلها متشابهة إلى حد الواحدية أو التماثل. أما أن هناك ما يبين الفن اللحجي كفن مستقل عن الفن العدني أو غير ذلك،لا.يمكن تجد فرقا أو اختلافا من "سمارة" إلى عدن، ومن "سمارة" إلى صنعاء، لكن من ناحية الصنعاني والذماري مثلاً لا يحدث، واللحجي والعدني لا، لأنها بيئة واحدة ومنطقة واحدة ونبرات الناس تتساوى، وحتى حين يتخاصم الناس وترتفع أصواتهم يكاد الواحد يحس أن أصوات الجمع كصوت الواحد، قد يكون هذا أبح صوتاً، قد يكون هذا أرق، لكن ذلك لا يجعل غناء كل منطقة مختلفا عن الثاني كلياً. في اختلاف في الجزئيات، في النبرات الداخلية، في الهمس الأخير. أما من ناحية أنه فن يصنف لذاته ومقوم بذاته فلا.
> يتهمك الكثير من المهتمين بالأغنية اليمنية بارتكاب أخطاء في ما كتبته في إصداراتك المختلفة حول الأغنية اليمنية... كيف تبرئ نفسك بحكم أنني وضعتك في قفص الاتهام؟
- أنا أرضى بهذه التهمه وأرحب بها. لأنه إذا كان هناك خطأ فهو خطأ التجريب وليس خطأ الذي يريد الإساءة. خطأ التجريب أو هناك سوء استيعاب، إلى جانب أن عندي جهلا بيَّناً في الفن الغنائي.لا تعلمت الفن الغنائي في معهد ولا الذين غنوا تخرجوا من معاهد.
> كثيرون غنوا لكم عن الأغنية اليمنية كتابات جميلة، نحن هنا لا نقلل من كتاباتكم ولكن نقلنا طرح بعض المهتمين؟
- شيء جميل جداً أن يكون الفنان عنده حساسية، ولكن لماذا الفنانون بدلاَ من أن يكيلوا التهم على الناقد يصبونها عليهم ويتفوقوا،فهذا في يدهم. و"توقيص" الآخرين لا يعطيهم كمالا.
> لدي ملاحظة جديرة بطرحها في هذا الحوار أيضاً، من خلال قراءتي لما كتبته ألاحظ حديثك دائماً عن الغناء اليمني يراوح بين صنعاء وعدن، وبقية المناطق لا تتحدث عنها بالرغم من أن هناك روافد هامة ورئيسية في الغناء اليمني مثل منطقة لحج وحضرموت وما تمثله هذه المناطق من ثقل فني ليس في اليمن بل في المنطقة كلها، الجزيرة والخليج. هل نقول إن هذا تجنٍّ من أستاذنا الكبير؟
- لا. نقول إن العواصم هي مصب فن المناطق كلها، لأن الحضرمي أو اللحجي سيغني في مهرجان في العاصمة، وسيغني من مذياع وتلفزيون العاصمة، والذين سوف يسجلون له مهندسون من عدن أو من صنعاء. فالحقيقة عندما يضرب الواحد المثل من العواصم فلأنها ذات الأضواء الكثيرة وذات الفنون الكثيرة، ولأن الحياة السياسية والأدبية أكثر تطوراً في العاصمة، لأن العاصمة متصلة بعالم تجاري، عالم سياسي، عالم علاقات، عالم دبلوماسي، عالم بعثات وإرسالات.لو أن الغناء الحضرمي في معزل عن عدن أو عن أجهزتها وجمهورها لما كان له قيمة. ولهذا يقال أن الغناء الأوربي لا يشتهر ويدخل منطقة التقويم إلا إذا انتقل من أوربا كلها إلى باريس، كذلك الغناء العربي إذا انتقل إلى القاهرة.
> الأغنية الصنعانية، إذا اصطلحنا على هذه التسمية، وكما هو سائد في الوسط الفني، شهدت تجديدا، وأقصد إدخال آلات جديدة عليها بدلاً من الاعتماد على العود والإيقاع فقط، كيف تقيم تجربة الفنان أبو بكر سالم في"وا مغرد"، "رسولي قوم"، وغيرها على اعتبار أنه من خارج مدينة صنعاء؟
- أنا أقول إن اعتبار المراحل أهم. أنا أتصور أن الأغنية الصنعائية من 1968-1975 أو إلى 1975 تكاد أن تكون أيام ازدهارها وانتعاشها. الأغنية من 1977-1988 تقريباً في صنعاء أو 1986 في عدن كانت مزدهرة بالأغنيات الجماعية، لأن الأغنية الجماعية التي ظهرت في آخر الستينيات وأول السبعينيات في صنعاء قطعت شوطا مهما، مثل "ألا جينا نحييكم"، "يا جبال اليمن يا مناجم ذهب"، كذلك "هيا نغني للعمل"... فأعتقد أن صنعاء من 1968-1975 تميزت بفنون الفرق الجماعية. هذا الفن ما تبلور وطلّعته فرق في عدن إلا من عام 1978 إلى 1986. ثم إن هذا الازدهار لم يحدث في الأغنية الصنعائية فقط، في الأغنية التي تأتي من تعز، في الأغنية التي تأتي من حضرموت، وعدن، في الأغنية التي من لحج. العجيب أن الفن الغنائي سريع الانتقال، ما تكاد أغنية تغنى في لحج إلا وتسمعها بعد أيام قليلة جداً في تعزأو صنعاء، لأن الأغنية إذا وقعت في موقع حاسة الإطراب لا بد أن تجد لها المقلد والمحاكي والمتفوق أيضاً.
> طيب تجربة أبوبكر كيف تراها؟
- تجربة أبوبكر أعتبرها مزيجاً من الخليج واليمن.
> كيف ترى تقديمه لأغنية "وا مغرد" مثلاً؟
- الأغاني التي قلد بها اليمنيون كان دون الذين قلدهم، لكن الأغاني التي ابتكرها ابتكاراً وبذل فيها مجهوداً وأدى لها عدة انسرابات فنية...
> أبوبكر عبدالله أغانيه تمثل اللون والطابع الحضرمي، وغنىّ للكثير من الشعراء في اليمن وحضرموت وفي مقدمتهم حسين المحضار؟
- لا. الأغنية تخرج من ناظمها إلى مغنيها. لا يكاد الناظم يكون له وجد، لماذا؟ لأن الكلمات التي غناها ما حملت التفسيرات وما نقحت إلى أن تصل إلى أداء معين، لكن أوحت إيحاء بأداء وأدت ذلك الأداء ليس عن نظريات علمية.
> أستاذنا، هناك جدل واسع حول هل عدن فعلاً تحتضن لوناً غنائياً خاصا أسوة بالتسميات المشاعة في الوسط الفني؟
- عدن بالنسبة إلى اليمن والجزيرة والخليج كانت تشبه باريس في الغرب أو القاهرة في الشرق. كل الأغاني من بداية العشرينيات إلى الآن وعدن هي التي تسجلها، هي التي تبيع الأغنيات، وهي التي نشرت الأسطوانات. كان في الأربعينيات والخمسينيات في استوديو "جعفرفون" وكذلك جماعة أسمهم جماعة الفرقة العدنية والندوة العدنية. يكاد أن تجد هؤلاء أنهم أول من طور الأغنية التي يجيدها الفرد وبين الأغنية التي تؤديها وتجيدها الجماعة.
> طيب هل يمثل ما قدمه أحمد قاسم وسالم بامدهف واسكندر ثابت وخليل محمد خليل، على سبيل المثال، هل يمثل لونا أو طابعا له نكهته الخاصة؟
- كل واحد له صوته. الأصوات هي التي لا تتشابه كل التشابه ولا يخلو كل واحد من نكهة لكن ليس الجمال الفني وليس الأداء الذي فيه سر نفسي أنه نكهة، لا. النكهة جزء من التقويم.
__________________
تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا * * وَمَن يَخْطَبُ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عامر اليافعي ; 2009-02-05 الساعة 01:29 AM
أبو عامر اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس