عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-05-15, 08:31 PM   #1
طبيب العقول
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2012-03-02
المشاركات: 2,633
افتراضي الحرص المبالغ فيه الذي لا يؤتمن يا جماااااعة

احمد عبدالله أمزربه
عدن الغد

حكي أن شابا ترك بلاده (بسبب الحرص المبالغ فيه) إلى بلاد غيرها وعند وصوله إلى عاصمة تلك البلاد، سمع ان هناك عصابة عكرت صفو هذا البلد ورأى الملصقات والإعلانات في كل شارع وحارة وفي كل فندق ومسجد تحث الناس عن البحث والتحري عن هذه العصابة، وتعلن عن جوائز كبيرة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أفراد هذه العصابة.
وعند مرور أول جمعة للشاب في هذه المدينة صلى في جامعها الكبير، ورأى أربعة رجال أقوياء يحملون كرسيا فخما يجلس عليه رجل ذو وقار وهيبة اتضح فيما بعد أن هذا الرجل هو مفتي الديار وقاضي القضاة وخطيب وإمام الجامع الكبير، سأل الشاب أحد المصلين بجانبه عن السبب الذي جعل المفتي محمولا على الكرسي في الوقت الذي يستطيع أن يمشي على رجليه، فجاء الرد: إن المفتي يتقي الله ويخاف أن يدوس برجله على حشرة صغيرة أو أي دابة في الأرض فيسأله الله عنها يوم القيامة، وحرصا منه على ذلك فضل أن يكون محمولا لا ماشيا. قال الشاب لنفسه: إنه الحرص المبالغ فيه الذي لا يؤتمن!.
في نفس اليوم قرر الشاب أن يقابل الأمير، قال الشاب للأمير: لقد عرفت رئيس عصابة اللصوص لكن لي شرطا، وهو أن تمنحني صلاحيات مطلقة بمداهمة أي قصر أو أي منزل حتى ولو كان مملوكا لمفتي الديار وقاضي القضاة وتحدد لي أسبوعا واحدا فقط يبدأ من يوم غد السبت حتى الجمعة القادمة، وتأمر رجال الشرطة أن يأتمروا بأمري، قال الأمير: كل شروطك مقبولة، لكن إذا لم تف بوعدك، قال الشاب: يتم إعدامي بعد صلاة الجمعة القادمة في ساحة الجامع الكبير.
وفي اليومين الأول والثاني من الأسبوع تعرف الشاب على أفراد الشرطة وفي اليوم الثالث والرابع استطلع الشاب عن منازل المفتي ومخازنه في المدينة وفي اليوم الخامس داهم الشاب ورجال الشرطة منازل المفتي ومخازنه فوجدوا بها كل المسروقات والمنهوبات من أملاك الناس والدولة وفي اليوم السادس اعترف مفتي الديار وقاضي القضاة أنه رئيس العصابة وكشف عن بقية أفراد العصابة وفي اليوم السابع وهو يوم الجمعة أعلن لعامة الناس في ساحة الجامع الكبير أن المفتي المحمول على الأكتاف والمتستر بالدين هو رئيس عصابة اللصوص وإن الحرص المبالغ فيه لا يؤتمن.
وبعد أن كافأ الأمير الشاب سأله قائلا: كيف عرفت بهذه السرعة أن قاضي القضاة هو وراء كل ما يحصل في البلاد من نهب وسطو وفساد، قال الشاب: مات والدي وأنا رضيع لم يتجاوز عمري العام، ووالدتي في ريعان شبابها فلم تتزوج بعد والدي حبا ووفاء لذكراه، إلى أن بلغت سن الشباب، وهي تحكي لي قصص الوفاء ورفضها كل العرسان من التجار وكبار القوم وفاء لذكرى والدي حتى أنها قالت لي يوما أنها حرمت أن تأكل أي شيء مذكر منذ وفاة والدي ولم يدخل دارنا أي مذكر من نبات أو جماد أو حيوان إلا ما هو أنثى، حتى أنني عندما كنت أذهب لشراء حاجيات البيت كانت والدتي تقول: إذا اشتريت لنا لحما أرجو أن يكون من أنثى فمثلا لحم الماعز يجب أن يكون من (معزة) لا من (تيس) وإذا كان اللحم بقري، يكون من (بقرة) لا من (ثور) وهذا كله وفاء وحبا لذكرى والدي المرحوم.
وكنت أتباهى بوفاء والدتي أمام أقراني من الشباب، إلى يوم من الأيام سمعني جاري وأنا أقص قصص المذكر والمؤنث والمسموح والمحظور في دارنا وحرص والدتي في الوفاء لوالدي، فأخذني جاري على انفراد قائلا لي: يا ولدي أمك لم تكن مخلصة لوالدك ولا لك، وهي تكذب عليك فاحذر يا ولدي الحرص المبالغ فيه لا يؤتمن، وسأثبت لك ذلك، فما عليك إلا أن تخبر والدتك أنك مسافر إلى بلاد بعيدة لطلب الرزق وسوف استضيفك في داري لترى بأم عينيك حرص والدتك الكاذب ففعلت، فإذا برجل يدخل إلى دارنا ليلا ولم يبارحه إلا فجرا وعرفت فيما بعد أنه عشيق والدتي، وتركت بلدي وهاجرت إلى بلدكم.
فرأيت ما رأيت من قاضي القضاة فقلت في نفسي هذا الرجل شقيق والدتي أو أنه درس معها في مدرسة واحدة (مدرسة الحرص المبالغ فيه الذي لا يؤتمن) فاحذروه والحليم تكفيه الإشارة.
والقول ما قاله الشاعر العربي أحمد مطر: كان يا ما كان.. يضحكني العميان حين يقاضون الألوان.. و ينادون بشمس تجريدية.. تضحكني الأوثان.. حين تنادي الناس إلى الإيمان.. وتسب عهود الوثنية.. كان يا ما كان.. كانت أمتنا المسبية.. تطلب صك الإنسانية من شيطان!.
http://adenalghad.net/news/50202/#.UZOiiEpcbA0

طبيب العقول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس