عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-04-17, 07:11 PM   #2
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي

مواجهة الشر المطلق .. بالإيمان المطلق

الخميس 17 أبريل 2014 11:50 صباحاً
احمد عبدالله أمزربه



في رواية (المعلم ومارغريتا) للروائي السوفيتي ميخائيل بولجانوف يهبط الشيطان الى موسكو الثلاثينيات يفشي للبعض أسرار الحياة، ويسلب البعض الآخر سر الحياة، يفضح البعض، ويرشو البعض الآخر، ويبعث الأفكار المستفزة لهم، ويحرف مسار حياة آخرين، يقايض احلام الناس بالمتع الآنية، ويجذبهم إلى حفلاته الصاخبة، وبغريزة الشر الأكيدة لديه ينفذ إلى تلك المناطق المظلمة في نفس الانسان، ليقيم معها حواراً فيه خبث ودهاء ومكر يشبهه أسلوب شياطين الأنس الهابطة إلى الجنوب في العام 90 من القرن الماضي مع اختلاف طفيف في الوسائل واختلاف كامل في الأهداف التي رسمتها النخب الشيطانية القبلية والعسكرية والدينية والحزبية وجماعاتها المسلحة.

وطوال الرواية يسيطر الشيطان على المشهد بأكمله، ويبدو الجميع إلى جانبه شخصيات باهتة ضعيفة مترددة كما يراها “هو“ ويبدو هو حيوياً واثقاً لا مبالياً، مندفعاً ساخراً، ظريفاً، قوياً بلا حدود كما يرى نفسه ويراه الأضعف من الناس، وعندما يعود من حيث اتى يكون قد ترك عددا من الفظائع والخيانات الصغيرة وبعض حالات الاكتئاب ومجموعة من نزلاء المصحات العقلية والمستلبين روحياً بين الضعفاء من الناس.

لكن الشيطان في الرواية ليس شراً مطلقاً، كما هو حال شياطين النهب والفيد والاغتيالات، لأن شيطان الرواية بعض ضحاياه من البشر لا يستحقون تعاطفا فبعضهم فاسد وبعضهم مرتش، ولبعضهم الآخر من صفات الشر ما للشيطان نفسه، ولهم من الخبث والمكر ما له، وهو ما يتصف به شياطين الأنس الذين ابتلينا بهم بعد الوحدة المغدورة بأعمالهم الشيطانية وشرهم المطلق.

إلا أن شياطين الأنس لهم ضحايا شبيهة بضحايا شيطان الرواية مثل أصحاب المصالح الآنية مقابل المتع الآنية مع شيطان الرواية، والمرتشون في شيطان الرواية مقابل البائعين انفسهم واهلهم وارضهم لشياطين الإنس، والمستلبون روحياً في شيطان الرواية والمسلوبون إرادياً لشياطين الإنس. إلا ان الرواية من خيال الكاتب وضحاياه شخوص وهمية لكن شياطين الانس وضحاياهم من الواقع المرير الذي نعيشه.

ولازالت الأعمال تسير نحو الأسوأ تجاه جنوبنا الحبيب ولأن شياطين الإنس شر مطلق لاستهدافها شعبا بدولته وأرضه وثروته وهويته منذ الاجتياح الغاشم في 7/7/1994م ولازالت تمارس أبشع صور النهب والقتل والتنكيل التي لا يتسع الحيز لسردها وممارسة العنف بكل أشكاله وصوره باسم مخرجات الحوار الذي من مسمياته الحكم الرشيد والعدالة الانتقالية وغيرها من المسميات التي يمارسون بها أعمالهم الشيطانية وشرهم المطلق تجاه شعب الجنوب وقضيته العادلة مندفعين غير مبالين يرون انفسهم قوة بلا حدود بالمباركة الاقليمية والدولية لأعمالهم الشيطانية وشرهم المطلق تجاه الشعب الجنوبي الثائر، هكذا يتوهمون ويراهم الاضعف من الناس.

لكن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن الأعمال الشيطانية لا تفلح وشعبنا الجنوبي قوي بعدالة قضيته وإرادته الراسخة، وارادة الشعوب لا تقهر وسينتصر بعون رب العالمين ثم بتضحيات واصرار شعبنا وايمانه المطلق بعدالة قضيته وثورته الشعبية الجنوبية التحررية حتى استعادة دولته المنهوبة كاملة غير منقوصة.. فبالإيمان المطلق نستطيع مواجهة الشر المطلق وهزيمته وان غداً لناظره قريب.
طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس