اليمن: مصرع 18 عنصرا من «القاعدة» وأنباء متضاربة حول الوضع في لودر

قادة المعارضة الجنوبية في الخارج ينددون بالعمليات العسكرية ويطالبون بتدخل دولي
صنعاء: عرفات مدابش
تضاربت الأنباء، أمس، حول حقيقة الأوضاع في مدينة لودر بمحافظة أبين الجنوبية، فبعد ساعات من إعلان السلطات اليمنية السيطرة على المدينة بعد قتل 4 من مسلحي تنظيم القاعدة، أكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المواجهات تجددت مساء أمس.
وقالت وزارة الداخلية اليمنية إن عدد القتلى من أعضاء «القاعدة» منذ اندلاع المواجهات، الخميس الماضي، ارتفع إلى 18 قتيلا، وإن «جميعهم من اليمنيين وليس بينهم أي أجنبي مثلما كان يعتقد في بداية الأمر»، حيث كان أعلن أن 3 من القتلى أجانب.
وتحدثت مصادر عسكرية يمنية عن مواجهات عنيفة واشتباكات دارت بين قوات الأمن وعناصر «القاعدة» داخل مدينة لودر، وقالت إن عددا من المسلحين تمكنوا من الفرار «بعد إخلاء المصابين من العناصر الإرهابية»، وإنه تم «العثور في أحد المنازل التي يتمترس بها عناصر تنظيم القاعدة على عدد من قذائف آر. بي. جي وأسلحة وذخائر وقنابل».
وبدأت قوات الأمن اليمنية، أمس، حملة تفتيش في المستوصفات والمستشفيات في المديريات المجاورة لمديرية لودر من محافظتي أبين وشبوة، وذلك في محاولة لـ«ضبط المصابين من العناصر الإرهابية الذين ينقلون إليها لتلقي العلاج»، وقالت وزارة الداخلية إنها وجهت «الأجهزة الأمنية في محافظة أبين والمحافظات المجاورة لها بضبط المصابين من العناصر الإرهابية المتواجدين في المستشفيات ووضعهم تحت الحراسة المشددة إلى أن ينتهي علاجهم».
واتهمت السلطات اليمنية «عناصر انفصالية بالتحالف مع عناصر (القاعدة) والقتال إلى جانبها خلال مواجهات الأيام الماضية»، وقالت إن «أحد عناصر التخريب الانفصالية ويدعى ناصر حويدر يقود مجاميع مسلحة من العناصر الإرهابية والتخريبية لمساندة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة»، وإن «قيادات عناصر التخريب كانت قد وجهت مجاميع لها بالتوجه إلى جبل الحمراء والحضن في نقيل سراح ومدينة لودر لمؤازرة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة المحاصرة هناك».
وأثارت المواجهات في لودر ردود فعل في الساحة اليمنية وبالأخص من قبل المعارضة الجنوبية في الخارج، حيث أصدر الرؤساء الجنوبيون السابقون، علي سالم البيض، علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، بيانات تدين العملية العسكرية في لودر، وقال البيض في بيانه، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الحملة العسكرية التي شنت على المدينة «ضخمة» وشنتها «قوات نظام صنعاء ضد الأهالي متذرعة بمطاردة عناصر من تنظيم القاعدة»، وإن ذلك أدى إلى «وقوع ضحايا بين الأبرياء وتدمير الكثير من المنازل ولا يزال الموقف متوترا وسط حشود عسكرية كبيرة وتهديدات باقتحام المنطقة».
وندد البيض بما سماها «المجازر المتنقلة التي درج الاحتلال على ارتكابها في الجنوب»، حسب تعبيره، ودعا إلى «وقفة عربية ودولية تجاه استهداف شعبنا الأعزل فوق أرضه، ونطالب الجامعة العربية والأمم المتحدة بالتحرك الفوري لوقف المجازر والتحقيق في مزاعم وانتهاكات نظام صنعاء»، وسرد عددا من النقاط في بيانه، تتعلق بأهداف الحملة العسكرية والتي منها أنها «تستهدف صمود شعب الجنوب بوجه الاحتلال ورفضه القاطع لوجود قوات الاحتلال، وما التذرع بمحاربة تنظيم القاعدة إلا محاولة للتغطية على المجازر التي ترتكب بحق شعبنا بغية كسر مقاومته المدنية السلمية للاحتلال»، وكذا «جر الحراك الوطني الجنوبي السلمي إلى مواجهات عسكرية بغية تصفيته بعد أن تحول إلى رقم صعب وحالة رفض مدنية سلمية جنوبية شاملة للاحتلال»، مشيرا إلى أن «التذرع بضرب تنظيم القاعدة هو محاولة لكسب التأييد الدولي للمجازر في الجنوب، وتسول مساعدات من الأطراف الدولية المعنية بمحاربة الإرهاب».
واتفق علي ناصر محمد وحيدر العطاس مع بعض طروحات البيض بشأن أهداف الحملة العسكرية، وقال الرجلان في بيان مشترك، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «عناصر (القاعدة) الذين يتذرع بهم النظام إنما ترسلهم إلى المناطق الجنوبية الأذرع الأمنية والمخابراتية للنظام نفسه لكي يجد العذر لتنفيذ مخططاته ضد الجنوب وحراكه الشعبي السلمي، والعالم كله يدرك الارتباط العضوي بين تنظيم القاعدة والنظام». ونفيا أن تكون مدينة لودر أو غيرها في الجنوب «في أي يوم من الأيام معقلا لتنظيم القاعدة، ولكن النظام يحاول تصفية حسابه مع الحراك الشعبي السلمي الجنوبي المتقد والصاعد ليس ذلك فحسب ولكن حتى مع النساء والأطفال والشيوخ والعجزة وكل الحاضنة الشعبية الجنوبية للحراك بمختلف أطيافها وعلى كل الأرض الجنوبية وما تحويل سكان مدينة لودر إلى لاجئين جدد في وطنهم بعد أن أجلاهم ودمر منازلهم إلا دليل دامغ على تلك الحقائق الواضحة كعين الشمس في رابعة النهار للعالم كله».
ودعا السياسيان اليمنيان المعارضان من منفيهما في الخارج «جماهير شعبنا الأبية التي فجرت الحراك الشعبي السلمي الجنوبي وصقلت قدراتها الحية وإرادتها الصلبة في ميادين النضال السلمي إلى تفعيل كل القدرات واستنهاض كل الهمم وتعزيز التماسك والتوحد لدفع مسيرة النضال الشعبي السلمي إلى الأمام على كل أرض الجنوب من عدن إلى المهرة وعلى قاعدة التصالح والتسامح التي كانت الأرضية الصلبة التي جعلت الحراك واقعا على الأرض بعيدا عن أمراض الماضي واستقطاباته الحزبية والقبلية والمناطقية لتتجذر وتتعزز مسيرة النضال السلمي بمشيئة الله»، كما دعوا الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى «سرعة التحرك لتشكيل لجنة لتقصي حقائق ما يجري في الجنوب وإلجام النظام في صنعاء الذي تمادى وعاث فسادا وقتلا وتدميرا في الجنوب منذ حرب صيف 1994 واليوم وباسم الحرب على إرهابييه من تنظيم القاعدة يواصل ضرب الجنوب وتشريد سكانه وتحويلهم إلى لاجئين في محاولة يائسة للقضاء على القضية الجنوبية التي لن تنتهي إلا بتحقيق كامل أهداف شعبنا في الحرية والانعتاق من ربقة هذا النظام»، حسب تعبيرهما.
http://www.aawsat.com/details.asp?se...&issueno=11593
أبين» عاصمة الجهاديين.. وبعض زعامات «القاعدة» من أبنائها
«الشرق الأوسط» تتقصى عمليات الاغتيالات الجارية في جنوب اليمن
جنود يمنيون في حافلة عسكرية في طريقهم إلى منطقة حرف سفيان شمال البلاد أمس (رويترز)
صنعاء: عرفات مدابش
تصاعدت، في الآونة الأخيرة، عمليات الاغتيال التي تستهدف ضباط المخابرات ورجال الآمن في جنوب اليمن، وبالأخص في محافظة أبين التي تعد معقلا للعديد من الجماعات الجهادية المتطرفة. فخلال أقل من شهرين، اغتال مسلحون مجهولون عددا من الضباط والجنود ونجا ضباط آخرون من عمليات مشابهة.
وتتشابه عمليات الاغتيال التي شهدتها محافظة أبين، في العديد من المعطيات، حيث نفذها مسلحون ملثمون يستقلون دراجات نارية، وغالبا ما تمت، تلك العمليات، أمام منازل الضباط المستهدفين في مدينة زنجبار، عاصمة المحافظة أو في أسواقها، وفي حالة نادرة اغتيل أحد الضباط بواسطة مسدس كاتم للصوت.
وتوجه السلطات اليمنية أصابع الاتهام بالوقوف وراء هذه الحوادث، تارة إلى عناصر في تنظيم القاعدة وتارة أخرى إلى «عناصر انفصالية»، في إشارة إلى نشطاء الحراك الجنوبي المنادي بما يسميه «فك الارتباط» بين شطري البلاد الشمالي والجنوبي أو الانفصال، وفي أحيان أخرى تتهم الطرفين بالتورط في تلك الحوادث.
هذه الحوادث ترافقت مع حالة انفلات أمني غير مسبوقة تعيشها محافظة أبين بوتيرة أعلى من غيرها من المحافظات الجنوبية، فقد هاجم مسلحون في الـ14 من يوليو (تموز) الماضي، مبنيي جهاز الأمن السياسي (المخابرات) والأمن العام، وقتلوا وجرحوا العديد من حراسة المبنيين قبل أن يلقى القبض على بعضهم ويفر البعض الآخر، ولم تعلن السلطات، حتى اللحظة، نتائج التحقيق في الهجوم المزدوج، رغم أنها اتهمت تنظيم القاعدة بالوقوف وراءه.
وسبق هذا الهجوم وعمليات الاغتيال، حوادث أمنية متفرقة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في أوساط رجال الأمن ومدنيين، إضافة إلى عملية سطو على مبلغ مالي كبير، أواخر العام الماضي، خاص بمرتبات العاملين في حقل التربية والتعليم والتي ما زال مصيرها مجهولا، حتى اللحظة.
وبعد أن تبين أن معظم سلسلة الهجمات التي استهدفت ضباط المخابرات استخدم فيها المهاجمون الدراجات النارية، قررت السلطات اليمنية حصر الدراجات النارية في أبين، عبر إخضاعها لقانون المرور وإلزام أصحابها بتركيب لوحات معدنية مرقمة، وقد بدأت حملة الترقيم فعليا مطلع أغسطس (آب) الجاري، ويقدر عدد الدراجات التي سترقم بقرابة 5 آلاف دراجة.
وتعد محافظة أبين من أكثر المحافظات اليمنية احتضانا للجماعات الجهادية الإسلامية المتشددة، والتي ينتشر أفرادها بأسلحتهم في بعض المدن بصورة علنية، وقبيل انتمائه للحراك الجنوبي، كان الجهادي السابق طارق الفضلي، أحد قادة هذه الجماعات التي من أبرز قياداتها، في المحافظة، خالد عبد النبي. والأخير والفضلي سبق لهما القتال في أفغانستان.
وخلال السنوات الماضية، كانت بعض القوى السياسية تزعم بوجود معسكرات تدريب لجماعات جهادية متطرفة في جبال المراقشة، قبل أن تشهد هذه المنطقة عام 2002 مواجهات عنيفة بين الجيش ومسلحي تلك الجماعات التي هي نفسها التي نفذت أواخر عام 1998م بزعامة أبو الحسن المحضار الذي أعدم، قبل سنوات، علمية اختطاف فوج سياحي، وهي العملية التي استخدمت فيها قوات الأمن القوة من أجل تحرير الرهائن، الأمر الذي أسفر عن مقتل 4 رهائن من الجنسيتين الاسترالية والبريطانية.
ويقول حسين زيد بن يحي، أحد قادة أحزاب اللقاء المشترك المعارضة في محافظة أبين إن هذه الجماعات «الجهادية» التي «كانت متحالفة مع الطرف الشمالي في حرب صيف عام 1994»، هي من «تقف وراء هذه الاغتيالات»، وإن هذه الجماعات «ترى أن المنتصر في الحرب ضد الجنوب، قد استخدمها، ولم يشركها في غنائم الحرب، ولهذا هي موتورة من السلطة وشكلوا عدة مجاميع من جيش أبين - عدن بقيادة أبو الحسن المحضار ومجاميع المجاهد خالد عبد النبي العائد من أفغانستان، وكذا مجاميع تابعة لطارق الفضلي».
ويضيف زيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إشكالية هذه الجماعات، تكمن في تعامل السلطة معها بـ«المال والرتب العسكرية، وبالتالي أصبحت تطمع في المزيد»، إضافة إلى «مساهمة السلطة في نشر الأفكار التكفيرية وفرضها على جميع المساجد، الأمر الذي أوجد بيئة مناسبة لتكاثرها»، وإلى «ضعف هيبة الدولة والضائقة الاقتصادية وما أفرزته من بطالة»، هذا عوضا عن «أموال ترسل عبر أفراد من إحدى دول المنطقة والجوار، إلى مساجد هذه الجماعات وهذا ما يغذيها ماديا، وربما أفلت عقال السلطة على هذه الجماعات، أو أنها مكلفة بإشاعة نوع من الفوضى في الجنوب، لإيهام الخارج أن الجنوب بيئة حاضنة للإرهاب، وكذا استخدام مسلحي هذه الجماعات الجهادية في اغتيال عناصر الحراك المطلوبة أمنيا».
ويؤكد بن يحيى في تصريحاته لـ «الشرق الأوسط» أن ما يجري في أبين يهدف إلى: «خلخلة الوحدة الوطنية الجنوبية على مستوى أبين الدلتا ما بين مدنيين ومتطرفين تكفيريين، إضعاف التوجه الاستقلالي الذي أوجده الحراك لصالح خيار أسلمة الدولة، عدم معرفة الخصم ووضوحه، إرباك قيادات الحراك بأبين الدلتا وجعلها تكتفي بملاذات آمنة مما يضعف بالنتيجة قوة الحراك بالشارع، وخلال فترة الحراك وعدم استهداف الجنوبيين المتعاونين مع السلطة أوجد حالة أمن لصالح الحراك واستهدف العناصر الأمنية مؤخرا وإثارة شكوك حول علاقة القتلة بالحراك، إجهاض تطور تلك العلاقة لصالح مزيد من الولاء للسلطة»، ثم يقول إن «كل المؤشرات تنذر بالذهاب نحو توفير الأمن الذاتي وتكوين الميليشيات وهذه مقدمة للحرب الأهلية».
ويحمل القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني المعارض، علي دهمس، السلطات اليمنية «المسؤولية عن عمليات الاغتيالات التي تجري في محافظة أبين»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنهم، في المعارضة، يستغربون «سكوت السلطات عما يجري وكذا الانفلات الأمني في المحافظة»، كما ينفي أي علاقة للحراك الجنوبي بما يجري، ويتهم، بصورة غير مباشرة، جهات في الجيش والأمن باستخدام الدراجات النارية في عمليات الاغتيال، حيث يشير إلى أن الدراجات التي يمتلكها المواطنون «جرى ترقيمها، أما الدراجات التي يستخدمها من يسكن في معسكرات الجيش والأمن، فلم يتم ترقيمها، ويعمل عليها البعض وفي آخر النهار يأوون إلى تلك المعسكرات».
وينظر الدكتور عبد الله الفقيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، إلى الاغتيالات التي تجري في أبين على أنها «عملية استنزاف للموارد البشرية والمادية والمعنوية للدولة»، ويعتبر أنها «تطيح، ليس فقط بشرعية النظام السياسي الحاكم ولكن، وهو الأهم، بشرعية الدولة ومؤسساتها في أعين المواطنين في الداخل وفي أعين المجتمع الدولي، إذ تظهر هذه العمليات المتتابعة الدولة عاجزة عن أداء دورها الأساسي والجوهري ليس فقط في الدفاع عن المواطنين وحفظ الأمن والاستقرار، ولكن، أيضا، في الدفاع عن كوادرها وبناها التحتية وشرعية وجودها».
ويقول الفقيه في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المتهم الرئيسي في تلك العمليات، هو «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية والجماعات الجهادية المتعاطفة معه أو القريبة منه، وذلك بناء على التهديدات التي يرسلها التنظيم والبيانات التي يصدرها ويعلن فيها مسؤوليته عن تلك الهجمات على افتراض أن تلك التهديدات والبيانات صادرة عن تنظيم القاعدة بالفعل»، كما أنه لا يستبعد حاليا أو في المستقبل، أن «تحاول بعض الجماعات السياسية استغلال الوضع الراهن لتصفية حسابات فيما بينها» ويعرب عن اعتقاده، في ضوء الوضع الحالي، بأن بعض الجماعات ربما «تساهم فيما يحدث إما عن طريق التغطية أو عن طريق تقديم التسهيلات أو بالامتناع عن التعاون مع أجهزة الدولة وربما، أيضا، عن طريق التخطيط والتنفيذ لتلك الهجمات».
ويشير إلى إن المخاطر المستقبلية لاستمرار هذه العمليات بـ«كثافة ووقوف الدولة مكتوفة الأيدي أمامها وعدم قدرتها على منع حدوثها أو على الأقل الحد من حدوثها، يعني أن المنطقة قد تشهد حدوث تحول في موازين القوى المحلية»، الأمر الذي «قد يدفع ببعض الجماعات إلى الصدارة لتملأ الفراغ الذي تتركه الدولة والجماعات المرتبطة بها».
ويتفق - إلى حد كبير - الباحث اليمني في شؤون الإرهاب، سعيد عبيد الجمحي، مع الدكتور الفقيه في عدم استبعاد تنظيم القاعدة، مما يجري في اليمن عموما، وفي محافظة أبين على وجه الخصوص، حيث يقول إنه «لا يمكن استثناء تنظيم القاعدة مما يحصل حاليا في اليمن، حيث تشهد مأرب هجمات واشتباكات في عدد من المواقع العسكرية وكذلك محافظة شبوة، بينما تفوقت محافظة أبين في عدد الهجمات والاغتيالات وحصيلة القتلى والجرحى»، ويرجع الجمحي ذلك إلى «وجود جماعات جهادية متعددة في هذه المحافظة التي تكاد تقع تحت سطوة تلك الجماعات، التي لم تستطع الدولة الحسم معها بأي صورة من الصور، في حين ظلت القاعدة تعتبرها أرضيتها المستقبلية ومشروعها الناجح».
ويردف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بأن «هناك زعامات من القاعدة هم، أصلا، من أبناء أبين، ومنهم جميل العمبري الذي وصفه التنظيم بأنه أمير المجاهدين في ولاية أبين وحبيب المجاهدين، حسب بيان للقاعدة، وكان ضمن قتلى الضربة الجوية في 15 مارس (آذار) الماضي، وهذا عامل مهم يسهل الطريق أمام التنظيم في أبين».
وفي سياق حديثه عن «القاعدة» يقول الجمحي، وهو مؤلف لكتاب عن التنظيم في اليمن، إن القاعدة - لا شك - أنه قد «أوجعته الضربات الأخيرة وما رافقها من انتشار عسكري كثيف في معاقله الرئيسية، فراح يهدد ويتوعد بإحراق الأرض تحت أقدام الرئيس علي عبد الله صالح، وهذه المحرقة حددها التنظيم فيمن سماهم بـ(اليد الضاربة للعميل).. و(خط الدفاع الأول للأميركيين)».
ويشير الباحث الجمحي إلى أن تنظيم القاعدة «استفاد من الأخطاء التي حصلت جراء الضربات الجوية وراح ضحيتها أبرياء، كما استفاد من السخط الجنوبي الذي يثيره الحراك»، إضافة إلى استفادته من «عجز الدولة عن إيجاد حلول حقيقية لما يعانيه هؤلاء من أوضاع معيشية وبطالة، ويمكن القول إن التنظيم نجح أخيرا في التغلغل في تلك الجماعات الجهادية ليجعلها رديفا له في عمليات استهداف الجيش والأجهزة الأمنية، ونجح، أيضا، في إقناع هؤلاء بأن الوقت حان لخروج الجيش الذي بشر به الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديثه (يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله)».
ويدلل الباحث اليمني على صحة ما يطرحه بالقول إن «ظاهرة تجنيد المتعاطفين ذكرها نائب زعيم التنظيم في بيانه الأخير الذي وجهه إلى أتباع التنظيم في السعودية، حيث دعا سعيد الشهري إلى تشكيل خلايا وتجنيد المتعاطفين للإطاحة بالنظام السعودي، وبموازاة ذلك فإن الفرع اليمني توجه - في تقديري - إلى مسألة التجنيد للمتعاطفين، والتي من نتائجها كل ذلك الهيجان في عمليات القاعدة».
السلطات اليمنية تلتزم الصمت إزاء العمليات الأخيرة، وقد حاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بعدد من المسؤولين في محافظة أبين لمعرفة مواقفهم مما يجري، غير أن تلك المحاولات لم تفلح.
فيما يلي إحصائية بأبرز العمليات التي جرت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة:
1 أغسطس: مقتل العميد دكتور باسعد جابر الضابط في جهاز الأمن السياسي، بمدينة عتق محافظة شبوة ، في غرفته بمقر الجهاز في ظروف غامضة.
2 أغسطس: نجا مدير مديرية المحفد بمحافظة أبين يسلم العنبوري من محاولة اغتيال.
3 أغسطس: فجر انتحاري نفسه قالت الداخلية إن اسمه صالح أحمد هادي من أهالي قرية قظبة بيت شداد بمديرية خولان محافظة صنعاء عند بوابة إدارة أمن محافظة الضالع، وقتل 11 شخصا، والمصابون 11 شخصا من الجنود والمواطنين.
3 أغسطس: إلقاء قنبلة بالقرب من مقر إدارة الأمن وثلاثة أيام على نجاة مدير مديرية المحفد يسلم العنبوري من محاولة اغتيال اتهم فيها مدير أمن المحافظة مجموعة مسلحة تنتمي إلى «العناصر التخريبية الخارجة على النظام والقانون» بالوقوف وراءها، حيث أدى ذلك إلى مقتل أحد المهاجمين وإصابة آخر فيما أصيب اثنان من مرافقي مدير مديرية المحفد.
5 أغسطس: لقي ثلاثة من أفراد شرطة النجدة اليمنية مصرعهم، في هجوم نفذه مسلحون على دورية أمنية تابعة لهم، بمحافظة أبين.
13 أغسطس: اغتيال العقيد علي عبد الكريم فضل - مدير الأمن السياسي بمديرية تبن التابعة لمحافظة لحج، على يد مسلحين مجهولين قرب منزله في منطقة الحمراء قرب مدينة الحوطة، عاصمة المحافظة.
16 أغسطس: قتل الضابط قاسم علي عبد الكريم الضالعي يعمل بالأمن السياسي بمديرية خنفر أمام منزله وسط مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين.
17 أغسطس: اغتيال العقيد علي عبد الكريم البان ضابط في الأمن السياسي بمديرية خنفر محافظة أبين جنوبي البلاد بعد يوم واحد فقط على اغتيال مدير المخابرات بمديرية تبن بمحافظة لحج الجنوبية..
14 يوليو: قتل 4 أشخاص بينهم جنديان وأصيب 11 جنديا بينهم شرطيان وشخص آخر يعتقد أنه من تنظيم القاعدة في هجومين نفذا على كل من مقر الأمن السياسي والأمن العام بزنجبار أثناء تأدية طابور صباحي للجنود.
1 يوليو: اغتيال المقدم في الأمن السياسي في محافظة أبين صالح امذيب، برصاص مسلح يستقل دراجة نارية لاذ بعدها بالفرار.
25 يوليو: مقتل 6 جنود في هجوم نفذه مسلحون بمحافظة شبوة في منطقة العقلة في مديرية عرمه، شمال مدينة عتق، عاصمة المحافظة.
21 يوليو: مقتل 5 جنود من أفراد الأمن المركزي وإصابة 6 آخرين في منطقة النفط بمدينة عتق في كمين نصب لدورية عسكرية.
22 يونيو: قتل جندي وأصيب آخر في كمين استهدف أركان الاستخبارات العسكرية باللواء 35 مدرع العقيد محمد عبد الوالي ثوابة. أثناء مروره بمفرق قرية خوبر بين المجمع الحكومي والضالع.
19 يونيو: مقتل 11 شخصا في هجوم على مقر الأمن السياسي في عدن بينهم 7 من أفراد الأمن و3 نساء وطفل.
12 يونيو: لقي المدير السابق لعمليات الأمن السياسي بمحافظة أبين جلال عثمان مصرعه على يد مجموعة مسلحة الليلة عقب خروجه من صلاة العشاء. في مسجد «التوبة» بمدينة زنجبار محافظة