عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-16, 03:39 PM   #32
فتحي بن لزرق
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-27
الدولة: عدن المحتلة
المشاركات: 1,103
افتراضي

احتجاز بعض الأكاديميين وغيرهم من قادة الرأي

كانت جامعات جنوب اليمن من المراكز التي خرج منها عناصر من الحراك الجنوبي. فالطلاب من بين الناشطين والمُنظمين، وبعض الأكاديميين الجنوبيين قاموا بدورهم بالكتابة والمحاضرة عن القضايا التاريخية والاقتصادية الكامنة في صميم مظالم الحراك.
وقال أكاديميون وطلاب جنوبيون لـ هيومن رايتس ووتش إن الحياة الأكاديمية – التي لم تكن أبداً حرة تحت الحُكم الماركسي – تخضع حالياً لرقابة الشماليين والتضييق الشديد سياسي الدوافع. وقال أحد الأساتذة الجامعيين أن من بين الأكاديميين في جامعة عدن – ولها فروع في مختلف مدن الجنوب – فإن العميد الوحيد الباقي من أصول جنوبية هو عميد كلية التعليم في يافع. وجميع العمداء الآخرين من الشمال، وكذلك الإدارة العليا للجامعة، على حد قوله.[198]
ونتيجة للحضور الكثيف لعناصر الجيش اليمني الشمالية في المناطق الجنوبية، فإن الشماليين، لا سيما العسكريين في البرامج الدراسية، يُشكلون جزءاً يعتد به من الطلاب. وأحد الأكاديميين يُقدر أن 30 في المائة على الأقل من هؤلاء، على حد قوله، يحصلون على منح دراسية ومناصب في الجامعة.[199] ومن ثم يشعر الكثير من الطلاب والأساتذة في الجامعة بالإجحاف مهنياً وأكاديمياً.[200]
وقامت إدارات الجامعات اليمنية بتضييق الحريات الأكاديمية وحرية التعبير في الجامعات والمعاهد ومؤسسات التعليم العالي الأخرى في شتى أنحاء الجنوب. وتعرض الأساتذة والطلاب الذين شاركوا في الحراك الجنوبي للاعتقالات والتهديدات والإجراءات التأديبية والطرد.
وتنشط مختلف الجهات الأمنية في الحرم الجامعي، وتراقب المنشقين مراقبة لصيقة. وللأمن السياسي حضور جامعي خاص، من أعمال مراقبة واحتجاز واستجواب لأي طالب أو أستاذ يشارك في الاحتجاجات. وقال أكاديميون لـ هيومن رايتس ووتش إن الهيئات الأمنية لها مجموعة منظمة من المخبرين، إذ تُكلف طلاب معينين في قاعات الدرس بإمداد الهيئات الأمنية بالملاحظات المدونة من المحاضرات.[201]
الطلاب الذين يشاركون في الاحتجاجات يتعرضون للتبعات من قوات الأمن ومن السلطات الأكاديمية. محمد عبد الله مثنى، الطالب بالصف الخامس بكلية الهندسة، قال لـ هيومن رايتس ووتش كيف احتجزه الأمن المركزي مع 30 إلى 35 طالباً آخرين، من الرجال والنساء، في الحرم الجامعي لجامعة عدن أثناء احتجاج 10 مايو/أيار 2009، المنعقد للمطالبة بالإفراج عن الناشطين المحتجزين. وتم احتجازه لمدة يومين، ثم أُمر بكتابة تعهد بعدم المشاركة في الاحتجاجات في المستقبل، قبل إخلاء سبيله. وإثر الإفراج عن الطلاب، هددت الجامعة بطرد 15 طالبة خضعن للاحتجاز. كما تعرض محمد للتهديد من مساعد مدرس (والطالب بالدكتوراه من شمال اليمن)، إذ قال له الأخير إنه إذا استمر في المشاركة بالاحتجاجات، فمن المؤكد أنه سيرسب ويُجبر على إعادة السنة.[202]
احتجاز حسين عاقل

من بين الأكاديميين المحتجزين حالياً الأستاذ الجامعي حسين عاقل ، الذي يقوم بتدريس الجغرافيا الاقتصادية بجامعة عدن. ففي أبريل/نيسان 2009 كتب الأستاذ عاقل مقالاً في صحيفة الوطني بعنوان "مبادرة التجمع الأكاديمية حول توحيد هيئات الحراك الجنوبي"، بتوقيع من 14 أكاديمياً (تم إنكار بعض التوقيعات فيما بعد).[203]
وإثر نشر المبادرة، استدعى رئيس جامعة عدن، د. عبد العزيز الحبتور، بعض الأساتذة الأربعة عشرة (تسعة منهم من جامعة عدن)، وطالبهم بإصدار اعتذار، وهددهم بفقدان رواتبهم وتجميد عملهم بالجامعة، ومنع الترقيات عنهم.[204] ثم تناقلت التقارير عقد د. الحبتور لمجلس الجامعة، الذي أصدر قراراً بتجميد الموقعين لمدة ستة أشهر عن العمل في الجامعة، ومنع أية ترقيات لهم، رغم عدم تنفيذ هذا القرار حتى الآن.[205]
كما ألقى د. عاقل محاضرات، وكتب عن الفساد والمحسوبية، في منح الأراضي وعقود استكشاف حقول النفط في الجنوب، وهي قضية حساسة؛ لأنها تؤدي عادة إلى اتهامات بحق الرئيس وعائلته. وكتب سلسلة مقالات عن النفط في صحيفة الوطني، وناقش فيها كيف أن عائلة الرئيس وقبيلته أخذوا أراضي للدولة حول حقول شبوة النفطية لصالح استكشاف الشركات الخاصة لحقول النفط، ذاكراً أكثر من مائة عضو من عائلة الرئيس.[206] كما حاضر طلابه في الجامعة عن الفساد المتعلق بالنفط، ووضع في اختباراته سؤالاً للطلبة عن هذه القضية.[207]
وبدءاً من مطلع مايو/أيار، سعت قوات الأمن إلى القبض على الأستاذ عاقل ، فوضعت نقاط تفتيش بالقرب من بيته. وقال أحد أقاربه إنهم عندما لم يتمكنوا من معرفة مكانه، اعتقلوا ابنه البالغ من العمر 13 عاماً، صدام حسين عاقل، لمدة أسبوعين، بدلاً منه كرهينة. وظل رهن الاحتجاز مدة أسبوعين في مركز شرطة طوبان، مع محتجزين آخرين في نفس عمره تقريباً.[208] وفي 7 يونيو/حزيران تم احتجاز عاقل من حرم جامعة عدن. ونُقل بعد ذلك إلى الاحتجاز طرف الأمن السياسي في صنعاء. وبدأت محاكمته في 10 أكتوبر/تشرين الأول بتهمة "التحريض على الفتنة وثقافة الكراهية في المجتمع" و"نشر مقالات تمس وحدة اليمن". [209]
تحديد إقامة صالح يحيى سعيد في منزله

تناقلت التقارير حضور صالح يحيى سعيد – أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن وأحد الموقعين على "مبادرة الأكاديميين" المنشورة في صحيفة الوطني – لاجتماع الضالع 12 يونيو/حزيران للقيادات الحراك الجنوبي. وتم الإعلان في بيان بعد الاجتماع عن تعيينه نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.[210]
وفي مطلع يوليو/تموز، حاصرت قوات الأمن منزل الأستاذ سعيد في عدن، ووضعته فعلياً قيد الاعتقال المنزلي. وفي 10 يوليو/تموز احتجزت قوات الأمن ابن الأستاذ سعيد البالغ من العمر 25 عاماً إثر صلاة الجمعة في مسجد عدن، وقالت له إنه محتجز كرهينة إلى أن يسلم أبوه نفسه للشرطة.[211] وتم الإفراج عن الابن بعد 24 ساعة، وقالت له قوات الأمن إنها ستحتجز أبيه ما إن يخرج من بيته.[212]
وقبل يومين، في 8 يوليو/تموز ذهبت مجموعة من زملاء الأستاذ سعيد لزيارته إبداءً للتضامن معه. وقال أحد هؤلاء الأساتذة فيما بعد لـ هيومن رايتس ووتش كيف احتجزتهم الشرطة وعنفتهم إثر الزيارة:
كان هناك نحو عشرين رجلاً يجلسون إلى جوار المنزل. عندما خرجنا منه الساعة 6 مساءً، في سيارتين، سجلوا أرقام السيارات لديهم. وفجأة أحاط بنا الأمن.
ذهبت مع أستاذ آخر في سيارتي إلى خور مكسر. توقفنا على مسافة كيلومترين، في جولة عريش. وقالت لنا الشرطة أن نتوقف، وفتحوا الباب، وأخرجنا أربعة رجال شرطة من السيارة، وفتشوها، وصادروا 8000 ريال [40 دولاراً] مني و10 آلاف ريال [50 دولاراً] من زميلي، وهواتفنا النقالة. فتشونا أيضاً. وأخذوا أوراق الهوية ودونوا أسمائنا... وبعد ساعة من المكالمات لا أعرف مع من، أعادوا إلينا الهواتف النقالة، لكن ليس النقود، وتركونا نمضي في سبيلنا.[213]
تم توقيف سيارة أخرى يستقلها أساتذة جامعيون كانت في طريقها إلى منطقة الشيخ عثمان في عدن، لدى نقطة تفتيش عبد القوي. تم اصطحاب الرُكاب الثلاثة جميعاً إلى مركز شرطة مندانة، حيث تم استجوابهم لمدة خمس ساعات قبل الإفراج عنهم.[214] أحد الأساتذة المحتجزين روى لـ هيومن رايتس ووتش كيف جادل مع مسؤول الأمن بشأن معاملتهم، وسأل الضابط: "إذا كنتم ضربتم أكاديميين بهذه الطريقة، فكيف تعاملون الناس العاديين؟" فأجاب الضابط: "أنتم لستم أكاديميون، أنتم مخربون لوحدتنا".[215]
اختطاف عبد الخالق مثنى عبد الله

عبد الخالق مثنى عبد الله، 32 عاماً، مُعلم من عدن وناشط سياسي يسهم من الحين للآخر بمقالات لصحيفة الديار وصحف أخرى، وقد كسر تابو مناقشة التهميش السياسي للجنوب. وتحدث لـ هيومن رايتس ووتش عما يراه "تهميش سياسي وظلم للجنوب، وعدم مساوتنا بالشمال"، مشيراً إلى أنه في رأيه فإن الجنوب لم يحصل على نصيبه العادل وإنه من الواجب التأكيد على الحقوق الاقتصادية للجنوب:
توجد الكثير من الموارد في الجنوب، لكننا لا نرى أية مزايا... فالشماليون يأتون ويأخذون مواردنا، ولا نحصل على أي شيء. بالنسبة لنا نحن المثقفين، هذا الوضع غير مقبول.[216]
وفي 12 يوليو/تموز، غادر بيته متجهاً لحضور صلاة الجمعة في مسجد عدن، فاقترب رجل أمن في ثياب مدنية منه وأمسك بيده، وقال إنه يريد التحدث إليه، لكنه دفعه إلى داخل سيارة متوقفة ممتلئة برجال الأمن الذين عصبوا عينيه. وتحركوا به إلى منزل مجهول يبدو أنه مُستخدم كمركز احتجاز. وأثناء فترة احتجازه واستجوابه، لم يُعرِّف أي من الرجال نفسه أو الجهة التي يعمل لصالحها.
ومن السابعة مساءً وحتى الواحدة صباحاً، ظل عبد الله وحده في الحجرة، ثم نقلوه إلى حجرة الاستجواب، وبدأ ضابط ثاني في تدوين الأقوال. وبعد عدة أسئلة أساسية عن اسمه وسنه وعنوانه، بدأ المحقق في توجيه ألفاظ نابية:
سألني عن مركزي في الحراك الجنوبي، وبدأ يسبني، قائلاً إننا يجب أن نحب الوحدة وأشياء من هذا القبيل. ثم سألني إن كنت أحصل على مقابل مادي مقابل كتابة هذه الأشياء، ومن أعرف [من اليمنيين في المنفى] في لندن. وسألني عن كتاباتي، وإذا كنت حقاً أؤمن بـ "الوساخات" التي أكتبها، أو إذا كنت أكتب ما يدفعون "هم" مقابله كي أكتبه. وسألته إذا كان يريد مناقشة هذه الأمور معي، أم أنه لن يزيد عن الصياح في وجهي.
ثم هدد المحقق عبد الله:
توقف عن الكلام ثم قال: إذن فأنت فيلسوف! وأمر جندياً بالدخول. فدخل الجندي يحمل قناع رأس تتساقط منه الدماء، وقضيب حديدي. وقال المحقق: أترى؟ هذا ما كان يرتديه شخص حققت معه قبلك، والآن حان دورك! وبدأ في سبي وتهديدي من جديد.
وفي نهاية الاستجواب، ورغم التهديدات، لم يتعرض عبد الله لإيذاء بدني، في النهاية هدده المحقق: "قال لي، إذا رأيت أي مقالات أخرى لك فسوف أعيدك إلى هنا وأقتلك. لقد جئنا بك هنا بلا أي مشاكل، ويمكن أن نحضرك متى شئنا، لا مشكل".
وبعد الانتهاء من التحقيق، حوالي الخامسة صباحاً، تم تعصيب عيني عبد الله مجدداً، وأعيد إلى السيارة، ثم ركلوه إلى الشارع. قال: "أمروني بالنهوض وأنا معصوب العينين وأعادوني إلى نفس السيارة، التي راحت تجوب الشوارع كما حدث عندما جئنا. وفجأة ركلوني في ظهري، ووجدت نفسي اصطدم بالأسفلت، فقد كنت في الشارع".


Previous باسم الوحدةملخصI. التوصياتII. منهج التقريرIII. خلفيةIV. عن الحراك الجنوبيV. الاستخدام غير القانوني ...VI. الاحتجاز التعسفي ...VII. الرقابة على الصحافة ...VIII. احتجاز بعض الأكاديميين ...شكر وتنويه

Next
[198] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، ق. أ. أ.، تم حجب الاسم، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[199] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ.، تم حجب الاسم، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[200] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، أ. ي.، تم حجب الاسم، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[201] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذين جامعيين، ق. أ. أ.، وأ. ي.، تم حجب الاسماء، عدن، 12 و13 يوليو/تموز 2009.

[202] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبد الله مثنى، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[203] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، ق. أ. أ.، تم حجب الاسم، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[204] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، م. س.، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[205] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ.، 12 يوليو/تموز 2009.

[206] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ. 12 يوليو/تموز 2009.

[207] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع قريب لحسين عاقل ، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[208] السابق.

[209] انظر: “Court Prosecutes Yemeni Professor,” Alsahwa-yemen.netnews website, October 10, 2009, http://www.alsahwa-yemen.net/view_nn...09_10_10_73388 (تمت الزيارة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2009).

[210] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رشيد عجينة، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[211] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحد أقارب صالح يحيى سعيد، عدن، 13 يوليو/تموز 2009.

[212] السابق. طبقاً لأستاذ زميل، "حاولت الشرطة القبض على د. سعيد، لكنه رفض الخروج من بيته. وهو مثل أغلب اليمنيين، لديه أسلحة في بيته، من ثم خشوا من الدخول. في ثقافتنا من العار السماح للناس بالدخول إلى بيتك لاعتقالك. فقالت الشرطة له: ما إن تخرج من بيتك فسوف نعتقلك". مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أستاذ جامعي، م. س.، عدن، 12 يوليو/تموز 2009.

[213] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ق. أ. أ.، 12 يوليو/تموز 2009.

[214] السابق.

[215] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع م. س.، 12 يوليو/تموز 2009.

[216] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الخالق مثنى عبد الله، عدن، 11 يوليو/تموز 2009. جميع الأقوال والإشارات التالية الواردة في هذا الجزء مستقاة من هذه المقابلة.


فتحي بن لزرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس