[نيران الثورة]

يندهش المرء وهو يسمع ويقرأ ويشاهد بعض القادة والمثقفين العرب ووسائل الإعلام العربية وبشكل مستمر يشكون من السيطرة الأمريكية والغربية وتدخلاتها في شئون المنطقة العربية. وكذا التدخل الإسرائيلي في شمال العراق والسودان والقرن الأفريقي. ثم من التدخل الإيراني في لبنان والعراق والبحرين وفلسطين وشمال اليمن .. الخ لكننا بالمقابل لم نجد أحدا منهم يفسر ويوضح لنا أسباب هذه التدخلات في الشأن العربي وبصورة صريحة وواقعية. لأنهم ببساطة يهربون من تحمل مسؤولياتهم الوطنية والقومية والإنسانية في حل مشاكل وطنهم العربي .

وسنبين هنا مثال لإشكال عربي له أكثر من عقد ونيف في جزء من جسد الأمة العربية وهو قضية شعب الجنوب.. هذا الشعب الذي احتلت أرضه وامتهنت كرامته علي يد سلطات صنعاء منذ 7/ 7/1994م. فظل هذا الشعب يرفع صوته وينادي أشقائه العرب إلى مساعدته على رفع الظلم عن كاهله, فلم يجد من يستمع إليه. فأعتقد أن صوته لم يصل إليهم. فخرج منذ أكثر من ثلاث سنوات إلى شوارع مدنه في مسيرات ومظاهرات واعتصامات سلمية حضارية. وبدلا من أن تحتكم سلطات صنعاء إلى صوت العقل في التعامل مع رغبات ومطالب شعب الجنوب جابهتها بأبشع وسائل القتل والتعذيب, ومن غير المعقول أن يكون العرب لم يسمعوا ويشاهدوا ما يجري على ارض الجنوب من جرائم بحق الإنسانية, فقد تكرمت بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية بنقل وقائع الكثير منها.

ومع الأسف وبمرارة نقولها لمسنا تعاطفا وإدانة من منظمات وشعوب غير عربية لما يجري على ارض الجنوب, لكننا بالمقابل لم نسمع ولم نلمس ذلك من أشقائنا العرب وان سمعناه من مثقفين ومنظمات مجتمع مدني كان على استحياء. ومع ذلك فإن أمل شعب الجنوب فيهم لم ينفذ بعد. ويأمل منهم الالتفات إلى قضيته قبل فوات الأوان. ونجدهم ذات يوم يتباكون من التدخل الأجنبي والإيراني في قضية هذا الشعب. فشعب لا يمر يوما واحدا إلا وتزهق منه روحا بريئة وتسفك دماء أبناءه برصاص قوات الاحتلال ـ قوات الجمهورية العربية اليمنية ـ ويعذب المئات من مناضليه في سجون سلطات صنعاء حتى الموت. شعبا يموت جوعا.

في اعتقادنا لا يوجد فرق بين الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبين احتلال اليمن الشمالي لليمن الجنوبي. فالاحتلال لا يقاس بعقيدته ولون بشرته وعينيه والمسافة البعيدة التي يأتي منها وإنما باحتلال الأرض ونهب الثروات وامتهان الكرامة وتدمير الهوية... الخ وهذه صفات ووقائع كلها تجري على ارض الجنوب. إذاً هو استعمار بعينه.

وبما انه استعمار فإننا باسم شعب الجنوب نتوجه بالدعوة الصادقة إلى كل القيادات العربية وفي مقدمتهم قادة الدول العربية الكبرى وإلى قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني إلى إعطاء قضية هذا الشعب حقها قبل فوات الأوان. لأن هذا الشعب الذي مازال يمارس نضاله لنيل حريته وتقرير مصيره عن طريق الوسائل السلمية الحضارية لن يظل على هذا الحال. فهو شعب ليس جبانا ولديه قدرة على حمل السلاح وله تجارب مشرقة وناصعة في مقاومة مغتصب أرضه وسجلها التاريخ بأحرف من نور وفي زمن ليس ببعيد.

إن شعب الجنوب لا يطلب من أشقائه العرب إرسال الجيوش لتحرير أرضه وإنما لديه مطالب بسيطة ومشروعة وهي:

1. أن يتفهم العرب لقضيته بما يؤدي إلى وقف نزيف الدم الجنوبي الذي تسفكه كل يوم سلطات صنعاء.

2. ارسال لجنة عربية لتقصي الحقائق لما يجري على ارض الجنوب من جرائم بحق الإنسانية.

3. إعطاء الحق لشعب الجنوب في تقرير مصيره والاستقلال التام من قوى الاحتلال.

4. العمل بما جاء في قرارات مجلس الأمن الدولي 924و 931 لعام 94م التي رفضت فرض الوحدة بالقوة.

أيها الأشقاء العرب إن جنوبكم يستغيث بكم ويطالبكم بهذه المطالب البسيطة. وهو على ثقة أنكم إذا تركتموه لجلاده فلن يتركه الله وسوف يسخر له مناصرا مهما طال الزمن أو قصر ومهما كبرت تضحياته وعذاباته. ولكن أعلموا أنكم محاسبون أمام الله ثم أمام التاريخ. ونأمل أن لا نجدكم ذات يوم تتباكون من تدخل الغير في قضيته وهم كثر ومستعدون. فلا تجبروا شعبا يسير فيما لا يرغب فيه. فقد أباح ديننا الإسلامي الحنيف المحظورات وقت الضرورات.

والله من وراء القصد



ملحوظة:

إخواني وأخواتي أبناء الجنوب داخل الوطن وفي ارض الشتات والمهجر باسم أرواح الشهداء ودماء الجرحى وعذابات الأسرى أوصلوا هذه الاستغاثة إلى كل قائد ومثقف وناشط عربي وكل وسيلة إعلامية متاحة لكم . حتى لا يأتي يوما يقول فيه العرب أنهم لم يسمعوا بقضية شعبكم