عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-09-19, 06:57 PM   #124
الفجر الباسم
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2008-09-06
المشاركات: 28,580
افتراضي

ويسألونك عن الجنوب

د. محمد عبد الملك المتوكل
صحيفة الأولى
قل الجنوب وطن مستباح، في فم أبنائه مرارة، وفي نفوسهم حسرة، وفي قلوبهم جراح، وفي مآقيهم دموع، وفي أعماقهم إرادة لا تستكين، وفي مسيرتهم ضباب، اختلطت الألوان أمامهم، يتحسرون على الماضي البعيد، ويعتبون على الماضي القريب، ويلعنون الحاضر الكئيب. حالة الغضب أفقدتهم التمييز بين الصديق والعدو والظالم والمظلوم والحق والباطل والخطأ والصواب. تركز همهم على الخلاص مما هو قائم، بصرف النظر عما هو قادم. والخشية أن يكرروا الخطأ، فكما انتقلوا بعاطفة الحب الأعمى إلى الوحدة، ينتقلون بشعور الكراهية الأعمى إلى وضع غير محسوب. هاجت مشاعرهم فدخلوا الوحدة وقاتلوا في سبيلها بأحلام غامضة وآمال غير محسوبة، وحين لاحت المساوئ وأبخرة الآمال هاجت مشاعر الكراهية، فنادوا بالخلاص دون رؤية واضحة وخطوات محسوبة، وإذا بهم في كل مرة يبكون على الزمان الذي بكوا منه. رحم الله الزبيري حين سأله الرباعي في الخمسينيات ماذا سوف يعمل الأحرار بعد الخلاص من الإمام؟ قال الزبيري بانفعال: لا داعي للتفكير في ذلك الآن، لأننا سوف نختلف. علينا أن نخلص من الإمام أولا. خلص الزبيري من الإمام، وخلصت الجمهورية من الزبيري والنعمان والإرياني والحمدي وضباط سبتمبر وأحرار نوفمبر و14 أكتوبر. يا ترى، لو سئل الزبيري بعد هذه الرحلة الطويلة، هل كان على حق في رفضه التفكير والتخطيط للمستقبل، أم كان على خطأ؟ ربما لو فكر الأحرار في المستقبل بعناية وعقلانية، ووضعوا تصورهم العملي للدولة التي يحلمون بها، والوسائل والأدوات التي تحققها، لما كان حالنا كما هو الحال الآن، ولو فكر الحزب الاشتراكي بعقلانية وتصور واضح للنتائج قبل الدخول في الوحدة، لما كان الحال كما هو الحال. أما آن لنا أن نتعلم بعد كل هذه التجارب؟ ليس المطلوب من مناضلي الحراك أن يحدوا من طموحهم سواء بدعوة العودة إلى ما قبل الوحدة أو بدعوة تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق، لكن المطلوب أن يدرسوا خيارهم بعناية كاملة، وبعقلانية لا تتحكم فيها العواطف، وأن يضعوا أمامهم عددا من التصورات للنتائج، وألا يضيقوا من الرأي الآخر، فقد يحتمل الصواب، وفي ضوء ما يتوصلون إليه ينشئون الآلية المناسبة لتحقيق هذا الطموح. أما أن يغني كل على ليلاه في عشوائية واضحة وحنق انفعالي، فليس لدي ما أقوله سوى: "فأبشر بطول سلامة يا مربع"، ولا جاكم شر. هذا موضوع نشرته في جريدة "الشارع" عدد 89، بتاريخ 21 مارس 2009، وأعيد نشره عسى أن يتفادى المتحاورون في مؤتمر الحوار أخطاء من سبقهم، والجهل طول الزمان عيب. وعليهم أن يسألوا أنفسهم قبل أن ينهوا عملهم ويسلموا نتائجهم؛ لماذا فشلت النتائج السابقة من الميثاق المقدس سنة 1948، حتى مبادئ الثورة الـ6 سنة 1962، والميثاق الوطني سنة 1982، ووثيقة العهد والاتفاق سنة 1993؟ وعلى الإخوة في الحراك أن يحسبوا وثائق الجنوب على الأقل من عام 1967، لا قيمة لأية وثيقة ما لم يكن المسؤولون عن تنفيذها ممن يؤمنون بمحتواها، ويملكون القدرة على تطبيقها. العمل الحضاري لا جدوى منه ما لم تتولّ تنفيذه قوى حضارية. وما أخشاه أن تكون نتائج مؤتمر الحوار صورة جديدة لما سبق. صدق الله القائل: "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون
__________________
الفجر الباسم قادم من قلب الليل الجاثم

وربيع الامة ات من بعد شتاء قاتم
الفجر الباسم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس