عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-12-07, 11:08 PM   #10
خط الوسط
قلـــــم نشيـط جــــداً
 
تاريخ التسجيل: 2010-01-27
المشاركات: 288
افتراضي


هذه قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم للشاعر اليمني عبد الله البردوني


بشرى من الغيب ألقت في فم الغار = وحيا و أفضت إلى الدنيا بأسرارِ
بشرى النبوّة طافت كالشذى سحرا = و أعلنت في الربى ميلاد أنوار
و شقّت الصمت و الأنسام تحملها = تحت السكينه من دار إلى دار
و هدهدت " مكّة " الوسنى أناملها = و هزّت الفجر إيذانا بإسفار
فأقبل الفجر من خلف التلال و في = عينيه أسرار عشاق و سمار
كأنّ فيض السنى في كلّ رابية = موج و في كلّ سفح جدول جاري
تدافع الفجر في الدنيا يزفّ إلى = تاريخها فجر أجيال و أدهار
واستقبلت طفلا في تبسّمه = آيات بشرى و إيماءات إنذار
و شبّ طفل الهدى المنشود متّزرا = بالحقّ متّشحا بالنور و النار
في كفّه شعلة تهدي و في فمه = بشرى و في عينه إصرار أقدار
و في ملامحه وعد و في دمه = بطولة تتحدّى كلّ جبّار
و فاض بالنور فاغتم الطغاة به = و اللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
و الوعي كالنور يخزي الظالمين كما = يخزي لصوص الدجى إشراق أقمار
نادى الرسول نداء العدل فاحتشدت = كتائب الجور تنضي كلّ بتّار
كأنّها خلفه نار مجنّحة = تعدو قدّامه أفواج إعصار
فضجّ بالحقّ و الدنيا بما رحبت = تهوي عليه بأشداق و أظفار
و سار و الدرب أحقاد مسلّخة = كأنّ في كلّ شبر ضيغما ضاري
وهبّ في دربه المرسوم مندفعا = كالدهر يقذف أخطار بأخطار
فأدبر الظلم يلقي ها هنا أجلا = و ها هنا يتلقّى كفّ ... حفّار
و الظلم مهما احتمت بالبطش عصبته = فلم تطق وقفة في وجه تيّار
رأى اليتيم أبو الأيتام غايته = قصوى فشقّ إليها كلّ مضمار
وامتدّت الملّة السمحا يرفّ على = جبينها تاج إعظام و إكبار
مضى إلى الفتح لا بغيا و لا طمعا = لكنّ حنانا و تطهيرا لأوزار
فأنزل الجور قبرا وابتنى زمنا = عدلا ... تدبّره أفكار أحرار
يا قاتل الظلم صالت هاهنا و هنا = فظايع أين منها زندك الواري
أرض الجنوب دياري و هي مهد أبي = تئنّ ما بين سفّاح و سمسار
يشدّها قيد سجّان و ينهشها = سوط ... ويحدو خطاها صوت خمّار
تعطي القياد وزيرا و هو متّجر = بجوعها فهو فيها البايع الشاري
فكيف لانت لجلّاد الحمى " عدن " = و كيف ساس حماها غدر فجّار ؟
وقادها وعماء لا يبرّهم = فعل و أقوالهم أقوال أبرار
أشباه ناس و خيرات البلاد لهم = يا للرجال و شعب جائع عاري
أشباه ناس دنانير البلاد لهم = ووزنهم لا يساوي ربع دينار
و لا يصونون عند الغدر أنفسهم = فهل يصونون عهد الصحب و الجار
ترى شخوصهم رسميّة و ترى = أطماعهم في الحمى أطماع تجّار
أكاد أسخر منهم ثمّ تضحكني = دعواهم أنّهم أصحاب أفكار
يبنون بالظلم دورا كي نمجّدهم = و مجدهم رجس أخشاب و أحجار
لا تخبر الشعب عنهم إنّ أعينه = ترى فظائعهم من خلف أستار
الآكلون جراح الشعب تخبرنا = ثيابهم أنّهم آلات أشرار
ثيابهم رشوة تنبي مظاهرها = بأنّها دمع أكباد و أـبصار
يشرون بالذلّ ألقابا تستّرهم = لكنّهم يسترون العار بالعار
تحسّهم في يد المستعمرين كما = تحسّ مسبحة في كفّ سحّار
ويل وويل لأعداء البلاد إذا = ضجّ السكون وهبّت غضبة الثار !
فليغنم الجور إقبال الزمان له = فإنّ إقباله إنذار إدبار
و الناس شرّ و أخيار و شرّهم = منافق يتزيّا زيّ أخيار
و أضيع الناس شعب بات يحرسه = لصّ تستره أثواب أحبار
في ثغره لغة الحاني بأمّته = و في يديه لها سكّين جزّار !
حقد الشعوب براكين مسمّمة = وقودها كلّ خوّان و غدّار
من كلّ محتقر للشعب صورته = رسم الخيانات أو تمثال أقذار
و جثّة شوّش التعطير جيفتها = كأنّها ميته في ثوب عطّار
بين الجنوب و بين العابثين به = يوم يحنّ إليه يوم " ذي قار "
يا خاتم الرسل هذا يومك انبعثت = ذكراه كالفجر في أحضان أنهار
يا صاحب المبدأ الأعلى ، و هل حملت = رسالة الحقّ إلاّ روح مختار ؟
أعلى المباديء ما صاغت لحاملها = من الهدى و الضحايا نصب تذكار
فكيف نذكر أشخاصا مبادئهم = مباديء الذئب في إقدامه الضاري ؟ !
يبدون للشعب أحبابا و بينهم = و الشعب ما بين طبع الهرّ و الفار
مالي أغنّيك يا " طه " و في نغمي = دمع و في خاطري أحقاد ثوّار ؟
تململت كبرياء الجرح فانتزفت = حقدي على الجور من أغوار أغواري
يا " أحمد النور " عفوا إن ثأرت ففي = صدري جحيم تشظّت بين أشعاري
" طه " إذا ثار إنشادي فإنّ أبي" = حسّان " أخباره في الشعر أخباري
أنا ابن أنصارك الغرّ الألى قذفوا = جيش الطغاة بجيش منك جرّار
تظافرت في الفدى حوليك أنفسهم = كأنّهنّ قلاع خلف أسوار
نحن اليمانين يا " طه " تطير بنا = إلى روابي العلا أرواح أنصار
إذا تذكّرت " عمّارا " و سيرته = فافخر بنا : إنّنا أحفاد " عمّار
"
خط الوسط غير متواجد حالياً