2010-12-14, 06:42 PM
|
#3
|
مشرف
تاريخ التسجيل: 2009-05-23
المشاركات: 1,745
|
كنا قد ذكرنا في الحلقة السابقة أن الإيرانيين قد أعجبوا بما في الإسلام من عدل ومساواة وسماحة ويسر فأسلموا وحسن إسلامهم فأخلصوا له, وحرصوا على نشره وقد ساعد على انتشار الإسلام في إيران وظهور الصبغة السنية فيها هجرة كثير من القبائل العربية إلى الأراضي الإيرانية والإقامة فيها، ثم اختلاط أفراد هذه القبائل العربية بالإيرانيين وارتباطهم بهم برباط المصاهرة،
مما أدى إلى اختلاط الدماء وتداخل الأنساب وزيادة النفوذ الإسلامي والتأثير العربي في الأراضي الإيرانية.
لقد كان استقرار القبائل العربية المهاجرة إلى إيران واضحًا في القسم الجنوبي الشرقي-بلوشستان- من إيران نتيجة لموقع إيران الجغرافي، غير أنالصبغة الإسلامية السنية لم تلبث أن سيطرت، تدريجيًا على سائر أنحاء إيران.
وظلت الصبغة السنية في العهد الراشد وطوال العصر الأموي والعباسي
إلى أن ظهرت نزعة الاستقلال عن العرب في إيران منذ
(( أوائل القرن الثالث الهجري-التاسع الميلادي،))
وازدادت بعد ذلك في عهود الدول التي خلفت الدولة الطاهرية، كالدولة الصفارية والدولة السامانية والدولة الغزنوية،
إلا أن الصبغة السنية ظلت غالبة على مظاهر النشاط البشري في إيران .
وكان ظهور العنصر التركي في العالم الإسلامي السني عاملًا مساعدًا على تقوية الصبغة السنية على جميع مظاهر النشاط البشري في جميع الأقطار الخاضعة للنفوذ الروحي للخليفة العباسي السني.
وبدأت الدول التركية تظهر في إيران المسلمة السنية منذ القرن الرابع الهجري،
وكانت الدولة الغزنوية هي أول دولة تركية قوية مشهورة ظهرت في إيران فى(( القرن الرابع الهجري))- ((العاشر الميلادي))،
مع أن ثقافتها كانت عربية وفارسية، وبلغت ذروتها في عهد محمود الغزنوي الذي استطاع أن يسقط كلًا من الدولتين السامانية والزيارية، وأن يستولي على كثير من ممتلكات البويهيين في الهضبة الإيرانية.
وقد أخذ تاريخ إيران يدخل في ظل الإسلام مرحلة جديدةً, كما أخذت الصبغة السنية تزهو في هذه البلاد بصورة واضحة ملموسة،
وكان الاتهام بالتشيع كافيًا لإعراض السلطات عن كل من يتهم بهذه التهمة كما حدث للفردوسي مع محمود الغزنوي الذي يعتبر من أعظم حكام المسلمين وأبطالهم الذين ساهموا في بناء الحضارة الإسلامية بتشجيعه لبُناتها من العلماء والأدباء كما أنه خدم اللغة الفارسية وآدابها. شهد عصر محمود الغزنوي ظهور قوة تركية جديدة وهي السلاجقة،وقد كانت موقعة ملازكرد عام463هـ - 1071م من المواقع الحاسمة في التاريخ الإسلامي بعامة وفي تاريخ غربي آسيا بخاصة،
لأنها زعزعت أركان دولة الروم،
وقضت على نفوذهم في أكثر أجزاء آسيا الصغرى بعد ذلك، فكانت هذه الموقعة بعيدة الأثر في مختلف نواحي الحضارة في هذه المنطقة.
وهكذا صارت هذه المنطقة من بلاد المسلمين، وصار أهلها يتبعون مذهب أهل السنة الذي كان متبعًا في إيران، حيث كان المسلمون يدينون بالطاعة والولاء للخليفة العباسي الذي كان مقره في بغداد عاصمة دولة الخلافة.
كما أخذت اللغة الفارسية تنتشر في ربوع آسيا الصغرى لأنها كانت لغة الجنود الذين فتحوا هذه البلاد،
وهي اللغة الإسلامية التي تلي العربية في أهميتها. ويمتاز العصر السلجوقي في إيران بأنه عصر ظهرت فيه الصبغة السنية في جميع مظاهر الحضارة الإيرانية بحيث عدَّ الشيعة الغلاة الإسماعيلية من أتباع حسن الصباح بنظر الشيعة أنفسهم، مرتدين خارجين عن الإسلام ووصفوا بأبشع الصفات، وهم الذين اغتالوا نظام الملك الطوسي الوزير الشهير،
كما أنهم تمكنوا -أي السلاجقة- بعد انتصارهم على الروم من نشر الصبغة السنية على ألوان النشاط البشري في هذه المنطقة إلى يومنا هذا .
وكان سقوط السلاجقة في عام 590هـ 1194م بداية النهاية بالنسبة للخلافة السنية في بغداد،
فقد صادف سقوط السلاجقة ظهور المغول-الذين دعاهم علماء الشيعة مثل الطوسي وابن العلقمي الوزير لتدمير بغداد- وبروز خطرهم على الإسلام السني،
وبرغم وثنية المغول فإن الصبغة الإسلامية السنية ظلت سائدة واضحة في إيران بعد سقوط دولة الخلافة العباسية السنية.
بل إن قوة الحضارة الإسلامية السنية المستقرة في إيران لم تلبث أن أثرت فيهم فبدأوا يغيرون من عاداتهم الوثنية وأخلاقهم البدوية إلى أن دخلوا في السلم كافة منذ عهد آباقا خان الذي سمّى نفسه أحمد وكان ذلك في عام 680هـ- 1181م، أي بعد مرور أقل من ربع قرن على سقوط دولة الخلافة العباسية السنية.
هكذا صار حكام المغول مسلمين- منذ ذلك الوقت-
فأصبحوا رعاة للحضارة الإسلامية السنية،
وأخذ صرح هذه الحضارة يواصل ارتفاعه في العصر المغولي،
فنشطت العلوم والفنون وكثر الإنتاج الأدبي وألفت الموسوعات التاريخية
كما ألفت كتب قيمة في الطب وعلم النبات والطب والعلوم الطبيعية . ظلت الصبغة السنية غالبة واضحة في إيران بعد سقوط دولة الخلافة العباسية السنية على أيدي المغول
إلى أن خلف تيمور المغول وبقيت الصبغة السنية ظاهرة غالبة في إيران في ظل الدولة التيمورية التي شجعت العلوم والفنون وزادت صرح الحضارة الإسلامية الراقية ارتفاعًا وشهرة. غير أن الدولة التيمورية أخذت تفقد تماسكها بعد وفاة تيمور في عام 807هـ - 1404م، فقد كثرت المنازعات والحروب بين أبنائه وأحفاده.
فاستفادت القبائل التركية المقيمة في القسم الشمالي الغربي من إيران من هذا التفكك في البيت التيموري، وأخذت تقتطع أجزاء من ممتلكات الدولة التيمورية، فتمكنت قبائل القره قيونلو (أصحاب الخراف السوداء) من الاستيلاء على إقليم أذربيجان في 811هـ - 1408م ،
كما تمكنت قبائل الآق قيونلو( أصحاب الخراف البيضاء) من هزيمة القره قيونلو والاستيلاء على الإقليم الغربي من إيران
الذين أصبحوا من جنود المتحمسين للشاه إسماعيل الصفوي الشيعي،
بينما كان أبناء تيمور يحكمون الإقليم الشرقي من إيران وظلوا يحكمون هذا الإقليم حتى عام 911هـ-1509م .
وكانت الصبغة السنية هي الغالبة الواضحة في إيران برغم سقوط الخلافة العباسية فظلت ظاهرة في أثناء غلبة المغول والتيموريين والقره قيونلو والآق قيونلو أي طوال قرنين ونصف من الزمان بعد سقوط دولة الخلافة، وواصلت مظاهر الحضارة الإسلامية السنية ازدهارها فلم تتغير إلا بعد قيام الدولة الصفوية الشيعية في عام 906هـ-1500م
وإعلانها المذهب الشيعي الإمامي مذهبًا رسميًا في إيران في عام 907هـ -1501م،
فاتخذ تاريخ إيران وحضارتها الإسلامية اتجاهًا جديدًا مغايرا ولم تعد إيران إلى رحاب السنة مرة أخرى إلى يومنا هذا. أسس إسماعيل الصفوي دولته عام 1500م
، وأعلن أن التشيع دين الدولة، وفرض المذهب الشيعي مذهبًا رسميًا في مختلف أنحاء إيران دون مقدمات وقد كان أكثر من ثلاثة أرباع إيران من السنة وحارب أهل السنة.
وكان من أول الأعمال التي قام بها إسماعيل الصفوي بعد أن أعلن المذهب الشيعي الأمامي مذهبًا رسميًا للدولة الصفوية هو قتل وتذبيح الأعداد الكثيرة من أبناء السنة والجماعة الموحدين في إيران,
حتى أنه أمر بأن يرمى من مآذن المساجد أكثر من 70 عالمًا وطالب علم يوميًا من علماء السنة الموحدين.وفى تبريز ـ العاصمة ـ وحدها كانوا لا يقلون عن 65% من السكان وقد قتل منهم في تبريز في يوم واحد 40 ألف سني, وبإنشاء هذه الدولة
دخلت الإثنا عشرية مرحلة هامة في تحقيق الهدف؛
فقد أصبح للمذهب دولة .بلغت تلك الدولة قوتها في عصر الشاه الصفوي الذي استعان بالإنجليز،
وأقام لهم مراكز في إيران،
وكذلك كان يرسل مجموعة من المشاغبين الشيعة ليدوروا بين الأحياء والأزقة,
ويقوموا بشتم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم
((ولقد أطلق على تلك المجموعات اسم المتبرأون,))
وعندما يقوموا أولئك بشتم أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين, ينبغي على كل سامع من أهل السنة أن يردد العبارة نفسها!
أما الذي يمتنع عن ترديد العبارة,فيقومون بتقطيعه وتمزيقه بسيوفهم وحرابهم.
ولم يكن أمام أهل فارس من جراء هذه الأعمال الخبيثة إلا الهروب بدينهم أو قبول مذهب التشيع مكرهين
وفي النهاية تمكن السلطان سليم الأول من فتح مدينة تبريز
ولكنه بعد أن خرج منها سقطت مره أخرى بأيدي الصفويين الذين قاموا على الفور بارتكاب مجازر جماعية مروعة اقتلعت أهل السنة في تلك المدينة تمامًا, وأصبحت تبريز مدينة شيعية بالكامل,
حيث أنه قتل في يوم واحد أكثر من 14000 من أهل السنة والجماعة.
وعمل الصفو يون على تحويل الحجاج الإيرانيين من مكة إلى مشهد، وقد حج الشاه عباس الصفوي سيرًا على الأقدام من أصفهان إلى مشهد زيادة في تقديسه لضريح الإمام علي رضى الله عنه
وليكون في عمله هذا قدوة للإيرانيين، ومنذ ذلك العهد أصبحت مشهد مدينة مقدسة عند الشيعة الإيرانيين.
وفي الوقت الذي كان فيه حكام الصفوية غلاظ قساة على أهل السنة كانوا رقيقين لينيين مع النصارى,
فقد أنشأ لهم الكنائس وشجعهم علي التجارة مع الهند والبلاد الخارجية بأن أعطاهم الحرية الكاملة, وسجلت تغييرات أساسية في البلاد وفي علاقاتها مع الغرب، وكان من نتائج التحول السياسي الذي أحدثه شاه عباس أن غص بلاطه بالمنصرين والقسس، وبنى الغربيون الكنائس في إيران لإدخال من لم يقتل ولم يُشيع من المسلمين في دين النصارى.لقد كانت التحالفات مع القوي الصليبية سمة مميزة للدولة الصفوية الرافضية التي تري أن التقارب مع الصليبيين وأهل الكفر أفضل من تقاربهم مع المسلمين من أهل السنة.
والسبب في ذلك أن الدولة الصفوية تري أن الإسلام السني أعظم كفرًا من كفر اليهود والنصارى
وكون البلاد الأوروبية تبقي علي نصرانيتها خيرًا من أن تنقلب إلي الإسلام السني.
هذه هي الدولة الصفوية التي حكمت من907هـ - 1148هـ أي قرابة 250 سنة،
وهي الدولة الشيعية الإمامية الأولى في التاريخ،
فكانت الدولة الصفوية أول دولة شيعية إمامية، شيعت إيران بالقوة وقد كان الشيعة نسبتهم في بلاد إيران تقدر 10%، وأصبحت اليوم 65%،
والسنة على كونهم 35% فلا قيمة لهم في إيران،
بل إن النصارى والأرمن واليهود والزرادشت والبهائيين والذين مجموع نسبتهم 2%لهم من الحرية في العبادة والعمل داخل إيران أضعاف ما للسنة.
وعندما جاءت الثورة الإسلامية في إيران، وهي الدولة الإمامية الوحيدة في الأرض أعلنت في دستورها المادة (12): إن الدين الرسمي هو الإسلام، والمذهب الجعفري هو الاثنا عشري،
وهذه المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد.هذا هو التعصب الطائفي، أما التعصب الفارسي فظهر في الدستور عندما اشترطوا أن يكون رئيس الجمهورية فارسيًا".
إن سلوك الشيعة في كل وقت وزمان سلوك واحد، لأنه ينبثق من مصادر واحدة،
فمؤلفاتهم كلها دعوة لتعذيب وتقتيل أهل السنة "النواصب"، فإذا استضعفوا استعملوا التقية، وإذا تمكنوا استعملوا اشد أنواع القتل والتكفير لأهل السنة،
منطلقين من عقدة الاضطهاد التي تولدت عند أتباعهم ووزعت على أهل السنة أينما كانوا وأي جنس كانوا.
نكمل اللقاء في حلقة قادمة إن أحيانا الله.
|
|
|