[حسن اليهري]

شبام نيوز .صنعاء - كتب / محمد عباس ناجي

إن المرء ليشعر بالفخر والاعتزاز أن يسمع ويرى المثقف الجنوبي وهو يصدح بصوته عاليا في سماء مدينة صنعاء ليشرح قضية شعبه بكل هدوء وروية ومصداقية مدللا على ذلك بالوقائع التاريخية والعملية المشفوعة بالأرقام التي لا تقبل الشك. بعيدا عن التجريح والاساءة للطرف الآخر . بل وجعله محشورا في الزاوية غير قادر على الاتيان بالرد المقنع.

دوى ذلك الصوت الجنوبي الشامخ خلال ثلاثة أيام متواصلة في الندوة العلمية التي نظمها منتدى الحوار الفكري وتنمية الحريات , الذي يرأسه الدكتور القدير/ عبدالكريم قاسم دماج , وعقدت الندوة بمقر مركز الدراسات اليمني خلال الفترة من 20 ـ 22 أكتوبر 2012م . تحت عنوان ( القضية الجنوبية التوصيف , والفهم والحلول) وقد افتتحها رئيس المنتدى ـ وهو شخص معروف بالحياد ـ ثم القى الشاعر الكبير الدكتور/ عبد العزيز المقالح كلمة . ثم القي الدكتور/ عبدالله عوبل منذوق ـ وزير الثقافة كلمة كراعي للندوة , وترأس الجلسة الأولى الدكتور/ صالح علي باصرة وزير التعليم العالي السابق.
كانت الندوة عبارة عن حوار اكاديمي فكري رفيع بين مدرسي جامعتي عدن وصنعاء حول القضية الجنوبية , بصورة فريدة وبعيدا عن اي قيود من قبل كل طرف سوى التقيد بالوقت. ولأنه من الصعب حصر كل الشخصيات التي حضرت من الطرفين وما قدم كل طرف حتى ولو العناوين الرئيسية , مع تقديرنا للجميع . فإننا حتى لن نذكر عناوين مداخلاتهم وتعقيباتهم لضيق الحيز والوقت , وسوف نكتفي بذكر اسماء ابطال الصوت الجنوبي الرائع الذين شاركوا في هذه الندوة ومثلوا جامعة عدن وشعب الجنوب بكل جدارة , وهم: شاعر الجنوب الكبير / مبارك سالمين, الدكتور/ جعفر الشلالي ـ الذي تخرجت على يديه اجيال من المبدعين الجنوبيين , الدكتور/ سامي عطية المجتهد الدائم , الصديق العزيز الدكتور / فضل الربيعي رئيس مركز مدارات للبحوث والدراسات , الدكتور/ عبده يحيى الدباني صاحب القلم الجنوبي المبدع , الدكتور/ محمد حلبوب الاستاذ والمناضل المعروف . الدكتور/ قاسم المحبشي صاحب الذاكرة التاريخية .
مع أنني اعرف انني قد اكون ظلمت هذه الاصوات الجنوبية وكذا القارئ العزيز عندما لم اسرد ما قدموه من جهد فكري عظيم لشرح قضية شعبهم بصورة اكاديمية علمية مدعمة بالأرقام والوقائع التي تثبت حقائق ما تعرض شعب الجنوب خلال سنوات الوحدة , ولا سيما بعد حرب عام 1994م التي كانت النهاية الحقيقية لوحدة عام 1990م الاندماجية الفاشلة . وأنها كانت وحدة بين شخصين وحزبين , وليس وحدة بين دولتين وشعبين . معتمدين على المراجع الصادرة من حكومة صنعاء نفسها وليس غيرها. مستخدمين وسائل العرض الجدارية الحديثة لشرح قضية شعبهم.
اظهروا القادمون من جامعة عدن اولا اصالة معدنهم الجنوبي النقي ورفعة مستواهم العلمي الاكاديمي , واصالة معدن جامعتهم العريقة ـ جامعة عدن ـ ظهروا برؤية علمية وسياسية موحدة , وأبهروا الحاضرين بتفاصيل القضية الجنوبية , وحيثياتها العادلة , وتحدثوا بكل وضوح عن حق شعب الجنوب في استعادة دولته المستقلة , وأن الوضع القائم في الجنوب هو احتلال , وبذلك الطرح الموضوعي والقائم على عدم الاساءة والتجريح للطرف الأخر , وعلى تبادل الاحترام معه بكل حب واخوية, وضعوا أقرانهم أمام حقائق لا يمكن نكرانها . بل كانت أطروحاتهم تحضا بالتأييد والتصفيق.
وهنا كان الانسان الجنوبي الذي حضر الندوة وانا واحدا منهم يشعر بعظمة الافتخار أن الجنوب فيه عقليات بهذا المستوى الرفيع القادر على الحوار مع الآخر واجباره على الاعتراف بوقائع التاريخ التي عاشها شعب الجنوب في الماضي ووقائعه اليوم . وحقه المستقبلي في تقرير مصيره . وضرورة الحفاظ على كل وشائج العلاقات الاخوية بين الطرفين.
مثل هذه العقول النيرة لو تم تسخيرها لتوضيح القضية الجنوبية عبر فضائية جنوبية لاستطاعت اقناع الرأي العام العربي والدولي بقضية شعبنا , ولكنها مع الاسف عقول مغيبة , فالعقول التي يسمح لها بالحديث عن قضية شعبنا هي عقول خاوية من الفكر والثقافة .. عقول كل ما تمتلكه هو الشتم والاساءة للأخر حتى يقال على اصحابها أنهم مخلصون لمن يدعمهم بالمال.
وبالمقابل أنه لا يمكن نكران الحقائق أن بعض الباحثين من الشمال قد انصفوا قضية شعب الجنوب , وفي مقدمتهم الاستاذ الفاضل / طاهر شمسان , الذي قدم ورقة بحثية بعنوان ( البعد التاريخي للقضية الجنوبية وتقييم تجربة الوحدة الاندماجية اليمنية) والتي كانت بحق ورقة رائعة مغترفة لزادها من التاريخ والواقع المعاش. فتحية لهذا المبدع.
ملاحظات ختامية:
ـ حرص على حضور الندوة كوكبة كبيرة من المثقفين الشمالين, الذين قالوا أنهم يرغبون في سماع صوت المثقف الجنوبي .
ـ في هذه الندوة صدح الصوت الجنوبي الذي حرص على حضور الندوة أمثال المناضل الكبير الاستاذ/ انيس حسن يحيى , الذي اوضح كثير من الحقائق التاريخية. والدكتوراه/ جهاد الجفري, واخوات واخوة جنوبيين اخرين تحدثوا بصورة حضارية وبما يثلج الصدر . واعتذر لنسيان اسمائهم.
ـ قال احد الحاضرين من أبناء الشمال لماذا تضعون كل المشاكل التي حدثت للجنوب على الرئيس السابق علي عبدالله صالح . ولم تضعوا ولو جزاء يسيرا منها على من باع الجنوب للرئيس لصالح كالراعي الذي يبيع عنزته للجزار ليذبحها؟.
ـ قالت الدكتوراه المتألقة/ ابتسام المتوكل: لماذا تضعون كل مشاكل الجنوب على أبناء الشمال بينما ابناء الجنوب المشاركون في السلطة بعد العام 1994م كانوا شركاء في كل ذلك ولم تحملونهم جزء من المسئولية؟.
ـ قال لي احد الاخوة الشماليين المشاركين في الندوة: إذا كان هؤلاء الاخوة الاساتذة اقنعونا نحن الطرف الأخر بعدالة القضية الجنوبية, فأنهم قادرون على اقناع الرأي العام العربي والدولي , فلماذا لا يسعون عبر وسائل الاعلام إلى ذلك ؟ قلت له مع الاسف مفروض علينا حصار اعلامي رهيب. قال: اصبحت لديكم قناة فضائية اسمها (عدن لايف) قلت له هذه قناة ليست موجهة لخدمة مشروعية القضية الجنوبية , وإنما موجهة لخدمة مشروعية رئيس الجنوب. فابتسم قائلا: الرئيس صالح ذهب من عندنا ليحل عندكم !!!!.



إقرأ المزيد على شبام نيوز:
http://shibamnews.com/newsdetails.ph...#ixzz2ABJTDSBY