عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-07-03, 05:03 AM   #11
الجبل الشااامخ
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-03-22
الدولة: الجنــــوب العـــــــــربي
المشاركات: 2,987
افتراضي

موهم التعارض في القـرآن

التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى، مثل أن تكون إحداهما مثبتة لشيء والأخرى نافية له.

ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري، لأنه يلزم كون إحداهما كذباً، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى، قال الله تعالى وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: من الآية87)( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: من الآية122) ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حُكْمِي؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالىمَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: من الآية106) وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة.

وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك، فحاول الجمع بينهما، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف، وتكلَ الأمر إلى عالمه وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض، بينوا الجمع في ذلك ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب "دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب" للشيخ محمد صلى الله عليه وسلم الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى.

فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآنهُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: من الآية2)، وقوله فيه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ)(البقرة: من الآية185) فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين، وفي الثانية عامة للناس، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع، والهداية في الثانية هداية التبيين والإِرشاد.

ونظير هاتين الآيتين، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)(القصص: من الآية56) ، وقوله فيه: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: من الآية52)} فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين.

ومن أمثلة ذلك قوله تعالىشَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ)(آل عمران: من الآية18)} ، وقوله: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ )(آل عمران: من الآية62)} ، وقوله: (فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله: (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: من الآية101) } ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره.

والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة؛ لقوله تعالىذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62)

ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)(لأعراف: من الآية28) وقوله: )وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الاسراء:16) ففي الآية الأولى نفى أن يأمر الله تعالى بالفحشاء، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق.



والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي، والله تعالى لا يأمر شرعاً بالفحشاء لقوله تعالىإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْي)(النحل: من الآية90)} والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني، والله تعالى يأمر كوناً بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى: )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82)

ومن رام زيادة أمثلة فليرجع إلى كتاب الشيخ الشنقيطي المشار إليه آنفاً.

* * *

القسـم

القَسَم: بفتح القاف والسين، اليمين، وهو: تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّم بالواو، أو إحدى أخواتها وأدواته ثلاث:

الواو - مثل قوله تعالى: { )فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (الذريات:23) ويحذف معها العامل وجوباً، ولا يليها إلا اسم ظاهر.

والباء - مثل قوله تعالى: { )لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (القيامة:1) ويجوز معها ذكر العامل كما في هذا المثال، ويجوز حذفه كقوله تعالى عن إبليس: )قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:82} ويجوز أن يليها اسم ظاهر كما مثَّلنا، وأن يليها ضمير كما في قولك: الله ربي وبه أحلف لينصرن المؤمنين.

والتاء - مثل قوله تعالى: {)تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ)(النحل: من الآية56) } ويحذف معها العامل وجوباً، ولا يليها إلا اسم الله، أو رب مثل: تربِّ الكعبة لأحجنَّ إن شاء الله

والأصل ذكر المقسم به، وهو كثير كما في المثل السابقة

وقد يحذف وحده مثل قولك: أحلف عليك لتجتهدن

وقد يحذف مع العامل وهو كثير مثل قوله تعالى: )ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (التكاثر:8)

والأصل ذكر المقسم عليه، وهو كثير مثل قوله تعالىقُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ )(التغابن: من الآية7) .

وقد يحذف جوازاً مثل قوله تعالى: { )ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (قّ:1)

وتقديره ليهلكن.

وقد يحذف وجوباً إذا تقدمه، أو اكتنفه ما يغني عنه، قاله ابن هشام في المغني ومثَّلَ له بنحو: زيد قائم والله، وزيد والله قائم.



وللقَسَم فائدتان:

إحداهما: بيان عظمة المقسم به.

والثانية: بيان أهمية المقسم عليه، وإرادة توكيده، ولذا لا يحسن القسم إلا في الأحوال التالية:

الأولى: أن يكون المقسم عليه ذا أهمية.

الثانية: أن يكون المخاطب متردداً في شأنه.

الثالثة: أن يكون المخاطب مُنْكِراً له.
الجبل الشااامخ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس