عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-26, 09:12 AM   #4
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

تخوم "الهبة الحضرمية"
على مدى التاريخ بيتت السياسة عقدها ضد خصائص الثقافة الحضرمية، وفرضت شروطها القاسية لمن يقبل الخروج من جلده مقابل تقلد موقع مرموق، لهذا فضل معظم الحضارم مغادرة البلاد على الانخراط في ملهاة الداخل
ما تبرح بوصلة المهتمين باليمن مصوبة نحو حضرموت ومجريات هبتها الشعبية المفتوحة على القراءات السبع، والثامنة من عندي ومفادها أن الحضارم لا يصلحون مادة للاستهلاك الإعلامي ولا مقذوفاً في متناول أطراف قوى الصراع السياسي المتناثر من ثنايا المركز المقدس بما يشبه ذر الرماد على العيون!
ولمواجهة تحديات "الهبّة الحضرمية" نرى خبرات الماضي تكرر موالها الوحدوي كما لو أن موسماً جديداً للغيرة يدعوها للعزف على وتر مقطوع بينما تجادل الضغينة لاستعادة فسطاطها الجنوبي وترى في حضرموت ذات الفرصة المنقرضة من سديم النجمة الحمراء وإرث الحزب الذي لا صوت أعلى من صوته.
وبين هذين الخيارين باذخي العتة لا أحد يناقش "الهبّة الحضرمية" بعيداً عن الرؤية التقليدية التي تبحث في حضرموت عن جزء من اليمن ليس إلا.. على حين تقول قراءتي السابعة إن اليمن بكل شعابها وأوصابها جزء من سعف حضرموت الداني والمغني، المبني والمعني أنها ملاذ الرؤية وهي جوهرة تناوبت عليها أيدي الفحامين قبائل وأحزاب.
قال الحضارم إن هبتهم سلمية لا تستعمل السلاح ولا تمارس الحقد الأرعن بيد أن للوحدويين "التيوان" ـ عبارة يطلقها اليمنيون على الصناعات المقلدة ــ قدراتهم الفهلوية وبوسعهم ابتعاث الشيطان لحرف المسار واستدعاء المداخن في وضح النهار.
على مدى التاريخ بيتت السياسة عقدها ضد خصائص الثقافة الحضرمية وفرضت شروطها القاسية لمن يقبل الخروج من جلده مقابل تقلد موقع مرموق في قيادة الحزب أو الدولة لهذا فضل معظم الحضارم مغادرة البلاد على الانخراط في ملهاة الداخل.
صحيح أن المناخات الطاردة شملت أرجاء اليمن فيمم الناس مشارق الأرض ومغاربها لكن لا أحد استطاع مجارات الحضارم مثلهم النادر في مجاهدة النفس ومجالدة الشدائد ونشر القيم العقدية ووزن العمل الأخروي بميزان تبصّر وحكمة مع حاجات الدنيا ومتاعها الحلال.
ومنذ إعادة توحيد اليمن حاولت القبيلة والأيدلوجيا استدراج الرأسمال الحضرمي المهاجر إلى فخاخ السياسة.. كان المطلوب من الحضرمي جيبه لا قلبه وفشلت الفخاخ عن الإيقاع به وإن حدث شيء من هذا القبيل فعلى سبيل العمل الخيري ودعم المشروعات التنموية، ولهذا أمعن ساسة الشمال في إطلاق النكات عن شدة الحضارم وشحهم ما حمل على تداول نكتة مفادها التهوين من إثر الهبة الشعبية لاقتصاد الحضارم في ترديد الهتافات!
أدري مقدار حرص أطراف النظام السابق على إحلال المساواة في الظلم ومن الإجحاف إنكار سياسات صنعاء التي لا تميز محافظة دون أخرى من حيث الحرمان وتطبيع المجتمع على الفوضى ونهب الثروة وإهدار سلطة القانون ذلك أن عمراً طويلاً سادته توافقات هذه الأطراف على استباحة مقدرات البلاد وقيمها على امتداد جغرافيا اليمن بيد أن المسألة لم تعد اليوم على طبيعتها الاعتيادية السابقة فمتى خرجت حضرموت عن مقياس (رختر القبيلة) للأحمال الشاقة فإن حضرمية غدت ــ لا ريب ــ على مرمى حجر.
لم تحسن صنعاء قراءة الاحتمالات التي تستبطنها تعرجات الجغرافيا ولا فكرت بإعادة النظر تجاه يقينياتها الغوغائية كما لم تحاول الغوص في تجارب الريادة الحضرمية الممتدة عبر أصقاع واسعة من الأرض ومن سوء الطالع أن حكومة الوفاق تنظر لحضرموت من زاوية البحر العربي وعائداتها الضريبية من تجارة القات؟
أما دور وثقل ومكانة حضرموت فظل على هامش المتن وسيصعب اجتراح مأثرة لمعالجة هبات التاريخ دون حلول تاريخية!! وما لم تكن حضرموت في قلب التسويات السياسية وجزءاً أصيلاً من الحل فستبقى علاقتها بالمركز المقدس لدولة الوحدة على مشارف خطر..
ساسة الشمال أدركهم الصمم.. كان هذا رأيي عام 2009 وأنا أتابع أحداث الحراك الجنوبي وأصخي السمع في الوقت ذاته لترانيم الموسيقار اليمني الكبير كرامة مرسال، في أنشودة التغيير على مسرح قاعة التعاون بمحافظة تعز أثناء افتتاح مؤتمر حركة التغيير والبناء.. أخذت الفرقة الحضرمية العتيدة يتقدمها الفنان أ. د سالمين رمضان في أداء المقطع الأول (اليمانون، اليمانون، اليمن.. وطن فوق الذرى لا يرتهن)
(اليمانون همم، اليمانون شيم، اليمانون تراتيل قيم).
وفي المقطع الثاني: (ننشد التغيير نبني حلماً باسماً ملء حناياه شجن) (وحدويون إباة، لا نبالي بالطغاة، بارك الله خطانا، ورعى الشعب رؤانا)..
قلت أي رسالة يود هؤلاء الفتية نقلها من عاصمة الرأسمال الحضرمي إلى تعز عاصمة المال المتوحش في شمال الوطن؟ ليأتي الرد الاستباقي عاصفاً بغياب رموز تعز.. إذ ما من أحد كلف نفسه عناء المبادرة برد التحية، عدا الرئيس السابق وهو يرد على النشيد بعد 24 ساعة من خلال زيارة مباغتة لمحافظة ذمار تخللها لقاء مع قبائلها المدججين بالسلاح وخطاب رئاسي "متلفز" كرس للهجوم على دعاة التغيير وذوي الخيالات المريضة حد وصفه.. وبحكمته المعهودة تمكن صالح من إخماد جذوة التغيير بالحسنى ووأد أول حركة نزيهة تحمل مشروعاً سياسياً لا يضمر الحقد مهيلاً التراب على سمفونية حضرموت الوحدوية وها هما معاً الرئيس السابق وخصومهه يزجان - هو وخصومه - بالوطن في مهب الهبات الكفيلة بتقويض أحلام الغفلة التي يحرسها هوس السلطة وأي سلطة في يمن هذا شأنها.
أحمد الشرعبي 2013-12-26 1:30 AMhttp://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=19471
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس