عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-05-13, 12:29 PM   #6
شهثان المر
موقوف
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-14
المشاركات: 2,217
افتراضي

وثائق تاريخية مهمة عن الجنوب العربي للاطلاع وحركة التحرر الوطني
منقول
اختلاف القوم في اختلاف منطلقاتهم ..
بقلم الدكتور / خالد عبدا لله محمد
*اينشتاين: إنه لمن الحماقة أن تعتقد أنك ستحصل على نتائج جيدة وأنت تعيد الشيء نفسه.
لم أرى شعب ذات تاريخ عظيم وحضارة مثل الشعب الجنوبي يختلفأبناءه في فهم هويتهم. ولهذا أسباب تاريخية تعود إلى عقد الخمسينات من القرن الماضيوذلك عندما طرح ولأول مرة مشروع يمننة الجنوب العربي وما تلى ذلك من انعكاسات علىالجنوب إلى يومنا هذا . نصف قرن والشعب الجنوبي من عدن إلى المهرة يتعرض لأبشعمؤامرة ساق أصحاب هذا المشروع خيرت أبنائنا قرابين لمشروعهم (وأخرها التمثيل بجثةالشهيد الحدي) تحت مسميات مختلفة لا حصر لها وكانت جميعها تهدف فقط إلى مسح الهويةوتتوج هذا المشروع بالإنجاز الكبير كما يطلق عليه (الوحدة) في 1990 ، ثم ترسخبالإلحاق والضم بفتوى دينية عام 1994. وعرف بعدها شعب الجنوب بأن هذه الإنجاز ما هوإلا محرقة يراد منها هلاك وفناء الجنوب إنساناً وأرضاً وثروة ، بل وقالوا عودةالفرع إلى الأصل وهناك أغنية لأيوب طارش جسدت هذا القول
( لمن كل هذه القناديل تضوي لمن وهذه المواويل للعرس تشدو لمن هل الأرض عاد لها ذو يزن فعاد الزمان وعادت عدنلمن لمن لأجل اليمن ) .
الغريب اليوم أن من يرفض هذه الوحدة هو جيل الشبابالذين لا يتجاوز أعمارهم العشرين عام والذي نشاء وترعرع في ظلها وهذا ما يطلق عليهعلي عبد الله في كل خطاباته بجيل الوحدة . والسؤال اليوم من اخرج هؤلاء الشاب إلىالشوارع ؟ الجواب بكل تأكيد أنها الفطرة التي فطر الله بها عباده في تميز الحق منالباطل . لهذا الشعب الجنوبي لم تخرجه أحزاب ولا تنظيمات لأنها بكل بساطة جميعهانشأت في ظل هذا المشروع اليمني مع احترامي لكل الجنوبيين في هذه الأحزاب إلا أن هذههي الحقيقة المرة التي يحسها بعضنا دون أن يدركها.
حتى يسهل علينا فهمالحاضر ومجرياته والتخطيط للمستقبل أرى أنه يجب قراءة الماضي ، لأن قرأت الماضيستعرفنا عن الأسباب والأمراض الذي نعاني منها اليوم بسبب ذلك المشروع (الجنوباليمني) ، وهنا نوجز مسيرة هذه المشروع وتآمره على شعب الجنوب على مدى خمسين عام منخلال النقاط التالية:
أولاً: بدايةالحكاية
بما أن لكل حكاية بداية ، فبداية تزوير تاريخ الجنوب العربيوضياع هويته بدء عام 1955عندما أحتج أبناء الشمال على مشاركة رابطة أبناء الجنوبالعربي في انتخابات المجلس التشريعي لعدن التي استبعد منها يمنيو الشمال بوصفهمأجانب. والحقيقة لا نعرف حيينها على أي سند جاء هذا الاحتجاج ، لكن بعد نصف قرن منالسبات العميق وبعد المصيبة التي اصابت الجنوب إنسانا وأرض وثروة أدرك الإنسانالجنوبي بان احتجاج هؤلاء اسند أولاً وأخيراً على المكر والخداع والفتنة وهذه أهممقاومات العقلية الشمالية المبنية على (التقية) التي تعني التظاهر بعكس الحقيقةوتبيح له خداع غيره . مقابل عقلية جنوبية مبنية على العاطفة الزائدة والبراءةوسذاجة المنطق.
ثانياً: تأسيس أول خلية لحركة القوميين العرب
تأسست عام 1959 في مدينة الشيخ عثمان تحت شعار نادي الشباب الثقافيالتي أكدت على وحدة الجنوب مع الشمال في إطار الوحدة العربية. هذا الفكرة المستوردةالتي هي السبب الرئيسي في تخلف العرب عن باقي شعوب المعمورة وخير دليل على ذلك قممالدول العربية التي لا يوحدهم شيء إلا الصالة التي يجتمعون فيها على الرغم منالحديث منذ تأسيسها عن الوحدة العربية الشاملة والعمل العربي المشترك وغيرها منالخزعبلات التي رفضها الواقع وأكد بأنها جميعها ما هي إلا سراب يلهث خلفه العقلالعربي وخير دليل على ذلك كلمة عمر موسى الأخيرة في قمة سرت . والمحزن في الأمر بأنالعرب أما مخدوعين أو يتهربون من تحمل المسؤولية تجاه شعب الجنوب وذلك عندما يصرحونبأنهم مع وحدة اليمن ، لأن مثل هذا التصريحات تبرر للشمال رفع شعار الوحدة أو الموت، بل وتبرر له استخدام القوة المفرطة ضد شعب الجنوب وهذا ما يحصل اليوم.
أنالجبهة القومية وفيما بعد الحزب الاشتراكي مع احترامي لكل الجنوبيين الأحياء والأموات قدتأسسا على اجتثاث الجنوب هوية وتاريخ وبررت وجود الشماليين في الجنوب الذيناستبدلوا هويتنا بالمناطقية والوطن بالحزب والتاريخ باليمن والمستقبل بشعار )لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدةاليمنية). أما تنفيذ الخطة الخمسية فكانوا يقصدون من وراءها حرب وتصفيات كل خمسسنوات تحت شعارات وتبريرات لا يقبلها المنطق قصد من وراءها فقط تفكيك وتدميرالوشائج الاجتماعية وبث الضغينة بين الجنوبيين ، وإلا لماذا خيم السكوت علىالاشتراكي وخاصة التيار الشمالي فيه طيلة العشرين سنة والجنوب تحت الاحتلال الشماليوتنهب ثروته وأرضه. لأنه بكل بساطة هذا ما كان يخططوا له طيلة الخمسين العامالماضية. وللتأكيد على ذلك كيف يقبل الاشتراكي أن يتحالف مع حزب الإصلاح وهو منأفتى بقتل الجنوبيين والتي لا تزال هذه الفتوى قائمة إلى اليوم، في حين هاجواوماجو عندما أعلن أبناء الجنوب مسيرة التصالح والتسامح . والشيء الآخر بأن مهندسمشروع المشترك هو المرحوم جار الله ، وسمي بالمشترك لاشتراك الشماليين جميعاً بدوناستثناء في عملية دفن القضية الجنوبية ومن اجل ذلك تم تأسيسه وأطلق على الجنوبيينالذين عارضوا هذا التحالف بأصحاب المشاريع الصغيرة ، بينما كان عليهم أن يقولوا ذلكلعلي عبد الله الذي بسط الحكم العائلي على كل مفاصل الحياة (السياسية والعسكريةوالاقتصادية والثقافية )
ثالثاً: الإشهار الرسمي بمشروع الجنوب اليمني
جاء ذلك الإشهار عندما بعث أصحاب هذا المشروع عام 1960 برقية إلى جمال عبدالناصر والجامعة العربية والإمام والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وإذاعة صوتالعرب والملك سعود والعراق ، تتخلص هذا البرقية في عدم شرعية تمثيل رابطة أبناءالجنوب العربي لقضية شعب الجنوب بحجة أن أهدافها انفصالية. وتماشيا مع تنفيذ الخطةالخمسية فهذه البرقية جاءت بعد خمس سنوات من طرح مشروع الجنوب اليمني لأول مره . والملفت للنظر بأن هذه البرقية شملت الإمام على الرغم من أن أصحاب هذه المشروع أتواإلى عدن كلاجئين بسبب بطش وظلم الإمام ، إلا أن الحقيقة تؤكد بأن هروبهم إلى عدن ماهو إلا لمسح هوية الجنوب من خلال طرح مشروع الجنوب اليمني.
رابعاً: بداية مسلسل استبعاد الإنسان الجنوبي
كانت البدايةلهذا المسلسل بانعقاد المؤتمر الأول للجبهة القومية في تعز عام 1965 . هذا المؤتمرهو بداية عملية الهولوكوست ضد الإنسان الجنوبي ، وفي نفس الوقت البداية الحقيقيةلتعبيد الطريق أمام الشماليين للصعود إلى هرم السلطة والانتشار الواسع في مؤسساتودوائر الدولة الجنوبية التي يقال أنه عند إعلان الوحدة وذهاب الجنوبيين إلى صنعاءنسبة كبيرة من الكادر الجنوبي هم من الشمال. فيما اليوم آلاف الجنوبيين تم تسريحهممن أعمالهم.
مؤتمر الجبهة القومية في تعز عبر عن الترابط ما بين النضال ضدالاستعمار البريطاني وضد الحكام الإقطاعيين من سلاطين وأمراء ومشايخ وبورجوازيةاستغلالية . ومن مفارقات الزمن أننا اليوم نرى على رأس الحراك الجنوبي هؤلاءالسلاطين والأمراء والمشايخ الذين يرفضون الضم والإلحاق والذين استبعدوا من أرضالجنوب ، في حين لم نرى شمالي واحد لا في السلطة ولا في المعارضة يتعاطف مع قضيةالجنوب ، بل كلهم يسعون لدفن الجنوب وهويته من 1955 إلى يومناهذا.
خامساً: الوساطة الخارجية
سعت مصر خلال عقدالستينات من القرن الماضي إلى تشكيل جبهة وطنية تضم جميع القوى الوطنية في الجنوب ،وان تلتقي الجبهة القومية مع منظمة التحرير إلا أن قيادة الجبهة القومية انقسمتتبعاً لمسألة الوحدة مع منظمة التحرير إلى فريقين ، فريق يؤيد الوحدة دون قيد أوشرط وفريق يرفضها، في حين كان أغلب كوادر الصف الثاني في الجبهة القومية يرفضون هذهالوحدة ، وهؤلاء هم فيما بعد جاء على عاتقهم جر عربة الجنوب إلى الشمال منذ 1969إلى 1990.
في 13 يناير 1966 تم إعلان دمج الجبهة القومية ومنظمة التحرير فيجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل . أيدت حركة القوميين العرب هذا الدمج ، فيما أعترضنايف حواتمه وأصدر بيان شجب فيه الدمج وأعلن تجميد عضويته في الأمانة العامة للحركةوبدء ينسق مع فرع حركة القوميين العرب في اليمن الشمالي وأخذا يحرضا كوادر الصفالثاني في الجبهة القومية على إحباط ما تم تسميته بانقلاب يناير.
الغريب أنفرع الحركة القومية في الشمال تقدم بموقف مؤلف من أربع نقاط:
1- إن الخلافاتبين جبهة التحرير والجبهة القومية خلافات طبقية، فالأولى تمثل السلاطينوالبورجوازية العدنية، والثانية تمثل العمال والفلاحين والفئات التقدمية منالبورجوازية الصغيرة.
2 - بما أن الأمر على هذا الحال فليس ثمة مجال للتعاون بينالجبهتين.
3 - يتوجب على قيادة الجبهة القومية إن يغادروا تعز ويعودوا لشن النضالفي الجنوب
4 - إن الجبهة القومية ستبدأ بتثقيف كوادرها وتدريبهم لتعزيزعملياتهم.
وفي مارس 1966 اعترفت الجامعة العربية بجبهة التحرير كممثل شرعيوحيد لشعب الجنوب. وتم التوصل إلى تسوية مؤقتة ما بين الجبهة القومية ومنظمةالتحرير بتشكيل مجلس قيادة * لجبهة التحرير* بالمناصفة ما بينهما.

وفي عام 1966أقر المؤتمر الوطني الثاني للجبهة القومية المنعقد في مدينة جبلة البقاء في إطارجبهة التحرير ولكن على أساس جبهوي يستثني السلاطين من التحالف. وعلق المؤتمر عضويةأعضاء المجلس التنفيذي في الجبهة القومية وهم : قحطان ، فيصل عبد اللطيف، عليالشعبي، جعفر علي عوض ، سالم زين ، طه مقبل، علي السلامي. وتم تعليق عضوية قحطانوفيصل بدعوى أنهما نددا بالدمج بالأقوال فقط . وشكل المؤتمر قيادة عامة جديدة ،انتخب 12 منها وعين ثلاثة. وكان بينهم 11 من قيادة الصف الثاني في الداخل وانبثق عنهذه القيادة لجنة تنفيذية مؤلفة من خمسة أعضاء.

وفي شهر أغسطس 1966 تم التوقيععلى اتفاقية الإسكندرية بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير وأقرت الاتفاقية باعتبارجبهة التحرير ممثل شرعي وحيد لشعب الجنوب . إلا أن هذه الاتفاقية أثارت استياءً فيالداخل . فعقد في سبتمبر 1966 اجتماع موسع شارك فيه ممثلو فرع شمال اليمن لحركةالقوميين العرب طلب بفسخ اتفاقية الإسكندرية والخروج نهائياً من جبهة التحرير. فانسحبت الجبهة القومية في 22 ديسمبر 1966نهائياً من جبهة التحرير.
سادساً: بداية فتنة الصراع بين الجنوبيين
كان ذلك عام 1967 عندما احتدم الصراع بين جبهةالتحرير والجبهة القومية ، والحقيقة هو صراع بين المشروعين الجنوب العربي والجنوباليمني وكان للعقليتين دور بارز في هذا الصراع . هذا الصراع الدامي بين الجبهتينتكلل بسير الجبهة القومية في طريق احتكار السلطة إثر الاستقلال وكان للجيش والشرطةالدور الحاسم في حسم المعركة لصالح الجبهة القومية. وفي 6 نوفمبر اعترفت بريطانيارسمياً بالجبهة القومية ممثلاً شرعياً وحيداً لشعب الجنوب ، واعترف جيش الاتحادبالجبهة القومية. وهنا سارعت الجامعة العربية لتبرم اتفاق سلام وقع عليه عبد القويمكاوي ( عن جبهة التحرير ) وفيصل عبد اللطيف (عن الجبهة القومية) ينص على عقدمفاوضات ما بين الجبهتين لتشكيل حكومة ائتلافية مؤقتة تتسلم السلطة من بريطانيا. إلا أن المفاوضات لم تثمر عن شيء . حيث عارض عبد الفتاح إسماعيل وعبد الله الخامريهذا الاتفاق بين مكاوي وفيصل.
سابعاً: الاستقلال والتفرد بالسلطة
في 30نوفمبر 1967 تم إعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، والملاحظ أن اسم الدولة الوليدة جاء تجسيداً لمشروع الجنوب اليمني 1955 . وتولت الجبهة القومية مهام السلطةالعليا للدولة الوليدة ، وتم تعين قحطان الشعبي رئيساً . في حين دعت جبهة التحريرإلى إجراء انتخابات حرة ومنح الشعب حرية الاختيار ، إلا أن الجبهة القومية لمتستجيب لهذا النداء . والسؤال لماذا لم تجري انتخابات حرة في الجنوب بعد الاستقلال؟ ولماذا ربطت الوحدة بالديمقراطية وليس بالحق الدستوري الأرض والثروة في الجنوبمقابل كثافة السكان في الشمال؟ لأن إجراء الانتخابات قبل الوحدة في الجنوب كانسيكون الخاسر الأكبر فيها التيار الشمالي ، بينما بعد الوحدة الخاسرة بكل تأكيد همالجنوبيين لأن الانتخابات في ظل أكثرية السكان لدى الشمال تعني انقراض الجنوبيينونهب الأرض والثروة وهذا ما حصل ويحصل. إن للزمن هفوات إلا أن هفوات الجنوبيينكارثية.
ثم إن الجبهة القومية ليس فقط رفضت إجراء انتخابات عقب تسلمه السلطةعام 67م ، بل سارعت بإجراء عملية تطهير واسعة لم يشهدها تاريخ الجنوب وهي طردالسلاطين وجيش وأمن ومؤسسات الجنوب العربي. وكل هذا تحت شعار تطهير الدولة من عملاءبريطانيا وأمريكا. وحول هذه العملية يقول المرحوم احمد علي مسعد في مذكرات في ص 63،64 يقول: ( استدعاني محمود عشيش إلى مقر الجبهة القومية الذي كان قصر السلطانعلي عبد الكريم في كرتير، وطلب مني أن اقف على باب شركة النفط للتأكد من وصولالموظفين كل صباح. كما كان يفعل محمود عراسي عندما كان يقوم بأعمال مدير عام الشركةبعد التأميم لعدة أسابيع قبل تعييني والحق أنني أصبت بالدهشة والاستغراب لأنني رغمخدمتي الطويلة وفي عدة مرافق لم افعل هذا في حياتي لأن ذلك يتنافى مع أبسط شؤونالنظم الإدارية ويسئ إلى سمعة الشركة وعمالها وكرامتهم لا سيما وإنهم يأتون للعملفي الأوقات المحددة وفي غاية الانضباط وأن عملاً كهذا لابد وإنه يصيب العمالبالإحباط ، كما أن في إمكان أي موظف أن يجلس في مكتبه طوال ساعات الدوام ولا يؤديعملاً يذكر وشعرت أن هذا الكلام لم يأت من فراغ وان خفافيش الظلام قد بدأت تعمل ولميمض وقت طويل إلا وبدأت الشخصيات القيادية في الشركة المؤهلة بالعلم والخبرة أماتطلب إعفاءاً من العمل أو إحالة إلى التقاعد وتسليم مستحقات خدمتهم لدى الشركة أوالتسلل إلى شمال الوطن ، ومن هناك الالتحاق بشركات نفطية أخرى ومن بينها شركة*شل* نفسها في الخارج. وكانت الشركات شديدة الابتهاج باستقبال هذا النوع النادر منالكوادر المؤهلة بل إنني لا استبعد أن يكون وراء ذلك العمل نوع من الانتقام، إلا أنهذا لا يعفينا من أننا بتصرفاتنا قد ساهمنا في ذلك النزوح لكوادرنا الوطنية، جريحةالقلب وكسرة النفس ويظهر أن هذا النزيف المبكر لخيرة كوادرنا لم يقتصر على شركةالنفط بل أمتد إلى بقية مرافق المؤسسة الاقتصادية ثم تعداها بعد ذلك إلى مستوىالدولة بكامل أجهزتها المدنية واستبدلت هذه الكوادر بعناصر أخرى لا تمتلك قدراتومؤهلات وخبرات الكوادر المهاجرة رغم إرادتها وتدني مستوى العمل بشكل مخيف وتمإهدار الملايين من المال العام وتدهور اقتصادنا الوطني واختلط الحابل بالنابل ودبالخوف في قلوب من تبقى من الموظفين وبدأ وكأننا نسير نحو الهاوية). اعتقد لا يوجدتعليق بعد هذا الكلمات التي ذكرها المرحوم احمد علي مسعد في مذكراته. بل تتضحالصورة للأجيال بأن من يتحكم بالجنوبيين فعلياً هم الشماليين برأسه عبد الفتاحوشلته. في حين سلاطين وقيادات الجنوب تبحث عن لجوء في بلاد الغير، وهذا المشهدللآسف تكرر لمعظم قادة الجبهة القومية الجنوبيين الذين جاءوا إلى السلطة بعد 1969والذين دفعوا بإدراك أو بدون إدراك حياتهم من أجل جر عربة مشروع الجنوب اليمني إلىالشمال ، لأنه بكل بساطة معد ومخرج السيناريو نفس العقلية سوى كان في عدن باسمالأممية أو في صنعاء باسم القبلية.
ثم جاءت الخطة اللاحقة وهي تحطيم جهازالدولة في الجنوب. طرح اليسار في المؤتمر العام الرابع للجبهة في مدينة زنجباربرنامج قام بإعداده لجنة تحضيرية تصف بأنها من اليسار المتطرف ضمت كلاً من مقبل ،عبد الله الخامري وسلطان أحمد عمر وعبد الله الأشطل بتنسيق تام مع نايفحواتمة.
طرحت هذه اللجنة برنامج تدمير جهاز الدولة في الجنوب وحل الجيشوالشرطة وتأميم المؤسسات الأجنبية والخاصة ، وإجراء إصلاح زراعي جذري بدون تعويضللملاك ، وتخفيض رواتب الموظفين ، واختصار الوظائف الإدارية ، وإغلاق الميناء الحرفي عدن وجعله ميناء جمركياً ، وتسليم السلطة لمجالس العمال والفلاحين الفقراءوالجنود ، واتباع الطريق اللارأسمالي للتنمية.
أثار هذا البرنامج ، ولا سيماإثارته لمسألة حل الجيش والبوليس واستبدالهما بجيش شعبي وبمليشيا ، سخط ضباط الجيش، ووقعت في الأيام الأولى التي تلت نهاية المؤتمر عدة مبادرات لليساريين استدعتتدخل الجيش . كان على رأس الجيش حسين عشال المعروف بتحالفه الوثيق مع الجبهةالقومية إبان حرب الاستقلال. حيث قام الجيش في شهر مارس بقيادة عشال بالسيطرة علىالإذاعة وتطويق عدن لإنقاذ البلاد من * الخطر الشيوعي الأحمر* . إلا أن محاولةالجيش فشلت. فتقدم قحطان مساء 20 مارس وأذاع بياناً أدان فيه المتطرفين اليساريينوأدن تصرفات الجيش ووصف التمرد بأنه * رد خاطئ على خطأ*.
ثم جاءت حركة ماأطلق عليها حركة 22 يونيو التصحيحية 1969 وهي في الحقيقة جاءت لتقضي على ما تبقى منتاريخ وهوية الجنوب تحت شعارات القوى الإمبريالية والرجعية. وفي أبريل 1970 تم نقلقحطان وفيصل إلى المعتقل. وفي المعتقل تم قتل فيصل.
وفي عام 1978 انعقدالمؤتمر الأول للحزب الاشتراكي اليمني. وعلى التو دخل الحزب الجديد في حوار توحيديمع الأحزاب اليسارية في الشمال وانتهى هذا الحوار في مارس 1979، بدمج المنظماتاليسارية العاملة في الشمال في إطار الحزب الاشتراكي اليمني بينما استبعدت بل حرمتعلى الأحزاب والشخصيات الجنوبية التي هاجرت قهراً . كان الدمج عضوياً وسرياً علىمستوى كافة الهيئات، وتحول فيه الحزب الاشتراكي اليمني إلى حزب اشتراكي يمني لكلالإقليم( شمال وجنوب) بالفعل وليس بالاسم. وقبل إعلان الوحدة بيومين تم الإعلان عنحقيقة هذا الدمج.

الخلاصــة:
* صحيح أنه بعد نصف قرن من التآمر وعشرينسنة من الاحتلال عرف الجنوبيين مكر الشماليين إلا أنه للأسف بقيت الثقافة والأفكارالتي بثوها وهذه لن تموت إلا بطرح أفكار وثقافة جديدة أساسها الهوية الجنوبية.

* أن من دخل في الوحدة مع الشمال ليس الحزب الاشتراكي وإنما دولة الجنوب. الاشتراكيباقي ويحظى بدعم من السلطة والمعارضة لان الاشتراكي في نظرهم هو حبل السر الذي يربطالجنوب بالشمال. وإلا كيف يلتقي القبيلي والسياسي والديني والبعثي ورجال الأعمال فياللقاء المشترك.
* أن الحزبية لن تخدم القضية الجنوبية بل تميعها لأنها تنظرللوحدة باعتبارها وحدة وطنية بين سلطة ومعارضة في حين القضية الجنوبية هي قضية وحدةسياسية بين دولتين جاءت حرب 1994 وألغت الوحدة السياسية بينهما وأدت إلى احتلالالشمال للجنوب بالقوة.
* أن لا طريق لحل القضية الجنوبية إلا بتوحيد مكوناتالحراك ليكون الممثل الشرعي للقضية الجنوبية وأن يكون شعاره الجنوب أولاً وأخيراًوالابتعاد عن الذات لأن الذات هو من أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.
* أنه كلمازادت معرفتنا بجوهر قضيتنا زاد فهمنا لحلها وبالتالي زاد تحمل بعضنالبعض.
بعد كل ذلك نقول بصوت جنوبي واحد انطلاقاً من عدالة قضيتنا وتمسكنابهويتنا وأرضنا وثروتنا بأننا لن نكرر ما قاله اينشتاين ( إنه لمن الحماقة أن تعتقدأنك ستحصل على نتائج جيدة وأنت تعيد الشيء نفسه) . ألف رحمة على الجنوبيين الأحياءوالأموات.
المصادر:
- حركة القوميين العرب (النشأة-التطور- المصائر) محمد جمال باروت.

- فصول من ذاكرة الثورة والاستقلال (شهادتي للتاريخ) أحمد عليمسعد.

- أغنية عودة الفرع للأصل ( لمن كل هذه القناديل) أيوب طارش.

د. خالد عبد الله محمد
شهثان المر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس