وفاة المُعمر السيد الحبشي عن عمر 122عاما ‘‘المﻼح والثائر‘‘ والمتحدث بـ 6 لغات*********
*
توفى اليوم السيد عبد الرحمن بن شيخ بن علوي الحبشي في قرية جِفِلْ احد ضواحي حوطة أحمد بن زين بوادي حضرموت.
*
المعمر السيد الحبشي من مواليد 1314هجرية أي أنه بلغ مائة واثنتين وعشرين عاماً وأدرك ثﻼث سنوات من حياة العﻼمة الشيخ اﻷبر السيد الحبيب عيدروس بن عمر الحبشي شيخ ومعلم مفتي الديار الحضرمية السيد "عبدالرحمن بن عبيد الله".
*
عمل معمرنا في مقتبل شبابه من سنة 1939م حتى 1955م مﻼحاً يجوب البحار والمحيطات .
*
وزار غالبية عواصم العالم الساحلية لذلك فهو يجيد جملة من اللغات منها اﻻنجليزية والروسية واﻷلمانية واﻻسبانية وكذا لغة المﻼيو التي عاش بها أربعين عاماً حيث عمل ضابطاً في الجيش اﻻندونيسي وكان من المشاركين في الثورة اﻻندونيسية ضد اﻻستعمار الهولندية.
*
المعمر السيد الحبشي إلى يوم أمس كان متمتعا بقواه الجسمانية والذهنية فذاكرته كانت حديدية لذلك فهو يروي تفاصل دقيقة ﻷحداث قديمة .
*
وكما ترى في الصورة وجهه البيضاوي الذي خﻼ من التجاعيد يفيض بالبُشر وتتمترس عيناه بحاجبين كثيفين أشيبين حفظا لعينيه اللمعان والبريق إلى أخر أيام حياته.
*
درس السيد عبد الرحمن في رباط تريم الشهير في زمن مديرة الحبيب السيد عبدالله بن عمر الشاطري والد المجاهد العﻼمة المعروف الحبيب "سالم الشاطري" غير أن معمرنا لم يستمر تعلمه فيه بسبب ولَعَهُ -حينها- بالتدخين ؛إذ أنه لم يترك هذه العادة إﻻ قبل اثنين وعشرين عاما من يومنا.
*
يتذكر السيد عبد الرحمن الحرب العالمية الثانية ومآسيها في جملة من البلدان ويتذكر أحداث الثورة البلشفية التي أنهت حكم القياصرة في روسيا عام 1917 م .
*
كتب عدد من المقاﻻت باسم "الفيض الوافي" جمعها له السيد عبد الرحمن طه الحبشي .
*
تزوج خمسة عشرة مرة وله من اﻷوﻻد و اﻷحفاد وتعداد من هم على قيد الحياة منهم (130 ) فرداً.
*
يفد إلى منزل المعمر السيد عبد الرحمن الحبشي جملة من الزوار من طلبة العلم الشرعي من طالبي اﻹجازات في (الحديث).
*
كان السيد الحبشي يمارس التجارة؛ إلى أخر ايامه ففي احد زوايا غرفته - كما تبينه الصورة - توجد كمية من "اﻷندومي" وعلب البطاطس المحمصة والحلويات واﻷلعاب التي يبيعها على أطفال حَيه .
*
فطريقة البيع في هذا المتجر الصغير طريقة تربوية فاﻷطفال يضعون بأنفسهم النقود في العلبة المخصصة لذلك ويأخذون حاجتهم ؛ فهذه الطريقة تُنمي في اﻷطفال حب اﻷمانة وتحمل مسؤوليتها ؛ كما تغرس فيهم الثقة بالذات ؛ إذ ﻻ يوجد خلل أو تفاوت بين المبيع والعائد للمتجر إﻻ الربح اليسير. أما بالنسبة لمعمرنا فيعتبرُ البيع رياضة ذهنية تحافظ على ذاكرته فهي أيضاً تمنحه ذلك الشعور بأنه مازال فاعﻼً وقادراً على العطاء.
*
ينسب معمرنا طول عمره إلى أن ذلك منحة من الله يختص بها من يشاء من خلقه، ثم انه ويُعزي ذلك إلى أنه لم يحمل قط في قلبه ضغينة على أحد حتى أوﻻئك الذين أذوه فهو يقول: بأن الدنيا أهون من أن نُحمِّل قلوبنا همومها ؛ والهمُ بشان مجريات اﻷمور وتقلباتها يأتي من ضعف اﻹيمان بالقضاء والقدر وأن خيره وشره من الله تعالى .
*
ثمة وصفة الطبية لمعمرنا لمن أراد أن يستمتع بعمر طويل وسعيد وهي (أن يكون متسامحاً ومحباً للغير مستمتعاً بخدمة اﻵخرين ما استطاع إلى ذلك سبيﻼ ؛ باعتبار أن خدمة الناس هي العبادة التي خلقنا الله من أجلها، واﻷعمَار في نهاية المطاف بيد الله سبحانه وتعالى.
*
*تغمد الله السيد الحبيب الحبشي بواسع مغفرته ورضوانه وأسكنه فسيح جنانه.
*
* كتب السيرة : الروائي السيد حسن حسين السقاف
*
*
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبوة برس 2014 ©تطوير وتصميم*muadshibani.com
|