عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-03-06, 02:10 PM   #1
سم الدحابيش
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2014-04-17
المشاركات: 2,143
افتراضي العقول تقول قفوا مع الرئيس والعواطف تقول لا

العقول تقول قفوا مع الرئيس والعواطف تقول لا

عبد السلام بن عاطف جابر





من عجائب التاريخ العسكري كانت معركة عين جالوت بين المسلمين وجيش التتار ؛ فبعد أن نجح التتار بتدمير كل ممالك أسيا -الإسلامية وغير الإسلامية- من الصين إلى إيران . . . انتشرت الأساطير عن قوة المقاتل التتري ، وأنَّ الواحد منهم يهزم مائة فارس . . . وعندما اقتربوا من العراق -دار الخلافة العباسية- كانت الأساطير هي السلاح القاتل الذي اسقطها واسقط بلاد الشام . ولم يبقى بعد ذلك من الإمارات الإسلامية غير مصر .

وشاءت الأقدار أن يموت السلطان الأيوبي الصالح أيوب ولم يكن له وريث للسلطنة ، وأصبحت مصر بلا قائد . . . وهنا تجلَّت روح العالم الرباني -العز بن عبدالسلام- الذي دعى الناس إلى الجامع الأزهر ، وخطب بهم خطبة عظيمة وحضهم على الجهاد والدفاع عن الإسلام ، وأنَّ ذلك لن يتم إلَّا بقائد شجاع كفوء ، ورشَّح أحد -العبيد- المماليك "قطز" ليكون القائد ، فبايعوه . واصطف المصريون خلف قطز رضي الله عنه ، وكانت هذه العجيبة الأولى .
العجيبة الثانية كانت "الموقف الصليبي" ؛ فآن ذاك كانوا في حالة حرب مع المسلمين ، وكان الجيش المصري هو الجيش الذي يقاتلهم في مصر والشام ، لكنَّهم حسبوا حسابهم ؛ فوجدوا العدو الرئيسي لم يعد المسلمون بل التتار .
قالوا : [ لو قاتلنا إلى جانب التتار وهُزِم المسلمون ، فالتتار قد يغدرون بنا بمهاجمة ممالكنا في الشرق ، وقد يندفعون نحو أوروبا ، التتار همج سيحرقون الأخضر واليابس ، أمَّا المسلمون فنحن نعرفهم ويعرفوننا ، وإذا انتصروا فلن يكونوا بالقوة الكافية لمواصلة الحرب مع التتار ومهاجمتنا في نفس الوقت . . . ولذلك فالأفضل لنا الحيادية إذا لم نقف مع المسلمين ] .
انتهى مايقوله التاريخ وننتقل إلى مايقوله الواقع اليوم ؛ فنفس الحالات الثلاث موجودة اليوم في الشارع الحنوبي ،
يقول الواقع اليوم ؛ إنَّ جماعة الحوثي ضد الأقاليم ، وضد الفدرالية ، ومن كان ضد الأقاليم والفدرالية فهو بلا جدال ضد التحرير والاستقلال . . . و يقول الواقع ؛ إنَّ جماعة الحوثي أسقطت الرئيس هادي في ٢١-٩-٢٠١٤ من رئاسة الجمهورية اليمنية . وتهديدها بالهجوم على الرئيس مجرَّد ذريعة لاسقاط الجنوب . . . وجعل هادي ذريعتهم يعطي فرصة لحلفائهم في الجنوب التلاعب بالشعب الجنوبي .
ويقول الواقع ؛ الرئيس هادي أصبح مثل باقي الشعب الجنوبي معرض للقتل ، والوقوف إلى جانبه يندرج تحت سقف مبدأ التسامح والتصالح والشراكة الوطنية . فإذا لم يفهم الرئيس الرسالة وأضاع الفرصة من يده ، واختار أن يكون خائناً لشعبه بدلاً من أن يكون قائداً له فلن يخسر الجنوبيون غير قائد غبي وبعض الأغبياء معه . . . أمَّا رأيي الشخصي "مازلت أراهن عليه" ؛ هو الأذكى والأكفأ ، ولن نخسر شيء بالوقوف إلى جانبه اليوم ، بل سنكسب مواقف دولية ، وتمرُّس على التحديات الصعبة .
ويقول الواقع ؛ الوضع بين الرئيس والسيد بختصار "كل واحد له إلى حيث تصل يده" ، وقد يفرض الحوثي انفصال غير معلن . ومن يملك السيطرة على جزء اضافي من الشطر الآخر سيكون هو الدولة الشرعية ، كما حدث في حرب ٩٤ (دولة صنعاء شرعية ودولة عدن غير شرعية) . وفي هذه الفترة كل طرف ينسج تحالفاته حتى تكون يده أقوى من يد الآخر فتصل وتسيطر وتتحكم أكثر من الآخر .
وقناعتي التي لايساورها شك ؛ أنَّ إيران والحوثي والرئيس صالح حرَّكوا أزلامهم في الجنوب ، فمن يدعوا إلى مضاهرات ضد الرئيس هادي هم خلاياهم ورجالهم . . . أمَّا الرئيس هادي فمازال في دائرة الحقد المناطقي . ومن ذهب إليه من أبناء المناطق الأخرى هم من كانوا يتمسحون على أبواب صالح ، وهم أدواته دفع بهم لخديعة الرئيس هادي ، فإذا قبلهم كممثلين لمناطقهم فلن يذهب إليه الشرفاء الوطنينون ، وهو اليوم الملزم بالاتصال بهم .
وختاماً أقول ؛ هذا الواقع نتاج الحراك والثورة الجنوبية ، وليس نتاج ثورة التغيير اليمنية ، ولا نتاج ثورة الحوثي ، ولا نتاج قرارات ومواقف دولية . . . بل هو ثمرة سقاها الجنوبيون بدمائهم . فهل يفيق القوم ويلحقون ثمار ثورتهم أم لا....؟ وهل يحذر الرئيس هادي من الذين هجَّنهم الرئيس صالح ويتصل بالشرفاء وبمشايخ القبائل الأصليين أم لا...؟
الله أعلم .

سم الدحابيش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس