عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-10-06, 04:48 PM   #2
نبيل العوذلي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2007-10-06
المشاركات: 885
افتراضي مواصلة 1

وحقيقة مثل هذا الواقع المتشابه قد تكلم عنه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ..وهو الواقع الذي يحصل فيه اختلاط الحسنات بالسيئات وازدحام الواجبات واجتماع المحرمات حيث يقول رحمه الله في المجلد التاسع عشر من مجموع الفتاوى
--- فأذا ازدحم واجبان لايمكن جمعهما فقدم اوكدهما لم يكن الاخر في هذه الحال واجبا ولم يكن تاركه لاجل فعل الاوكد تارك واجب في الحقيقة ..وكذلك اذا اجتمع محرمان لايمكن ترك اعظمهما الا بفعل ادناهما لم يكن فعل الادنى في هذه الحال محرما في الحقيقة وان سمي ذلك ترك واجب وسمي هذا فعل محرم باعتبار الاطلاق لم يضر ...الى ان قال ....وهذا باب التعارض باب واسع جدا لاسيما في الازمنة والامكنة التي نقصت فيها اثار النبوة وخلافة النبوة فان هذه المسائل تكثر فيها وكلما ازداد النقص ازدادت هذه المسائل ووجود ذلك من اسباب الفتنة بين الامة.فانه اذا اختلطت الحسنات بالسيئات وقع الاشتباه والتلازم فاقوام قد ينظرون الى الحسنات فيرجحون هذا الجانب وان تضمن سيئات عظيمة واقوام قد ينظرون الى السيئات فيرجحون الجانب الاخر وان ترك حسنات عظيمة والمتوسطون الذين ينظرون الامرين قد لايتبين لهم او لاكثرهم مقدار المنفعة والمضرة او يتبين لهم فلا يجدون من يعينهم العمل بالحسنات وترك السيئات لكون الاهواء قارنت الاراء
ولكن نجد ان ابرز ما يظهر لاقطاب هذه الفلسفة الكونية للواقع من اجل التعامل معه هو
اولا التعامل بالحيل مع هذا الواقع ..ولاتستغرب ان لهؤلاء فلسفة تأويلية للحيل
فلسفة الحيل
تعتبر مصر واليمن البوابتين الرئيسيتين اللتان دخلت منهما فلسفة الحيل الى العرب في الجزيرة العربية بسبب توغل الباطنية الفاطمية الصفوية فيهما..ولهم في هذه الفلسفة حجج دينية يستندون اليها كما ذكره ابن القيم في اعلام الموقعين
فصل(حجج الذين جوزوا الحيل

قال أرباب الحيل: قد أكثرتم من ذم الحيل، وأجلبتم بخَيْل الأدلة ورَجْلها وسمينها ومهزولها، فاستمعوا الآن تقريرها واشتقاقها من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأئمة الإسلام، وأنه لا يمكن أحداً إنكارها.
قال الله تعالى لنبيه أيوب: {وَخُذْ بيدك ضِغْثاً فاضرب به ولا تحنث} فأذن لنبيه أيوب أن يتحلل من يمينه بالضرب بالضِّغْث، وقد كان نَذَرَ أن يضربها ضرباتٍ معدودة، وهي في المتعارف الظاهر إنما تكون متفرقةً؛ فأرشده تعالى إلى الحيلة في خروجه من اليمين، فنقيس عليه سائر الباب، ونسميه وجوه المخارج من المضائق، ولا نسميه بالحيل التي ينفر الناس من اسمها.
وأخبر تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام أنه جعل صُوَاعَه في رَحْل أخيه يتوصل بذلك إلى أخذه من إخوته، ومَدَحَه بذلك، وأخبر أنه برضاه وإذنه، كما قال: {كَذَلِكَ كِدْنا ليوسف، ما كان لِيَأخُذَ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله، نرفع درجاتٍ مَنْ نشاء، وفوق كل ذي علمٍ عليمٌ} فأخبر أن هذا كيده لنبيه، وأنه بمشيئته، وأنه يرفع درجة عبده بلطيف العلم ودقيقه الذي لا يهتدي إليه سواه، وأن ذلك من علمه وحكمته.
وقال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً، ومكرنا مكراً، وهم لا يشعرون} فأخبر تعالى أنه مكر بمن مكر بأنبيائه ورسله، وكثير من الحيل هذا شأنها، يمكر بها على الظالم والفاجر ومن يعسر تخليص الحق منه؛ فتكون وسيلة إلى نصر مظلوم وقهر ظالم ونصر حق وإبطال باطل.
والله تعالى قادر على أخذهم بغير وجه المكر الحسن. ولكن جازاهم بجنس عملهم، وليعلم عباده أن المكر الذي يتوصَّلُ به إلى إظهار الحق ويكون عقوبة للماكر ليس قبيحاً.
وكذلك قوله: {إنَّ المنافقين يُخَادعون الله وهو خادعهم} وخداعه لهم أن يظهر لهم أمراً ويبطن لهم خلافه. فما تنكرون على أرباب الحيل الذين يظهرون أمراً يتوصلون به إلى باطن غيره اقتداء بفعل الله تعالى؟
وقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاث، فقال: لا تفعل، بع الجميع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً» وقال في الميزان مثل ذلك، فأرشده إلى الحيلة على التخلص من الربا بتوسط العقد الآخر، وهذا أصل في جواز العِيَنةِ.
وهل الحيل إلا معاريض في الفعل على وِزان المعاريض في القَوْل؟ وإذا كان في المعاريض مَنْدوحة عن الكذب ففي معاريض الفعل مَنْدُوحة عن المحرمات وتخلص من المضايق
نبيل العوذلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس