عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-02-08, 03:43 AM   #1
المسعودي اليافعي
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2010-12-08
المشاركات: 392
افتراضي بناء الثوابت الوطنية على أسس صحيحة ضرورة قصوى

بناء الثوابت الوطنية على أسس صحيحة ضرورة قصوى


يمر شعب الجنوب العربي اليوم بمرحلة هي الأسوأ والأخطر في تاريخه الحديث، مرحلة سبقتها مراحل من الرداءة لكن زمن هذه المرحلة هو الأسوأ رداءة من سابقتها، حيث استفحل فيه الارتداد على القيم الحميدة والأهداف النبيلة والطموحات المشروعة التي نشأت وتربّت عليها أجيال بعد أجيال, سعيا إلى تحقيق تطلع وطموح شعب الجنوب في بناء الدولة المدنية الحديثة, ولأجل ذلك كان قد أُقحم الجنوب [شعبا ووطنا] في معارك متعددة سقط دونها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وعانى الشعب بأكمله من البؤس وشظف العيش لعقود وعقود من الزمن...

إنها من أشد المراحل ضررا على شعب الجنوب الصابر والصامد, إن ترك التعامل مع متطلباتها واحتياجاتها لأهواء ورغبات قاصري النظر والبصر, كونها مرحلة لزمن أختلت فيه المعايير القيمية وتغيرت المفاهيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية... زمن شوّه كل الأشياء الجميلة في الحياة وأفقد الإنسان القدرة على التمييز بين النافع والمضر وإمكانية التيقن من وجهة الحق والحقيقة.

زمن جمع كل رداءه عرفها تاريخ الإنسانية, حيث يعيش المواطن الجنوبي منقسما على ذاته المقهورة, تائها في وطنه الذي جعل منه المحتل مجرد مكان للإقامة الإجبارية, ضائعا بين تزاحم الأولويات وتعددها, حائرا فيما يتوجب عليه الأخذ به أولاً لتداخل المهام النضالية الوطنية والأسرية المعيشية, مواجهة الظروف المعيشية وإعالة الأسرة أم النضال ومواجهة الاحتلال, بناء التلاحم الوطني وتدعيم الأصطاف الشعبي أم بناء المكونات والمجالس والجبهات, الانتصار لإيجاد ثوابت وطنية بمعناها الشامل والكامل أم لشيء منقوص أسماه البعض منا ثوابت وطنية.

في مثل هذه الظروف والأحوال وبالمفهوم الوطني, كيف يمكن لنا كشعب جنوبي تغليب المصلحة العامة العليا للجنوب [شعبا ووطنا]؟؟... والإجماع أو التوافق حول الأسس والقواعد التي تمكن الجنوبيين من الاتفاق على الثوابت الوطنية الجنوبية قادرة على النهوض لإقامة دعائم المستقبل المنشود, بمرجعياتها السياسية والاجتماعية ذات الهدف الوطني الواحد المحدد بالنضال من أجل تحقيق التحرير والاستقلال واستعادة السيادة والوطن والهوية الجنوبية. كون الاختلاف حول الثوابت الوطنية أو عدم الاتفاق على مرجعية وآلية اتخاذ القرار, يشتت الجهود ويعمل على أضعاف النضال الوطني لشعب الجنوب, ويتيح المجال سانحا لكل من رغب التحدث باسم القضية الوطنية الجنوبية وممارسة ما يحلى له باسم مصلحة شعب الجنوب وثورته المباركة.

إن الظروف القاسية والأوضاع الصعبة, كما هو حجم التحديات والمخاطر الهائلة التي يواجهها شعب الجنوب اليوم, تتطلب بل تفرض على كل أبناءه الواعين التداعي إلى مواجهة تلك التحديات والمخاطر بتوحيد الجهود والإمكانات والكلمة والسعي إلى لملمة الصفوف, بدلاً عن العمل على تفصيل الوطن حسب أهواء شخصية أو صياغته وفق مشيئة جماعة أو منطقة أو توجيه الدفة لخدمة أيديولوجيات وسياسات ومصالح أحزاب وجهات غير وطنية.

وللحقيقة فإنه لا يستحسن بأحد إيهام نفسه أو سواه أنه وحده الحريص على القضية الوطنية الجنوبية, وأنه بذلك قادرا على إخراج المظاهرات وإقامة الفعاليات والسيطرة أو احتكار ساحات وميادين النضال الوطني, وأنه باسم الحرص على الأهداف واحتكار الوطنية الموهومة قادرا على ممارسة الوصاية وإلغاء دور الآخرين في النضال الوطني من أجل التحرير والاستقلال, أو إنه تحت أي مسمى قادرا على مصادرة القرار الوطني لمصلحة أفراد أو فئة أو منطقة أو حزب أو جهة من الجهات, وتصنيف بقية أبناء شعب الجنوب كأعداء للثورة وللوطن وللقضية الوطنية الجنوبية.

علينا أن نعترف أن مجريات الأحداث خلال المراحل الماضية بعقودها الزمنية الخمسة, قد جعلت من مفهوم المصلحة الوطنية العامة العليا للجنوب [شعبا ووطنا], محل تساؤل ونقاش... مثل الثوابت الوطنية والمرجعيات السياسية والاجتماعية الوطنية وآليات اتخاذ القرار, مما يعني وجود أزمة تتعدى كونها مجرد أزمة عادية, بل هي أزمة أعمق من ذلك, وكانت قد وجدت مع ولادة الاستقلال الأول عام 1967م, وهي بحاجة إلى إعادة مراجعة وإنتاج لارتباطها الوثيق بشكل ومضمون دولة المستقبل المنشودة وبطبيعة العلاقات السياسية والاجتماعية في المجتمع الجنوبي.

لذلك على كل وطني جنوبي صادق مع شعبه, مخلص لوطنه, أمين على قضيته, وفي لشهداء الثورة والوطن القبول بإعادة بناء الثوابت والمرجعيات وآليات اتخاذ القرار على أسس صحيحة.
المسعودي اليافعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس