عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-05-13, 06:24 PM   #1
رابطية من الرعيل الاول
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2010-02-05
المشاركات: 47
افتراضي اختلاف القوم في اختلاف منطلقاتهم .. بقلم الدكتور / خالد عبدالله محمد

اختلاف القوم في اختلاف منطلقاتهم .. بقلم الدكتور / خالد عبدالله محمد

--------------------------------------------------------------------------------

شبكة الجنوب العربي الإخبارية / خاص

*اينشتاين: إنه لمن الحماقة أن تعتقد أنك ستحصل على نتائج جيدة وأنت تعيد الشيء نفسه.

لم أرى شعب ذات تاريخ عظيم وحضارة مثل الشعب الجنوبي يختلف أبناءه في فهم هويتهم. ولهذا أسباب تاريخية تعود إلى عقد الخمسينات من القرن الماضي وذلك عندما طرح ولأول مرة مشروع يمننة الجنوب العربي وماتلى ذلك من انعكاسات على الجنوب إلى يومنا هذا . نصف قرن والشعب الجنوبي من عدن إلى المهرة يتعرض لأبشع مؤامرة ساق أصحاب هذا المشروع خيرت أبنائنا قرابين لمشروعهم (وأخرها التمثيل بجثة الشهيد الحدي) تحت مسميات مختلفة لا حصر لها وكانت جميعها تهدف فقط إلى مسح الهوية وتتوج هذا المشروع بالإنجاز الكبير كما يطلق عليه (الوحدة) في 1990 ، ثم ترسخ بالإلحاق والضم بفتوى دينية عام 1994. وعرف بعدها شعب الجنوب بأن هذه الإنجاز ما هو إلا محرقة يراد منها هلاك وفناء الجنوب إنساناً وأرضاً وثروة ، بل وقالوا عودة الفرع إلى الأصل وهناك أغنية لأيوب طارش جسدت هذا القول ( لمن كل هذه القناديل تضوي لمن وهذه المواويل للعرس تشدو لمن هل الأرض عاد لها ذو يزن فعاد الزمان وعادت عدن لمن لمن لأجل اليمن) .

الغريب اليوم أن من يرفض هذه الوحدة هو جيل الشباب الذين لا يتجاوز أعمارهم العشرين عام والذي نشاء وترعرع في ظلها وهذا ما يطلق عليه علي عبد الله في كل خطاباته بجيل الوحدة . والسؤال اليوم من اخرج هؤلاء الشاب إلى الشوارع ؟ الجواب بكل تأكيد أنها الفطرة التي فطر الله بها عباده في تميز الحق من الباطل . لهذا الشعب الجنوبي لم تخرجه أحزاب ولا تنظيمات لأنها بكل بساطة جميعها نشأت في ظل هذا المشروع اليمني مع احترامي لكل الجنوبيين في هذه الأحزاب إلا أن هذه هي الحقيقة المرة التي يحسها بعضنا دون أن يدركها.

حتى يسهل علينا فهم الحاضر ومجرياته والتخطيط للمستقبل أرى أنه يجب قراءة الماضي ، لأن قرأت الماضي ستعرفنا عن الأسباب والأمراض الذي نعاني منها اليوم بسبب ذلك المشروع (الجنوب اليمني) ، وهنا نوجز مسيرة هذه المشروع وتآمره على شعب الجنوب على مدى خمسين عام من خلال النقاط التالية:

أولاً: بداية الحكاية
بما أن لكل حكاية بداية ، فبداية تزوير تاريخ الجنوب العربي وضياع هويته بدء عام 1955عندما أحتج أبناء الشمال على مشاركة رابطة أبناء الجنوب العربي في انتخابات المجلس التشريعي لعدن التي استبعد منها يمنيو الشمال بوصفهم أجانب. والحقيقة لا نعرف حيينها على أي سند جاء هذا الاحتجاج ، لكن بعد نصف قرن من السبات العميق وبعد المصيبة التي صابة الجنوب إنسانا وأرض وثروة أدرك الإنسان الجنوبي بان احتجاج هؤلاء اسند أولاً وأخيراً على المكر والخداع والفتنة وهذه أهم مقاومات العقلية الشمالية المبنية على (التقية) التي تعني التظاهر بعكس الحقيقة وتبيح له خداع غيره . مقابل عقلية جنوبية مبنية على العاطفة الزائدة والبراءة وسذاجة المنطق.

ثانياً: تأسيس أول خلية لحركة القوميين العرب
تأسست عام 1959 في مدينة الشيخ عثمان تحت شعار نادي الشباب الثقافي التي أكدت على وحدة الجنوب مع الشمال في إطار الوحدة العربية. هذا الفكرة المستوردة التي هي السبب الرئيسي في تخلف العرب عن باقي شعوب المعمورة وخير دليل على ذلك قمم الدول العربية التي لا يوحدهم شيء إلا الصالة التي يجتمعون فيها على الرغم من الحديث منذ تأسيسها عن الوحدة العربية الشاملة والعمل العربي المشترك وغيرها من الخزعبلات التي رفضها الواقع وأكد بأنها جميعها ما هي إلا سراب يلهث خلفة العقل العربي وخير دليل على ذلك كلمة عمر موسى الأخيرة في قمة سرت . والمحزن في الأمر بأن العرب أما مخدوعين أو يتهربون من تحمل المسؤولية تجاه شعب الجنوب وذلك عندما يصرحون بأنهم مع وحدة اليمن ، لأن مثل هذا التصريحات تبرر للشمال رفع شعار الوحدة أو الموت ، بل وتبرر له استخدام القوة المفرطة ضد شعب الجنوب وهذا ما يحصل اليوم.

أن الجبهة القومية وفيما بعد الاشتراكي مع احترامي لكل الجنوبيين الأحياء والأموات قد تأسسا على اجتثاث الجنوب هوية وتاريخ وبررت وجود الشماليين في الجنوب الذين استبدلوا هويتنا بالمناطقية والوطن بالحزب والتاريخ باليمن والمستقبل بشعار ( لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية). أما تنفيذ الخطة الخمسية فكانوا يقصدون من وراءها حرب وتصفيات كل خمس سنوات تحت شعارات وتبريرات لا يقبلها المنطق قصد من وراءها فقط تفكيك وتدمير الوشائج الاجتماعية وبث الضغينة بين الجنوبيين ، وإلا لماذا خيم السكوت على الاشتراكي وخاصة التيار الشمالي فيه طيلة العشرين سنة والجنوب تحت الاحتلال الشمالي وتنهب ثروته وأرضه. لأنه بكل بساطة هذا ما كان يخططوا له طيلة الخمسين العام الماضية. وللتأكيد على ذلك كيف يقبل الاشتراكي أن يتحالف مع حزب الإصلاح وهو من أفتى بقتل الجنوبيين والتي لا تزال هذه الفتوى قائمة إلى اليوم، في حين هاجوا وماجوا عندما أعلن أبناء الجنوب مسيرة التصالح والتسامح . والشيء الآخر بأن مهندس مشروع المشترك هو المرحوم جار الله ، وسمي بالمشترك لاشتراك الشماليين جميعاً بدون استثناء في عملية دفن القضية الجنوبية ومن اجل ذلك تم تأسيسه وأطلق على الجنوبيين الذين عارضوا هذا التحالف بأصحاب المشاريع الصغيرة ، بينما كان عليهم أن يقولوا ذلك لعلي عبد الله الذي بسط الحكم العائلي على كل مفاصل الحياة (السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية).

ثالثاً: الإشهار الرسمي بمشروع الجنوب اليمني
جاء ذلك الإشهار عندما بعث أصحاب هذا المشروع عام 1960 برقية إلى جمال عبد الناصر والجامعة العربية والإمام والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وإذاعة صوت العرب والملك سعود والعراق ، تتخلص هذا البرقية في عدم شرعية تمثيل رابطة أبناء الجنوب العربي لقضية شعب الجنوب بحجة أن أهدافها انفصالية. وتماشيا مع تنفيذ الخطة الخمسية فهذه البرقية جاءت بعد خمس سنوات من طرح مشروع الجنوب اليمني لأول مره . والملفت للنظر بأن هذه البرقية شملت الإمام على الرغم من أن أصحاب هذه المشروع أتوا إلى عدن كلاجئين بسبب بطش وظلم الإمام ، إلا أن الحقيقة تؤكد بأن هروبهم إلى عدن ما هو إلا لمسح هوية الجنوب من خلال طرح مشروع الجنوب اليمني.

رابعاً: بداية مسلسل استبعاد الإنسان الجنوبي
كانت البداية لهذا المسلسل بانعقاد المؤتمر الأول للجبهة القومية في تعز عام 1965 . هذا المؤتمر هو بداية عملية الهولوكوست ضد الإنسان الجنوبي ، وفي نفس الوقت البداية الحقيقية لتعبيد الطريق أمام الشماليين للصعود إلى هرم السلطة والانتشار الواسع في مؤسسات ودوائر الدولة الجنوبية التي يقال أنه عند إعلان الوحدة وذهاب الجنوبيين إلى صنعاء نسبة كبيرة من الكادر الجنوبي هم من الشمال. فيما اليوم آلاف الجنوبيين تم تسريحهم من أعمالهم.

مؤتمر الجبهة القومية في تعز عبر عن الترابط ما بين النضال ضد الاستعمار البريطاني وضد الحكام الإقطاعيين من سلاطين وأمراء ومشائخ وبورجوازية استقلالية . ومن مفارقات الزمن أننا اليوم نرى على رأس الحراك الجنوبي هؤلاء السلاطين والأمراء والمشائخ الذين يرفضون الضم والإلحاق والذين استبعدوا من أرض الجنوب ، في حين لم نرى شمالي واحد لا في السلطة ولا في المعارضة يتعاطف مع قضية الجنوب ، بل كلهم يسعون لدفن الجنوب وهويته من 1955 إلى يومنا هذا.

>>>>>يتبع<<<<<

__________________
رابطية من الرعيل الاول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس