[ابويونس الضالعي]

شبكة الطيف - بقلم : محمد عباس ناجي

إنها أصعب اللحظات التي تفارق فيها الأم ابنها أو الزوجة زوجها أو الأخت أخيها.. ولكن أن تكون هذه اللحظات مثل ما تعيشها اليوم أسرة بيت الدابي التي فقدت فلذ كبدها وهو في رعيان شبابه.. وأي شاب أنه إياد الطفل المدلل لدى والدته في طفولته المحبب إلى قلبها في ريعان شبابه.. الطفل الذي كان يرى فيه والده عندما كان طفلا طفولته وعندما أصبح شابا كان يرى فيه شبابه.. أما عندما كان يخوض معركة تحرير وطنه فقد كانت ترى فيه أسرة بيت الدابي الضالعية الجنوبية جميعها مواصلة لمشوارها كأسرة قدمت من المناضلين أخيرهم.. قدمت من التضحيات أروعها .. ولكن ما ميز حالة إياد أنه عاش لحظات عصيبة مؤلمة قلما عاشها مناضلا في هذا الكون.. قدمت أسرته من اجل بقائه كل ما تمتلك.. ولكن هذه هي مشيئة الخالق يعطي ويأخذ متى ما يريد.
يا أم إياد.. يا أم الجنوب.. قد يكون من الصعب أن نطلب منك أن لا تذرفي الدموع, فقد ذرفت عيني الدموع وأنا اكتب هذه الرسالة الحقيرة إليك.. فكيف بك وأنت من فقد أعز واقرب الناس إليه.. أنه ضنى فؤادك.. إياد.

إن ما أحزنني كثيرا وأنا أتابع قضية هذا البطل من خلال صديقي العزيز لطفي شطارة أنه كان وهو في عز مرضه دائما مبتسما متفائلا بالحياة وكل أمنيته أن يعود إلى وطنه الجنوب ليواصل مشواره النضالي.. وهذه هي صفة الأبطال والمناضلون بأنهم إذا امنوا بقضيتهم يظلون يعشقونها كما يعشق الحبيب حبيبته.. فكيف إذا كان هذا العاشق هو إياد فضل الدابي.. وبتلك الشخصية الجميلة العملاقة جسدا وروحا؟
يا أم إياد.. يا كل أم جنوبية: أن مشوار النضال من أجل تحرير الوطن بحاجة إلى استعدادكن لتحمل المشاق..فهذه هي ضريبة الحرية.. ولاسيما عندما تكون المواجهة مع سلطات استعمارية غاشمة متخلفة مثل سلطات صنعاء هوايتها المفضلة القتل وسفك الدماء معتقدة أنها بتخلصها من الشاب إياد سوف تهزم شعب الجنوب, ولكنها واهمة, فأم إياد ليست امرأة واحدة في الضالع, وإنما أم إياد موجودة في عدن وفي أبين والمهرة وحضرموت ولحج وشبوة وسقطرة, وكلهن لديهن الآلاف من نسخ إياد عاشقون لوطنهم مستعدون للتضحية في سبيله.. عندما وصل اليوم نبأ استشهاد إياد كلهم صرخوا بصوت واحد: عهدا يا أخينا أن نواصل المشوار الذي استشهدت من أجله.

أما أنت يا إياد فنقول لك إلى جنة الخلد نسألها لك ممن أخذك إلى جواره رب العرش العظيم, فهو ارحم بك منا. وكل ما نستطيع تقديمه لك بعد رحيلك هو الدعاء وعهد الوفاء بان مسيرة نضالك سوف تتواصل.. وان قتلتك المجرمون لن يبقون على تربة وطنا ومازالت قلوبنا تخفق.. ونقدم لك الاعتذار عن التقصير بحقك وبحق كل أسرة شهيد أو جريح جنوبي.. ولكن كلما علينا تثبيته أن شعب الجنوب مدان لهذه الأسر وعليه رد الجميل لها اليوم وفي المستقبل.

وأخيرا نقول تحية إلى كل من قدم يد العون لإياد مهما كان صغيرا أو كبيرا وفي مقدمتهم أسرة أياد ذاتها التي بذلت كل ما لديها.. وقيادة الحراك السلمي الجنوبي في محافظة الضالع التي قدمت كل ما تستطيع تقديمه رغم الظروف الصعبة. وإلى ذلك الرجل الجنوبي الأصيل الذي تكفل بعلاج إياد ولم يعلن عن اسمه..نقول له إن ما عملته عظيما عند شعب الجنوب فكيف ستكون عظمته عند الله الذي جزاءه الدائم الإحسان؟ وشكر خاص إلى الشاب الجنوبي البطل ناصر عبده حسين الذي بذل كل محالة لعلاج إياد.
إن لله وغن إليه راجعون
المجد والخلود لك يا إياد وكل من سبقوك من شهداء الجنوب
الخزي والعار لقتلت إياد
محمد عباس ناجي
6 أكتوبر 2010م

المصدر : شبكة الطيف الاخبارية