بقلم: وهج الحضرمي
استاذنا ووالدنا علي سالم البيض أنت رمز من رموزنا التي عرفها تاريخ الجنوب ولا زلت فكل شبر من أرض الجنوب تشهد لك ذلك.. ويشهد لك تاريخك النضالي في ثورة أكتوبر حتى الاستقلال المجيد . وهذا سجله التاريخ بأسطر يصعب محوها بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر حول ذلك . وهذا التاريخ التي تحاول السلطة أن تمحيه وتكتب حسب أهواؤها ومزاجها التي لا تعير أي اهتمام بتاريخ الشرفاء والشهداء والمناضلين والثوار الحقيقيين .
ان تراب الجنوب اشتاق لخطواتك وترجلك على أرضه الذي رغم نزف جراحه الا انه لا يزال صامداً وثابتا ومدافعا بقوة أبنائه الثوار ضد كل وسائل البطش والقمع والطمس وكل الأساليب الدنيئة التي يتلقاها في كل لحظة من هذا النظام البغيض الهمجي والذي أبتلينا به عبر تسعة عشر عاماً . . . نعم إنها مدة زمنية طويلة تعلمنا منها تجارب كثيرة ومن إيجابياتها أنها جعلتنا نصبح لحمة وقوةً واحدةً ورأياً واحداً ولا يمكن لأحد أن يدخل بيننا ويفرقنا حتى ولو تعددت الأحزاب والقوى فالرأي الجنوبي واحد وهو نابع من الشعب بأكمله وليس من حزب على آخر أو من فرد متفرداً برأيه دون الرجوع لرعيته واستفتائهم فيما يمس مصيرهم ومستقبلهم .
لا يخفى على سيادتكم الحال الذي وصل اليه الوطن والمواطن الذي قهرته الوحدة خلال هذه الفترة الطويلة بعد أن وقَّعت سيادتك على تلك الاتفاقية مع رئيسهم الشمالي ووضعت يدك في يده حينها أنت بعتنا بيعة رخيصة في نصف ليلة الثلاثون من نوفمبر عام 1989 عندما اتخذت القرار بعواطف جياشة دون أن تدري أو تدري فانفردت برأيك في تحقيق الوحدة رغماً عن رجالك المحيطين بك والمعارضين للوحدة بهذه السرعة ربما كنت بهذه الهرولة تريد الخلاص من سياسة الحزب الاشتراكي آنذاك فلجأت للجارة الشمالية بحسن نية دون التفكير جدياً في المستقبل المجهول مما أدى في البداية الى ارتاب هذا الذئب الذي كان أذكى وأخبث فهو ارتأب في البداية من هذه الهرولة وفكر أنك طامعاً في ملكه حينها استدرك خبثه لنسج الشباك حول الفريسة فحسبها صح ، وقال في قراره نفسه أتغذى به قبل أن يتعشى بي رغم أنه كان معارضاً للاندماجية التي ناديت أنت بها فكان مستغرباً طلبك المتشدد في الاندماج في تلك الليلة ويا ليتها لم تكن هذه الليلة ... ومعه الحق في هذا التفكير فليس من المعقول لأي بشر مهما كانت سطحية تفكيره أو بعده السياسي أن يبيع بهذه السرعة وبهذا الرخص فكانت غدوة دسمة لأنه لم يتغذى بك وحدك بل تغذى بالشعب الجنوبي بأكمله وفي لقمة واحدة (دون أن يشعر بأي مغص ) وكيف يرفض طلبك للاندماجية وهو سيربح من هذه البيعة أو الاتفاقية الكثير الذي لم يكن يحلم به ولن يحلم به من سيأتي بعده فقدمتنا لهم على طبق من ذهب ومن يومها وهو يعامل الأحرار الجنوبيين معاملة العبيد ومعاملة الذل والقهر والإقصاء والتجريد من كل حقوقهم بل وطمس كل ما له دلالة على جنوبيته وأنت أولهم ..... كل هذا يحدث ولكن لم ولن يكسرنا ... لن يثنينا عن ما نحن له ماضون نحو الحرية والاستقلال بقيادة قادتنا وتعاون رموزنا الجنوبية وأنت أحدهم ... ولكن يؤخذ عليك أنك لم تقدم أي تعاون يذكر ولو بكلمة أو تصريح رغم أنك تتحمل الجزء الأكبر من هذه المأساة ، ربما لك موقف من الخيانات التي حدثت في أحداث عام 1994 المشئومة ، لكن هذا لا يعفيك من المسؤولية الملقاة على عاتقك تجاه شعبك . فأعداء الأمس أصبحوا أصدقاء اليوم وتناسوا الماضي وجراحه من أجل الوطن ومن أجل الشعب ومن أجل الخلاص من الظلم والاستبداد بعد أن عرفوا الخديعة وسوء النية المبيتة في سلطة الجمهورية العربية اليمنية ، فانظر كيف يهان الشعب قبل المسئولين الذين يعملون مع السلطة وانظر الى خطابات الرئيس التي تحمل كل مفردات التهديد والوعيد والكذب والخبث واللؤم وانظر الى ردة فعل الشارع الجنوبي البطل ومظاهراته بالآلاف التي أصبحت تجوب كل شوارع الجنوب ، هذا الشعب الذي أصبح لا يخاف دبابات ولا خطابات ولا أسلحة النظام بل وانظر الى السفراء الذين طلبوا اللجوء السياسي الى الدول الأخرى والتهكم والهجوم والسخرية التي يشنها على كل رمز مناضل شريف حتى الجنوبيين الموالين للسلطة انظر اليهم كيف يهانون على الأبواب ... حتى أنت يا صانع هذه الوحدة لم تسلم منه رغم صمتك ، فهو يهمشك حتى أنه لا يذكرك أبداً عند ذكر الوحدة رغم أنك أنت الرمز أنت صانعها ألا يعني هذا أنه يريد احتقارك وإهانتك ... سيدي أبو عدنان إلى متى هذا الصمت الذي يطبق على أنفاسك الى متى ؟؟؟... الى متى ؟؟؟
تسعة عشر عاماً مرت وأجيال تعاقبت وتعاقبت فمتى ستنطق ؟؟؟ ما هو سر صمتك ؟؟؟ وما هو سر تهميشك لشخصك بهذا الشكل الغامض من قبل هذا الرئيس ؟ فهل هناك سر ؟!!!! أين شهامتك البدوية التي تتحلى بها قبيلتك وقبائل العرب البدوية ؟؟ وأين وطنيتك التي تحليت بها طوال تاريخك النضالي ؟؟ أم أن طعم النعمة التي تتمتع بها الآن جعلتك تتناسى ماضيك المجيد وتناسيت شعبك الذي لا زال يتعشم فيك خيراً لتصطف الى جانب إخوانك القادة التاريخيين وأبنائك المخلصين من هذا الشعب . أنسيت كل هذا يا أبو عدنان .. انهض واستنهض قواك ودع عنك الأنانية وأخرج من قوقعتك وأنطلق الى أي بلد آخر لتفرض أجندتك اذا كنت تدعي أنك مقيد في محل إقامتك .... فلم يبقى من العمر أكثر مما مضى ورغم ذلك فنحن ما زلنا نذكرك بالخير ولم ننسى تاريخك الوطني ولكن نحن ماضيين في ثورتنا المجيدة للتخلص من هذا النفق المظلم الذي وقعنا فيه .. حتى لو لم تستجيب لدعوتنا فنحن ماضون ماضون في نضالنا ولكن الأبناء أرادوا أن يكون والدهم بينهم هذا اذا أردت أن تلبي دعوتهم .
لكل إنسان أب ولكن شباب الجنوب لهم أكثر من أب يحنون إليه والآباء يبادلونهم نفس الشعور .. فتحية لآبائنا علي ناصر محمد وحسن باعوم ومحمد علي أحمد وحيدر العطاس والنوبة والحسني والخبجي والشنفرة والسعدي وطماح ... وغيرهم كثيرين من الآباء والحمد لله . فالجنوب أصبح لحمة واحدة وتغيرت الظروف يا أبا عدنان فالقادة والناس تناسوا المآسي التي صارت في ذاك الزمان والمكان ... وأرجو أن تكون أنت كذلك قد تناسيت الماضي .
همسة أخيرة (( إن الرجل الكريم الأصل يكون عزيز النفس ، فلا يمكنه ان يقبل المهانة او الذل لنفسه أو لشعبه )) .