[نسر الجنوب]

من الذي سحل الشهيد الحدي .. الاحتلال أم قادة الحراك ؟؟

خليج عدن


أخشى أن أقول أن سلطات احتلال الجمهورية العربية اليمنية ماضية في طريقها وضمن أجندتها الكبيرة بهدف إثبات أن الحراك الجنوبي مجرد فقاقيع غوغائية من البيانات المتزاحمة التي انتشرت كوباء مرضي أشبه ما يكون بوباء "حمى الظنك " الذي اجتاح الجنوب بالتزامن ، ومجموعة من الرموز والقيادات التي لم تتفق بعد ماذا تريد بعد أن تخطو ، مشغولة في حبك وسجع وترتيل خطاباتها الرنانة التي لا تتجاوز حدود الكلمات والحبر الذي كتبت فيه.

قادتنا الكبار الذين كبروا وانتفخوا بحجم القضية وبحجم الشعب الجنوبي الثائر والصامد والمرابط في ميادين الشرف والتضحية والرجولة ، نجدهم أمام فراغ كبير أيضا من التكتيك والعمل المتقن والموحد والمسئولية التاريخية التي أوكلت لهم ، إيمانا ووفاء من الشعب الجنوبي العظيم الذي أوصلهم لسدة رئاسة المجالس والهيئات والتكوينات وفوضهم التحدث بلسانه اللاهج بشعارات الثورة وعبارات الغضب المنادية بالتحرر والاستقلال من أسوأ احتلال عرفه التاريخ ، والممزوجة بدماءه الطاهرة المسفوكة عرضا وطولا في تراب وطننا الجنوبي المحتل ، أملا في أن تنبت هذه الدماء النقية كنقاء سرائر أصحابها وأشلاء الشهداء وقوافل الجماجم الشامخة - التي قبّلت ذرات جنوبنا الحبيب – وطنا جنوبيا محررا ترتفع فيه رآيات الاستقلال على جبال شمسان وردفان وجحاف ويافع والمهرة وروابي حضرموت وشبوة وسهول أبين ، وتعلو فيه أصوات الحرية مجلجلة " بلادي بلادي الجنوب وجمهورية عاصمتها عدن ".

سلطات الاحتلال اليوم تسعى وبكل إمكاناتها الخبيثة وأساليب المكر والخداع المتاحة وغير المتاحة تساندها في ذلك أيادي المؤامرة والغدر لاستكمال وإنجاز البنى التحتية اللازمة لاستضافة البطولة الرياضية (خليجي 20 ) على أرض الجنوب المحتل وفي عاصمته التاريخية والسياسية (عدن!!!) سعيا لإثبات قوتها القابضة على الجنوب لدول مجلس التعاون وللعالمين العربي والغربي كما رأى ذلك محللون ، ومحاولة إظهار زيف ما يردده الحراك الجنوبي وخطابات قادته ( الرعناء ) – التي تجاوزت إن لم تخني الذاكرة الثلاثة - الرافض لإقامة البطولة على أرضه المحتلة معتبرا ذلك تكريسا لشرعية الاحتلال من قبل أشقاء ( الرياضة ) وبل ومشاركة في شرعنة الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها شعب الجنوب الصابر.

أعتقد أن الأشقاء في مملكة البحرين يعملون بكل تفاني من أجل سحب الاستضافة من اليمن أكثر مما يحتم على قادتنا ( الأشاوس ) أن يفعلوه – مع إدراكنا لاختلاف الأهداف والأسباب – إلا أنها بالأخير تأتي لإظهار الوطن وإعلاء راية وجوده بفخر يعتزان له الشعب والوطن معا ، فالمسئولية أمام مكونات الحراك الجنوبي عظيمة تجاه ذلك ، وتنظيم مسيرات حاشدة في كل الجنوب لرفض ذلك مثالا ، فهي أبلغ رسالة سيفهمها الأشقاء وسيحول الاحتلال دون وصولها إن لم يعد لها الإعداد الجيد والمسئول ..!!

أدرك وأنا أكتب هذه الحروف أن هناك من ستلفحني نيران شتمهم ، وخصوصا اولئك المجندون المخلصون لتبييض الوجوه وتلميع الخدود لاولئك القادة المفعمون بنشوة الزعامة والغارقون في متاهات الخلاف ، والبعيدون كل البعد عن طموحات وألم وأمل المواطن الجنوبي المغلوب الذي أنهكت الأرض أقدامه الطاهرة وهي تعفر التراب بكبرياء بحثا عن وطن بين ذراته الغالية التي نجستها يوما – ولا زالت - أقدام المجوس و(تبيعها) في المزادات السرية ضعاف النفوس.!!

أكتب هذه الحروف بقهر دمع له قلبي وتفطر واولئك الأنذال من مقبّلي أحذية الأصنام يمثلون بجثة الشهيد الجنوبي البطل علي صالح الحدي اليافعي ، ويقذفون جسده الطاهر بعبارات النابية والأوغاد والجبناء ظنا منهم أن ينتقموا لخزيهم وعارهم وهم يعجزون أمام ليثا من ليوث التحرير عانق البندقية ورحب بالموت دفاعا عن كرامة وشرف ورجولة وقضية وتاريخ كل جنوبي حر وغيور.

رحمة الله على الشهيد ورحمة الله على كل شهدائنا الأبطال ، لكنني أكثر ترحما على قادتنا – الذي يعزونا الأمل لأن ينتصروا للحدي والجحافي وقيراط والقحوم وأولاد حنة والبكري وطماح والحريري وينتصروا لأحمد ونسرين وفاطمة وكل شهيد نالته أيادي الغدر والجريمة – الذين لم ينصفوا دماء الشهداء والجرحى بعد ، وهم في أوج خلافاتهم أشلاء مبعثرون ، يسحلون جثامين الشهداء كل يوم ألف مرة بتفرقهم وعنادهم وغرورهم وتعاليهم وغمرتهم التي بها لا يشعرون!!

اقسم أن الحدي مات مرة واحدة برصاص اولئك الأوغاد وسيضل حيا في نفوسنا إلى يوم الأشهاد ، لكنه سيموت ألف مرة إذا أدرك أنكم يا قادة الحراك عن ما بذل من أجله روحه لستم بمسئولون ، وأنكم مجرد أشباح تخلو من التنسيق والتنظيم وروح التنازل من أجل الوطن والحرية والاستقلال.!!

إياد الشعيبي- سويسرا