عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-06-19, 11:29 AM   #9
انا الجنوب العربي الجديد
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-02
المشاركات: 45
افتراضي



منقول من كتاب ( الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة ) 1963

( 5 )


السنة الحاسمة

كان عام 1962 هو العام الذي استطاعت فيه الحركة الوطنية في الجنوب – حركة الرابطة – أن تشق لقضية الجنوب العربي الطريق الى هيئة الأمم المتحدة .

كان تقديم المذكرة الشهيرة في شهر مارس 1962 الى لجنة تصفية الاستعمار ، ومطالبة الرابطة لهذه اللجنة بالاستماع الى شكوى الشعب العربي في الجنوب ، ومناشدة دول العالم المتحرر الوقوف بجانب نضاله في سبيل حريته ووحدته وتقدمه ، كان ذلك مفاجأة مذهلة للاستعمار البريطاني ورجاله سواء في عدن ام في لندن .

كما كان ذلك مفاجأة مذهلة للقوى المتآمرة على قضية الجنوب واستقلاله ولقد توجه الأمين العام للحزب الى هيئة الأمم في أكتوبر سنة 1962 ولجنة تصفية الاستعمار المنعقدة ، وبعد اتصالات بسكرتارية اللجنة تقرر انعقاد لجنة تصفية الاستعمار في شهر ابريل سنة 1963لبحث قضية الجنوب العربي ( عدن والمحميات ) والاستماع الى مندوب الرابطة والى من يريد التحدث من المواطنين في الجنوب .

الموقف عند نظر اللجنة للقضية

ووقف مندوبنا الأخ شيخان الحبشي إمام لجنة التصفية يشرح حقائق الوضع في الجنوب
ويندد بأفاعيل الاستعمار ويصدع بمطالب الشعب ، ويرد على أسئلة السائلين واستفسار
المستفسرين .

ولأول مرة في تاريخ الجنوب العربي تطرق أسماع العالم مشاكله وأمانيه بصدق وشجاعة وإخلاص ومسئولية .

وهنا ظهرت أمام اللجنة القضية من كافة وجوهها ، وهنا بزغت الأطراف او وجهة نظر
الأطراف المعنية بالقضية وبصرف النظر عن شرعية هذه الأطراف الأخرى او عدم شرعيتها ، وصدقها او عدم صدقها ، وإيمانها بالقضية وبالشعب في الجنوب ام إيمانها بمصالحها او مصالح من تمثله فإننا نعرض وجهات النظر هذه للحقيقة وللتاريخ وليطلع الرأي العام في الجنوب العربي خاصة ، والرأي العام في الوطن العربي عامة على ماجرى وعلى نظرة كل طرف من هذه الأطراف الى هذه القضية .

إن ماعرض على مسامع هذه اللجنة العالمية تستنتج منه وجهات النظر الأربع :


وجهة النظر الأولى :


محمد فريد العولقي وهو وزير الخارجية في الاتحاد الفدرالي للجنوب طلب الكلمة أمام لجنة تصفية الاستعمار فوافقته اللجنة على أن تكون كلمته ليست بصفته وزير خارجية الاتحاد بل بصفته مواطنا من الجنوب العربي ، وفي نظرتنا بل وفي واقع الأمر كانت كلمة محمد فريد تعبر عن رأي الشخصيات والأحزاب والجماعات الغارقة في التعاون مع المستعمر السائرة في ركابه .

وكانت كلمته واضحة الدلالة على تسلسل تفكير هذه الجماعة . تحدث فيها عن الجنوب وعن صلة بريطانيا بالجنوب ، وعن الخدمات التي تؤديها في سبيل تقدمه ، وبرر الكثير من أعمالها، وأشار الى إنها تهيؤه للاستقلال ، وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان ، وألا داعي لان تزج هيئة الأمم المتحدة بنفسها في موضوع ( الجنوب العربي )

وجهة النظر الثانية :


سعيد صحبي المحامي قدم نفسه بصفته ممثل حزب الشعب الاشتراكي في عدن وتحدث حديثا طويلا خارجا عن الموضوع وركز في حديثه على :

1- أن عدن والمحميات جزء من اليمن لا يتجزأ وأن على اللجنة أن تقرر ضم هذه المناطق الى اليمن بعد أن تهدم الاتحاد القائم والمجلس التشريعي في عدن .

2- أن عدن المستعمرة بلد متقدم ومتطور وأن المحميات متخلفة ومتأخرة ولذلك فقد هاجم
موضوع انضمام عدن الى الاتحاد وطالب بإلغاء ذلك .

وفي نظرنا بل في واقع الأمر كانت كلمة سعيد صحبي المحامي من ناحية تعبر عن رأي أخواننا العمال اليمنيين في عدن وأغلبهم من عمال اليومية وهؤلاء جميعا ليسوا بثقل سياسي عملي في عدن ولا في بقية مناطق الجنوب .

ومن ناحية أخرى تعبر كلمته عن رأي الانفصالية الغاربة في عدن وهي الانفصالية التي تؤيدها الجاليات الأجنبية العديدة والتي يهمها حفظا لمصالحها إبقاء عدن مستقلة بذاتها وجزء من أملاك التاج البريطاني .

ولست أتحمل مسئولية اتهام سعيد صحبي او الحزب الذي يمثله بالعمالة للانفصالية في عدن او للاستعمار ولكن أسجل أن نتائج مطالب هذا الحزب وسياسته إنما هي في خدمة هذه الانفصالية وفي خدمة أهداف المستعمر .

وليست العبرة في مثل هذه الأمور الخطيرة بالنوايا – على فرض حسن هذه النوايا – ولكن العبرة بالنتائج الحتمية التي ستترتب على أعمال وسياسة موجهي هذا الحزب وقادته .


وجهة النظر الثالثة :


محمد علي لقمان المحامي قطب الجمعية العدنية المنحلة وقطب الحزب الصغير (حزب المؤتمر الشعبي الدستوري) وصاحب ( فتاة الجزيرة) (وإيدن كرونيكل) .

كان في زيارة للولايات المتحدة الأمريكية في شهر سبتمبر سنة 1962 في أمور تتعلق بالمطابع دبرت الزيارة له القنصلية الأمريكية في عدن ، وكانت لجنة تصفية الاستعمار منعقدة فطلب الكلمة وتحدث حديثا غريبا مشبوها ، تحدث عن عدن وتقدمها من كافة النواحي ، وهاجم أبناء المناطق الأخرى من الجنوب العربي وأبناء اليمن ، واستنكر ربط مدينة عدن بالجنوب للفوارق الكبيرة من الناحية الإدارية والعمرانية والحقوق العامة وغيرها .

وطالب باستقلال عدن ( المستعمرة ) ، ومحمد علي لقمان المحامي ذو رأي معروف في مستقبل عدن فهو صاحب فكرة نيل عدن الحكم الذاتي وضمها الى الكومنولث ، واعتبار أبناء المحميات أجانب فيها ، وحصر الحقوق في عدن على مواليد عدن عرب وغير عرب وحرمان العرب غير المولودين في عدن من كافة الحقوق حتى ولو كانوا مستوطنين بها .

هذه الفكرة هي الفكرة التي كانت تحملها (الجمعية العدنية ) ثم انشقت هذه الجمعية الى قسمين ، الأول بزعامة المرحوم حسن علي بيومي رئيس الجمعية الذي ألف فيما بعد( الحزب الوطني
الاتحادي ) ، والثاني بزعامة علي محمد لقمان الصحفي الذي كون فيما بعد(حزب المؤتمر الشعبي الدستوري ) .
ولقد تخلى الحزب الوطني الاتحادي عن فكرة الانفصالية العدنية ، وان كان قد نهج نهجا تعاونيا مع الإدارة البريطانية .
أما حزب المؤتمر الشعبي فيبدو انه لايزال متمسكا بانفصاليته . وفي نظرتنا بل وفي واقع الأمر فان الجمعية العدنية بقيادة لقمان وحزب المؤتمر الشعبي المتفرع عنها إنما تعبر عن أحاسيس ورغبات ومصالح أبناء الجاليات الأجنبية التي استوطنت عدن وتعرب الكثيرون منهم ، كما إنها تعبر عن المخطط الاستعماري في مراحله الأولى .


وجهة النظر الرابعة :

شيخان عبدا لله الحبشي المحامي ، أمين عام حزب الرابطة ، واحد الدعائم الكبيرة للحركة الوطنية في الجنوب ، رائد من الرواد وهب هو وزملاؤه أنفسهم للقضية ولتحقيق أهداف الشعب العربي في الجنوب .

تحدث أمام اللجنة : كان حديثه هو صوت الجنوب العربي المنبعث من أعماق النفس العربية في هذا الجنوب . حلل الوضع في الجنوب ، صور المأساة التي يعيشها شعبه ، كشف العدوان البريطاني على الجنوب شعبا وأرضا ، أفرادا وجماعات ، غاص في صميم المشكلة واستخلص من أعماق هذه المشكلة الحلول العملية لها .

نبه اللجنة الى أن الموضوع ليس هو هل تضم عدن الى الاتحاد او لا تضم ؟! ولا هل يلغى الاتحاد او ل يلغى ؟! وليس الموضوع هو : هل الجنوب العربي جزء من اليمن او ليس بجزء من ؟! وليس ادخالنا القضية في هذه اللجنة لأمور فرعية ومشاكل جزئية او جانبية ، إن الموضوع أن هيئة الأمم المتحدة قد أصدرت قرارها بإنهاء الاستعمار في دورتها عام 1960 وأكدت هذا الإعلان عام 1961 وكونت بناء على ذلك لجنة تصفية الاستعمار .

وذكر شيخان الحبشي أن مطالبنا السياسية التي نطالب هيئة الأمم المتحدة بتأييدها معتمدين في هذه المطالبة على إعلانات الهيئة وقراراتها و هي :

اولا : إنهاء الاستعمار من الجنوب ونيله لاستقلاله وحريته .

ثانيا : تحقيق وحدة الجنوب العربي .

ثالثا : انتقال السيادة وسلطات الحكم الى الشعب العربي في الجنوب .

كما شرح مندوب الرابطة الخطوات التي تقترحها الرابطة لتحقيق هذه المطالب وهي :

اولا : إطلاق الحريات العامة في سائر الجنوب وضمان هذه الحريات .

ثانيا : إلغاء قرارات النفي والإبعاد التي دأبت بريطانيا على إصدارها ضد رجالات الحركة
الوطنية .

ثالثا : إجراء انتخابات عامة لكل الجنوب ( عدن والمحميات الشرقية والغربية ) تحت إشراف
دولي محايد لتكوين مجلس يمثل الشعب ، وتنبثق عنه حكومة وطنية تقود البلاد نحو أهدافها الوطنية التقدمية .

هكذا تحدث ممثل حزب رابطة الجنوب العربي ، وفي هذا الكتاب نص المذكرة التي قدمتها الرابطة الى لجنة تصفية الاستعمار ، ونص الخطاب الذي ألقاه الأخ الأمين العام والأسئلة والأجوبة التي دارت بينه وبين أعضاء اللجنة المحترمين حول القضية .

وفي تقديرنا بل وفي الواقع كانت كلمة شيخان الحبشي هي كلمة الشعب ، كل الشعب في الجنوب العربي ، المثقفون العمال ، القبائل في كافة المناطق : في عدن وفي حضرموت وفي لحج والعوالق ويافع وغيرها من مناطق الجنوب ، كل هؤلاء يقفون صفا واحدا وراء هذه المطالب ، لا يعارض في ذلك سوى :

1- المتعاونين مع الاستعمار البريطاني الغارقين حتى الأذقان في الأوحال المتآمرين المستغلين للشعب ولخيراته .
2- ممثلي الجاليات الأجنبية في عدن المتسترين وراء الانفصالية العدنية ممثلة في الجمعية العدنية السابقة وفي حزب المؤتمر الشعبي الدستوري حاليا .
3- بعض من إخواننا اليمنيين المغرر بهم في عدن .
إن كلمة الرابطة التي قالتها أمام لجنة تصفية الاستعمار وتقولها دائما هي كلمة الشعب النابعة من ضميره ، المعبرة عن رغبته ، المحققة لمصالحه ، المعالجة لصميم مشاكله .


( 5 )


انا الجنوب العربي الجديد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس