[عبدالله السنمي]

أن ينتفض الشعب في الجنوب ضد الوحدة المشوهة المزيفة ، وما رافقها من إحتلال ممنهج ومدروس
لكل ما هو جنوبي ، كل ذلك شيء يعكس الروح العزيزة لابناء الجنوب ، ولكن الاهم من كل ذلك
هو كيف يستطيع قادة الجنوب أن يحددوا إتجاهات نضالهم ووسائلة وقواعدة ، لان البناء على اساس
سليم هو الذي يرتفع عليه البنيان بثبات وقوة ومتانة ، وبستطيع الصمود امام هجمات الاعداء .
ولذلك هناك الكثير من الصعاب والدرب سيكون طويلا وليس سهلا ، وضوروة توفر متطلبات العمل النضالي
وأود الاشارة الى أهمها وهي كثير بالتأكيد :
أولا : ضرورة الاتفاق والتسليم من كافة أطياف العمل السياسي في الجنوب أن المرحلة التي نحن فيها تختلف
عن كل المراحل التي عشناها في الماضي من حيث طريقة التفكير وثقافة التعامل مع الشريك في العمل
الوطني ، والتخلي عن الاساليب التي كانت في الماضي التي يعرفها الجميع ، والتسليم بتبني ثقافة الحوار السلمي الصريح وإحترام الرأي الاخر ، ويعد الجميع شركاء في الوطن وإن وجد الاختلاف ، فهو ظاهرة ايجابية للوصول الى الرأي السليم بطريقة ديمقراطية . دون الانتقاص من الاخرين مهما كانت الظروف . وتجربة الوحدة مع نظام صنعاء أوضح درس للجنوبيين ليتعلموا معنى أن يهمش الاخر وتطمس هويته ودوره .
ثانيا : وضع برنامج عمل متشعب الجوانب ، سياسي ، إعلامي ، جماهيري ، بالداخل والخارج ، وتوصيل
صوت الجنوب والقضية الجنوبية الى كل المحافل الدولية ، وهذه نقطة في غاية الاهمية ، فالاعلام له دور قوي
في ظل الاعلام المفتوح .وسوف يؤثر تأثيرا بالغا ويهتز له عرش النظام الظالم بصنعاء ، وكما يقولون الاعلام نصف المعركة .
التواصل المستمر في الاحتجاجات ودون ملل أو كلل ، ومهما كانت التضحيات ، وتوثيق كل ما يجري من تظاهرات
وكل أعمال القتل والتنكيل بالجنوبيين ونقلها الى العالم كله عبر المنظمات والهيئات ذات العلاقة بحقوق الانسان
والمناصرة لحق الشعوب في تقرير المصير . وفضح ممارسات النظام الاجرامية بكل الوسائل المتاحة عربيا وعالميا حتى يجد نفسه محاصرا بقضية لم يحسب حسابها بل أنه الى اليوم يستهين بهذه التظاهرات الشعبية
ويوهم نفسه بهزالتها وفشلها نظرا لما يظن أنه يمتلك من أوراق مع الدول الاقليمية والدولية الفاعلة وحجب التاييد
لهذة القضية . وهذا ربما يكون صحيحا بعضا الشيء في هذه المرحلة ، مرحلة تشكل الثورة الشعبية ومرحلة بناء التلاحم الوطني وبناء الفكرة الوطنية وترسيخها في كل أبناء الجنوب ، ولكن عندما تنضج هذه التظاهرات
والاعتصامات وتشل حركة الحياة في الجنوب ، وفي ظل عمل منظم وراقي يتجاوب مع متطلبات الطرح الدولي
فأن الدول جميعا سوف تقر بواقع جديد على الارض الجنوبية ، بل وتدعو النظام الى التعامل معه كما هو .
وتجارب العالم هكذا هي ، الدول لا تنشىء واقعا ، ولكنها سرعان ما تعترف بواقع تأسس على الارض .
ونحن هكذا سنجل العالم يعترف بأن الواقع في الجنوب تغير نحو تحديد مصير آخر غير الضم والالحاق .