الموضوع: الصحف العربيه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-06-14, 03:38 AM   #1
مكلاوي
قلـــــم نشيـط جــــداً
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-26
المشاركات: 133
افتراضي الصحف العربيه

صحيفة الخليج 14\6\2009بشير البكر






ثمة وضع غير عادي يمر به اليمن اليوم، من صعدة إلى حضرموت مروراً بصنعاء وتعز، وصولاً إلى عدن والضالع وابين في الجنوب، هناك حالة من الغليان الداخلي الذي عبّر عن نفسه في صور مختلفة، أهمها ما بات يعرف بالحراك السلمي في الجنوب، الذي أخذ يتحول إلى دموي بفعل الصدامات اليومية بين المتظاهرين وقوات الأمن والجيش. والملاحظ أن هذا الوضع تطور بسرعة شديدة من المطالبة بحل مشكلات العسكريين المسرحين إلى حالة سياسية اوسع، تجاوزت دعوات “اصلاح مسار الوحدة”، إلى اعلان فك الارتباط بين الشمال والجنوب، الذي أعلنه في 22 مايو/ أيار الماضي الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض.



رغم تعقيدات الموقف الناجم عن حركة تمرد الحوثي في الشمال، والتي مضى عليها خمس سنوات، فإن مايحصل في الجنوب هو أكثر خطورة، وهو من دون مبالغة يعيدنا إلى الأجواء التي عرفتها اليمن عشية حرب مايو/ أيار ،1994 والتي طغى عليها مظهران أساسيان الأول: هو التوتر والاحتقان على أساس جنوبي شمالي. والثاني: هو المكابرة إزاء تعثر المشروع الوحدوي، وعدم الاعتراف بالمشكلات التي ترتبت على سوء إدارته. ويجمع كافة من تابعوا تطورات الخلاف منذ البداية على ان عدم مواجهة وحل هاتين الاشكاليتين، من خلال الحوار بين الطرفين الموقعين لاتفاقية الوحدة، أدى إلى تفاقم وجهات النظر، وقاد إلى نزاع، ثم إلى الحرب التي اندلعت في مايو/ أيار، وانتهت إلى خروج الطرف الجنوبي من المعادلة كليا، وأجبرت قيادة الجنوب الفعلية على سلوك طريق المنافي، ولا يزال علي سالم البيض الذي وقع اتفاق الوحدة مع الرئيس علي عبدالله صالح، لاجئاً في الخارج، وكذلك الأمر بالنسبة لأول رئيس وزراء لدولة الوحدة حيدر أبو بكر العطاس. والملاحظة الأساسية هي أنه بعد 19 سنة من عمر المشروع المشترك، تم اقصاء جميع قادة الجنوب الذين وقعوا اتفاق الوحدة، على عكس نظرائهم من الشمال. الأمر الذي دفع بقطاع واسع من الجنوبيين إلى الاحباط والنكوص إلى الخلف، واطلق العنان لما بات يعرف بالنزعة الجنوبية. وتجدر هنا الإشارة إلى نقطتين مهمتين: الأولى هي أن الغالبية العظمى من الذين يهتفون ضد الوحدة في الجنوب، هم من الجيل الذي فتح عيونه على مشروع الوحدة. والثانية هي أن الذين ينادون اليوم بعودة دولة الجنوب ليسوا أصحاب المشاريع القديمة، الذين كانوا يحلمون بإقامة دولة الجنوب العربي، بل هم أيضاً من الأجيال الجديدة، التي لها نظرة مختلفة للكيانية، وحسها بالهوية يتغذى من التمييز الواقع عليها.



لقد توصل الطرفان في شهر كانون الأول/يناير من سنة 1994 إلى “وثيقة العهد والاتفاق”، بعد أكثر من شهر من الحوار الداخلي داخل لجنة تشكلت لهذا الغرض وعرفت باسم “لجنة الحوار”، وكان من أبرز الشخصيات التي شاركت في أعمالها العطاس، جار الله عمر، سالم صالح محمد، ياسين سعيد نعمان، عبد الكريم الارياني، الشيخ مجاهد ابو شوارب، الشيخ سنان ابو لحوم، قاسم سلام، أحمد كلز، القاضي أحمد الشامي، محمد عبد الملك المتوكل، ولفيف كبير من الشخصيات الحزبية والقبلية والوطنية العامة. واعتبرت تلك “الوثيقة” أرضية فعلية لبناء صلب للوحدة، التي كانت لا تزال طرية وتهتز بفعل رياح العواصف الداخلية والخارجية، وخصوصاً كارثة اجتياح الكويت التي هزت المنطقة ككل. إلا أن حرب مايو/ أيار جاءت لتضع تلك “الوثيقة” على الرف، وبذلك ضاعت فرصة ثمينة على اليمن لتعزيز وضعه الداخلي، وتجاوز التوتر الذي بدأ يطل برأسه بسبب شعور الجنوبيين بالغبن والتمييز والإقصاء في دولة الوحدة. لقد كان في وسع تلك “الوثيقة” أن تمتص حالة الاحتقان، وتنقل البلاد إلى مستوى جديد يعتمد على المبدأ الذي قامت عليه الوحدة، وهو “الأخذ بالأفضل في تجربتي الجنوب والشمال”. ولا يحتاج المرء إلى كبير عناء ليبرهن على أن الحرب شكلت كارثة في حينها، ليس فقط على مستوى تداعياتها المباشرة، بل على صعيد آثارها البعيدة المدى، ولكن أخطر ما نتج عن تلك الحرب هو تضخم عقلية الاستئثار بمشروع الوحدة، واستمرار سياسة “الوحدة بالحرب”. حاول الطرف المنتصر في تلك الحرب تبرير العملية على أساس نزاع بين “وحدويين” و”انفصاليين”، وأن الحفاظ على الوحدة يقضي باتخاذ جملة من الاجراءات الاستثنائية، إلا أن الاستثنائي تحول إلى سياسة دائمة ذات تأثير خطير، كان من نتائجه المدمرة إبقاء الجنوبي في موقع المتهم بالانفصالية، وهذا هو السبب الفعلي لما هو حاصل في الجنوب.



ولا يشك أحد بأن القادر على المبادرة اليوم هو الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، الذي لايحتاج في جميع الأحوال لمن يعطيه الدروس ويقدم له النصائح، بل إنه الأدرى من غيره بشؤون اليمن من صعدة إلى المهرة، يعرف الشاردة والواردة، وبحكم تجربته وخبرته الطويلة، فإن في وسعه إيجاد الحل لأي قضية داخلية مهما استعصت وتعقدت. وبالتالي لكي لايتفاقم الوضع في الجنوب وينزلق إلى مواجهة واستنزاف جنوبي شمالي، ينتظر منه أن يقوم بمبادرة تاريخية، على غرار الخطوة التي قام بها في تشرين الثاني/نوفمبر سنة ،1989 حين زار عدن ليوقع مع البيض “اتفاق عدن” التاريخي الذي كان الأساس لانطلاق عملية التوحيد. إن الرئيس اليمني مدعو للمبادرة إلى حل المشكلة من زاويتها السياسية بالعودة إلى روح اتفاق الشراكة الوحدوية بين الشمال والجنوب، واجراء مصالحة سياسية تكون الخطوة الأولى فيها عودة البيض من المنفى، لأنه الرمز الجنوبي الوحيد الذي يتمتع بشرعية تاريخية، ويحظى بالاحترام في أوساط الشمال والجنوب بوصفه المبادر إلى الوحدة.
http://www.alkhaleej.ae/portal/252f6...a69ffae1d.aspx
مكلاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس