صحيفة "الأمناء" تنفرد بنشر الورقة التي قدمها دولة الرئيس العطاس للمؤتمر السنوي لجمعية طلاب جامعة هارفارد الأمريكية ..
الساعة 14:00 - 2016/04/03الأمناء / خاص
حرصاً منها على متابعة كل جديد يختص بقضيتنا الجنوبية تنشر صحيفة " الأمناء " - وعبر حلقتين - الورقة التي قدمها دولة* الرئيس حيدر أبو بكر العطاس رئيس وزراء دولة الوحدة اليمنية – سابقاً- للمؤتمر السنوي لجمعية طلاب جامعة هارفارد الأمريكية
*الذي عقد بمسقط صباح أمس السبت 2 إبريل 2016م والتي حملت عنوان "* حتمية شروق الشمس بعد الليل مهما طال . .
رؤية تاريخية سياسية لتداعيات الوحدة اليمينة ومعضلة القضية الجنوبية " .********
*وقد شارك في اللقاء معالي يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني وسعادة السفير الامريكي بمسقط وعدد من الشخصيات العربية والاجنبية وقد حظيت الورقة بنقاش مستفيض واهتمام كبير في إطار مناقشة الوضع في اليمن وكذا الوضع في سوريا وآفاق الحلول لهما .
نص الورقة :
بسم الله الرحمن الرحيم
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (سبأ15 )
صدق الله العظيم .
عنوان الورقة :
" حتمية شروق الشمس بعد الليل مهما طال . .
رؤية تاريخية سياسية لتداعيات الوحدة اليمينة ومعضلة القضية الجنوبية "********
قدمت للاجتماع* السنوي لجمعية الطلاب العرب بجامعة "هارفرد" – مسقط. سلطنة عمان .02/04/2016م
مقدمة* تاريخية :
*شهدت منطقة جنوب الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده - قبل ظهور اسم اليمن كمصطلح سياسي -* قيام دول وممالك متعددة لكل منها خصوصيتها في الشخصية والحضارة* مع وجود قواسم مشتركة تجمعها بالمناطق المجاورة بحكم الجغرافيا والبيئة، ونذكر على سبيل المثال من هذه الدول والممالك* سبأ ، قتبان، حمير ، حضرموت، يمنات.* وزالت تلك المسميات من خارطة الواقع السياسي ما عدا حضرموت التي ظلت تحتفظ باسمها* وخصوصيتها الى اليوم.* مرت حضرموت عبر العصور بأشكال متعددة من* صراعات الدول والأنظمة السياسية وظلت تراوح* بين التمدد والانكماش حسب قوة* الدولة إلا أنها ظلت محتفظة بشخصيتها الموحدة حتى في ظل قيام كيانين سياسيين بها وهما دولتي القعيطي والكثيري. وقد ذاع صيت اسم "مملكة حضرموت" قبل الإسلام ووصلت سفنها التجارية أرجاء كثيرة من العالم.
ظهور اسم اليمن وتطور مدلولاته
كان الأحباش أول من أطلق اسم (اليمن) كمصطلح جغرافي* يحدد* الوجهة وليس كمصطلح سياسي يحدد اسم دولة أو هوية، وفي صدر الإسلام استمر التعامل مع اسم (اليمن) بصفتها الأرض التي تقع يمين الكعبة كما كان يطلق اسم الشام على الأرض شمال الكعبة، وقد كان الرسول (ص) والخلفاء الراشدين من بعده يرسلون العمال لإدارة شؤون الناس إلى* ثلاثة مخاليف هي: الجند ، تهامة، حضرموت ثم تعددت الدول والأنظمة* مع ضعف الخلافة الاموية والعباسية، وتعرضت دول جنوب الجزيرة العربية إلى غزوات عديدة أجنبية وعربية، ولم تسيطر* دولة الخلافة العثمانية* على كل أرجاء جنوب الجزيرة العربية وتمركزت في المنطقة الشمالية - الغربية التي عرفت باليمن السياسي، وحكم العثمانيون* اليمن* مرتين، وكان الاستعمار البريطاني قد احتل معظم مناطق جنوب الجزيرة وغربها واحتل عدن في 19 يناير 1839م* بعد مقاومة شرسة من السكان المحليين، وأُعلنت عدن "مستعمرة بريطانية" ومنها تمدد الإنجليز شمالا وشرقا وعقدوا "اتفاقيات حماية" مع السلطنات والإمارات والمشيخات التي تكونت واستقرت في جنوب الجزيرة العربية عبر مراحل مختلفة.
بعد سنوات ذهب وفد من قبائل اليمن يطلب عودة "الإمام" حيث توسعت الانقسامات والانشقاقات* والقتال بين القبائل فعاد عبر سلسلة طويلة من الحروب* خاضها الأئمة تتابعاً مع الاتراك" العثمانيون" حتى تم إعلان دولة الامامة في صنعاء* في عهد الأمام يحيى حميد الدين باسم" المملكة المتوكلية الهاشمية "* ثم تغير اسمها* إلى "المملكة المتوكلية اليمنية " في العام 1918م.***
الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية*
أسقطت ثورة 26 سبتمبر 1962م دولة الإمامة "المملكة المتوكلية اليمنية" وأقامت نظاما جمهوريا* باسم" الجمهورية العربية اليمنية" بعد حرب أهلية استمرت 7سنوات بين الجمهوريين والملكيين حدت كثيرا من طموحات الثوار وعطلت أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية بالإبقاء علي دور معطل للقبيلة بمركزها الرئيسي "قبيلة حاشد" .. تعرض النظام لانقلابات وحروب قبلية داخلية أبقت على دور للقبلية.*
أدى اغتيال "الرئيس الحمدي" يوم 11 أكتوبر 1977م قبيل يوم واحد من زيارة متفق عليها للجنوب لانتكاسة فيما بدأ يتحقق من أسس لبناء الدولة المؤسسية بعيدا عن تدخلات القبيلة حيث تمكن علي عبدالله صالح من القفز على السلطة بعد مقتل الرئيس أحمد الغشمي يوم 24يونيو1978م مقابل شراكة القبيلة التي أنتجت "سلطة العسكر- القبيلة"* وكان ذلك المسمار الذي دق في عرش "دولة المؤسسات المدنية"* الذي بدأه الرئيس الحمدي، فتعمق دور الفرد بحماية "تحالف المنظومة العسكرية -القبلية" ، وانتشر الفساد وبدأت مؤشرات بناء "الدولة العميقة" لحماية* رؤوس الفساد.
انطلقت في عدن والمحميات الشرقية والغربية ( الجنوب) ثورة 14أكتور1963م معلنة الكفاح المسلح بقيادة "الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني " تتويجا لنضالات وثورات شعب الجنوب التحررية* من الاستعمار البريطاني ، ثم "أعلنت منظمة التحرير الكفاح المسلح" وتمت محاولة فاشلة في يناير سنة 1966 لدمج " الجبهة القومية" و"منظمة التحرير" تحت مسمى "جبهة تحرير الجنوب اليمني" وحدث صدام مسلح بين الطرفين عشية الاستقلال،* وكانت الإدارة* البريطانية سنة 1962م* قد أقامت دولة "اتحاد الجنوب العربي" ضمت سلطنات ومشيخات المحميات الغربية وانضمت إليه مستعمرة عدن سنة 1963م* ولكن دون منحه الاستقلال، ولم تنضم سلطنات حضرموت والمهرة إلى الاتحاد،** ثم دعت الحكومة البريطانية "وزارة المستعمرات" لعقد "مؤتمر دستوري " في لندن للجميع عام 1964م لم يكلل بالنجاح وانشق عنه السلطان أحمد عبدالله الفضلي وأعلن انضمامه للثورة..
ترسخت معالم دولة الجنوب الموحدة (السلطنات + المشيخات) منذ رسم الجزء الاكبر من* الحدود بين الجنوب (المحميات البريطانية)* والشمال (العثمانيون) عام 1914م واستكمل الجزء الآخر باتجاه بيحان والصحراء عام 1934م مع "المملكة المتوكلية اليمنية"** .
أعلنت "الجبهة القومية" استقلال الجنوب بعد محادثات مع بريطانيا بجنيف في 30نوفمبر1967م ، وقيام "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" على نفس الحدود التي رسمت عام 1914م و1934م* وقد استخدم اسم اليمن "كاتجاه" وليس "كهوية"، لكن التيار اليساري في الجبهة القومية الذي انقلب على الرئيس "قحطان محمد الشعبي" في 22يونيو1969م فيما سمي "بالخطوة التصحيحية" قام بتعديل الدستور واسم الجمهورية إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" فبدأت رحلة المتاعب مع يسار الجبهة القومية الذي أفسح المجال للتطرف والمزايدات وصولا للانشقاق الكبير في منظومة الحكم بالجنوب بالصدام الدامي في 13 يناير1986م.
ورغم كل الأحداث الدامية التي مرت بالجنوب منذ الاستقلال لم يتغير الاتجاه نحو مدنية الدولة* التي تحمي أمن المواطن واستقراره ونمائه ، وبالرغم من نظام الحزب الواحد وقيادة الحزب للدولة أسوة بالأنظمة الاشتراكية فإن التمسك بمشروع" الدولة المدنية الليبرالية" ومواصلة تعزيزها وتقويتها ظل همّا عامّا حمى الدولة من الانزلاق نحو الانفلات الأمني وصنوه الفساد .
فكرة الوحدة اليمنية وعوامل الدفع بها
مع انهيار " دولة الخلافة الإسلامية" - الامبراطورية العثمانية – بعد الحرب العالمية الأولى -* نشر الإخوان المسلمون دعوة لإمام اليمن يحيى حميد الدين لتنصيبه خليفة للمسلمين وهم من نصحه بتغيير اسم مملكته* من "الهاشمية" إلى "اليمنية" بهدف تأهيله لغزو جنوب الجزيرة وإعلان الخلافة، ولكن الإمام رفض تحمل هذه المسؤولية .. (رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه) .
واحتضنت عدن- رغم وجود الاستعمار بها -* ثوار ثورة 1948م ضد الإمام يحيى حميد الدين الذي تمكن من القضاء عليها وأعدم وشرد ثوارها وقد استغل الثوار القادمون* من صنعاء من أمثال النعمان والزبيري* الهامش الديمقراطي وحرية الرأي وانتشار الصحافة في عدن لنشر الدعوة للوحدة اليمنية* عبر الصحافة والخطب في المساجد وانحصر هذا النشاط في عدن المستعمرة فقط ،ولم تكن السلطات البريطانية بعيدة عن ذلك، وبالمقابل ظهرت هناك دعوات الأحزاب الوطنية في عدن سوآءً تلك التي تدعوا لعدن فقط أو تلك التي تدعوا للجنوب العربي* مثل "رابطة أبناء الجنوب العربي" التي تأسست في 29إبريل 1951م . وفي المكلا عاصمة حضرموت تأسس أول حزب تحت مسمى "الحزب الوطني" عام 1947م دعا* لوحدة حضرموت واستقلالها، وكان المهاجرون الحضارمة بجنوب شرق آسيا قد عقدوا مؤتمرين عامي 1926م و1928م تبنت برنامجا لـ "الإصلاح الشامل" وقد أوفد المؤتمر لجنة لحضرموت لكن الظروف حينها لم تسمح بتنفيذ مقرراته غير أنها أخذت طريقها للتنفيذ سنة 1941م بعقد الصلح العام بين القبائل الذي مهد الطريق لاستتباب الأمن والاستقرار في حضرموت.
ثم انطلقت دعوة* القومية العربية وتعاظمت بعد "نكسة" فلسطين1948م* وتكونت الأحزاب القومية التي تدعو الأمة العربية للوحدة وهي دعوة صحيحة تهدف إلى توحيد وتكامل قدرات الأمة للدفاع عن نفسها وتحقيق التنمية والتطور .***************
ومع انتصار ثورة* 23يوليو1952م في مصر وبروز حقبة زعامة جمال عبدالناصر وبهدف الثأر لفلسطين أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا في 22فبراير 1958م وسرعان ما سقطت وانتهت بانقلاب عسكري في سوريا في 28 سبتمبر 1961م* وفشلت بعدها كل مشروعات الوحدة في الوطن العربي، ويعود الفشل* لسبب بسيط وهو تغليب العاطفة التي تحجب الرؤية الصحيحة عن القيادات للبحث عن الطرق والأساليب التي تتلاءم مع أوضاع الأقطار العربية وتأخذ بالاعتبار الظروف الدولية وتوضيح أولوية أهدافها بانسجام مع تحقق الأهداف السامية للشعوب العربية والمتمثلة في : تطوير الإنسان ورفع مستوى حياته ونمائه وصيانة أمنه واستقراره.
وساهم وجود القوات المصرية لإسناد ودعم ثورة26سبتمبر1962م في اتساع المد القومي* وانتشار الأحزاب القومية وكان للجنوب نصيب من ذلك، ولعب المؤتمر العمالي الذي تشكل في عدن عام 1956م* دورا كبيرا في دعم فكرة الوحدة اليمنية بحكم كثافة العمالة القادمة من اليمن والتي رحلت مع الاستقلال، وقد تبنت الأحزاب القومية* في برامجها "الوحدة اليمنية" كهدف على طريق تحقيق الوحدة العربية.
الخطأ التاريخي لنظام الجنوب وانعكاسات دمج الحزبين
تبنت الجبهة القومية الوحدة اليمنية كهدف استراتيجي واجب النضال من أجله على طريق الوحدة العربية ، وعكست ذلك في الدستور وفي برامجها بعد الاستقلال بصفتها السلطة الحاكمة، لكن الخطأ التاريخي الذي ارتكبه "الحزب الاشتراكي" في عدن بعد إعلانه في اكتوبر 1978م تمثل في قرار اللجنة المركزية المتخذ في ابريل 1979م بدمج "حزب الوحدة الشعبية " في صنعاء مع "الحزب الاشتراكي اليمني" في عدن* وبذلك أصبح "الحزب الاشتراكي اليمني" على مستوى اليمن ولأن هذا الدمج يعتبر غير دستوري فاعتبر "قرارا سريا"(دولتين مختلفتين ذات سيادة)* لكنه أصبح معروفا للجميع .. ولم يعبر هذا القرار عن إجماع للحزب ناهيك عن رفض معظم أطياف* شعب الجنوب له.
وقد تسبب القرار في خلافات دائمة* إذ كان الرئيس سالم ربيع علي في مقدمة معارضي قيام الحزب وفي مقدمة معارضي توحيده* مع(حزب الوحدة الشعبية) بصنعاء،* وقد دفع سالم ربيع علي حياته ثمناً لمواقفه* فبعد التخلص منه في 26/6/1978م* تم* توحيد الحزبين في ابريل* سنة 1979 م .* وقد شهدت البلاد بعد ذلك أحداث 13 يناير سنة 1986م التي راح ضحيتها الآلاف من الناس بصرف النظر عن الأسباب.
والحقيقة أن عبدالفتاح إسماعيل كان* مسؤولا عن قرار دمج الحزبين* عندما كان رئيسا للدولة وأمينا عاما للحزب، وأعتقد أن هذا الخطأ التاريخي* الذي ارتكبه عبدالفتاح اسماعيل قد أعان رئيس الحكومة آنذاك السيد علي ناصر محمد للانقلاب عليه و* إقصائه عن مناصبه ونفيه إلى موسكو في ابريل 1980م* في محاولة للحد من سطوة اليسار المتطرف الذي يمثله عبدالفتاح اسماعيل، لكن المؤسف* أن القرار الأساس وهو قرار الدمج* لم يُلغ حتى* بعدما قمت بطرح ذلك مجددا بعد أحداث13 يناير1986م* بصفتي رئيسا* لـ" هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى وعضواً في المكتب* السياس في فبراير 1987م لعدم دستوريته.* والحقيقة أني طرحت* برنامجا للإصلاح السياسي والاقتصادي استهدف في شقه السياسي فصل الحزب الشمالي عن الجنوبي، فالحزب في الجنوب يحكم والحزب في الشمال معارضة في دولة أخرى وهذا أمر لا يستقيم ، ولكن للأسف لقي معارضة من متطرفي الحزب،* وكانت المحصلة أن انعكاسات* قرار (دمج الحزبين)* قادت الجنوب للوحدة الاندماجية الارتجالية ، ولم يكن* ذلك قطعا* قرارا جنوبيا شعبيا أو حتى حزبيًا.. !
محادثات الوحدة والعودة إلى (المجلس اليمني الأعلى)
تسببت المزايدة على الوحدة في حرب** 1972م **بين الجنوب والشمال* أعقبها* اتفاق القاهرة في اكتوبر 1972م* وبيان طرابلس في نوفمبر من السنة نفسها 1972 م ، ثم* نشبت حرب أخرى سنة 1979م ، انتهت باتفاق بين قيادتي الدولتين على وضع دستور لدولة الوحدة والاستفتاء عليه،* وكلفت لجنة لإنجازه خلال ستة أشهر،* لم يتم تحقيق شيء من ذلك ولكن عندما هدأت الرؤوس الساخنة قليلا وحكم العقل والحكمة والنظر بمسؤولية لواقع وثقافة وتقاليد سكان البلدين وكثافتهما** والمصالح المشتركة بينها أنتج العقل المشترك والمستنير لقيادتي الشعبين شيئا جميلا وهو : تشكيل (المجلس اليمني الأعلى)، واللجنة الوزارية واللجان المنبثقة عنهما* لتنظيم وإدارة المصالح المشتركة بين الشعبين في سنة 1981م، وكانت تجربة رائعة سمحت بانتقال وتحرك المواطنين ولاستثمار وإقامة الشركات المشتركة ـ وللأسف توقف العمل به بعد أحداث 13 يناير1986م.
استغلت قيادة الشمال هذا الوضع وبدأت بطرح موضوع الوحدة مجددا في* نوفمبر 1986م وكنت وقتها رئيساً للدولة وسافرت للاجتماع* بالرئيس علي عبدالله صالح في طرابلس بحضور العقيد معمر القذافي، الذي توسط ليحل الخلافات بسبب نزوح كثير من القيادات الجنوبية السياسية والعسكرية والكوادر للشمال، فوجدها الرئيس صالح فرصة* للضغط على القيادة* الجنوبية مستغلا مواقف ومناصرة العقيد لأطروحات الوحدة العربية، وأمام ذلك العرض قبلت بتبني (مشروع الاتحاد العربي) الذي تقدمت به ليبيا للجامعة العربية* من الدول الثلاث، فانقلب السحر على الساحر وتراجع الرئيس علي عبدالله صالح بينما قبل العقيد مما يدل أن هدف نظام صنعاء هو احتواء الجنوب وليس المشاركة في تحقيق حلم الوحدة العربية.
وبمناسبة الذكرى 25 لثورة 26 سبتمبر ذهبت إلى صنعاء* وكان ذلك سنة 1987م* أمثل القيادة الجنوبية في الاحتفال، وأثناء اللقاء طرح الرئيس صالح* مجددا موضوع الوحدة بإلحاح واستعجال** إلا أننا عبر النقاش المنطقي والموضوعي طرحنا على* القيادة الشمالية امكانية تحقيق الوحدة* عبر السير بخطوات متأنية، فقلنا لهم ان الحل الأمثل هو العودة لتجربة (المجلس اليمني الأعلى) الذي تأسس سنة 1981م* لتنسيق العلاقة المشتركة بين الدولتين، *ووضع خطط* صارمة وملزمة تهدف لتوحيد البرامج التعليمية والقوانين والمشاريع المشتركة وتشجيع استثمارات القطاع الخاص بما يوفر قاعدة عملية وحقيقية للشراكة هي السبيل لتحقيق الوحدة، وتم التوافق على توقيع اتفاق بذلك إلا انه للأسف لعبت اطراف جنوبية وشمالية على افشال هذا المشروع الواقعي والمسؤول بنوازع ذاتية خدمت نظام صالح في صنعاء حين افهموا* زورا وبهتانا الامين العام* للحزب الاشتراكي السيد علي سالم البيض ان هذا الاتفاق سيحد من تدخل الحزب* ويقلل من دوره شخصياً.. ! وهكذا تضيع الفرص على الشعوب في عالمنا العربي بسبب التركيز على الفرد ودوره
|