منتديات الضالع بوابة الجنوب - قدس برس :الكشف عن تشكيل مركز قيادة للجنوب برئاسة البيض

((( كرباج الأصنج ... شمالي الهوى والهوية )))

--------------------------------------------------------------------------------

"نحب أن نطمئن شعبنا في الجنوب أن التجمع الديمقراطي الجنوبي قد وضع نصب عينة عملية إعادة اللحمة الجنوبية فنحن حزب خالي من عقد الماضي, ننظر للمستقبل بعين مفتوحة وأفق واسع فلا توجد لدينا توصيفات أو تصنيفات مستوردة نطلقها على أحد جنوبي فما بالك بالرموز التاريخية الجنوبية كعلي ناصر والبيض و العطاس و الأصنج وغيرهم فنحن لم نأت فجأة منقطعين عن الماضي بل نحن تواصلا معه وجزءا منه" انتهى

هذه الفقرة المقتضبة جزء من حوار مطول أجراه موقع ( عدن نيوز ) مع الأستاذ ( عبده النقيب ) الناطق الرسمي للتجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج ) تمركز في مجمله حول القضية الجنوبية ومدى تفاعلها وتفعيلها على المستويين الداخلي والخارجي وهو حوار شيق استبقه القائمون على الموقع بمقدمة تعريفية بالناطق الرسمي لـ ( تاج ) وصفوه فيها بأنه "شخص صلب واسع الثقافة والاطلاع ويعتبر بحق مرجع في قضايا اليمن وهو شخص لبق وسريع البديهة ويجيد اختيار كلماته بذكاء كبير" وهو الوصف الذي نقره جميعاً ونؤكد إنصافه للنقيب

الفقرة أعلاه جاءت رداً على السؤال عن وجود اتصالات مع الرؤساء علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وحيدر أبوبكر العطاس وهم الذين تقلدوا أعلى المناصب في دولة الجنوب ويستطيع القاريء للمقابلة أن يرى بوضوح أن السائل حدد استفساره عن وجود اتصالات بالرؤساء الثلاثة فلم يشمل ذلك - كما هو ظاهر - باقي الشخصيات القيادية الجنوبية وهو ما تجاوزه النقيب بذكره للأصنج بالرغم من عدم ورود اسمه في السؤال المطروح الأمر الذي قد يشير إلى محاولات تاج توسيع دائرة التواصل ليشمل ذلك كل الشخصيات القيادية الجنوبية مضافاً إليها تلك المحسوبة على الجنوب والمنحدرة من أصول شمالية أمثال الأصنج وغيره وهو مبدأ نحترم كثيراً حق ( تاج ) في التمسك به ويأتي بالتوافق مع قول النقيب نفسه بأن تاج "حزب خالي من عقد الماضي" بالرغم من أنها ذاتها العقد التي فصلها النقيب نفسه قبل ذلك بأسطر حين قال "... لعب أبناء الشمال الذين قدموا إلى عدن بكثافة في منتصف القرن الماضي بحثا عن العمل دور مهم في تقويض المشروع الجنوبي فظهر لهم تأثير واضح في نقابات العمال وفي أدبيات الجبهة القومية التي أدخلت لأول مرة كلمة اليمن إلى الجنوب"

وفي هذا ما يؤكد وجود عقد الماضي التي نفاها النقيب نفسه علماً أن توسيع دائرة التواصل ليشمل المحسوبين على الجنوب من المنحدرين من أصول شمالية لن ينفي وجود هذه ( العقد ) في نفسية شريحة كبيرة من أبناء الجنوب العربي كما لن يعني تخلص الجنوبيين من هذه العقدة ولعل ما يؤكد هذا الكلام ما ذكره النقيب نفسه عقب ذلك بقوله " بدأت المؤامرة على الجنوب في استغلال التطلعات الوطنية عند الجنوبيين وتحويل الجبهة القومية نحو التطرف اليساري الماركسي وإطلاق التسميات والتوصيفات ضد الوطنيين الجنوبيين مثل الرجعية واليمين وبقايا الاستعمار وغيرها مكنتهم من خلالها تصفية قادة الثورة التاريخيين الجنوبيين وتهجير بعضهم وافتعال الصراعات الأيديولوجية الوهمية في الجنوب التي أضعفته واستنزفت رجاله وكوادره كما أنهم جروا الجنوب نحو التطرف والعداء لدول المنطقة بغرض حصار الجنوب وإجهاض أي تنمية فيه في تنسيق وتواطؤ مع سلطات الجمهورية العربية اليمنية حتى كان لهم ما أرادوا في الإجهاز الكامل عليه في مايو 1990م. "

اذن فالنقيب بذلك كله يلقي باللائمة على ( أبناء الشمال ) الذين قدموا إلى عدن لغرض العمل , ومن خلف النقيب تأتي شريحة كبيرة من أبناء ( الجنوب العربي ) تؤمن بذات الشيء وبخاصة عند الحديث عن ( نظرية المؤامرة ) التي يصفها المؤمنون بها بأن من قاموا عليها انما هم الخبازين من أبناء الحجرية الذين احتضنتهم عدن فغدروا بها بعد أن جاؤوها بجثامين بشر وبقلوب أشبه بقلوب الشياطين

لكنّ فيما سبق من كلام النقيب ما ينقض أوله آخره فالحديث عن أبناء الشمال أو الجنوبيين المنحدرين من أصول شمالية وتحميل جزء كبير منهم كل اللوم في ذلك على أساس ( نظرية المؤامرة ) لا يمكن التوفيق بينه وبين إقدام تاج على التواصل مع شخصيات جنوبية ( من أصول شمالية ) كالسيد عبد الله عبد المجيد الأصنج ( أحد الذين نشطوا في النقابات العمالية في عدن بوصفه رئيساً للجامعة النقابية ) حتى وإن تمتع الأصنج بشخصية كاريزماتية قد تخرجه من دائرة الاتهام لكن الواقع يشهد أن ما ذكره النقيب في ذات المقابلة كان تناقض واضح وبخاصة بعد الحديث عن إدخال اسم اليمن إلى الجنوب لأول مرة والإلقاء بتلك التهمة على الجبهة القومية وهو أمر يمكن تصديقه فيما لو تحدثنا عن إدخال اسم اليمن رسمياً في هوية الدولة والأمر يعود في ذلك إلى حيازة الجبهة القومية لسدة الحكم عقب الاستقلال لكن وقائع التاريخ تشهد بأن الجبهة القومية هي من أواخر التنظيمات التي تبنت اسم ( اليمن الجنوبي ) سبقها في ذلك عدة تنظيمات كان للسيد عبد الله عبد المجيد الأصنج قصب السبق فيها ابتداء من إنشاء حزب الجبهة الوطنية ومروراً بوريثها ( حزب الشعب الاشتراكي ) وهو ما يجب أن يجعل فريق المؤمنين بـ ( نظرية المؤامرة ) في وجه الأصنج وبقية القادمين من جنوب الشمال من رافعي الهوية اليمنية ووحدة الشطرين المفترضين مادامت قناعة هذا الفريق بأن العملية تمت من خلال ( مؤامرة ) حاكها المنحدرون من أصول شمالية كخطوة أولى نحو تقديم ( الجنوب العربي ) على طبق من ذهب لكلاب صنعاء فضلاً عن أن يمننة الجنوب العربيستزيل مشكلة الهوية عن اولئك المنحدرين وهم الذين لا ينتمون قبلياً وجغرافياً إلى هذا الوطن

وحتى لا نبخس السيد عبد الله عبد المجيد الأصنج حقه الذي سجله التاريخ فإننا لن ننسى أن نذكره ونذكر من يغدقون عليه وصف ( الزعيم الجنوبي ) بأن الأصنج لم يرفع في تاريخه قط شعار ( تحرير الجنوب العربي ) ابتداءً من الجبهة الوطنية وحزب الشعب الاشتراكي عندما رفع شعار تحرير اليمن ( جنوباً وشمالاً ) بحسب وصفه لتوحيدهما وإلحاق الفرع بالأصل ومروراً بانخراطه في الجبهة الوطنية للمعارضة ( موج ) التي غلفت بغلاف جنوبي لكنها لم تتبنى قضية الجنوب خاصة , وانتهاءً بـ ( التكتل اليمني للتغير ) الذي أقامه في الخارج مؤخراً من دون الإشارة إلى معاناة الجنوب من وحدة اليمن التي يطابب بتغيير نظامها وفي هذا كله ما يؤكد شمالية الأصنج في هواه وهويته متنكراً بذلك للجنوب الذي احتضنه وأعلى من شأنه

يذكر الدكتور خالد سالم باوزير في كتابه ( ميناء عدن .. دراسة تاريخية معاصرة ) كلاماً حول حزب الجبهة الوطنية المنشقة عن حزب الرابطة وهي الجبهة التي ضمت في واجهتها كل من محمد سالم علي , عبد الله عبد المجيد الأصنج , محمد سعيد مسواط , عبده خليل سليمان وفيما يلي نصه : " .. تأسست الجبهة الوطنية من التيار المنشق عن حزب الرابطة بعد أن رفضت الرابطة أي شكل من أشكال الوحدة مع اليمن الشمالي، وقد ضمت الجبهة بعض القادة النقابيين ذوي الأصول الشمالية وكان أول رئيس للجبهة الوطنية هو محمد سالم علي والنقابي المعروف عبد الله عبد المجيد الأصنج وآخرون وانضم إلى هذا الحزب أعضاء الجمعيات الثقافية والاتحاد اليمني , وكان أكثر أعضاء الجبهة الوطنية في عدن من اليمنيين القادمين من الشمال وفي سنة 1955 أعلن حزب الجبهة الوطنية رسمياً أن أهم أهدافه القضاء على الاستعمار في عدن وجنوب اليمن والحكم الإمامي في الشمال وإقامة الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب كما حرضت قيادات الجبهة وأعضاؤها مواطني عدن على مقاطعة انتخابات سنة 1956 وقد كانت السلطات البريطانية دعت إليها بعد أن أصدرت قانون الانتخابات الذي يحرم القادمين من شمال اليمن من الإدلاء بأصواتهم إلا من مرّ على إقامته في عدن أكثر من عشر سنوات وكان يحمل الجنسية العدنية وتتلخص أهداف الجبهة في الوحدة بين شطري اليمن " انتهى كلامه

وفيه هذا بيان واضح بشمالية الهوى الأصنجي فالجبهة الوطنية ماهي إلا الفصيل اليمني في رابطة أبناء الجنوب العربي وهو الفصيل الذي خرج منها بهوى شمالي وبقيادات شمالية فأين الجنوب في ( زعامة ) الأصنج ؟

لا وجود لهذا الجنوب في هوى الأصنج فالأصنج هو نفسه من أسس عقب ذلك ( حزب الشعب الاشتراكي ) الذي اعتبر مجدداً أن من أهم مبادئه تحرير الشمال والجنوب معاً وإلحاق السلطنات والمشيخات في الجنوب العربي بصنعاء بعد تحريرها

وفي هذا المقام يقول باوزير ( المصدر السابق ): "... لقد تعرض حزب الأصنج لانتقادات لاذعة من صحافة بعض الأحزاب وخاصة منها صحافة الرابطة حول مفهومه للدولة المقترحة لعدن والجنوب العربي وتوحيدها مع النظام الجمهوري الوليد بصنعاء خاصة بعد أن نشب الصراع بين أنصار النظام الملكي ( الإمامي ) الهاربين إلى الأراضي السعودية وتدعمهم لندن والرياض والمدافعين عن النظام الجمهوري الوليد في صنعاء وتدعمهم مصر

لا ريب أن صحافة الرابطة والصحافة العدنية عموماً قد أثرت في رموز حزب الشعب وأعضائه فقد بدأ البعض في الاستقالة من الحزب بشكل جماعي واجتمعت قيادة الحزب في عدن وناقشت الأوضاع الداخلية والخارجية واتخذت قراراً يقضي بتغيير حدود الدولة القائمة ومفهومها بأن تضم عدن وإمارات الجنوب العربي وأن تكون عدن العاصمة السياسية لدولة الجنوب " انتهى بتصرف

والتعديل الأخير جاء بعد أن كانت حدود الدولة ( المطلوب تحريرها ) في أدبيات الأصنج هي في إمامة اليمن وجميع السلطنات والمشيخات في الجنوب العربي وهي الدولة الموجودة حالياً تحت اسم الجمهورية اليمنية , فهل كان هذا التغيير في حدود الدولة تغيير تكتيكي الغاية منه وقاية الحزب من التصدع أم أن الأحداث هي التي فرضت على القيادة اتخاذ هذا القرار؟؟

يجيب الدكتور باوزير عن هذا بقوله : ".. في اعتقادنا إن قيادة الحزب قيادة إصلاحية هدفها الحصول على استقلال أراضي الجنوب العربي ( اليمني ) بالطرق السلمية وإن تغيير مفهوم الدولة هو تغيير تكتيكي لأن المرحلة تطلبت ذلك ناهيك أن معظم أعضاء الحزب وقياداته الفاعلة ينحدرون من أصول شمالية فالوحدة حينئذ هدف لامناص منه , وما هذا التغيير إلا أحد أساليب النضال المستقبلي فهو لا يرى سبيلاً لاستقلال الجنوب إلا بالطرق السلمية وقد رفض في ضوء ذلك العنف مهما كانت أشكاله وعارض الإضرابات العمالية غير المرخصة , لأنه يعتقد أنها تضر بمصلحة العمال والوطن وأن قرار القيام بها يجب أن تتخذه الجامعة النقابية بل إن قيادة الحزب كثيراً ما كنت تسعى إلى إجهاض الإضرابات في هذه الفترة من النضال الوطني " انتهى

وخلاصة القول أن الأصنج لم يتبنى ( قضية الجنوب ) في نضالاته مطلقاً وهو لا يعرف إلا حدود اليمن في وضعها الحالي وما حدث من تغييرات في مطالب حزب الشعب الاشتراكي سابقاً لم يكن إلا تماشياً مع الأوضاع التي مر بها حينها وهي الأوضاع التي عادت لتنقلب لصالح أهدافه وأهداف ( المتآمرين ) على قضية الجنوب وشعبه وهويته وهو ما أكده مؤخراً بعد التلويح بكرباج خارجي لايزال كما هو في تاريخه شمالياً لا يعرف من الجنوب إلا ما نسبغه عليه من ألقاب وتوصيفات لم يرغب بها يوماً تماماً كما أسبغناها على غيره

بناء على ماسبق فقد يتعين على دعاة الاستقلال الجنوبي التفكير مطولاً قبل الإقدام على التواصل مع شخصيات لا يمكن مطلقاً أخراجها عن ( لعبة المؤامرة ) التي قامت بعناصر شمالية رفعت الهوية اليمنية للجنوب العربي وبخاصة أمثال السيد عبد الله عبد المجيد الأصنج أحد أول من أجاد هذه اللعبة , مع قناعتنا بأن الحديث عن الأصنج لا يمكن أن يشمل جميع المنحدرين من أصول شمالية فمن هؤلاء من تفوق وطنيتهم وطنية ماسحي الجوخ ولاعقي الأحذية من كبار قادة الجنوب الذين يحجون بين الحين والآخر إلى صنعاء مرددين مقولة عوض لعنة :

(( الحكم لك .. النفط لك .. لا شريك لك ))

منقول