عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-08-25, 08:22 PM   #3
بوعمر
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-23
المشاركات: 368
افتراضي

جمهورية حضرموت المتحدة




الجزء الثالث












مدخل

في الجزئيين الماضيين حاولنا التطرق إلى مفهوم المؤامرة العالمية على الأمة الحضرمية ، وفي هذا الجزء سأحاول جاهداً قراءة الاستقلال الحضرمي من خلال المشروع الأول لاستقلال الأمة الحضرمية ...






" عمر سالم باعباد "

صاحب هذا الاسم هو صاحب المشروع السياسي الحضرمي الأول ، وكنا قد أوردناه في الجزء الأول في إشارة إلى المشروع الحضرمي المجاز ، وهو بحق الأب الروحي للساسة الحضارمة فقد أنجب الفكرة وتبناها ، ولكنها لم تظهر على الواقع شأنها شأن كل المشاريع الحضرمية التي ماتت في المهد الأول نظراً للمؤامرة على الوطن والإنسان الحضرمي ...

لكن لماذا ننطلق من هذا المشروع دون كثير من المشاريع السياسية ؟؟ ، ولماذا نحاول اجترار فكرة المشروع ونحن على مسافة تبعد أكثر من أربعين سنة ؟؟ ، الإجابة تقتصر في جانب رئيسي يتضمن أن المشروع السياسي الذي قدمه المناضل عمر سالم باعباد يرحمه الله تعالى كان الأجدر والأهم والأبرز في التاريخ الوطني الحضرمي ...

قبل استقراء المشروع السياسي جدير بنا التعرف على صاحب المشروع عمر سالم باعباد المتوفى في الثاني عشر من مارس / آذار 1995م ، فيرحمه الله تعالى يعد أنموذجاً للشخصية الحضرمية بكامل تفرعاتها وتأصيلها ، فـ عمر باعباد الذي أخذ كغيره من أبناء سيئون شيئاً يسيراً من العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية ، تحمل فيما بعد وجوده في مدينة عدن ليمارس النبوغ الحضرمي عبر التأهيل الذاتي فكون في ذاته موسوعة عالية من الإطلاع الفكري مكنته من لعب دور بارز في حياته العملية حيث امتاز بالخطابة والفصاحة وقراءته العميقة للقوانين العربية والإقليمية والعالمية فهو الأديب والزعيم السياسي والمحامي والخبير التجاري ...

بدأ حياته السياسية من العاصمة الحبشية أديس ابابا التي أسس فيها الجالية العربية وعين فيها سكرتيراً في العام 1944م ، وكان قبلها في سيئون قد اسس نادي السلام الثقافي عام 1938م حيث لعبت أدواره الأولى حضوراً متميزاً أنجب أرضية فكرية لماهية المشروع السياسي في حضرموت الذي جاء في العام 1947م عندما أسس ( جمعية الغرفة التعاونية ) التي أنجبت في ذات العام ( المؤتمر الشعبي ) الذي يعد الفكرة السياسية الأولى في حضرموت ...

ترأس عمر سالم باعباد المؤتمر الشعبي الذي ضم كوادر مختلفة من مختلف القطاعات والطبقات الاجتماعية في الداخل الحضرمي بين الساحل والوادي ، ومن خلاله تم توقيع الميثاق للمؤتمر الشعبي بعد أن قام هو ذاته بكتابته ونشره وتوقيعه من كامل المنتمين للمؤتمر الشعبي ...

نصل الآن إلى المشروع السياسي وفيه تم رفع شعار تحرير الإقليم الحضرمي من التبعية البريطانية ، كما تضمن المشروع السياسي وحدة الأراضي الحضرمية ، ولم ينظر المشروع السياسي إطلاقاً إلى عاصمة الجنوب العربي والمحميات المحيطة بها ، بل ركز على جانب حضرموت الطبيعية والتي كانت تتقاسمها السلطنتين الكثيرية والقعيطية آنذاك ...

لم يكن طرح المناضل عمر سالم باعباد لمشروع الدولة المستقلة عبثياً بل أرفده في العام 1959م بدستور الدولة الحضرمية ، وهو أول دستور في جزيرة العرب ، وإن كانت جملة بنود الدستور كان قد استقاها من أفكار الأستاذ شيخان الحبشي يرحمه الله بعد إسهام الحبشي في وضع دساتير اندونيسيا وماليزيا وبروناي ، حتى أن خبر إعلان دستور الدولة الحضرمية كان حديث الساسة في المملكة السعودية حيث اعتد هذا الدستور الطريق النافذ لظهور دولة حضرموت على مساحة واسعة من جنوب الجزيرة العربية ، وقد مثلَ ذلكم تحدياً لم تكشف عن الأطراف نواياها باستثناء ممثلي المملكة البريطانية العظمى الذين حاولوا الدخول في مفاوضات مفاوضات مباشرة مع المؤتمر الشعبي حتى تقدم الأستاذ شيخان الحبشي بمشروع التفاوض عبر مسار دولة الجنوب العربي ...

الاعتبار السياسي في تلكم الحقبة كان اعتباراً قومياً جامحاً على أثر نجاح الثورة المصرية في 23 يوليو 1952م ، إلا أن ذلك الاعتبار لم يسقط في الفكرة الحضرمية التي حوت في عمقها أبعاد أكثر من سياسية تمثلت في خصوصية الهوية الحضرمية واستقلالها عن محيطها ، ومدى ذلك الاعتبار تواصل حتى العمق الحضرمي الذي تزايدت وتيرته لتشهد مدن المكلا وسيئون وشبام والشحر وتضاف إليها انتفاضة طلاب المدرسة الوسطى بغيل باوزير مظاهرات حاشدة كانت تمثل في مضمونها استقلال حضرموت دونما اعتبار للمشروع الجنوبي العربي ...

شكل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في مطلع العام الميلادي 1961م أول الضربات لمشروع الاستقلال الحضرمي ، القرار الأممي الذي نجح في استخلاصه قيادة حزب رابطة أبناء الجنوب العربي والتي تمثلت بوفدها الذي سافر إلى نيويورك لإطلاع الجمعية العامة للأمم المتحدة بقضية الجنوب العربي كمشروع سياسي أوسع ، فقد تمثل الوفد من محمد علي الجفري رئيس الرابطة ، والأستاذ شيخان الحبشي أمين عام الرابطة ، والسلطان علي العبدلي سلطان لحج الأسبق ...

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة شكل في مضمونه إطاراً واسعاً لمفاوضة بريطانيا العظمى وفقاً للشروط الجنوبية العربية ، ولعلنا هنا ننظر إلى أن مسألة التفاوض لم تنظر إلى مسألة الجلاء البريطاني عن عدن ومحمياتها في كامل الجنوب العربي على أنها الغاية والهدف كما حدث مع كل الدول المستعمرة من قبل المملكة البريطانية العظمى ، فلقد وضع الأستاذ شيخان الحبشي طلباً كان هو الأشد والأنكى على بريطانيا تمثل في التعويضات المالية عن استعمار مدينة عدن على مدار 128 عاماً مثلت الحقبة الاستعمارية كاملة مع إعادة ما لم يدفع لمدينة عدن من مستحقات مالية إثر اعتبار عدن ميناء اقتصادي حققت من خلاله المملكة البريطانية مدخولات مالية لم تستفد منها عدن ومحمياتها ...

الورطة البريطانية تمثلت في هذا الجانب والذي شكل ورقة الضغط ليس للجلاء فحسب بل لجانب التعويضات وهو ما تجنبته بريطانيا من خلال مؤامرتها الدنيئة مع عواصم القاهرة والرياض وصنعاء عبر الالتفاف على مفاوضات الأستاذ شيخان الحبشي في جنيف والقاهرة واستبدال التفاوض مع الجبهة القومية التي تسلمت مقاليد الحكم وألغت مسمى الجنوب العربي بـ جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ...

سقط المشروع الحضرمي نهائياً في الثلاثين من نوفمبر 1967م حيث أطلق على حضرموت لأول مرة في تاريخها مسمى ( اليمن ) لتذهب المؤامرة إلى ما هو أبعد من ضرب مشروع جمهورية حضرموت المتحدة وتدخل حضرموت مرحلة احتلال سياسي لم تكن منتظرة نظراً لنجاعة المشروعين المطروحين سواء كان مشروع دولة الجنوب العربي أو مشروع جمهورية حضرموت المتحدة ...

هذا لا يدفعنا للتسليم بواقع الأرض القائم اليوم من احتلال يمني ، بل يدفعنا كجيل حضرمي آخر هو امتداد لجيل آمن بحضوره وانتمائه لموطنه وسعى سعيه الممكن لوضعه في خريطة العالم شأنه شأن كل الدول المستقلة لتتدافع بجدية مع مشروع سياسي آخر لابد أن يكون حاضراً ومعتمداً على هويته وخصالها الحضرمية ، عندما تخلى الحضارمة عن مشروعهم في مقابل الأوهام القومية سقطوا في وحل أرادته بريطانيا ومن قبلها الكنيسة ، هذا المفهوم الذي يجب أن تستجمع قواه كل الحركات الحضرمية السياسية بمختلف وجهاتها وتطلعاتها ، فالهدف هو استقلال حضرموت ، هذا هو الهدف وعليه يجب أن يكون الاجتهاد والعمل والمثابرة ...

بوعمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس