اليمن .. ثورة شباب تبناها الشيوخ ...
 

اليمن .. ثورة شبابية تبناها الشيوخ ...

ما من شك في أن شباب التغيير في اليمن ، وخلال عقدٍ من الزمان أو يزيد تمكنوا من التزوّد بوعي ثقافي ، وتبصير ثوري لم يأتِ من فراغ ، بل أسهم في غرس بذوره شباب ورجال الجنوب العربي ، - الذي أصبح يمنياً عنوةً – فالإختلاط المجتمعي بين شرائح البلدين الجارين أتاح الفرصة الكاملة لاستفادة شباب التغيير من تلقي تجربة الثورة في الجنوب ، والإقتداء بها كمنوذج رائع يضمن حقوق المواطنة المتساوية لكل فردٍ في مجتمع جديد تسوده دولة المؤسسات وسلطة القانون ، وتذوب فيه الفوارق الطبقية ، ويضمن تكافؤ الفرص ، ونبذ المحسوبية ، وهي قيَم سامية يتعطش لمثلها هؤلاء الشباب المحرومون من حرية العيش الكريم ، في ظل نظام ديكتاتوري ، قِبلي ، متخلف .. وجاءت ثورة الشباب في تونس ومصر فكانت بمثابة عود الثقاب الذي أشعل النار في الهشيم .

ويُجمع الكل على أن ثورة الشباب اليمني تختلف كثيراً عن الثورات المحيطة بها – وهي فعلاً كذلك – فالأسوار التي تمثل سدوداً منيعة أمام ثورتهم هي من صنع القبيلة : هل يستطيع مشروع ثورة الشباب أن ينتزع قطع السلاح من هذه الجموع التي لبست جلباب الثورة هي الأخرى ، والتي يمثل الكلاشنكوف لها خاصية قيَمية ومعنوية توازي الشرف ، ويُعد رديفاً للشخصية ، وجزؤٌ لا يتجزأ منها !! .

ويمثل السد الثاني القيادات العسكرية المنتمية لولاءات عشائرية ، وأيضاً تلك الموالية لعائلة الرئيس ، والمؤتمرة لفخامته شخصياً حتى خارج إطار المؤسسة الدفاعية الرسمية .

ويتمثل السد الثالث في التيار الديني المنقسم على نفسه ، والذي تشكل القاعدة جزؤ من تركيبته المعقدة .

لقد هام الشباب عشقاً بجمال أهداف ثورتهم ، وعقدوا العزم على تحقيق تلك الأهداف مهما كانت التضحيات ، ولكنهم لا يدركون خطورة ما تنطوي عليه من صعوبات وعراقيل ، فمَن ذا الذي سوف يبصّرهم بكيفية تجاوزها ! . علماً أن قضية الجنوب تمثل هي الأخرى قنبلة موقوتة ، لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه ، والجنوبيون أنفسهم يقفون على حافة هذا البركان ، وفي نفس كلٍ منهم حسرة تنفث لعنتها على مشروع الوحدة الذي نقلها من من نظام حزب اشتراكي من طرازٍ جديد ، إلى نظام احتلال استيطاني من طرازٍ قديم .

تحياتي
طائر الاشجان