عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-10-07, 06:29 PM   #7
شهثان المر
موقوف
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-14
المشاركات: 2,217
افتراضي

الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة 1963 (6 أجزاء)
الجزء الأول

نقطة الانطلاق
ان الحركة الوطنية في الجنوب العربي نشأت متأخرة نتيجة لعوامل وظروف عديدة .
انبثقت هذه الحركة عام 1948 بولادة ( رابطة الجنوب العربي ) واستمرت الرابطة
في إرساء قواعد النضال في الجنوب منذ ذلك التاريخ حتى عام 1956 , مبشرة بالفكرة
منظمة للمؤمنين بها , ولم تكن ظروف الجنوب والمد الاستعماري حينذاك يسمح للرابطة
بالاقتصار في نشاطها على ذلك بل اضطرت في كثير من الأحيان لخوض معارك محلية
في عدد من المناطق تستهدف عرقلة هذا المد الاستعماري الذي كان يتوغل في الجنوب
في نفس الوقت الذي ينحسر فيه هذا المد في كثير من بقاع العالم .
وكانت الرابطة حتى عام 1956 مشغولة بالعمل في الداخل عن خطة تستهدف ربط هذا
النضال بكفاح شعوب العالم ضد الاستعمار وخاصة كفاح الشعب العربي في الأجزاء الأخرى من الوطن العربي الكبير .
في منتصف هذا العام بلغ النضال في الجنوب العربي من ناحية , وتخطيطات المستعمر
ومشاريعه وعدوانه على قطاعات الشعب العديدة من ناحية أخرى مستوى يحتم الانتقال
به إلى مرحلة جديدة .ان الرابطة وهي تؤمن بوحدة النضال العربي وترابطه , وتؤمن بالأثر الكبير للنضال العالمي ضد الاستعمار قررت عام 1956 ضرورة ربط نضالنا في الجنوب بالنضال العربي العام في سبيل التحرر والوحدة العربية وتطوير المجتمع العربي الى مستوى افضل , كما قررت الرابطة اختيار الزمن المناسب لنقل القضية بعد ذلك الى المجالات الدولية رسمية وشعبية .

ماذا حدث عام 1956 ؟
تبلورت في عام 1955 اتجاهات الحركة الوطنية في الجنوب , وتجمع الوطنيون في تيار ذي اهداف محددة , وتكون المؤتمر الوطني بقيادة رابطة الجنوب العربي ووقف الوطنيون في الجنوب العربي صفا واحدا برأي موحد ضد المشاريع الاستعمارية ورسموا الخط الذي يجبان تسير عليه بلادهم .
ولهذا لم يسعف البريطانيين صبرهم ولا برودهم التقليدي فقاموا بعدد من الاجراءات العنيفة عام 1956 شملت المحاكمات والغرامات والاعتقال والتفتيش , ثم ختمت ذلك في نفس العام بنفي كل من رئيس وامين عام حزب رابطة الجنوب العربي من عدن حيث حظرت عليهما العودة اليها , واتخذ رئيس الرابطة وامينها العام القاهرة مقرا لهما واسسا فيها مكتب الجنوب العربي حيث افتتح رسميا اواخر عام 1956 , وكان تأسيس مكتب الجنوب العربي بالقاهرة نقطة انطلاق للمرحلة النضالية الجديدة .
ولم تكن تلك الاجراءات التعسفية التي ارتكبتها بريطانيا ضد حقوق الانسان وكرامته بمثبطة للهمم او عائقة لانطلاق الحركة الى اهدافها بل كان الامر على العكس من ذلك اذ لم يلبث الموقف بين الشعب المناضل ومستعمريه أن عاد الى التأزم العنيف اواخر عام 1957 واوائل عام 1958 وفقدت بريطانيا اعصابها وارتكبت سلسلة من اعنف واقسى الاجراءات العسكريةالبوليسية اهمها :
1- احتلال سلطنة لحج بقوات كبيرة من الجيش البريطاني والقوات الاخرى التابعة له وكذلك احتلال يافع الساحل والعوالق العليا .
- محاولة القبض على رئيس الرابطة واخويه وهما من قادة الرابطة ومطاردته حتى حدود
اليمن .
3- عزل سلطان لحج (السلطان علي عبدالكريم العبدلي) ونفيه عن بلاده وعن سائر الجنوب
4- عملت على ابعاد نائب سلطان يافع ونائب شيخ العوالق العليا من بلادهما .
5- اعلان حالة الطوارئ في عدن وايقاف صدور صحيفة الجنوب العربي لسان حال الرابطة واصدار الامر باعتقال صاحبها ورئيس تحريرها الذي هو في الوقت احد اقطاب الرابطة .
6- اغلاق فروع حزب الرابطة في لحج ويافع والفضلي والعوالق واغلاق عدد كبير من
الاندية وفي مقدمتها نادي الشباب الثقافي بالمكلا (حضرموت) .
7- اعتقال عدد كبير من رجالات الجنوب العربي وفي مقدمتهم مدير المعارف والاشغال
والمالية بالسلطنة الفضلية , مدير المعارف والصحة بسلطنة لحج حيث اعتقلته في
جزيرة سقطرى ستة اشهر اطلقت سراحه بعدها ونغته من الجنوب العربي وحرمت عليه العودة اليه .
وقد صاحب هذه الاجراءات ضغط وارهاب عام في سائر مدن المنطقة وفي مقدمتها عدن كما صاحبتها عمايات قمع مسلحة للقبائل الموالية للرابطة استخدم فيها سلاح الطيران البريطاني بشكل لايشرف دولة تدعي التمدن والحفاظ على حقوق الانسان وكرامته .
وفي هذه الظروف المحتدمة بالنضال والصراع المليئة بالغدر الاستعماري والعدوان على الحقوق والكرامة الانسانية , كان مكتب الجنوب العربي بالقاهرة يقوم بمهمته في المجال العربي وينهض بدوره في النضال , كما انه يتلمس السبيل الى المجال الدولي لشرح هذه القضية واستصراخ ضمير الانسانية المتحررة , وكان المؤتمر الاسيوي الافريقي الباب العريض الذي ولجته قضية الجنوب العربي فاحتلت مكانها وسط قضايا الشعوب الافريقيةالاسيوية المناضلة وذلك في شهر ديسمبر 1957 , وفي منتصف عام 1958 كان العدوان البريطاني والغطرسة الاستعمارية قد بلغا اوجهما واوغلت الحكومة البريطانية في تجاهل حقوق الشعب العربي في الجنوب تلك الحقوق التي اقرتها المواثيق الدولية ووقعتها بريطانيا ضمن الدول التي وقعتها واعلنتها .
وعندئذ قررت الرابطة انه لم يعد هناك مناص من الانتقال بقضية الجنوب العربي الى مرحلة جديدة اخرى , وهي عرض القضية على هيئة الامم المتحدة .
وكانت كل الظروف الداخلية والخارجية مهيأة تماما لعرض هذه القضية ... النضال في الداخل محتدم بين قوى الشعب العاملة وبين المستعمر والقوى المتحالفة معه , نضال في كافة المستويات وبكل الوسائل , نضال سياسي تقوده الطليعة في المدن بشكل منظم وشامل نضال مسلح تقوده القبائل المتجاوبه مع الحركة الوطنية حيث خاضت سلسلة من المعارك القوية وتعرضت بفداء وتضحية لعمليات قاسية من القصف الجوي والارضي .نضال عمالي يخوضه العمال الوطنيون في عدن في تجاوب مخلص مع الحركة السياسية (الرابطة) ولم تكن القيادة العمالية ة قد اطلت برأسها بعد – نضال سياسي في الخارج يقوده مكتب الجنوب العربي بالقاهرة ورجاله الذين زاروا العواصم العربية تهيئة للمرحلة الجديدة . والجو العربي حينذاك كان جوا مهيئا تماما لاتخاذ الخطوة !! الجمهورية العربية بأقليميها الشمالي والجنوبي في وحدة رائعة رائدة قائدة للنضال العربي في كل مكان .
الشعب العراقي في نشوة النصر بثورة 14 تموز وفي طريقه لتحقيق الوحدة العربية الشاملة !الخلافات بين الدول العربية لايكاد يحس بها
اليمن دخلت عضوا في اتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة !!
والجو العالمي كان ايضا مهيئا تماما لعرض هذه القضية !!
كانت بريطانيا قد خرجت من عدوانها الفاشل في السويس ملطخة بالهزيمة والعار ! مدموغة في هيئة الامم المتحدة وفي انظار سائر دول العالم بالعدوان وفرض استعمارها على المنطقة العربية وتحالفها مع اسرائيل كانت بريطانيا نتيجة لعدوانها هذا تتقهقر عن المنطقة العربيةوتنحسر بغير انتظام .
ومن ناحية اخرى فان الدول المناهضة للاستعمار كانت تتضافر جهودها في هيئة الامم للقضاء عليه وتتلقف اية قضية ترفع الى الامم المتحدة لتدين الدول الاستعمارية وتفضح اساليبها .
وهكذا فان كل الظروف الداخلية والخارجية حينذاك كانت مهيأة تماما لعرض هذه القضية في هيئة الامم المتحدة .
ولهذا قررت الرابطة ابراز قضية الجنوب العربي في المجال الدولي والعمل على عرضها في هيئة الامم المتحدة .

***


الجزء الثاني

قضايا في قضية واحدة
ان اول مشكلة كان يمكن أن تقف أمام عرض قضية الجنوب العربي ككل , كما تتبناها الرابطة
وتقود عملية الكفاح من اجلها , ناشئة عن واقع التجزئة التي يعيشها الجنوب العربي حيث ينقسم الجنوب نفسه الى نحو من ثلاث وعشرين سلطنة وامارة ومشيخة ومنطقة اذ أن لكل
ولاية من هذه الولايات مشكلة خاصة بها ومعركة تخوضها مع المستعمر .
وقد ساعدت بريطانيا على تعدد هذه المشاكل ليتعثر علاج القضية الكبرى , قضية الوجود
الاستعماري في المنطقة بكاملها .
ولكن الرابطة في عام 1958 وبعد نضال سنوات مريرة استطاعت أن تدمج هذه القضايا
المحلية العديدة في قضية واحدة .
ان عدن مثلا لها قضية متميزة مع بريطانيا حيث تحكمها حكما مباشرا كمستعمرة وكجزء
من ارض التاج , وما يتبع هذا الوضع من قضايا فرعية كفتح باب الهجرة , وكاعتبار العرب اصحاب الارض الشرعيين مجرد جالية كغيرها من الجاليات الاجنبية التي وفدت الى عدن في ركاب المسنعمر البريطاني وتشجيعه .
والامارات العربية العديدة الممتدة من لحج حتى سلطنة المهرة لها قضايا يختلف بعضها عن بعض من حيث الشكل , فبعضها فرضت عليها بريطانيا معاهدات حماية , والبعض الآخر معاهدات الاستشارة بجانب معاهدات الحماية وبعضها تحكم برئيس , واحداها تحكم بلجنة صورية كمنطقة دثينة .
البعض منها تحكم فعلا من قبل المستشار البريطاني المفروض او مساعده والبعض الآخر
تحكم من قبل السلطان او الامير والمستشار من ورائه .
البعض منها يحكم بواسطة السلطان المؤيد من قبل المستشار والبعض الآخر جمد سلطانه
وعين الانجليز نائبا عنه من اقاربه يحكم باسمه على الرغم منه .
البعض منها تميز بنوع من الحكم الداخلي المتحرر كلحج والبقية لاحول لهم ولا طول الا
بالمستشار , وهكذا كان لكل منطقة في الجنوب – كنتجة حتمية للتجزئة التي يعيشها – قضية مع الاستعمار البريطاني .
فكفاح الرابطة كفاحا شاقا اذ عملت على دمج هذه القضايا المحلية كلها في قضية واحدة
وسارت عملية التوعية على هذا الاساس .
فلم يقبل عام 1958 حتى تمكنت الرابطة من تحويل هذه القضايا كلها الى قضية واحدة هي القضية الرئيسية التي بحلها تحل سائر هذه القضايا !!
ولقد كانت الرابطة منطقية في ذلك بكل معنى المنطق ورغم الصعوبات والعراقيل ومشاكل
المجتمع ودسائس المستعمر فان توفيق الرابطة في خطها المرسوم كان بعيد المدى .
ان قضية لحج مثلا عام 1958 كانت ابرز هذه القضايا المحلية حيث احتلت بريطانيا سلطنة لحج بالقوة ونهبت المنازل وعزلت سلطانها الوطني المتحرر وعينت مكانه من يسهل عليها قيادته وتوجيهه وانتهكت بذلك ابسط قواعد العرف والعدالة بل انها بذلك قد نقضت معاهدة الحماية والاستشارة التي فرضتها على لحج لصالح بريطانيا .
وكان سلطان لحج الشرعي قد استطاع الخلاص من خطة الاعتقال التي كانت بريطانيا قد
اعدتها له ولم يشأ السلطان علي عبدالكريم العبدلي – عن فهم وايمان ان يقع في اخطبوط التجزئة المفروض على الجنوب ولهذا لم يرى ان تعرض قضية كقضية قائمة بذاتها بل اعلن أن قضية لحج هي جزء من قضية الجنوب العربي , وأن قضية الجنوب العربي يجب أن تعرض في هيئة الامم المتحدة ككل وأن يتخذ ماحدث في لحج كدليل دامغ ملموس ضد المستعمر البريطاني وسياسته القائمة في الجنوب .
ولقد كان هذا الموقف الذي وقفه سلطان لحج حاسما ومثمرا اعان به الحركة الوطنية في الجنوب العربي على التخلص من هذه المشكلة مشكلة تعدد القضايا في الجنوب مع المسنعمر البريطاني , هذا النفوذ الذي لو لم تتمكن الرابطة من القضاء عليه لنال الجنوب العربي من ورائة شر مستطير ولتمكن المستعمر من تثبيت قواعده في الجنوب تثبيتا بعيد المدى .

موقف اليمن والجامعة العربية من قضية الجنوب العربي
وليس هذا الكتاب او هذه المقدمة قد وضع او وضعت وتحليل علاقة قضية الجنوب العربي باليمن او بالجامعة العربية , ولايستهدف هذا الكتاب او هذه المقدمة توضيح الموقف المخزي الذي وقفته الحكومة اليمنية السابقة من قضية الجنوب ولا التلكؤ والاهمال والتستر الذي نهجت عليه الجامعة العربية ازاء هذه القضية , فان لذلك مجالا آخر او كتابا آخر يشرح الخفايا ويبين المآسي التي عاشتها ولاتزال تعيشها قضية الجنوب في المجال العربي الغارق في الاوهام والتشاحن والمجاملات ولو كان ذلك على حساب قضية الانسان العربي وهدرا لنضاله وتمكينا لاعدائه . ان لذلك مجالا آخر غير هذا الكتاب وهذه المقدمة .
بيد اننا ونحن نسجل خطوات الطريق الذي سار عليه رجال الحركة الوطنية في الجنوب بقضيتهم الى هيئة الامم المتحدة فانه يتحتم علينا أن نتعرض لموقف الحكومة اليمنية السابقة والجامعة العربية من محاولاتنا للولوج بالقضية الى هذا المعترك الدولي , وبقدر محدود نفرض على انفسنا وعلى مشاعرنا وعلى اقلامنا ان نقف عنده لانتخطاه .
لم نكن نحن رجال الحركة الوطنية في الجنوب على خبرة كبيرة بدخائل المسئولين في اليمن او الاوضاع فيها , سوى الشعور المتزايد في الوطن العربي سيما المناطق المجاورة لليمن بسوء الاوضاع الداخلية , والآلآم التي يعيشها اليمن العربي من جراء الطريقة التي يحكم بها على الرغم من النصائح التي كان يقدمها بعض الجنوبيين الخبراء بشئون اليمن , هذه النصائح التي تكشف سوء نوايا القائمين بالحكم فيها وقدرتهم الكبيرة على الدسائس .
وعندما انفجر البركان الشعبي في الجنوب عام 1956 كنا نأمل ان تقف اليمن وقفة هادفة بجانب هذا النضال ولكن تجربتنا خلال عامين اقنعتنا انه لاأمل في هذا السند المعنوي المطلوب وأن المسئولين في اليمن يعيشون في اوهامهم من ناحية , وأنهم غارقون حتى الاذقان في مآسيهم من ناحية اخرى , ثم هم بالاضافة الى ذلك يعيشون في حذر بالغ من الانتفاضة الشعبية في الجنوب العربي .
وبصراحة المناضلين يهمنا ان نسجل هنا أننا حتى منتصف 1958 لم نكن نعتقد أن موقف اليمن سيتجاوز السلبية الى الايجابية المدمرة ضد الحركة الوطنية في الجنوب .
ولكن هذا – مع الاسف الشديد – هو الذي حدث بالفعل , ولم يكن موقف اليمن سلبيا من البداية بل ايجابيا ضد حركتنا الوطنية في الجنوب منذ بروزها على مسرح الاحداث غير أننا في غمرة النضال ضد الاستعمار , ولضعف خبرتنا وتجاربنا خيل الينا حينذاك أن الامر لايعدو مجرد السلبية والعجز .
وفي الاشهر المتتابعة من ابريل حتى اكتوبر سنة 1958 ظهر لنا بوضوح كيف يعمل المسئولين اليمنيون على تخريب حركتنا الوطنية وهدم الجسور أمامنا وتلغيم الطريق في المجال العربي وعلى كافة المستويات الشعبية والرسمية والصحفية والجامعة العربية وفي سنة 1954 بدأ أول احتكاك سياسي على مستوى يشمل الجنوب كله بين ( الرابطة ) وحكومة عدن الانجليزية وذلك عندما تقدم حاكم عدن الاسبق ( توم هيكم بوتام ) بمشروعه الاول للاتحاد الفيدرالي للمحميات الغربية وبمشروع مماثل له للمحميات الشرقية , وباقتراحات دستورية خاصة بمستعمرة عدن .
وثارت في ذلك العام قبيلتا الدماني ( في السلطنة العوذلية ) والربيزي في ( سلطنة العوالق العليا ) كما ثار المشائخ آل ابوبكر بن فريد ثورتهم الاولى معلنين المقاومة للمشاريع البريطانية وللاوضاع الداخلية التي فرضها الانجليز في منطقتهم .
وقبل هذه الاحداث واثناؤها زرارت بعثة من الجامعة العربية اليمن حيث استمعت الى وجهة
نظر الامام في التطورات الجديدة كما زارت البيضا واتصلت ببعض الجنوبيين ثم غادرت اليمن الى القاهرة مارة بعدن .
وكان في البعثة عدد من رجالات العرب من مصر والعراق وغيرهما وعلى رأسهم السيد الامين العام للجامعة .
وعلمت الرابطة بنبأ وصولهم فرتبت لهم استقبالا على عجل ونجح الاستقبال في نقل مشاعر الشعب في الجنوب نحو اخوانهم , وآراؤهم في التطورات الجديدة , وفي 27 يناير 1954 أصدرت الجامعة العربية بيانا موجها الى الشعب العربي في الجنوب جاء فيه مايلي :
"" وقد كانت الجامعة العربية وماتزال تراقب بقلق بالغ سير هذه المحاولة وماتتذرع به
السلطات البريطانية في تحقيقها من وسائل الضغط والعنف مشاركة أخوانها اهل تلك
المناطق العربية العزيزة ما يكابد به من ألم وضيق , وقد تلقت الجامعة بارتياح أن اخواننا سكان تلك المناطق يرفضون جريا على تقاليدهم العربية النبيلة الاستسلام لما يقع عليهم من ضغط , ويتشبثون بحقوقهم وحقوق بلادهم , مستنكرين في اباء وشمم هذه المحاولة المنافية لقواعد الدين والحق والعدل ومبادئ ميثاق الامم المتحدة وأنهم مصممون على رفض كل مشروع يسلبهم حريتهم ويربطهم بعجلة السياسة البريطانية ،
وأن الجامعة لتحي اولئك الاحرار من السلاطين والامراء والمشائخ الذين رفضوا ذلك المشروع وعلى مابدا منهم من التصميم على المضي فيه معتمدين على الله عزوجل وعلى
الحق الذي لابد ان ينتصر , والجامعة العربية مدفوعة بروابط الاخوة العربية ستبذل قصاري جهدها لمقاومة السياسة التي بنيت لتلك الاقاليم العزيزة وهي تحرص على تحريرها من كل نفوذ اجنبي والاحتفاظ بها لاهلها ، لهذا نناشد اخواننا الثبات في موقفهم الوطني وأن الجامعة لن تتوانى في شد ازرهم ومناصرتهم بكل ما تستطيع من جهد حتى تنتهي جهودنا جميعا الى الظفر بالغاية التي نصبو اليها فتنجوا البلاد من كل شر ويعيش اهلها سادة احرارا ""
ولم يكن الشعب في الجنوب منتظرا اشارة البدء من ايه جهة ليشرع في نضاله في سبيل اهدافه المثلى , بل انه قد قال كلمته ولكن الشعب العربي في الجنوب كان منتظرا من اخوانه العرب في الجامعة أن يسندوه في نضاله وان يدعموا كفاحه ولو بجهد متواضع .
ولذلك فأن هذا البيان الذي قرأه وسمعه المناضلون حينذاك بفرحة غامرة يمسك به المناضلون اليوم كوثيقة ومستند تاريخي يضعونه امام الجامعة لترى مدى ماقدمت لهم من سند وعون في نضالهم المرير .
كان هذا اول اتصال من الحركة الوطنية في الجنوب بالجامعة اذا اغفلنا الاتصالات العابرة
والمجاملات المعتادة كالاحتفال بيوم الجامعة والعمل على أن يكون عطلة رسمية في الجنوب بل وتنفيذ ذلك عمليا في بعض الاحيان .
وفي الستة الاشهر الاخيرة من عام 1956 كان رئيس الرابطة وأمينها العام على اتصال مستمر بالامانة العامة بالجامعة لشرح القضية وتوضيحها وتقدما بعدة طلبات تستهدف اسناد هذه القضية .
وفي فبراير سنة 1957 تمكن رئيس الرابطة بعد جهد من التحادث أمام حضرات اعضاء
اللجنة السياسية المنعقدة حينذاك بالقاهرة , وناشدهم بالعروبة والاخوة الوقوف الى جانب
شعب الجنوب في نضاله بعد ان شرح لهم حقائق الوضع هناك , واستمر الامين العام في
اتصالاته ومحاولاته مع الجامعة العربية دون جدوى حتى منتصف سنة 1958 .
واشتدت الازمة في الجنوب العربي ووصلت الى مرحلة تستدعي التحرك العاجل وكما ذكرنا
آنفا كانت كل الظروف مهيأة لرفع القضية الى هيئة الامم المتحدة وعاودنا الاتصال بالجامعة العربية .... رئيس الرابطة وأمينها العام من ناحية وسلطان لحج الذي نفاه الانجليز وعزلوه ( السلطان علي عبدالكريم العبدلي ) من ناحية اخرى وعشرات من البرقيات والمذكرات من رجالات الجنوب الاخرين من ناحية ثالثة , ولكن الجامعة لم تحرك ساكنا !!!! وكانت الحجة أن حكومة اليمن ترفض عرض القضية في هيئة الامم !!!!! لابل أن حكومة اليمن ترفض أن تبحث الجامعة العربية هذه القضية او تسمح لرجال الجنوب بالتشرف بالمثول امامها لشرح حقائق قضيتهم !! وكان يكتفى في اكثر الاجتماعات باصدار قرار بتأييد اليمن في مطالبتها بالجنوب وانه جزء من المملكة اليمنية المتوكلية لا يتجزأ. وسار الامر على هذا المنوال !!!!!!!
اصبحت قضية الجنوب وماتثيره حكومة اليمن باستمرار عند أي تعرض من قبل احد الاعضاء لهذه القضية مثار تندر السياسين والصحفيين العرب !
لقد هانت علينا أنفسنا ونحن نرى ونلمس مدى الاهانات التي تتعرض لها قضيتنا ... قضية شعب عربي يناضل في سبيل حريته وكرامته واستقلاله وينفرد به المستعمر بقضه وقضيضه وقواته الساحقة ومع ذلك فهو يرى أن قضيته اصبحت مثار تندر في المجالس , وأن القضية لم تعد قضية تحرر من الاستعمار ووحدة عربية وعدالة اجتماعية , قضية الانسان العربي المستعبد المتخلف بل قضية تسمية , قضية جنوب عربي ام جنوب يمني ؟ !!!
واستمر نضالنا دون يأس لاقناع اخواننا في الجامعة العربية وفي مقدمتهم حكومة اليمن طيلة عام 1958 وحتى منتصف سنة 1959 دون فائدة او جدوى بل أن القضية استمرت في تلك الحلقة المفرغة .
وفي منتصف عام 1959 قررت قيادة الرابطة امرا !!
لابد من ذهاب وفد الى هيئة الامم المتحدة وتلمس السبل لادراج قضيتنا في جدول اعمالها , وتقرر ان يذهب وفد من ثلاثة اعضاء لهذه المهمة ، غير أن الرابطة لم تتمكن من تدبير المبلغ اللازم لذلك ، واستطاعت اخيرا من تدبير مبلغا يكفي لسفر وفد مكون من شخص واحد فقط وهكذا تقرر ان يتوجه الى هيئة الامم الاخ الزميل شيخان عبدالله الحبشي .
يتبع/
شهثان المر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس