[الكاش]

الأحرار لا يستجدون حريتهم من غزاه محتلين؛ بل يستلّونها استلالا من بين أنياب الغزاة، ولا ولم ولن تسطّر ملاحم حرية الشعوب وتحرير الأوطان إلا بإرادة الأحرار، حتى لو كانوا خلف القضبان أو في زنازين العزل أو مشبوحين على سواري الجلاّدين، ووحدهم الأحرار – بعزمهم وصمودهم وثباتهم على مبادئهم – القادرون على إرغام أنوف الغاصبين المتعجرفين على شعبنا الجنوبي المنكوب والوطن المحتل، أما المنهزمون من داخلهم وفي ذواتهم، والذين استمرأوا الذلّ أمام جلاديهم، حتى باتت الحرية مفهوما غريبا عن ثقافتهم ولغتهم، ولا يعرفون الصمود ولا يقدرون عليه، فقد ألفوا التنازل عن الحقوق – كبيرها وصغيرها – مقابل لعاع من الدنيا ونقير من مصلحة يتخاطفوها من يد عدوهم، "أولئك" لا يجلبون لشعوبهم وأوطانهم إلا ذلاًّ ومهانةً وخزياً.
هكذا هي الحرية دوماً، كما وصفها شوقي في دمشقيته الرائعة:
وللحرية الحمراء بابٌ بكل يد مضرجة يدقّ
نعم؛ فلا يدقّ أبواب الحرية إلا الأيدي المتوضئة بماء الوطن والمضرّجة بدماء الشهداء المضحية لأجله !!