جيفارا الجنوب
جيفارا الجنوب
كتب: م. سالم حسن بارعيدة التاريخ: 20/6/2008
من لا يعرف التاريخ وهوية ارضه وجغرافية وطنه فهو شخص بدون مستقبل ، ومن لا يعرف ارنستو تشي جيفارا في القرن العشرين الذي اصبح رمزاً للنضال العالمي الذي اغتالته Cia الامريكية في ادغال بوليفيا ، من لا يعرفه لا يعتبر من دروس التاريخ الانساني العالمي .
وعلى هذا تقاس الرجال بتمسكهم بالهوية وبنضالهم في انتزاع حقوق اوطانهم ومطالب شعوبهم ، وبلد يخلو من هؤلاء الرموز يذهب الوطن في قلب المأساة وظلام الضياع .
وفي ظل ماحدث بعد حرب 94 الظالمة على الجنوب كانت مجريات الاحداث المتوالية لإلغاء هوية وجغرافية وتاريخ ومستقبل الجنوب ... وبرزت معالم التوجه المنهجي لسلطة الشمال على الجنوب وانتشرت ثقافة المنتصر بافكار لم يكن لها اصلاً ولا مرجع كمقولة ( الفرع رجع الى الاصل ) وممارسة نهب الثروات وسياسات الاقصاء وسلب الوظائف وعسكرة المدن بالجيش الذي يفترض ان يكون مكانه الحدود الدولية لا في أوساط المدنيين اطفالاً ونساء وشباباً وشيوخاً .
ومن قلب المأساة الجنوبية برز ( جيفارا الجنوب ) المناضل حسن أحمد باعوم ، مناضلاً فدائياً شجاعاً يعرفه الجميع ، لم يكن يعمل يوماً للحصول على كرسي الدولة ... قرأت مبكراً من عينيه معاني التضحية وحب الآخر النقي عندما جمعتنا به بعض لقاءات الجبهة القومية في حضرموت .
أحب صنعاء كمدينة ممتلئة بعبق التاريخ ولجأ اليها وليس الى اي مكان آخر في العام 86 م ، وصدمه واقع حياة الناس هناك حيث دولة العسكر والقبيلة وانتشار ثقافة الرشوة وسرقة المال العام وتبعثر الاطفال في هذه البلاد في ظل الجهل المطبق وغياب دولة القانون والمؤسسات وعاد ليناضل مع من كان اعداؤه بالامس في جبهة الحرب في حضرموت واصابته رصاصات الحرب ونقل وعولج بمستشفى ابن سينا ، وأبى إلا ان يعود الى الجبهة مرة ثانية .
هذا هو جيفارا الجنوب الذي تربع على قيادة الحراك والنضال السلمي والديمقراطي هذه المرة . وكعادته كان شجاعاً وواضحاً مستلهماً قناعاته من عمق معاناة الشعب في الجنوب الذي يؤيده ويؤازره بلا تحفظ ، وهذا ما نراه في الواقع مهما اختلف البعض معه في خطابه السياسي .
قال عبد الناصر يوماً مقولته االشهيرة ( أن حرية الكلمة هي المقدمة الاولى للديمقراطية ) ولا يوجد في واقع الامر ديمقراطية في اليمن لان الكلمة الحرة مصادرة إلا من رحم ربي ، والموجود هو هامش فقط من حرية التعبير لا ترقى حتى لحرية كاملة بلا قيود على الرأي ، فاين اذن هذه الديمقراطية ؟
لكن جيفارا الجنوب وحده من انتزع حرية القول والمجاهرة به دون خوف من العواقب وجعل حتى أسرته على سطح ( البول برينق ) لا تهدأ ولطالما يقفز افرادها في منتصف الليل على وقع أقدام العسكر .. أسرة حضرمية عريقة نرفع لها القبعات اجلالاً واحتراماً .
جيفارا الجنوب لفت نظري مثل الاسد في مواجهة المحكمة ذات الصبغة السياسية ومعه الأشبال المناضلين القابعين في عرين الأسود ... سحقاً لمن يتنطع على هذا الرجل الشامخ كجبل شمسان .
التعديل الأخير تم بواسطة ابو عدنـان الحضرمي ; 2008-06-30 الساعة 04:22 PM
|