عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-04-20, 09:56 AM   #1
الضويبي
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-09-18
المشاركات: 2,610
افتراضي المعارضه اليمنيه؟ من التثوير ومنابر التكفير الى براميل التشطير؟

الخميس, 17-إبريل-2008
نبأ نيوز- خاص/قراءة تحليلية: نزار العبادي -

مرّ عام تقريباً منذ تبنى حلف اللقاء المشترك (المعارضة اليمنية) رهان "تحريك الشارع"، وبات من الأهمية بمكان أن تضع ساحة الرأي العام اليمني نفسها أمام عدة تساؤلات: لماذا لجأت أحزاب المشترك إلى الشارع؟ وهل طاوعها الشارع أو عصي عليها ترويضه؟ وأين هي اليوم مما تريد، وأين الشارع منها؟ وعلامَ يراهن المشترك: أن يجتاز به الشارع التجارب الانتخابية إلى مواضع صنع القرار، أم أن يلازم البقاء فيه لدفع السلطة لإصلاح الأوضاع، أم أن يتخذ الشارع وسيلة نخر لأساسات بنى الدولة، ويترقب حدوث الإنهيار!؟ وأي حصاد يا ترى يجنيه اليمنيون اليوم من شارع المشترك!؟



• لمــاذا الشـــارع..؟
قد يستدعي تفسير خيار المشترك في "تحريك الشارع" عودة صغيرة إلى عشية إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ يومها لم يجد المشترك متسعاً من الوقت للإحتفاء بقوة مخرجات تجربته البكر في المنافسة الانتخابية المفتوحة في نفس الوقت الذي لم يجد الحزب الحاكم بداً من الإعتراف بأن "الوضع كان صعباً"..
فخروج المنظمات المحلية والدولية ولجنة المفوضية الأوروبية بتقارير تزكي نزاهة وشفافية الانتخابات بقوة، ثم خروج بعض زعماء العالم- وفي المقدمة الرئيس بوش- بشهادات مماثلة، قطع الطريق أمام المشترك للعودة إلى ساحة الرأي العام من خلال ما يمكن أن يثيره من طعون، وشكوك بعدالة الانتخابات– كما تجري العادة في كل مكان لدى الطرف الخاسر في تفادي الإنتكاسة المعنوية التي تسببها "الهزيمة" لدى قواعده!
كما أن "الهزيمة" الإنتخابية تزامنت مع تطورات كبيرة على الصعيد السياسي والتنموي- على حد سواء- لدى الطرف المنتصر، وكان منها إنبثاق حراك قوي جداً باتجاه مشروع الإندماج اليمني بدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك إحتضان العاصمة البريطانية لندن لـ(مؤتمر الدول المانحة) الذي خرجت منه الحكومة بأكثر من ستة مليارات دولار مكرسة لتقليص الفجوة التمويلية في الخطة الخمسية الحالية.. ثم أعقب ذلك إنعقاد (مؤتمر فرص الاستثمار) الذي تدفقت على إثره الشركات العالمية نحو اليمن بحثاً عن "فرص ذهبية" في بلد بكر..
ولم يكن لهذه التطورات من معنى لدى اللقاء المشترك غير أنها "نذير" للقضاء على وجوده، لكونها ستنعش فرص السلطة في ترسيخ وجودها، وتحقيق برنامجها الانتخابي، من خلال ما ستعكسه من آثار إيجابية على الحياة المعيشية اليمنية، ومعدلات الفقر والبطالة، والمشاريع الخدمية والتنموية، وغير ذلك من الآثار التي سيضمها المواطن إلى رصيد السلطة وحزبها "المؤتمر الشعبي"، وبما يوسع من شعبيتهما على حساب نفوذ المشترك..
إن تلك الحسابات أوصدت كل أبواب الأمل أمام أحزاب المشترك في العودة مجدداً إلى الأضواء السياسية، وباتت كمن ينتظر "معجزة"!! وبتقديري إن "المعجزة" الوحيدة التي كانت متاحة آنذاك هي أن يعلن الحزب الحاكم عن مبادرة ما، يساعد بها تلك الأحزاب على العودة إلى ساحة العمل السياسي الوطني، تفادياً للبقاء في حالة يائسة- غالباً ما تقود إلى خيارات "إضطرارية" عادة ما تكون سيئة!
يبدو أن زحمة الأحداث حينذاك، لم تترك فرصة للحزب الحاكم لقراءة نفس الحسابات، لذلك وجد المشترك في إستفحال الأزمة السعرية، وبعض الملفات القديمة التي كانت موضع جدل جميع الجولات الحوارية مع المؤتمر- منها ملف "إزالة آثار حرب صيف 1994م"- ورقتين مهمتين بوسعه لو إستغلهما جيداً العودة إلى أضواء الملعب السياسي. وساعده في ترجيح الفكرة الأخطاء المتتالية التي إرتكبتها الحكومة- خاصة- في معالجتها للأزمة السعرية المتصاعدة التي ضاعفت من معاناة المواطنين.. حيث التنازلات والامتيازات المستمرة للتجار دون أن يقابلها مردود إيجابي، وإنفلات رقابة السوق، والكذب السافر الذي رافق البيانات "الوهمية" لوزارة الصناعة، وغيرها الكثير من الأخطاء التي إستثمرها إعلام المشترك أفضل إستثمار، وزادها تهويلاً لتكون في النهاية عنوان مشروع عودته إلى مسرح الحراك السياسي.. الذي يقود منه المسيرات والمظاهرات المناهضة لسياسة الدولة تحت عنوان "حراك الشارع"..!



• المنعطـــف الجنـــــوبي
لا شك إن الشارع اليمني لم يكن بحاجة إلى بطاقات حزبية ليتحرك مع هذا الحزب أو ذاك، لأن المعاناة التي ترتبت على إنفلات السوق، والتسويف بالمعالجات الملحة، كانت كفيلة بانضمام حتى عناصر المؤتمر الشعبي العام للفعاليات الاحتجاجية- حتى وإن كان منظموها يضعون أنظارهم على أهداف ذات بعد سياسي صرف!! ومن هذه الثغرة وجد المشترك فرصته الكبرى لتسويق ملف "إزالة آثار حرب صيف 1994م"، والذي تتصدره مشكلة "العسكريين المتقاعدين"..
وبحسب معلومات تم نشرها في حينها على موقع "نبأ نيوز"، فإن المشترك أقر في منتصف شهر مارس 2007م أوسع خطة لـ"تحريك الشارع"، وشكل اللجان الخاصة بها، وأعد جداولاً زمنية لأنشطته، في نفس الوقت الذي شكل الحزب الاشتراكي لجان "تنظيمية داخلية" لحصر العسكريين المتقاعدين مع بياناتهم التفصيلية، وفتح مقرات على مستوى المديريات، وبدأ بتشكيل تكوينات مدنية- كما هو الحال مع الجمعيات- والأهم من هذا هو أنه بدأ بالتنسيق مع عناصره في الخارج، ودفعها للتحرك باتجاه بعض الحكومات، والقوى السياسية بقصد الحصول على تمويل للحراك السياسي.. وهو ما تحقق له بفضل بعض الخصومات الإقليمية لليمن أحياناً، وأحياناً أخرى على خلفية تباينات المصالح الإقتصادية والأمنية لليمن مع بعض الدول الكبرى، التي لديها أيضاً أجندتها الخاصة في ضوء مشاريعها الاستراتيجية لمستقبل المنطقة- وهذا أمر يطول شرحه، ومليء بالأسرار!
لكن الحزب الاشتراكي لم يكن صاحب اليد الطولى في هذه التطورات، وما أعقبها من منعطف خطير، بل أن التجمع اليمني للاصلاح كان الأكثر فاعلية نظراً لسعة قواعده الشعبية، ومنابره الخطابية "منها المساجد"، ورصانة صفوفه التنظيمية، وقوة التهذيب العقائدي لعناصره التي تتمتع بروح عمل طوعي وإنضباط عاليين.. ويضاف إلى ذلك علاقاته الخارجية الواسعة– سواء في إطار دوائر التنظيم العالمي لحركة الأخوان المسلمين، أو غيرها، التي كفلت له دعماً لوجستياً كبيراً..
إننا لو راجعنا الخطاب السياسي والإعلامي لحزب الاصلاح في الفترة الممتدة من مارس 2007م وحتى نهاية نفس العام، لابد أن يلفت أنظارنا ذلك الكم الهائل من الخطابات التي تتحدث عن "ظلم أبناء الجنوب" من قبل السلطة "في الشمال".. ويمكنني الجزم بإن أول شرارة تحمل لفظتي "الشمال والجنوب"، والدعوة الصريحة للثورة على النظام إنطلقت من مقر الحزب الاشتراكي اليمني في "المعلا" بمدينة عدن يوم 21 مايو 2007م- أي عشية عيد الوحدة- ولكن لم تكن على لسان أحد القادة الاشتراكيين بل على لسان الأخ محمد قحطان- أبرز القيادات الحركية في حزب الاصلاح، والذي حصر خطابه داخل خارطة جغرافية حددها بـ"المحافظات الجنوبية والشرقية"!!
ويعد شهر مايو 2007م- الذي توافق في الثاني والعشرين منه ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية- هو موعد إطلاق مشروع تأجيج النزعة الانفصالية، وتاليب أبناء المحافظات الجنوبية على السلطة "في الشمال"، من خلال سرد جملة من المشاكل– في مقدمتها الفقر والبطالة- وتهويلها، وحصرها كمشاكل "جنوبية" فقط!
وخلال الفترة (20 – 30 مايو) جند حزب الاصلاح معظم كوادره النشيطه للمهرجانات التي كان يتنقل بها من مديرية الى أخرى، ومن قرية إلى ثانية في المحافظات الجنوبية حصراً، وغالباً ما كان هناك أكثر من مهرجان في اليوم الواحد، فيما كانت مشاركة بقية أحزاب المشترك أما درجة ثانية أو رمزية..
كما أن إعلام الإصلاح بدأ في تلك الفترة تخصيص مساحات واسعة جداً للحديث عن "الجنوب المظلوم والمنتهك والمستباح"، وكانت مشاكل الأراضي والمتقاعدين هي المدخل الخصب للجهر بالحديث عن "إحتلال شمالي للجنوب"، في نفس الوقت الذي سطع نجم "محسن باصرة"- رئيس فرع الاصلاح في حضرموت- ليفجر الصمت بقنبلة "نفط الجنوب للجنوب"، و"نفط حضرموت لحضرموت"، لتتعدد بذلك أسباب "الدعوة الانفصالية"، وتصطبغ المشكلة بصبغة (الاحتلال الشمالي) كمصطلح بديل عن (الوحدة اليمنية)!
وهنا ينبغي التأكيد على نقطة مهمة وهي أن حزب التجمع اليمني للإصلاح ليس حزباً إنفصالياً، وإنما وحدوياً، وتمثل الوحدة في أدبياته مرتكزاً مهماً، إلاّ أنه يدرك حساسية موضوع الوحدة بالنسبة للسلطة، وساوره الإعتقاد بإمكانية الإيحاء للسلطة بأن ثمة خطر يداهم أهم منجزاتها التاريخية بإختلاق بعض التهديدات الطفيفة، إلاّ أنه لم يحسن تقدير الحسابات، ولم يدرك أنه أشعل عود الكبريت وسط أرض يغمرها البترول!!



• من تحريك الشــارع إلى تثويــــره
لقد وضعت أحزاب اللقاء المشترك نصب أعينها خلال تلك الفترة برنامجاً محدداً تحت عنوان (تثوير المدن الجنوبية)، وهو نهج معروف لدى الأخوان المسلمين، وقد عمل به أيضاً تنظيم "الجهاد الإسلامي" في مصر في عهد الرئيس أنور السادات، وحتى سنوات من عهد الرئيس مبارك- وهو ما يكشف حجم دور وتأثير حزب الاصلاح في صناعة أحداث المحافظات الجنوبية، حيث أن بقية الشركاء (الحزب الإشتراكي والتنظيم الوحدوي الناصري) لا وجود لسياسة "التثوير" في مناهج عملهم السياسي، كونهم يأخذون بمبدأ "الإنقلاب" في التغيير السياسي.
ومن هنا إنحرف هدف المشترك من "تحريك الشارع" إلى "تثوير الشارع"- أي إتخذ منحى إنقلابي على النظام السياسي القائم! وطبقاً لذلك وجدنا أن أهم الاتجاهات التي إتخذها نشاط المشترك خلال فترة عام من بدء تحريكه للشارع تركزت في الآتي:
• أولاً: خلق تكوينات مدنية حقوقية (منظمات/ جمعيات/ إئتلاف/ هيئات)- الهدف منها هو أن تصبح مظلات (ديمقراطية) يتحرك تحتها الشارع، لتسويق أي خطاب أو دعوة أو ممارسة خارج العرف السياسي والديمقراطي والحدود القانونية، الأمر الذي يطلق أيدي هذه الأحزاب لممارسة الانتهاكات الدستورية بإسم هذه التكوينات.. كما حدث بالضبط مع جمعيات المتقاعدين وجمعيات العاطلين وغيرها التي إنتهكت قانون تنظيم المسيرات، وروجت للانفصال علناً، ورفعت أعلام الدولة الشطرية، وحرضت على العمل المسلح ضد الدولة، وارتكبت أعمال تخريبية- وكانت أحزاب المشترك هي الممولة، والراعية لفعالياتها، وهي التي تحميها كلما حاولت السلطة إخضاعها للمساءلة القانونية!
• ثانياً: تحريك المنظمات والنقابات والاتحادات والجمعيات (المرخصة) داخل مختلف قطاعات الدولة الخدمية والانتاجية بمطالبات حقوقية مكثفة، ودفعها إلى الاعتصامات والاضرابات والتظاهرات بقصد شل أو إرباك أداء مؤسسات الدولة، والحيلولة دون تنفيذ خططها وبرامجها، فضلاً عما يترتب من إستياء لدى المواطنين جراء تعطل مصالحهم خاصة في القطاعات الخدمية.
• ثالثاً: تحريك المنظمات والنقابات والاتحادات والجمعيات (المرخصة) بمطالبات مالية (زيادات/ تسويات) ومحاصرة الجهات المعنية بمدد زمنية قصيرة بقصد إستنزاف الموارد المالية للخزينة العامة للدولة، وإحداث عجز في الموازنات المرسومة للخطط والمشاريع المقرة ضمن برنامج الحكومة، وهو الأمر الذي سيضع جميع هذه الجهات موضع المساءلة أمام السلطة التشريعية عند إعدادها التقرير الستوي، وبما يجر عليها وصف "الفشل" في التخطيط والأداء.
• رابعاً: تنظيم المهرجانات والفعاليات السياسية، وإستثمارها في إستفزاز أجهزة السلطة– سواء من خلال رفض أخذ الترخيص المسبق، أو رفض الإلتزام بالمكان، والاختلاف على الحماية الأمنية، والتحرش بأجهزتها، وإفتعال الصدامات والمواجهات معها، بغية إشاعة الفوضى، والتذرع بتداعيات الأحداث من أجل المزيد من التصعيد، والتوتر، والاحتقان!
• خامساً: التعبئة المنظمة ضد أجهزة الأمن والجيش والتحريض عليها، بقصد تأليب الرأي العام ضدها، وجعلها موضعاً للإعتداء والاهانة، وبما يسقط هيبة الدولة، ويشجع على المزيد من التطاول على مؤسساتها، وقوانينها، ورموزها الوطنية.. كما أن ذلك يهدف إلى ترهيب أفراد هذه الأجهزة لدفعهم إلى التخاذل عن واجباتهم في حماية الأمن والاستقرار والمصالح العامة، وترددهم في الانصياع للأوامر العليا، الأمر الذي سيترتب عنه أما نشوء تمرد عسكري، أو ظهور نشاطات تخريبية واسعة.
• سادساً: ترويج مشاعر اليأس والاحباط، بهدف تحقيق أمرين: أولهما هو قتل ثقة المواطن بالنظام، وإقناعه بأن تغيير الحكم بات هو الحل الوحيد في ظل إنعدام العلاج، وثانيهما: لجعل المواطن يفكر بعقلية اليائس التي توحي لصاحبها بشتى الأفكار غير السوية، بما في ذلك الاستعداد للموت، أو إرتكاب أي فعل كان، بما في ذلك القبول بمنطق الانفصال، أو الاستعانة بالأجنبي، أو التخريب، وهي ممارسات لا يمكن القبول بها عندما يكون المرء بوضعه النفسي الطبيعي!
• سابعاً: تهويل قدرات المشترك، ونفوذه، وحجم فعالياته للإيحاء بأنه قد تحول إلى موضع إجماع شعبي، وبالتالي التأثير على ولاء المواطن بما يسميه علماء الاجتماع بـ"الايحاء الاجتماعي"- وهو السلوك العفوي للفرد حين يكون داخل مجموعة فيحاكي تصرفات أفرادها بغير سابق تفكير.. ويقابل ذلك أيضاً تفنيد إنجازات السلطة، وغرس الشكوك في برامجها وإجراءاتها، وإظهارها بمظهر العاجز، أو "الميت سريرياً" الذي ينتظر إعلان وفاته وتقاسم إرثه، وهو ما يصرف أي أمل عنها.. علاوة على إستخدام الاعلام كوسيلة لنشر الاشاعات، وإرباك المجتمع، وتشويه السمعة- كما هو الحال مع إشاعة وفاة رئيس الجمهورية، أو قيام إعلام الاصلاح بترويج عبارة الرئيس "الذي ما يعجبه يشرب من البحر" على أنه قالها حول الغلاء وأسعار القمح، بينما النص الأصلي للعبارة هو: "الذي ما تعجبه الوحدة يشرب من ماء البحر"- فكانت هذه الكذبة "الإسلامية" كفيلة بإثارة إستياء عامة الناس.
• ثامناً: تحريض القبائل- بصورة مباشرة وغير مباشرة- على ممارسة التقطع والاختطافات والعنف ضد المنشآت البترولية والمصالح الاستثمارية الحيوية، بدعوى المطالب الحقوقية في حصص نفطية، ونسب عمالة فيها، الأمر الذي ترجم نفسه بأحداث عنف حول هذه المنشآت لم يسبق لها مثيل. وكانت الغاية من ذلك هو حرمان الدولة من الموارد المالية، وشل حراكها التنموي، ثم توجيه رسالة لجميع الشركات الاستثمارية بأنها لن تكون في مأمن إذا ما أقامت مشاريعها فيها، أملاً في طرد الاستثمارات والحيلولة دون إنعاش الحياة المعيشية، للاعتقاد بأن ذلك سيدخل في رصيد السلطة، ويرسخ شعبيتها.



• الشتات التنظيمي
من متابعة التطورات التي أفضت إليها الساحة اليمنية خلال ما مضى من العام الجاري، فإن اللقاء المشترك يبدو للذين يستمدون معلوماتهم من وسائل إعلام المعارضة، بانه نجح في "تحريك الشارع"، وحشد المظاهرات، وقض مضاجع السلطة، والزج بها إلى أقصى زوايا الأزمات، وأنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من الاستحواذ على كرسي الحكم.. إلاّ ان قراءة الحقيقة بتجرد تكشف عن إتجاهات مختلفة للأحداث.
فعلى الصعيد التنظيمي، فإن المشترك الذي بدأ حراكه بستة أحزاب، هو اليوم عملياً حزبين فقط (الإشتراكي والإصلاح)، حيث أن التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري إنسحب في وقت مبكر من دائرة الحراك بعد إنحراف المسار نحو الدعاوى الانفصالية، وإحتضان كيانات "مبتذلة" يسميها الدكتور ياسين نعمان "المشاريع الصغيرة"، وبات إسمه يتردد "بروتوكولياً" ليس إلاّ! أما ما سواه من أحزاب فإنها لا تتعدى كونها بضعة أنفار تابعين لا أثر سياسي لهم باستثناء ما يكتبه بعضهم من مقالات.
كما أن تباين رؤى الحراك السياسي قاد إلى تمزق الجبهة الداخلية لكلا الحزبين (الاشتراكي والاصلاح)، فالاشتراكي توزع إلى تيارات عدة بينها ما هو وحدوي، وانفصالي، ومتبوع للخارج، بجانب أقطاب المسرح السياحي المتعددة بتوجهاتها الفكرية، ومواقفها من القضايا الوطنية المختلفةن بما في ذلك الموقف من العضو الاشتراكي من "اصل شمالي"..!
كما أن الاصلاح توزع بين جناح وحدوي، وآخر إنفصالي (برز لأول مرة - وتصدرته في الضالع ولحج قيادات مثل: محمد مسعد ناجي العقله وهو عضو مجلس محلي، وعبد الرقيب عبد الله، رئيس الغرفة التجارية سابقاً، ومناف مصطفى الهتار، خطيب جامع الحدي في "الجليلة" بالضالع، وآخرون).. وهناك جناح ثالث إنفتاحي تطبيعي، ورابع متشدد ورافض لشراكة الاشتراكي بالاساس، فيما الجناح القبلي آخذ بالابتعاد تدريجياً منذ وفاة الشيخ عبد الله الأحمر (رحمه الله)، وإنسحاب نجله الشيخ حميد الأحمر من لعبة "تحريك الشارع" بعد أن تحول المسعى إلى "تثوير" الشارع، بما يجعل الهدف الجديد تعدياً للخطوط الحمراء- التي لا تسمح بها أسرة آل الأحمر..
يضاف إلى ذلك أن جسور العلاقة بين الاشتراكي والاصلاح هي الأخرى آيلة للكثير من الخلافات في ضوء الوصول بالحراك إلى مسرح العصبيات المناطقية، وحسابات "تقرير المصير" التي لا تتوافق إطلاقاً مع مبدأ الشراكة- خاصة في ظل عودة الخطاب التكفيري، الذي ما زلت أصر على رأيي بأنه خطاب متعمد من قبل الجناح المتشدد داخل الاصلاح بقصد تعميق دوافع النزعة الانفصالية لدى أبناء الجنوب من جهة، ومحاولة لفض الشراكة بين الاصلاح والاشتراكي من جهة أخرى.. وكانت ردود الفعل المستاءة من قبل بعض القيادات الاصلاحية أزاء الخطاب التكفيري كفيل بكشف طبيعة الخلافات الدائرة بين أجنحة تجمع الاصلاح نفسه.
وفي الحقيقة إن الاصلاح الذي نجح في أعقاب الوحدة اليمنية- وخاصة بعد حرب 94م- في إستقطاب الكثير من الاشتراكيين إلى صفوفه، أسوة بالمؤتمر الشعبي، بات في الوقت الحاضر يعاني نفس مشكلة الحزب الحاكم، وهي (الردّة الاشتراكية)- أي جنوح أعضائه القادمين من خلفيات اشتراكية إلى تغليب النزعة المناطقية على الولاء الحزبي. فمعظم الاشتراكيين الذي إنضموا في أعقاب حرب 94م إلى الاصلاح أو المؤتمر كانت دوافعهم في ذلك البحث عن مظلة حماية، سواء للنفوذ الإجتماعي أو المصالح الخاصة، وهم اليوم يجدون في الحراك القائم في الجنوب "رجاء" العودة الى وضعهم أو نفوذهم السابق.. وهو ما سيضع كلا حزبي الاصلاح والمؤتمر أمام إشكالية العصبية المناطقية..!
الضويبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس